الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حياة مؤرشفة

عماد نوير

2018 / 8 / 3
الادب والفن


حياة مؤرشفة
___________

أحياناً أجدني عالقاً في أوراقي القديمة، يدهشني فوضاها و عدم تنظيمها، قدرتها على المواصلة رغم الإهمال، حيويتها و جنونها رغم افتقارها إلى أدنى درجات الرّعاية، صبرها على المكوث لعشرات السّنين دون أن يطّلع على فحواها أحد، رزحها تحت وطأة الغفلة و الاستخفاف بها.
تشعرني كلما صافحتها من خلال تصفّحي لها إنها تعتقد بعظمتها و علو شأنها، و إنها قد مسّها الضّر و أنني لستُ أرحم الراحمين!
تطالعني بعين خبيرة صفحة جريئة، تحثّ خطاها للاقتراب من دواخلي، تنقر على رأس ذاكرتي بعصا صأصاء، توحي إليّ باستنشاق عميق:
((ن الحياة لا تحفل بغياب أحد، و لا تتوقف رحى الأيام عن ديدنها المعتاد، و لا تهتم عقارب السَّاعَة إن تخلّفَ عن موعدها شخص ما، لكنني اكتشفت إني مخطئ بحساباتي، فالحياة شراكة، و إلّا فهي باهتة سمجة، لا نملكها بمفردنا ما لم تكن تحمل على بساطها عزيز ، و إن انطلقت بالطّريقة التي لا نهوى و مضت قُدما بما تشاء، هل يعني ذلك إننا لا نتأثّر بما ليس لنا قدرة على إرجاعه؟ هل تمضي قُدما دون توقّف على أبواب أحدنا؟
الحياة تتوقف فعلا وصدقا عند المرء حين يفقد أمه فلا يعد يشعر بالطفولة، ليموت ذاك الطفل بموتها، و سرعان ما يكبر ليكون شخصا آخر، و تتوقف الحياة حين يغيب عنه شخص أثّر بحياته و ترك بصمة أبدية فيها على حين غرة، الحياة ظاهرة بسيطة و خفيّة عميقة، فإن جمحت للعيان فإنها تتوقف عند إخر دقيقة وداع في عمق الذات، و يموت المرء حينها رغم رؤيته يضحك و يأكل و يشرب و يعاقر كؤوس الولاء للحياة الصاخبة و يشرب نخب الوجود الأدبي الزائف)).
أرجعتُها إلى مكانِها الفوضوي المظلم، رمقتني بنظرة عتاب، و أطرقتُ بنظرة المستكين، ولجتُ الحياة أتحسس روحها الحقيقية فلا أجدها، أو أجدها فلا تعجبني، ودّعتُ تلك الصفحة المنيرة بهدوء و ابتسمتُ مرغما لحياة معتمة متصنّعا البطولة.!
عماد نوير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة