الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوحدة الوطنية

مهند طلال الاخرس

2018 / 8 / 5
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


الوحدة الوطنية
يخلق المشروع الاستعماري تناقضا مع الوطنيين ككل ، وهو تناقض تستطيع حركات التحرر الوطني عادة أن تستند إليه في نضالها التاريخي ضد الاستعمار، وتنجح في ذلك عموما ، ولكن النجاح لا يصيبها دائما ، سواء بفعل التركيبة المعقدة اجتماعيا لمجتمع الوطنيين (من انقسامات طبقية وقبلية واثنية ودينية وفصائلية وحزبية....)او بسبب السلوك الواعي من جانب سلطات الاحتلال الذي يعمد الى شق الصفوف بفصل بعض التكوينات الاجتماعية عن المسار التحرري العام، عن طريق ايجاد مصالح محددة لها في استمرار المشروع الاستعماري، وبث اليأس في إمكانية إنتصار حركات التحرر الوطني(مثل مشروع روابط القرى الاسرائيلي ومشروع المخاتير والوجهاء والاقطاعيين في مؤتمر توحيد الضفتين)، اضافة الى استغلال الاخطاء التي تقع فيها هذه الحركات في تحررها داخل المجتمع.

بل ان خبرة حركات التحرر الوطني تشير الى ان هذه الظاهرة الانقسامية تمتد عموما الى داخل حركات التحرر ذاتها بالمعنى التنظيمي، ولا يقتصر الامر عند مجرد تنافس اكثر من تنظيم في النضال ضد الاحتلال، ويساهم بعكس صورة ورؤى فكرية متمايزة في مواجهة الاحتلال أو التطلع الى مجتمع ما بعد الاستقلال ، وهو امر غير سلبي على اية حال اذا توقف عند هذا الحد، ولكنه يمتد الى الاقتتال المسلح بين تنظيمات حركات التحرر الوطني بدعم ومباركة الاحتلال الذي يفترض فيه ان يكون مشتركا بشكل او بأخر، والذي تقف قواته واعوانه عادة لتراقب صدام أبناء القضية الواحدة وتغذيه بشتى الوسائل، كي يسهل لها بعد ذلك الانفراد بالمنتصر منهم بعد ان تكون قواه قد وهنت وضعفت ولو الى حد ما عداك ان اثر الشرخ الذي احدثه ذلك الانقسام.

وعلاوة على ذلك تلعب ظاهرة انقسام حركات التحرر الوطني دورا خطيرا في بعض الاحيان عندما تبدأ مرحلة الاتصال بالاحتلال والتفاوض معه، فقد يكون هذا الانقسام سببا في خسارة غير مبررة على الاطلاق لبعض الاوراق من ايدي المناضلين ، سواء بسبب تهافت الفصائل او الاشخاص والممثلين الاقل صلابة على الاتصال بالاحتلال، أو مسارعة الفصائل الاكثر صلابة تقديم تنازلات غير مبررة خوفا من تقويض ارضيتها والمكانة وصفة التمثيل التي تتمتع بها، ومع ذلك فإن الانتصار النهائي لحركات التحرر يجد تفسيره في المنطق العام لحركة التاريخ، ذلك ان المسار العام لحركة الجماهير يكون هو الضمان الاكيد لانتصار القوى الاكثر تعبيرا عن جوهر التحرر.

وفي بعض الاحيان تمتد الاثار السلبية للانقسام الى ما بعد الاستقلال ، فيستمر الصدام مابين رفاق النضال القدامى الذي قد يتحول الى الخيانة الشاملة ، تستنزف في هذا الصدام المستمر الموارد الشحيحة التي خلفها الاحتلال للدولة الوليدة.

ليست خبرات حركات التحرر الوطني على الرغم من مسارها التاريخي الصاعد ناصعة اذن من منظور الوحدة الوطنية ، والواقع ان المتفحص والمطالع لتجارب حركات التحرر في الوحدة الوطنية يمكن ان يصاب بالاحباط من ذلك الكم والوزن الهائل للفرص التي ضاعت من هذه الحركات بسبب تلك الظاهرة الانقسامية ، ومما يبدو من ان الاساليب التي تم اللجوء اليها أحيانا للحفاظ على الوحدة الوطنية تبدو مسؤولة ولو جزئيا عن طبيعة نظم الحكم في مرحلة ما بعد الاستقلال السياسي.

وينبثق السؤال المشروع من هذا الركام ومن هذا المقال: كيف لم تنتقل الخبرات الخاصة بدروس الانقسام وامكانية تفاديه داخل حركات التحرر الوطني إلينا؟ وبعبارة اخرى لماذا لم تحدث عملية التعلّم الواجبة من الاخطاء التي تم الوقوع بها في هذا الشأن رغم أننا أمة إقرأ....
إن الذي بيني وبين بني قومي لمختلف جدا...
إن هم أكلوا لحمي وفرت لحومهم...
وإن هم هدموا مجدي بنيت لهم مجدا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل