الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في وداع أخي

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2018 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


أخي الذي وهبني اسمي الجميل رحل عن الحياة
أعتقد أن اسم نادية جميل، لكنّه ليس أبي الذي اختاره ، ولا أمّي طبعاً.
في قرية شرقية اسمها المفكر ولدنا جميعاً.
ومن المفكر انطلق أخي قبل عقود ليدرس في مدرسة الروم الأرثوذكس في حمص بالمجان نتيجة تفوّقه.
كان يبحث عن مكان له في العالم ويطمح أن يكون ذلك المكان لمن يتميّز من البشر.
شاءت الصّدف أن كان أخي ذي الأربعة عشر ربيعاً يقرأ قصّة لينين وزوجته ، وأعجبه اسم ناديجدا، فاقترح أن يكون اسمي نادية. شكراً أخي على هديتك التي سوف تبقى ملتصقة بي، وربما كانت سبباً في فتح بعض الأبواب لي فللاسم قيمة أيضاً.
الثورة الروسية التي هزّت العالم والتي كانت تشبه بمضمونها الثورة الفرنسية، والتي لم تكن شيوعية في البدء كانت تلهم الشّاب المراهق علي، وعندما أصبحت شابّة سمعت لأوّل مرّة في حياتي منه عن كمونة باريس أيضاً، كما سمعت منه فيما بعد انتقاده للنّظام الشّيوعي ، وتبنّيه الفكر الحرّ. كان يجدّد أفكاره على الدّوام.
قال لي أحد الأصدقاء: قل لي أين تعيش أقل لك من أنت، ونحن الذين كنا، أو لازلنا نعيش في سورية كتب علينا العيش في كنف الجور. لذا لا شيء أمامنا نفعله سوى انتظار الموت. نكرّر أنفسنا، فالاستبداد لم يسمح لمفكّر، أو أديب أو رجل علم أن يتطور. الأمكنة محجوزة وقليلة في الدّول المستبدة، وجميعنا لم نأخذ فرصنا التي نستحقها، والتي لا نستحقها، فلا يمكن أن تكون المشاركة في مجلس عزاء هو حلم سوري. بل إنه حلم حقيقي. سواء غادرنا سورية بإرادتنا، أو مرغمين فإننا نحلم أن نودّع أحبتنا، ونتذكر حسناتهم، ففي مجلس العزاء نفسه نوع من العزاء، ونوع من الذكرى بأن في هذا العالم المتوحّش هناك من يذكرنا.
وهنا لا بد لي أن أذكر أن الكثير من السوريين في المغترب الذين ربما فقدوا إخوتهم أو آبائهم، أو عوائلهم جميعاً يبكونهم وهم يسيرون في طريق الغابة مثلي كونهم لا يستطيعون الحضور، وربما يبكون بحرقة أكثر مني كون أولادهم أو أحبتهم سلخت جلودهم وقطعت أوصالهم في سجون الطاغية.
أستحضر أرواح جميع المقتولين والذين يعانون من الظلم في سجون الدولة السورية، وكأنّني أعرفهم فرداً فرداً. يصعدون أمامي إلى السماء، وألوح لهم فرداً فرداً، أقول لهم وداعاً.
وداعاً أخي العزيز .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال