الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاهد للتاريخ حول قضية المك النوبي والسناري حاج رحال

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2018 / 8 / 3
حقوق الانسان


تحية طيبة للشعوب السنارية والنوبية وللعم حاج رحال الذي كتب سطرا جديد للجسارة والصمود ومقاومة الظلم والعنصرية وصار بذلك رمز سوداني ستكتب سيرته ومسيرته علي صفحات التاريخ السناري والسوداني، واليوم بعد أن صدر حكم قضاء الشعب قبل قضاء الدولة في قضية الحاج رحال وسع المجال لتقيم كل ما حدث خلال الفترة الماضية لمعرفة موضع وموقف الشعب وقانون الدولة تجاه العنصرية كسلوك وممارسة في السودان، ويبدوا أن الشعب قد عرف خطورة ما تحيكه الحركة الإسلامية وسليلاتها وأفرعها في مركز السلطة حيال النسيج الشعبي والوطني، وباتت سياسات العنصرية تمارس علي الهواء الطلق وتطمس بها هوياتنا الثقافية ويتم تدويرها وتوزيعها كصك نقاء كاذب بين القبائل في شكل إمتيازات تشجع علي الإعتقاد المتوهم بالأفضلية مما ينتج عقلية متعالية علي الآخر المختلف لونيا ودينيا وسياسيا، هذه القضية كشفت وعي قيادة جماهير النوبة والسناريين الذين ناصروا رحال رفضا للعنصرية وحبا في السلام وهو الخيار الذي تسعى السلطة لمنع إتخاذه بين السودانيين منذ لحظة الإعلان عن الإنقلاب الإنقاذي الإسلاموعسكري إلي يوم الناس هذا، وهذا أيضا يفسر بشكل دقيق محاولات السلطة الإسلاموية منع تمدد خطاب السودنة للوصول إلي السودان الجديد ويتجلى ذلك في خطاب العنصرة والكراهية وإستفزاز الشعور القومي.

كانت قضية رحال في سنار بمثابة ورقة إمتحان أدت لسقوط أخلاقي كبير لدولة التفرقة العنصرية وإنتصار باهر لدولة المواطنة والسلام والحرية والديمقراطية، وشعب سنار أصدر حكمه قبل أن ينطق القاضي، ولم يكن رفض التمييز العنصري تجاه النوبة او غيرهم موقفا سياسيا كون الجاني منسوب للحركة الإسلامية المعروفة بتطرفها الفكري والسياسي لكن الموقف جاء من الشعور الإنساني الذي لا يميز إنسان عن إنسان لمجرد إختلاف لوني او ديني او لغوي، ففي الوسط الإجتماعي السناري لم تؤثر تلك الإختلافات علي تواصل الشعب علي مدار التاريخ ولن تفعل الآن لأن الخلافات كانت تنتج اما عن نزاع سياسي معلوم ومحدد او نزاع بين مزارع وراعي وكلها كانت قابلة لأن تفصل سواء عبر القضاء المدني او الأهلي، لكن في ظل هذا النظام حدثت تحولات كبيرة في سنار والسودان ككل، وفي سنار طفح خطاب الكراهية علي السطح منذ عهد الوالي المخلوع أحمد عباس، فقد تغير المشهد في سنار التي كنا نعرفها سابقا، تلك البلد التي تحتضن أضخم الثقافات تاريخيا وجديرة بالتربع علي بلاط السلام والتعايش السلمي تم الآن تشويهها بفعل إدخال عنصر العنصرية في تركيبة الخطاب السياسي الذي يؤثر بشكل مباشر علي المجتمع، ولا زالت تلك السياسات تنخر في شجرة التنوع التاريخي والمعاصر لشعوب سنار المتداخلة والمتصالحة مع بعضها البعض لمئات السنيين، لذلك علينا أن ننظر لقضية النوبة السناريين بكل أبعادها السياسية والإجتماعية ونحلل قرار القضاء بقياس حجم المشكلة ودرجة العقوبة لنتحسس المكان الذي نقف فيه وندرك حقيقة المشكلة التي وقعت فيها سنار، وعلينا أن نختار طريقة جديدة لتلافي العودة إلي الصفر الذي تجاوزناه بقرار الشعب الذي جمع وطرح وقسم الحقائق الأخلاقية والإنسانية برفض العنصرية وإختار التعايش السلمي بين كافة مكوناته وهذا ما يساوي السودان الجديد الذي نبحث عنه في كل معادلاتنا الفكرية والسياسية، وعليه نرجوا من السناريين والسودانيين الساسة والمثقفين وقادة المجتمع دعم أفكار جديدة تساعد علي ربط المجتمع ربطا محكما ومنع إختراقه، ونطرح الآن مقترحين للنقاش هما.
1. قيام مؤتمر القبائل السنارية لدعم السلام ونشر ثقافة العيش المشترك.
2. تشكيل المجلس الإستشاري لقبائل سنار.
أ/ أهمية المؤتمر: تأتي أهمية قيام المؤتمر من خلال النظر لخطورة المرحلة الحالية وضرورة البحث عن وسائل جديدة لتأمين حياة وكرامة ملايين السناريين، ويجب أن يشارك في المؤتمر كافة أهل سنار ويقدم المؤتمريين أوراق حول مفهوم السلام وثقافة العيش المشترك ويناقش قضايا التنمية وعلاقة الإنسان بمن حوله والمزارع والراعي وكيفية التصدي لخطاب العنصرية شعبيا وقانونيا وإعلاميا وغيرها من القضايا ذات الصلة.
ب/ أهمية إنشاء المجلس الإستشاري: تأتي أهميته كخطوة ثانية لإدارة التنوع السناري والتنسيق الشعبي المنظم لتطوير وتطبيق مخرجات المؤتمر وتمتين الوشائج الثقافية والإجتماعية ونبذ الكراهية والعنصرة وحل كافة المشكلات التي تقع هنا وهناك في سنار، فاذ تمت مناقشة هذه المقترحات في مجالس السناريين باهتمام وصدق ستكون بادرة طيبة لبناء مستقبل جميل والحفاظ علي وحدة وسلامة المجتمع وقوة تماسكه وترابطه.

وإن عدنا لتصوير بعض ملامح قضية المك حاج رحال سنشاهد الكثير من الأشياء الإيجابية، فالنوبة في سنار قدموا رسائل مهمة يجب أن نتطرق لها وندرسها في إطار خلقي وإنساني عام، فلما وقعت واقعة التمييز العنصري من قبل عثمان الزين منسوب الحركة الإسلامية ضد المك رحال تية لاحظنا عدت سمات طيبة تدل علي وعيهم، وللتاريخ أذكر منها أن الإمكانية العقلانية الهائلة التي مكنت تفريق قادة وجماهير النوبة بين سلوك الفرد وأفعاله العنصرية وقبيلته التي ترفض العنصرية وهذا يؤكد درجة عالية من المعرفة والصداقة الشعبية التي لا يمكن إختراقها، ثم إدارة النوبة لقضية رحال بانفتاح ودرجة عالية من الإنضباط، وقد شاركنا في ثلاثة جلسات للمحاكمة، وتحدثنا مع قادة وشباب ونساء من النوبة كلهم منضبطين ومدركين لأبعاد قضيتهم ومنفتحين علي كل مساند ومناصر، فقضية رحال كانت من وجهت نظرنا قضية حقوق إنسان ومواطنة تستدعي إستنهاض كافة المواطنيين للدفاع عن الحاج رحال أولا وعن حقوق كل مواطني سنار والسودان ثانيا، فما يحدث اليوم في دولة السودان خطير للغاية ويستوجب وقفة وطنية حقيقية، وليس ثمة من له حق إستخراج شهادة الأفضلية لشخص آخر من خلال نوعية عرقه او شكلية لونه، فالأفضلية في تطويع كافة الأعراق والألوان لبناء سودان المواطنة والديمقراطية الذي تتساوى فيه الحقوق والواجبات بين كل مكونات المجتمع، ودون ذلك لا أفضلية لأحد ولا مجموعة والكل سيعاني من نبال بعضه وصناع العنصرية والتطرف هم من سيشد القوس، ولكني بعد الذي حدث في محكمة سنار وإستطلاعي لمواقف المواطنيين أثق في أن سنار ما زالت بخير، وللنوبة سلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا


.. الأمم المتحدة تدعو لتحقيق بشأن المقابر الجماعية في غزة وإسرا




.. سكان غزة على حافة المجاعة خصوصاً في منطقتي الشمال والوسط


.. هيئة عائلات الأسرى المحتجزين: نتنياهو يمنع التوصل إلى اتفاق




.. مقابر جماعية في غزة تكشف عن فظائع.. ومراقبون: ممارسات ترقى ل