الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا: الدولة، الحكومة النظام

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2018 / 8 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بسبب الأوضاع الاستثنائية القائمة في سوريا والسائدة لعقود خلت والتي تم فيه تحييد كل المؤسسات وخاصة مؤسسة العدالة والقضاء، ولم يعد لها أي وجود يذكر، وصارت خارج التاريخ، مع الحضور الدائم لقانون الطوارئ والأحكام العرفية وانعدام أي شكل من أشكال الحرية والعدالة والمساواة وحفوف الإنسان في هذا البلد المنكوب بسبب القبض على مفاصل هذه الرقعة الجغرافية "الدولة" (سابقاً) وذهاب مصير 23 مليون إنسان ليد عدة أشخاص وفق تراتبية معينة يملكون مصيرهم وقرارهم وحياتهم ويقررون لهم وعنهم كل شيء دون تدخل من أحد فكل مؤسسات الدولة صورية أمام "أهل النظام" الذين يحكمونهم بشكل مطلق وبمزاجية عالية ويمتلكون مصائرهم وحياتهم ومستقبلهم بعيداً عن أية مؤسساتية أو مرجعية قانونية، فلم يعد، حقيقة، من الممكن القول أو الحديث عن وجود دولة بالمفهوم التقليدي المعروف كشبكة مصالح وحاجات وضرورات اجتماعية عامة تديرها مجموعة من المؤسسات الاعتبارية والتكنوقراط المحترفون ضمن إطار قانوني ودستوري وعقد اتفق عليه هؤلاء فيما بينهم بما يراعي ويحقق مصالح الجميع دون استثناء.

يبدو الأمر في سوريا مختلفاً تماماً في وتتبدى لنا ثلاثة هياكل واضحة حين استعراض هذا الكيان السياسي الذي كان دولة وصار مجموعة أفراد تشرف على هيكل صوري صنعه وشكّله "أهل النظام" لمتابعة وإدارة مختلف الأزمات المستعصية في جغرافيا الدولة.

1- الدولة كشكل خارجي هي مجموع السكان والنشاط البشري البدائي وغير المتكلف عموماً المرتبط بهم وما يشرف عليهم من مؤسسات بدائية منتهية الصلاحية رثة مهلهلة متآكلة شبه منهارة وكل ما فيها ويتبع لها حتى الحكومة والنظام.

2- الحكومة مجموعة من الموظفين "التكنوقراط" المفترضين المفلترين غير المستقلين والمعتمدين المرضي عنهم (شرط التوزير) من أهل النظام، والذين يديرون غالبا مصالح النظام وينفذون سياساته ويأتمرون بأوامره وقليلاً مصلحة الدولة ووفق قدراتهم المحدودة وإمكانياتهم الضحلة القاصرة والفاشلة المعروفة للمجتمع الدولي والموثقة عند الأمم المتحدة باعتبارها أفشل حكومة ظهرت بالتاريخ وباتت غير مصنفة وخارج كل التصنيفات ولا ترتقي كمفهوم حكومة لأبسط معايير الحكومات كما هو الحال مع إفريقيا الوسطى والصومال والمالديف..

3- النظام هم مجموعة من الطواقم والأفراد مدنيون ممن يديرون ما تبقى لهم من الجغرافيا السورية وعلى الغالب، ومن دون تعميم، لمنافع خاصة ليست وطنية واستراتيجيات أمنية عليا محددة ولا تراعي غالباً مصلحة الدولة أو الصالح العام، ولذا ترى الثروات تتركز بيد فئات قليلة تتصرف بها على هواها وتنفقها وفق دون بيانات ولا تذهب لخدمة الصالح العام، فمنصب المحافظ مثلاً، وهو معتمد ومقرب من أهل النظام، ينام على ميزانيات لا أحد يعرف كم هي ولا كيف تنفق ولا يراها الناس تسال كمشاريع وخدمات، ولا يتقيد النظام بالحكومة ويأمرها ويصدر لها القرارات التي تتناقض دائما مع الحكومة والدولة ومع الصالح العام والإمكانيات المتواضعة للشعب المنهك الغلبان.
في أحيان كثيرة تتصرف الحكومة كالنظام وتتماهي معه ويصعب التفريق بينهما لكن لحد اليوم لم يرتق لا النظام ولا الحكومة كي يصبحا ويتصرفا كدولة حقيقية بعيدة عن التحزب والمصالح الخاصة والأهواء.
تضررت وتضعضعت الدولة كثيراً جداً في الأعوام الماضية وخسرت الكثير من سماتها وملامحها وجوهرها وهجرها الملايين من سكانها وتراجع أداء أجهزتها ومؤسساتها فيما ذات الحكومات تتوالي وتتقمص ذات الأرواح والشخصيات رغم تبدل الأسماء وتمارس دور الديكور والكومبارس التكميلي والتجميلي الملحق بالنظام الذي يظهر به أمام الناس (عنده وزراء ووزارات ووو في النهاية صورية لا تهش ولا تنش)والذي-الكومبارس- لا يحل ولا يربط ولا قيمة له إن حضر أو إن غاب.
وأما النظام، وهو الدولة والحكومة والقضاء (باعتباره سنام الدول) وأقوى الحلقات الثلاث ويقبض كلياً على قرار الحكومة وما تبقى من الدولة بالمعنى الجغرافي، بقي هو الآخر، وعاد أقوى وأكثر عناداً وتمرساً، كما يبدو، مما كان، ويحاول اليوم، (ولا يعرف، حقيقة، حتى اللحظة ما مدى نجاحه في ذلك مع الترتيبات الجارية لإعادة إنتاجه خارج البلاد)، إعادة إنتاج نفسه عبر نفس الأشخاص بوجود حكومة كومبارس مدارة عملياً من قبله وبذات الدولة المهلهلة المقوضة الأركان. ( لتبيان مدى سطوة وقوة النظام وتصرفه خارج كل الأعراف فمن فترة قامت موظفة رئاسية بعزل وزير وإحلال آخر مكانة وأما رئيس الوزراء فكان آخر من يعلم، فالدولة والحكومة وكل ما هب ودب وقب على وجه الأرض في هذه الجغرافيا المحددة باسم سوريا هي تحت تصرف النظام وأهله مع تحييد كامل للدولة والحكومة والمؤسسات)...
والسؤال:
متى تصبح سوريا دولة حقيقية كاملة السمات بلا نظام وبلا حكومة دمى وكومبارس؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفكيك حماس واستعادة المحتجزين ومنع التهديد.. 3 أهداف لإسرائي


.. صور أقمار صناعية تظهر مجمعا جديدا من الخيام يتم إنشاؤه بالقر




.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرغب في تأخير اجتياح رفح لأسباب حزبي


.. بعد إلقاء القبض على 4 جواسيس.. السفارة الصينية في برلين تدخل




.. الاستخبارات البريطانية: روسيا فقدت قدرتها على التجسس في أورو