الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مريم المجدلية والقصة الخرافية فى أنثروپولوجياً الإديان الإبراهيمية

خالد كروم

2018 / 8 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما أريد استخدامه من القصة المسيحية لانقاذ مريم المجدلية من الإعدام بالرجم .....هوالنموذج المجرد وليس الدخول في أسس أو تفاصيل دينية...أريد النظر للقضية المعنوية والمنظومة الشرعية والتشريعية هنا فقط ...

فحتى لو كانت القصة هذه كلها هي قصة وهمية .....وحتى لو كان المسيح نفسه شخص لا وجود له ......كما توجد نظريات حول ذلك ......أي اعتباره شخصية أسطورية .....

فالقضية هي نفسها من جانب تحليل النموذج القانوني والشرعي أي التقاليدي الاجتماعي أو المعشري..... لأن الفكرة الدينية هذه موجودة كسيمياء في العقل....أي موجودة كفكرة مزروعة كيقين - مقدس.....

لذا تصبح لا أهمية تأثيرية إن كانت لم تحصل في الواقع .....وهذه نقطة مهمة في دراسة الديانة الفلانية .....فاكتشاف أن القصة الفلانية هي وهم....

مثلا لا أهمية له لأن منفذ الفكرة لا يهتم للدرجة التي نتوقعها.... فهو بدأ باعتناق الفكرة بأساس الفكرة وليس بأساس "أدلة" ...

الآن لنعود للمربع الأول..... وهو نقاش وتحليل السلوك الأخلاقي من عدة زوايا ناظرين للمحاسبة على ما يعرف بجريمة الزنا....

لنأتي الى القصة كما هي :_

يقوم اليهود بإعدام الزاني وفق شروط معينة ....ولما أن الديانات الذكورية تحاسب المرأة وتمنع قيمة الأنوثة من الصعود.... أما تبجيل الذكورة....

فالضحية المستمرة هي المرأة ....وعليه تم اعتبار إمرأة هي مريم المجدلية زانية بأساس كذا وكذا .....وشهود كذا وكذا.....

وجلبوها لساحة الإعدام لتنفيذ الإعدام بأساس شريعة يهوه ... والناس تنفذ ... المهم هو التنفيذ وليس من هو المنفذ ... حتى لو كان المنفذ هو زانٍ أيضا ويستحق الإعدام لكنه غير مكشوف ...

لا يهم فالمهم هو تنفيذ الأمر الإلهي ... الأمر المقدس الذي لا نقاش عليه أو الذي يعاقب من يناقشه (الأمر الطوطمي) ... القصة تنتقل لجدل المسيح في الموضوع وهو أن يكن منكم دون..(("خطيئة"))... فاليرمها بحجر ....

فتوقف الجميع عن الرجم لأنهم أصحاب خطايا....- الخطيئة هي هل مخالفة للإله أم مخالفة لمصالح البشر..؟

الأمر ليس حدي هنا في المسيحية ....أو مخلوط فهذا الموضوع قبل ألفي سنة من تاريخ البشر .....ولم يكن البشر يفرقون بشدة بين الخطيئة والذنب.... والمخالفة والاعتداء ...

أي لا يفرق البشر بين الخطأ بمعصية إله ما..... أو خطأ بأساس اعتداء على بشر أو ...يوجد تفريق لكن الأولوية للإله أو الأولوية للملك الديني أو الأولوية للمعبد أو للفكر الديني ... الخ

الآن:_ ما قام به المسيح هو إدخال للمقارنة مع الفرد لدحض الحق الإلهي اليهودي ....أي قام المسيح بتعطيل حكم إلهي بواسطة إلغاء حق المنفذ بتنفيذ الحكم الإلهي ....

بأساس أن الإنسان ليس ملاك (بأساس مثالية الملائكة ولو الملائكة اليهودية يمكن أن تكون ساقطة لذا تنزل للأرض من السماء فتسقط في الرذيلة.... لاحظوا فكرة أن الرذيلة على الأرض والسماء ....لا رذيلة فيها في الفكر اليهودي) ... إذاً ماذا؟

قام المسيح بادخال جانب شخصني ذاتي ..(( Subjective)) ...للفرد ليحل محل جانب تنفيذ دون واقع وهو تنفيذ أوامر إلهي بأساس هل أصبح جميع اليهود مسيحيين ؟

لا ...لماذا....؟ لأن اليهودي المصر على اليهودي سيفترض أن جدلية المسيحي هذه خاطئة لأن الأمر الإلهي الى يهوه هو أمر مثالي ويبقى صحيح ....

:_ (( بغض النظر عن مَن هو المنفذ ))... فالأمر الإلهي يتم افتراضه والايمان به أنه صحيح بأساس أنه إلهي أي ..((هو صحيح بأساس أنه هو))... هل هذه حجة دائرية ...؟!

نعم....لنستمر ...الإله عاقل ... إذن هل التشريع الإلهي هو موضوع ذاتي شخصني ..((subjective )) ..؟؟

واقعيا ...المنفذ هو فقرات التشريع ... وشرعنة تنفيذها بأساس كونها..(( "هي"))..هي هي بأساس كونها هي ...(( حجة دائرية))... ما يعرف بالسبب الذاتي....

مرت العصور ...وازداد الوعي الفردي ابتداء من القرون الوسطى ...وبدأ الإنسان بالتحول من تشريع وأخلاق الحدود القسرية الى أخلاق الدافع الفردي ...

بدأ البشر بالتحول من نموذج العقاب والثواب ...(العصا والجزرة).... الى نموذج متأسس على الدافعية الفردية ... كيف ..؟

من خلال النتيجة للعمل ... أي تقييم النتيجة للتنفيذ ...مثلا ما ينظر له بأنه خطيئة أو ذنب ....أو معصية من قبل مريم المجدلية أي الزنا ...

لماذا هو خطأ....؟ سيتم الصراخ لأنها مخالفة للحق العام... ؟ ستتم الإجابة بماذا يعني حق عام...؟ لا يوجد متضرر ...

سيقال أن الزنا يجلب أطفال غير شرعيين وهؤلاء يرثون الخطيئة ...(مجرد افتراض)... أو يتم الصراخ أنهم سيكونون محتقرين من المجتمع ... ستكون الإجابة أنتم تحتقرونهم.... وأنتم تفترضون أنهم سيكونون مجرمين وهم أبرياء ... الخ

إذن ... النتيجة نجدها في المجتمعات المتأسسة على الحرية الفردية حيث لا أهمية للزواج.... ولا أهمية لمن هو شرعي... (من زواج مبارك دينيا)....

أو من هو علاقة دون زواج ...بعد ذلك سيتم النقاش للزواج نفسه ...هل الزواج هو عقد ثم جنس أم هو جنس ثم عقد.... ؟

العقد ثم جنس = هنا الزواج مشرعن بأساس الأمر الإلهي الذي يقره فئة من البشر
الجنس أو علاقة غير جنسية..... ثم عقد = هو زواج بأساس الرغبة البشرية..... وليس الشرعنة الإلهية ....

لأن هؤلاء الفردين هما الذان ..(("جربا"))... العلاقة بينهما وتوصلا الى أنها علاقة ناجحة سواء كانت جنسية أما لا ...

لذا يكون الزواج هنا بالحقيقة مشرعن بأساسهما هما حتى لو كان الافتراض أن ذلك كان بأساس الشرعية ..(("الإلهية")) ...

ولهذا في البلدان ذات الحرية الفردية نجد أن الزواج قضية قائمة على رغبة الأفراد ....وليس أن الزواج هو رخصة قانونية يقوم الجمع البشري بالمحاسبة عليها ...

هنا نجد أخلاق الدافع الذاتي ترتفع فوق فكرة أخلاق القمع والارتباط بالصدمة (العصا والجزرة)....

وعليه يقوم هذا المجتمع الفردي الدافعي بتخليص مريم المجدلية مرة أخرى بأساس أن لا وجود لأي جريمة تتم محاسبتها عليها وليس أن من يقوم بتنفيذ الإعدام (( ليس مثالي )).

أي ... ماذا حصل...؟ قامت الشيئية هنا باقتلاع الذاتية في التشريع ... كيف...؟ الشيئية هنا هي النظر لنتيجة السلوك ... النتيجة لا تؤدي الى ضرر مباشر على حريات الآخرين كأفراد ... إذن لا مشكلة ...!!

وعليه لا يوجد بأساس الشيئية ما تحاسب عليه مريم المجدلية... !! سيأتي أحدهم ويقول أن الزنا يؤدي الى اندثار الدين بواسطة المخالفة لأوامر إلهي ...

الواقع هو العكس ...الممارسين للمعصية الإلهي يستفاد منهم الفكر الديني في الانتشار أكثر.... !! كيف.... ؟

أنظر الى مدى استفادة الفقهاء..... وكل أنواع رجال الدين من اقتناص الاباحيين خاصة من ذوي التعليم الضعيف .....وسحبهم لفكرة التوبة وخاصة عندما يكون هناك مدمن على الاباحية... وهو بفكر ديني بالأصل ...

هذا الشخص يكون بحالة صراع داخلي مع نفسه نتيجة شعوره ... تصوره بالمعصية ....(هو لا يهتم للأخطاء للآخرين يهتم فقط بأن هناك مخالفة مع الإله)....

فتجد الشخص ينقلب فجأة من شخص يرتع على مواقع الغريزة الجنسية والجسدية بشكل عام فجأة الى مواقع الدين ....أي المراكز الدينية بإنقلاب فجائي فضيع مع انتقام على الأغلب من باقي الممارسين ...

أما أصحاب الدافع الذاتي للأخلاق فتجده لا يقترب من أذى الآخرين .....وكذلك غير مدمن على طقوس التوبة الدينية ...

غير مدمن على الدعاء بالصراخ يا إلهي أن أعفو عني لأنه بالحقيقة بريء .....وهو يدرك أنه بريء لأنه يراقب نفسه ويتصرف بأساس كونه واعٍ وهو فعلا واع لأن لديه ماذا...؟ وعي راقي..(( Metacognition)) ...

والواقع يشير الى أن البشر يسلوك أي مستوى بالوعي دون معرفة أنهم يسلكون ذلك أو أنهم وصلوا لذلك المستوى ... فقط تذكر في أي سنة من حياتك بدأت تتسائل مع نفسك عن ما هي الحياة ...

ليس متى تم حشو معلومات عن الحياة في رأسك بجرعات دينية ... لا متى أنت بدأت تفكر وربما هربت من التفكير ... تلك اللحظة أنت كنت تمر بمستوى الوعي الراقي أو الوعي الفوقي ...

الآن ...لنلخص ... الحالات الثلاث:____

- الشريعة اليهودية هي تنفيذ للنظرية بأساس كونها مثالية.... ولا يهم من المنفذ....

- الفكرة المسيحية هي المهم من هو المنفذ.... لذا تعطلت الشريعة اليهودية في هذه النقطة.... ثم بدأت محاكم التفتيش الاسبانية تستخدم ممر آخر .....هو محاسبة الشخص على الفكر نفسه وعلى سلوكه ....

إن لم يتفق مع المسيحية بنمطهم الكاثوليكي أي بدأت المحاسبة على الفكر والسلوك المرتبط بالفكر بعد أن كانت الشريعة اليهودية تحاسب على السلوك أكثر من الفكر.....

وتم تنفيذ العقوبة بالاعدام والتعذيب في محاكم التفتيش بوساطة أشخاص يتم افتراضهم قليلي الخطئية .....بسبب كونهم مؤمنين بالمسيحية ...

سيأتي ويقول أن هؤلاء مخالفون لفكر المسيحي في انقاذ مريم المجدلية لأن تنفيذهم خاطئ ... حسنا لقد أوضحنا كيفية قفزهم فوق عدم تنفيذ العقوبة هنا ...

ثم أن مريم المجدلية قامت بالتوبة بعد انقاذها أي مريم المجدلية في القصة المسيحية ....كانت تشعر أنها ..(("مذنبة"))... وليس لا وجود للمشكلة.....

بعد ذلك مرت العصور.... ووصلت لتنفيذ الأخلاق بالدافع بأساس النتيجة أو الأخلاق النفعية بدلا من الأخلاق القسرية أو الآمرية ....أو القائمة على النية أي الانسان يحاسب نفسه.... أو يحاسب غيره على النية وليس العمل ونتيجة العمل ...

:_ (ذلك منتشر في معاشرنا ... حيث يتم القول أن الأعمال بالنيات أي بكل بساطة النتيجة لا أهمية لها بالكامل فالمهم هي النية)...

وعليه أصبح المنفذ لعمل ما كشخص ... غير مهم السيرة مرة أخرى مع دحض التشريع القائم على التأليه .....وعلى دعم التقاليد.... وأصبحت الأولوية لمصلحة الفرد التي هي فوق مصلحة المجتمع....

وبقيت التجمعات البشرية المعشرية خارجة عن هذا الفكر..... وخاصة في تجمعات المؤمنين للديانات القديمة ....ولا سيما الانتشارية منها....

لذا وصلنا الى حالة انقاذ مريم المجدلية مع تقليل الاهتمام فهل توجد معصية أو ضرر أو خطأ لمعشر .....وخاصة لا وجود لمصلحة فكرية أو عقائدية في موازين الفكر الفردي....

إنتهي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد