الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقر دم سياسي

أياد الزهيري

2018 / 8 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


يصاب المرئ بفقر الدم فتظهر عليه علامات الخمول والوهن, هو كذلك الأمر عندما يصاب كلا الاثنين الطبقه السياسيه ,والجمهور بفقر الدم السياسي فيصاب الحراك السياسي بفتور الهمه وقصر النظر ,فتتداعى سائر صور الحياة فيها بالأنحطاط الأجتماعي والثقافي والعلمي ووو.
بدأت أول أمارات هذا الفقر السياسي عندما عمد صناع ثورة العشرين بأستيراد ملك لهم من خارج حدود بلدهم , وتضاعف هذا الفقر عندما أرتضوا أن يحكموا من قبل شخصيات لا تمت بصله لثورتهم ومبادئها ,فكانوا كابينه حكوميه مشبعه بالروح الطائفيه والذين أطلقوا على من حكموهم بالأكثريه الجاهله على حد تعبير الملك فيصل الأول في أحد مذكراته كما ينقل الدكتور عبد الخالق حسين في أحد مقالاته .
حالة الأجحاف التي تعرضت لها هذه الأكثريه لا تبرر لها بما تمر به من فقر دم سياسي خطير يكاد يجهض كل أحلامهم من أن يكونوا مواطنون من الدرجه الأولى ويمسح عنهم كل جراحات التاريخ وما لحق بهم من حيف وما تعرضوا له من بؤس شديد لم تختفي آثاره لهذا اليوم.
أن ما يحز بالنفس أن لا ينتبه الى هذا الداء الكثير بالرغم من تداعيات المشهد السياسي بالبلد وما يمكن أن يتمخض عنه أنهيار كبير يسقط وطن بكامله .
من أولى الأولويات لأعادة البلد لعافيته هو المساهمه في رفع الوعي السياسي للمواطن , وهذا يعني وعي لدى المواطن بما يحصل , وأستيعاب ما يحيط به من مخاطر وكيفية الأستفاده من ما مر به البلد من تقلبات سياسيه وأزمه أقتصاديه كادت أن تعصف بوجوده شعبآ وكيانآ, هذا الوعي يتصوره البعض عباره عن نقل الأخبار وتداولها وجمع المعلومات ونشرها بين الناس . هذا تصور قاصر وساذج لصورة الوعي السياسي, في حين أن الوعي السياسي هو ما يعطي وعيآ للحقوق والواجبات لدى المواطن , ووعيآ لذاته عند طريق تقيم قدراته , وتحديد طموحاته , ورسم أهدافه في حياة حره كريمه, كما هو وعي لمجتمعه وبأي مرحله حضاريه يعيش , وما هي محددات تقدمه وأسباب تخلفه , وما هي المخارج الممكنه لتحوله نحو الأفضل , كما أن الوعي السياسي يتمظهر بشكل جلي عندما يكتشف المواطن أسباب تمزق وحدته وأكتشاف مشتركاته لأعادة ترميم نفسه من جديد لكي يعبر مكامن الخطر المتمثل اليوم بالغام الطائفيه , والأثنيه , والمناطقيه والعبور الى بر الوحده الوطنيه, كما أن الوعي السياسي يقتضي معرفه جيده بما يحيط بالبلد من مخاطر عبر المعرفه الموضوعيه عن تطلعات ونوايا دول الجوار وبما تمتلك من رؤيه أتجاه العراق , وهذه نقطه مهمه تمنع شراء العراقي وتجنيده في أجنده تعرض بلده للخطر , وهو ما يحصن الجمهور من التشظي على عدد دول الدوار. كما أن الوعي السياسي هو يعني المعرفه الوافيه بما يحدث بالعالم ومدى تأثر البلد سلمآ وأيجابآ على البلد , وهذا ما يعطي وعيآ يحصنه من الأنجرار الى المشاريع المشبوه وذات البعد الأمبريالي , وأن يكون واعيآ لأساليب الحرب الناعمه التي تنتهجها الدول الكبرى والتي غالبآ ما تداعب مشاعر الجمهور بكماليات يسيل لها لعاب بعض الشباب الغير محصن بالوعي الوطني.
نحن أمام أجتياح ثقافي يتبعه سياسي لألغاء هوية وطن , وخارطة حدود , والأنقلاب على منظومة قيم تهدد حضاره أصيله موغله بالقدم , وتاريخ بني بدماء أبناءه .
فقر الدم السياسي يحطم كل السدود التي تمنع أجتياح شعبنا بمتبنيات لا تمت لشعبنا وتاريخنا وقيمنا بشيء والذي يسعى الى تغير بوصلة مسيرتنا في الحياة بما يشتهي الأخر وليس بما نرى نحن , لذى حري بناء أن نتدارك هذا الفقر السياسي الى حاله تجعلنا أكثر وعيآ بالأنظمه السياسيه , وآلياتها, ومناهجها , وما يستتبع من آثار عند أقتفاء أثر كل واحد منها . هذه المعرفه هي من تعطينا الحصانه في أن لا نخترق من قبل أعداءنا ويجعل لحمتنا أكثر قوه في مواجهة خصومنا , كما أن تجاوز حالة الفقر السياسي يمنحنا الرؤيه الصائبه في أختياراتنا السياسيه , كما يعطينا العمق في تشخيص الأنسب من بين البرامج السياسيه التي تتبناها الأحزاب الموجوده بالساحه العراقيه , وأن يكون أختيارنا قائم على أساس الرؤيه الموضوعيه والواقعيه بعيدآ عن العاطفه والأنانيه المقيته. مغادرة الفقر السياسي للمواطن يعطيه المناعه الكافيه من الأنخراط في المنظمات والمجاميع المتطرفه والحصانه من تبني الأفكار المتشدده , كما تمنحه وعيآ عاليآ في أختيار الأنسب في تبوء المناصب الحكوميه على أساس المصلحه العامه .
من أيجابيات الوعي السياسي أنه يساهم في خلق روحآ متوثبه للمشاركه في العمل العام , كما تبعد المواطن من تفسير ما يحدث بدافع عقدي (أيديولوجي) وهذه المشكله من أكثر المشاكل التي سببت لنا فوضى بتشخيص ما يجري لأنها تبتعد من التشخيص الواقعي والموضوعي محمله جهه ما لأنها تختلف عنها أيديولوجيآ أو شخصيآ مما تحولت الساحه العراقيه الى حلبة صراع بين المختلفين أيديولوجيآ متغافلين عن المسببات الحقيقيه التي اتعبت الوطن والمواطن.
أن الوعي السياسي هو الكفيل بالقضاء على كل جراثيم السياسه التي أستوطنت في الساحه العراقيه , وهو الضامن بأزاحة كل الداخلين عليها زورآ , وهي المعول عليها في خلق بيئه صحيه تتبارى فيها الكفاءات في خدمة البلد وتقدمه لأن العكس هو ما يكرس المظاهر , والشخصيات الشاذه التي تعرقل كل حالة نهوض بالبلد , لذى من كل هذا ينبغي الركون الى كل ما يزيد من حالة الوعي السياسي أرتقاءآ , وهذا يمكن أن يكون عبر عدة خطوات منها:
أولآ:التشجيع على التثقيف الذاتي عبر أنشاء المكتبات العامه ,والمنتديات الثقافيه مثل الأسواق ومحلات بيع الكتب وأقامة المهرجانات الثقافيه من قبل الدوله.
ثانيآ:تشجيع حضور الندوات في دور الثقافه .
ثالثآ:زيادة البرامج الثقافيه الجاده سواء كانت( سياسيه ,أقتصاديه, ثقافيه) في القنوات التلفزيونيه .
رابعآ: تشجيع الفرد للأنضمام الى تجمعات المجتمع المدني ,مثل الجمعيات الثقافيه والمهنيه والنقابيه وغيرها.
خامسآ: ادخال دروس توعيه عن الأنظمه والنظريات السياسيه للطلاب أملا بزيارة الوعي السياسي لهم.
أن تبني رؤيه جديده بطريقة التفكير هي الخطوه الحاسمه في كل التحولات المرجوه و وقول الرسول محمد(ص) خير معرف لهذا الطريق ,حيث يقول (نضر الله أمرءآ سمع مقالتي فوعاها,فأداها كما سمعها).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة تمد أوكرانيا بصواريخ متطورة بعيدة المدى | ا


.. من دبي.. إطلاق مكتبة للتأثيرات الصوتية تساعد المصابين باضطرا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. عبدالملك الحوثي يشعل البحر الأحمر والمحيط الهندي وواشنطن تقد




.. أعضاء الحملة الانتخابية لبايدن يؤكدون تمسكهم باستخدام تطبيق