الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة جسدية ضد العنف ..!! رواية (بوح النساء) أنموذجاً

وجدان عبدالعزيز

2018 / 8 / 3
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


رواية (بوح النساء) للكاتبة هند زيتوني عالجت الكثير من قضايا الانسان، فهي عالم زاخر بالحيوات، والارهاصات الانسانية، وان الكاتبة بلغة شفافة رومانسية اكثر الاحيان عالجت قضايا المرأة العربية خاصة، باعتبار ان المجتمعات العربية بالاغلب الاعم ذكورية، أي هناك سلطة مهيمنة هي سلطة الذكر، وهناك انسان يعاني من هذه السلطة هو المرأة، لذا قامت الكثير من التصحيحات في هذا المسار، نتيجة لتطور المجتمعات العربية واتصالها بالمجتمعات الاكثر تطورا، كالمجتمع الغربي وماتوصل اليه هذا المجتمع من هوامش حرية لكل افراده ومنها المرأة، لذا كانت المرأة العربية الكاتبة من اكثر النساء توضيحا لحقوقها، كونها تمتلك القدرة على التعبير من خلال الكلمة، ورغم ان النقد العربي همش إبداعات المرأة وقلل من قيمتها وفي أحسن الأحول تعامل معها بدونية حين قارنها بإبداعات الرجل بوصفه مقياسا لكل إبداع، وقد كتبت نساء عربيات إبداعات تناولن فيها الجسد ضمن اشتغالات فنية وسردية إبداعية، وكان البوح والجسد فيها موظفا لخدمة الإبداع، الا ان الكاتبة العربية بقيت وفية لقضيتها، واتخذت الكاتبة زيتوني طريق الرواية للتعبير عن رفضها لظواهر اجتماعية وخاصة ختان الفتيات وقضية الخادمات الاجنبيات وقضية الدعارة، وباعتبار الرواية هي سرد نثري طويل يصف شخصيات خيالية أو واقعية وأحداثاً على شكل قصة متسلسلة، كما أنها أكبر الأجناس القصصية من حيث الحجم وتعدد الشخصيات وتنوع الأحداث، وهي حكاية تعتمد السرد بما فيه من وصف وحوار وصراع بين الشخصيات وما ينطوي عليه ذلك من تأزم وجدل وتغذيه الأحداث، وتوغلت الكاتبة هند زيتوني في عالم روايتها هذه، حتى ركبت الكتابة الايروسية وآيروس في الميثولوجيا الإغريقيّةِ، هو إلهُ الحُبِّ والرّغبةِ الإباحيّةِ والجنس والخصوبة والسّعادة، وكانَ ملازمًا لأفروديت أمّه، وراصدًا لتجلّياتِ الجنسِ عبْرَ الحضاراتِ البشريّةِ، فصُوّرَ أعمى لا يرى عيوبَ المعشوق، أو بجناحيْنِ في زرقةِ السّماء، أو عازفًا على قيثارة، أو ممتطيًا ظهْرَ دولفين، كما ظهرَ في الفنِّ القبطيِّ والمصابيح.. والكلمةُ إيروتيك erotic مشتقّةٌ مِن الكلمة eros؛ أي جنسيّ وشهوانيّ، يُماثلُهُ في الميثولوجيا الرّومانيّة كيوبيد، والمحاورُ الّتي تدورُ في فلَكِها الآيروسيّةُ هي: الرّغبةُ الجنسيّةُ العارمةُ والجامحة، والجسدُ والانتشاءُ ما بينَ خمرٍ ومُجونٍ طائشٍ، وتجاربُ جنسيّةٌ عابثةٌ ظامئةٌ، تتلوّى على وترِ الشّرهِ والافتتان، الكاتبة في رواية (بوح النساء) حاولت التخفيف بالجنس لتصل الى هدفها في رفض ظاهرة ختان الفتيات المنتشرة في مصر والسودان على الاغلب، وايضا دفاعها عن حقوق المرأة الاخرى في الاختيار والتعبير عن آراءها، كي تعيش حالها حال الانسان الاخر وهو الرجل.. لذا عبرت زيتوني عن بشاعة الواقع وظواهره السلبية، وعن الجسدِ بما يختلجُهُ مِن مشاعرَ إنسانيّةٍ، بلغةٍ ساميةٍ راقيةٍ، وبلغةٍ متواريةٍ وبإشارةٍ عابرةٍ لا تخدُشُ الحياءَ، كما فعلَ ماركيز، وغسّان كنفاني، دونَ أن يخوضا في تفاصيلِ وصْفِ العلاقةِ والمضاجعة، إلاّ بأسلوبٍ مرهَفٍ دونما إسفافٍ، ودونما استعمالٍ لكلامٍ مؤذٍ للبصرِ والسّمع والذّوق والحواسّ؟، فكانت تقود العلاقة التي نشأت بين نادية وكريم على ظهر الطائرة بحكمة وتروي وعلى لسان بطلتها تقول : (فأنا لا أنكر أن صوته الدافئ، المخملي، الملون بألوان قوس قزح، زلزل كل أعماقي، وأيقظ جنود صمتي دفعةً واحدة. أشعل فتيل رغبتي التي عزفت عن الحياة لبضع سنوات، حضوره كان آسراً، غريباً، جميلا، ومتوحش النظرات، كنت أشعر أنه كان يعريني بنظراته، وعينيْه تثقبانِ جسدي أحيانا. لقد ملأني بشيء أخجل أن أكتبه على الورق، بلّلَ كل مشاعري القاحلة وحقلي الجاف الذي لم يرْوِه المطر من فترة طويلة. كينونة الحب يصعب فهمها أحياناً، فقد تعشق شخصاً لا يناسبك في العمر والمبادئ والتفكير، ولكن ماذا نفعل بالقلب حين يعشق؟.. يكسر كلّ الموازين، ويلغي كل القوانين، ويجعل من العاطفة نهراً يجتاحنا ويغرقنا بأمواجه، على أية حال هو يبدو في الخامسة والعشرين من عمره...!)، وهنا بدأت تعري رغباتها الدفينة العطشى، ثم تضيف : (كل شيء فيه كان يشدني؛ سمرة وجهه، رائحته، كتفاه العريضتان، عضلاته المفتولة،الشعيرات المنثورة على صدره، ونظراته الثاقبة التي اخترقتني ورمتني على شواطئ عشقه، كل شيء كان يجذبني إليه بجنون، فتصحو أزهار أنوثتي التي ذبلت منذ زمن طويل، توغلت روحه تحت ثوبي الطويل الشفاف، لتصل إلى أبعد نقطةٍ، ليتلمس جسدي الدافئ، ثمّ وجدت نفسي مستسلمة له بكل حاسة من حواسي، التي تحولت إلى نهرٍ جارف من الرغبة النارية التي تحرق جسدي، فنسيت نفسي وقتها، وأحسست بخدرٍ، ثم بجوعٍ يلتهم جسدي المتلهف إلى الحنين والشوق والرغبة والحب، ومع أنني كنت أحترق شوقاً من الداخل ولكن يديّ كانتا باردتيْن كالصقيع...أوغل هو في حدائقي، وخشيت عليه من النيران التي تشتعل في غاباتي، أو أن يلسعه لهيبها الذي كان مضطرماً ومشتعلاً، كما تشتعل غابات أمريكا الجنوبية في الصيف، بسبب عودثقابٍ طائش. زرع كل ذرة من جسدي بقبلات محمومة، فاستيقظت في جسدي كلالأحاسيس... تخيلت لبرهة من الزمن أنه طفلي الجائع الذي لم يأكل منذ فترة طويلة، أحياناًحاولت أن أفلت من قبضته القوية فلم أستطع، قال:أرجوك لا تقولي لا...! فقط عيشي هذه اللحظة معي... أراك اليوم كنجمة معلقة بالسماء، والقمر شاحب يستمد نوره منك، أغلقي صفحات الماضي لساعة واحدة فقط)، وهذه الاقتباسات من الرواية تؤكد الثورة على الواقع الذي يعيشاه بطلا القصة، وسنحت الفرصة الان للتعبير عن الحرية من خلال الجسد.. (فجأة انهمر جدولي ليلتقي بنهره، ليغرق كل الحقول الجافة التي جففها الزمان. ثم دعاني بلطفٍ وإلحاح،لنعيد الكرَّة مرات ومرات، أو ما سميته وقتها اقتطاف نرجس الروح...نعم قطف كل نرجس روحي، وأهداني باقة فرح ستدوم طويلاً، وتعيش حتى بدون أن أسقيها. تخيلت في تلك اللحظة بأنني كنت في الفردوس، وفجأة بدأنا نضع ورق التوت على جسدينا لنغطي مركز الشهوة، ثم هوينا على الأرض لنواجه آلامنا وأقدارنا من جديد، وقد عرفنا أن العشق هو الاحتراق حتى النبض الأخير من اللهفة.)، وهنا كشفت الكاتبة عن الكبت الذي كانت البطلة نادية تعاني منه، وكذالك البطل كريم واقصد بطلا الرواية، باعتبارهما الشخصيات المحورية في الرواية، ومن ثم يلتقيان روحيا وجسديا (كنت وحيدة جداً وفجأة رأيتك تقترب من شاطئ أحلامي... صعدت إلى زورقك، فأصبحتَ أنت الحبيب، وأنت الربّان، وأنا سأحاول أن أقود سفينة حبنا إلى شاطئ السعادة، وإذا رفضت الصعود إليها سأقوم بخطفك لترافقيني مدى الحياة.)، والرواية تحدثت عن كثير من الظواهر الاجتماعية، مثل قضية الخادمات، وقضية الدعارة.. انها رواية تستحق القراءة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نساء الحسكة عن تأسيس KJK: بدأنا مرحلة جديدة من مراحل تنظيم ا


.. إيناس أبو حسون مشاركة في الاحتجادات




.. محتجات السويداء السوريون اليوم يمهدون طريق جلاء جديد


.. شهيرة طرودي




.. مها الأطرش