الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبات حبلی بالبلادة

محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)

2018 / 8 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حالة من السُباتِ الثقافيّ في المعمورة ولّدت نوعاً من البلادة السايكوسياسية التي تنعكس غالباً في الغباء السوسيوثقافي (الاجتماعي الثقافي) المنتشر بيننا كأفراد ومجموعات متنوعة، سياسة تجاوزت حدود المفهوم المنطقي الشائع في العقل الحداثوي النابع النابظ، عقلٌ غدا مارداً لا ينهض حتى بفطنة الشياطين، سَلَبَهُ أباطرة الجهل وبات تحت نكاحه الشرعي المقنن.
بلادة لها عُمر القومِ حيث أصبحت سمة رئيسية في الشخصية النمطية بيننا، يقول فرانكل ضمن نظريته في ايجاد معنى الحياة بأن (البلادة ميكانيزم قويٌّ للدفاع عن الذات)، أقِفُ بصفِّ عالِمِنا وأُضيف: ان البلادة تجعلك تتمسك فقط بوجودك الفيزيقي وتترك الثقل والعالة الكبيرة التي كانت ولازالت تتجلى في كوابيس مخيفة دخلت وتدخل ظلمات نومِ أجدادنا وتمددت الى أحلام الأبناء والأجيال، بلادةٌ مضحكة تتكرر موجاتها في الخطاب السياسي أولاً وفي الخطاب الثقافي ثانياً وفي الخطابات الاجتماعية والدينية و......الخ ثالثاً ورابعاً، ذاتٌ تدافع عن نفسها بالبلادة والغباء يا للهول!!.
في البلادة تكفيك مرور الزمن بسلام، وانتهاء يومٍ شاق طويل بأمان، دون أيّ انتاج واي هدف، عندها تركع أمام الواقع المظلم المزري وتقول دوما كما يشير اليه فرانكل(حسناً، لقد انقضى يوم آخر)، كارثة تنال من وجودنا وتَسُدَّ علينا بفعل شراسةِ زوبَعَتِها كلّ المنافذِ والفتحات، ولهذا أصابنا الادمان بالجهل والرضوخ لسطانه وهو السبات الأزلي والابدي.
دفاعاتنا النفسية قوية للغاية وذلك للحفاظ على بنيةٍ نفسيةٍ سمّاها فرانكل بالذات ولكنها ليست ذاتاً كما عرّفتها النظريات السايكولوجية وخاصة الوجودية منها وبالأخص فروم عندما يصنفها الى الأصيلة والمزيفة وباندورا الى الفاعلة وعكسها، وكثيراً ما أشار سيكموند فرويد الى الذات و عرّفها بانها وجود تكبر وتنمو بموازات الوعي وتتوسع كيانها كلّما توسعت دائرة العقل والشعور بالظلمات التي كلنا ننتمي اليها وهي اللاشعور.
السبات الثقافي لمجتمعنا أصبح واقعاً يتمظهر في الركود السياسي والاجتماعي والديني ويتجلى في التبجحات التألُّهية لأصحاب الجاه والسلطان بالماضي المخيف كي لا يتركنا ويرفع ظلَّه علينا، ويعود علينا في التغني بالأمجاد وبتأريخٍ من الفشل والانتكاسات يُخجلُ العقلانيُّ أمام الثقافة الحقة ومبادئ الحداثة والتطور العلمي والتقني أن يرفع رأسها.
بلادة تغذي حالة السبات تلك وتفقد حس الوجود الفاعل والمتفاعل عند الفرد ويعود به الى الاتجاهات الجماعية التي لا يجد مخرجا سوى اللجوء اليها ثانية ورابعة والى الأبد كي لا تضيقه وخزات العقل التي ترعشه بين فينة وفينة، شخصيتنا القومية الفطرية في خطر جدي حيث الرعوية تزداد وتيرتها وتدفع بها من جديد دون اي اتخاذ دروس وعبر في دوامات الزمن الاصطوري القبل مدني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا خصّ الرئيس السنغالي موريتانيا بأول زيارة خارجية له؟


.. الجزائر تقدم 15 مليون دولار مساهمة استثنائية للأونروا




.. تونس: كيف كان رد فعل الصحفي محمد بوغلاّب على الحكم بسجنه ؟


.. تونس: إفراج وشيك عن الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة؟




.. ما هي العقوبات الأميركية المفروضة على إيران؟ وكيف يمكن فرض ا