الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الإعتقاد والمباغتة ، اتصال عابر ..

مروان صباح

2018 / 8 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


بين الإعتقاد والمباغتة ، اتصال عابر ..

مروان صباح / بإتصال استفساري وسريع قالت لي ، قد كنت قرأت لك خاطرة تكلمت عن المباغتة ، كَيْف تأتي بغتة بتقديرك ، توقفت عند سؤالها قليلاً ، وبالفعل ذهبت في خاطري إلى أين ترمي ، كون السؤال أهم من الإجابة ، وقلت بإعتقادي الشخصي ، الرجل الذي صنع الساعة التى أهُديت من قبل هارون الرشيد لصديقه ملك الفرنجة شارل مان ، قد يبدو أو هكذا أرجح أو ثانياً ربما ، تيقظ الرجل لأمرها وسعى لابتكار واحدة من أجل تجنب مباغتتها ، لهذا ، عندما يعي المرء أمرها ، لا مفر من وضعها أمامه كل الوقت ، يعني إذا كان يشاهد فيلم أو يقرأ كتاب أو كان يأكل أو في حلقة ثرثرة بمقهى أو حتى عندما يمارس الرياضة وأيضاً الجنس من الأفضل أو من باب التيقظ الاحتفاظ بها أمام عينيه ، قالت ، يمكن أتفهم كل ذلك ، أما موضوع الجنس صعب ، إذا لم يكن مستحيل ، قلت من خلال التدريب والتعويد كل شيء ممكن ، هناك من يمارس الجنس وهو يتصفح الجريدة ، لا عليك ، قالت طيب ، إذا قمت بكل ما أسلفت وكنت متيقظة تماماً ، سأكون بمأمن منها ، قلت أكيد لاء ، كيف لكِ ذلك وهي لا تأتي إلا بغتة ، بل ، قد يكون الشعور بالاطمئنان هو الخطر الحقيقي الذي يقع فيه الإنسان ، لأن بالمختصر المفيد وكخلاصة ناجعة ، هناك فرق بين من صنع الساعة من أجل تجنبها ومن صنعها وأخفاها من أجل يباغت بها .

قد يكون هذا التفصيل أهم ربما ، منذ خُلق الإنسان ، البنية المعلوماتية عنه شحيحة ، بل هناك ركيزتين يبني المرء عليهما ، كُتب الخالق عز وجل وأخرى لعلماء أنثربولوجين ، وإذا كان القران المجيد حدد تحديداً ، المدة الزمنية التى عاشها النبي نوح عليه السلام ، أي علمياً ، كان العمر في ذاك العصر طويل لقلة المواد ومع مرور الوقت أصبحت المعرفة بإزدياد وتتراكم التى قلصت مدته ، لهذا ، يشاع بين الناس والنخب مفهومين ، الإنسان الجيد يرحل مبكراً وعندما الانسان يبدأ بإتقان مهنته ، يسارع الرحيل ، وهذا يؤكد على فطرة إنسانية لا يدركها المرء بقدر يحتمي خلفها ، خلي الرأس فاضي ستعيش مرتاح وتضمن سنوات أطوال ، بل سرعة المعلومات بين القرون السابقة والقرن الحالي ، تغيّرت بشكل كبير ، في السابق كانت تتضاعف المعلومة كل خمسين سنة اليوم كل 12 ساعة ، وهذا شيء مريب ، لأنه يلغي أساس مهم ، القدرة على التمييز بين الحقيقة والخداع ، مع هذا ، استطاعت الكثافة المعلوماتية صنع جيل بالكامل ، سمعي لا عمقي ، يتعرف في اليوم على كثير من الأشياء لكنه لا يفهمها ، بالطبع الهدف من ذلك ، تشتيت الذهنية واربكها كي تنزع منه اليقظة والتنبه ، وهذا حاصل بشكل أفقي الذي ألغى الإدارة المعرفية وانتشرت إدارة الجهل .


وبعيداً عن مفهوم الأخذ والعطاء ، هناك سيل معرفي يقابله غياب للحقيقة ، وهذا السيل أنتج مجتمعات متخبطة وأرهق عقول الناس ، بل لم يرحم حتى النخب ، على سبيل المثال ، سأضرب مثلاً بالروائي دوستويفسكي في إحدى كتاباته تطرق عن الأبوية المرفوضة حيث قال على لسان أحد ابطال روايته الجريمة والعقاب ، مَن منا لم يفكر يومًا في أن يقتل أبيه ، هنا عندما يقرأ القارئ لمثل هذه النصوص وهو غير قادر على التمييز بين مفهوم الفرويدية والروبوبية ، بالتأكيد سيقع في دوائر الشك السلبي ، الذي يمكن له مباغتة أبيه لمجرد تنامى لديه شعور بمنافسته على لأمه .

الخلاصة الأقرب التى تكشف حجم التخبط والإرباك الحاصل في عقول البشر ، بالطبع ، التأتأة حالة معمعة ومستقرة بين الأغلبية ، وذلك بفضل الرايات والكراسي العلمية ، جميعها تتعارض وتتعاكس وتناقض بعضها البعض ، المسطحون يرفضون الكرويون والكرويين يرفضون المسطحين والمتدينين منقسمين بين آلاف المذاهب والكراسي والسياسيين يتشظى حالهم بين نظريات ولدت ميتة وأخرى في أطوار النوم ، أما البشرية ضاعت بين سيل المعلومات والرايات التى انقسمت إلى دكاكين وتمددت في أرجاء المعمورة ، وبين تلك وهذه ، يعيش المرء للحظات مع دماغ يعود ربما إلى ملايين السنوات وايضاً ، للحظات أخرى يندمج مع دوائر التمدن ومن ثم ينقلب بسرعة حتى يجد نفسه ضائع ، بعد ما أُرهق وأصبح جاهز تماماً لمباغتته . والسلام
كاتب عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق