الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرزخ ويوم الجمع ( يوم القيامة )

أحمد صبحى منصور

2018 / 8 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


البرزخ ويوم الجمع ( يوم القيامة )
مقدمة :
1 ـ مقالات ( البرزخ ) احدثت ردود فعل إيجابية ، أشعلت التفكير والتدبر ، وابانت أننا لا زلنا على حافة التدبر القرآنى ، وأن هذا الكتاب الكريم العزيز لم يقدره المحمديون حق قدره ، كما لم يقدروا رب العزة جل وعلا حق قدره . إتخذ المحمديون القرآن مهجورا ، يتغنُّون به فى ليالى السمر ، ويرفعون فوقه خرافات أديانهم الأرضية ومفترياتها ويتلاعبون بآياته يزعمون نسخها وإلغاء تشريعها.
بدأت الكتابة في موضوع البرزخ فصلا فى كتاب ( حقائق الموت فى القرآن الكريم ) والذى صدر عام 1990 فى مصر . ثم عدت اليه بإضافات فى كتب أخرى لاحقة ثم فى هذه السلسلة من المقالات.
ومنذ بدأت الاحتكام الى القرآن الكريم عام 1977 ، وحتى الآن وأنا أكتشف فى القرآن ما لم أكن أعلمه ، ولازلت أحتفظ بالدهشة من عظمة القرآن ، ويتأكد لى أننى لو عشت ألف عام فسأظل فى حالة دهشة من هذا الكتاب العظيم الذى لا يحيط أحد بعلمه ، وبالتالى تتعاظم الحسرة على المحمديين الذين إتخذوا كتاب رب العالمين لهوا ولعبا ، ثم فى أوقات فراغهم من اللعب واللهو يتساءلون عن مصير الذين لم تبلغهم دعوة الاسلام ؟
2 ـ أعتبر كل التعليقت إيجابية حتى لو إختلفت معى، فلا زلنا فى مرحلة الحوار. وبعض الاسئلة التى تحتج لا تخلو من الإيجابية لأنها تدفع الى المزيد من التدبر ، وبالتالى المزيد من لتعلم من القرآن العظيم .
3 ـ من هذه الأسئلة إستشهاد بعضهم بحديث ( إذا مات أحدكم قامت قيامته )، بمعنى أن القيامة قائمة اليوم ، وبمجرد موت الفرد يدخل فى القيامة مباشرة . هذا الحديث الهابط أورده الغزالى فى كتابه (إحياء علوم الدين ) والذى ملأه بخرافات وإفترءات آمن بها المهووسون به ، فزعم ( الإمام النووى ) أنه ( كاد الإحياء أن يكون قرآنا ) وردد هذا الإفك الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر فى عهد السادات.
هذا الحديث الهابط ( إذا مات أحدكم قامت قيامته ) يمكن الرد عليه بأن النبى لا يعلم الغيب ، وليس له أن يتكلم فيه من عنده ، خصوصا فيما يتعلق بالساعة. ولكن هذا السؤال إستدعى كتابة هذا المقال لتوضيح وظيفة البرزخ فى موضوع اليوم الآخر .
ونرتب الموضوع كالآتى :
أولا : ( البرزخ ) فى منهج القرآن
1 ـ فى المقال السابق ( معضلة الزمن فى اليوم الآخر) عرضنا لمنهج القرآن الكريم فى ايراد أحداث اليوم الآخر ، وهو التركيز على الهداية والعظة والعبرة وما يترتب عليه من تقديم وتأخير وإغفال لبعض أحداث اليوم الآخر.
وفى مرة واحدة جاء ذكر البرزخ الذى تدخل فيه نفس الميت وتمكث فيه الى يوم البعث للجميع فى قوله جل وعلا :( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون ).
وأنه جاء فى موضعين إغفال البرزخ بوصل الحديث من الاحتضار الى البعث مباشرة فى سورتى (الأنعام ) و ( ق ). ومع إغفال البرزخ فيهما فالسياق فى الآيات يشير الى قيام الساعة ويوم القيامة على الجميع . يقول جل وعلا عن معاناة سكرة الموت : ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) ق ) بعده أحداث عامة كونية من نفخ الصور أى الانفجار الذى يتم به تدمير هذا العالم كله ، ثم مجىء كل نفس للحساب : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) ق ). وهو نفس الحال فى سورة الأنعام ، إذ بعد الحديث عما يقال للظالمين المفترين على الله جل وعلا كذبا ـ وهم يموتون ـ سيقال لهم وللجميع من الكافرين يوم القيامة : ( وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمْ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94) الانعام ).
2 ـ حقيقة الأمر أن البرزخ هو فاصل بين اليوم الدنيوى واليوم الآخر . وهو بهذا ( برزخ ) بمعنى الحاجز بين يومين مختلفين . الناس فى اليوم الأول الدنيوى يولدون ويموتون أفرادا ، ومن يموت تدخل نفسه البرزخ تبقى فيه الى قيام الساعة واليوم الآخر ، ولكن قيام الساعة واليوم الآخر هو للجميع ومرة واحدة ، وفيه لقاء رب العالمين بالبشر جميعا ، يقول جل وعلا : ( كَلاَّ إِذَا دُكَّتْ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) الفجر )
3 ـ أكذوبة إذا مات الانسان قامت قيامته تتعارض مع عمومية أحوال القيامة ومع تسمية يوم القيامة بأنه ( يوم الجمع ) .
ثانيا : عمومية أحوال يوم القيامة فى أمثلة سريعة :
1 ـ فى الخلق لجميع البشر مرة واحدة وكذلك بعثهم جميعا ، قال جل وعلا :(مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) لقمان )
2 ـ فى قيام الساعة وتدمير هذا العالم الكونى بسماواته وأراضيه وبرازخه وتبديله بسماوات أخرى وأرضين أخرى ن ويبرز الناس جميعا للواحد القهار ، قال جل وعلا : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ابراهيم ).
3 ـ فى البعث للجميع حيث يقوم الناس لرب العالمين ، قال جل وعلا : (أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) المطففين )
4 ـ فى الحشر للجميع ، قال جل وعلا : ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (47) الكهف )
5 ـ فى العرض أمام الله جل وعلا للجميع، قال جل وعلا:( وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (48)الكهف )(وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18) الحاقة )
6 ـ رؤيتهم جميعا لأعمالهم : ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه (8) الزلزلة ) ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49) الكهف )
7 ـ إنتظار الحساب يتم تقسيم الناس الى ( أُمم ) أى جماعات عاشتت معا فى نفس الزمان والمكان وتفاعل أفرادها وتعاملوا مع بعضهم بالخير والشر ، وتم تسجيل هذا فى كتاب أعمال خاص بهم ، ويتم نسخ نسخة فردية منه لكل شخص من هذه الأمة أو هذا المجتمع .يؤتى بكل (أمّة ) جاثية تنتظر الأمر بالمثول امام الله جل وعلا للحساب ، قال جل وعلا : ( وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (29) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (31) الجاثية )
8 ـ طبقا لما سبق يتم تسليم كتاب الأعمال لكل فرد فى مجموعته ، قال جل وعلا : ( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71) وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72) الاسراء ) (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) الحاقة ) (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14) الاسراء ) ( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً (8) وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً (11) وَيَصْلَى سَعِيراً (12) الانشقاق )
9 ـ وزن الأعمال للجميع ، قال جل وعلا : ( يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ (5) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11) القارعة )( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9) الاعراف )(فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) المؤمنون )
10 ـ لا يتخلف عن هذا فرد من المخلوقات من البشر والجن والانس والملائكة ، قال جل وعلا : ( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95) مريم ) ، وحيث يقف جبريل ( الروح ) والملائكة صفا لا يتكلمون، قال جل وعلا: (رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً (37) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً (38) النبأ )
11 ـ ثم الحساب لكل نفس ، حيث تأتى تدافع وتجادل عن نفسها وتُوفّى ما كسبت دون ظلم ، قال جل وعلا : ( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (111) النحل ) ، لا فارق هنا بين الأنبياء المرسلين وأقوامهم : ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7) الاعراف )
12 ـ القول بأن من يموت تقوم قيامته يعنى أن الأب الذى يموت قبل إبنه لن يلتقيا يوم القيامة طالما ان يوم القيامة فردى وليس جماعيا . هذا ينافى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) لقمان ) (فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) عبس ).
13 ـ المحمديون لم يقدروا رب العزة جل وعلا حق قدره ، وسيرونه الواحد القهار يوم القيامة ، قال جل وعلا : (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتْ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) الزمر) هنا عمومية قيام الساعة وعمومية البعث وعمومية الحساب أمام الكتاب الواحد . بعده عمومية الجزاء للكافرين جهنم يدخلونها زمرا أى جماعات ، وللمتقين الجنة يدخلونها زمرا أو جماعات ، قال جل وعلا : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) الزمر ) ثم حساب الملائكة : (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )(75) الزمر )
ثالثا: يوم القيامة هو للجميع ، أى لمجموع البشر
1 : تجميع الناس يوم القيامة هو أمر لا ريب فيه . فى ذلك يقول جل وعلا:
1 / 1 : ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ ) (7) الشورى ) . هنا وصف يوم الجمع بأنه لا ريب ، مثل وصف القرآن الكريم بأنه لا ريب فيه.
1 / 2 : ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثاً (87) النساء ). ألا يكفى أنه جل وعلا أصدق حديثا ؟ أنترك حديث الله جل وعلا من أجل حديث كاذب إفتراه الغزالى ؟ الإشارة هنا قبل مولد الغزالى بقرون فيها آية علمية تشير الى كذب سيأتى فى العصر العباسى الثانى.
1 / 3 : ( فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (25) آل عمران ). فى يوم الجمع هذا ستُوفّى كل نفس بشررية عملها بلا ظلم .
1 / 4 : ( قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ ) (12) الانعام ). هنا التأكيد باللام ونون التوكيد :( ليجمعنكم )
1 / 5 : ( قُلْ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (26) الجاثية )
2 ـ الله جل وعلا هو الذى يقوم بتجميع الجميع ، وهذا ما جاء فى الآيات السابقة ، ومنه أيضا قوله جل وعلا :
2 / 1 :( يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ) (9) التغابن )
2 / 2 : ( ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) هود )
2 / 3 : ( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40) الدخان )
3 ـ فى يوم الجمع يجتمع الأولون والآخرون ، اى الأوائل من القرون ومن جاء بعدهم حياة وموتا . فى ذلك يقول جل وعلا :
3 / 1 ـ ( قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50) الواقعة )
3 / 2 ـ ينطبق هذا على الرسل ، قال جل وعلا : ( يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109) المائدة )
3 / 3 : سيكون الناس ثلاثة أقسام : السابقون واصحاب اليمين ( أهل الجنة ) والخاسرون. أصحاب الجنة أقلية من الأولين والآخرين، قال جل وعلا:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنْ الآخِرِينَ (14) الواقعة ) ( لأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنْ الآخِرِينَ (40) الواقعة )
أخيرا : أهمية البرزخ هنا :
1 ـ لولم يكن برزخ لكانت القيامة فردية لكل فرد بمجرد موته. ولكن التأكيد على يوم واحد لكل البشر يستدعى أن يوجد البرزخ الذى تسكن فيه الأنفس الميتة الى أن يموت الجميع ثم يكون قيام الساعة ويوم القيامة للجميع فى نفس الوقت .
2 ـ وجود الأنفس ميتة فى البرزخ يعنى إنها عند البعث ستظن أنها قضت يوما أو بعض يوم أوساعة مثل الاحساس بالنوم. قال جل وعلا : ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) الروم ) ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)النازعات). يلفت النظر وهم يتعرفون بينهم يوم الحشر يتخيلون أن حياتهم الدنيا كانت مثل ساعة من النهار تعارفوا فيها بينهم، قال جل وعلا: ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ) (45) يونس)
3 ـ هذا يعنى :
3 / 1 : أن شخصا مات من مائة الف عام عند البعث سيظن أنه مات من يوم أو بعض يوم ، وهو نفس شعور آخر شخص سيموت وقت نهاية وتدمير العالم. سيظن هو الآخر عند البعث أنه نام يوما أو بعض يوم .
3 / 2 ، بالنسبة لنا نحن الأحياء فإن الباقى على يوم القيامة هو ما تبقى لنا من عُمر نحياه زائد يوما أو بعض يوم. لنفترض أننى سأموت بعد عام واحد إذن يتبقى لى على يوم القيامة عام واحد فى الدنيا زائد يوم أو بعض يوم فى البرزخ . أى إن اليوم الآخر قريب منك جدا . هو أن تموت ثم تستيقظ بالبعث معتقدا أنك كنت نائما أو ميتا من يوم أو بعض يوم .
ولهذا قال وعلا لكفار قريش فى عهد النبى محمد عليه السلام :
3 / 2 / 1 : ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) سبأ ) . هنا تهديد لهم بأنهم بين يدى عذاب شديد ) أى هم على شفا عذاب شديد . أى بقى عليه ما تبقى من عُمر أحدهم ثم يوم أو بعض يوم .
3 / 2 / 2 (إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا ) (40) النبأ ) . هذا العذاب القريب لا يقاس بموعد موتهم من 14 قرنا ، ولكن عن حالهم وقتها ، وقد بقى لهم من عُمر بضع سنوات ، ثم برزخ يستيقظون منه وقد أحسوا أنه مرّ عليهم يوم أو بضع يوم .
3 / 3 : أولئك المجرمون الذين يستغلون حريتهم فى العصيان يبقى لهم من إستعمال حريتهم بضع أيام أو بضع شهور أو بضع سنوات ، أى ما تبقى لهم من عُمر وهو قليل . ثم يفقدون حريتهم وهم على فراش الاحتضار ، ويفقدونها الى الأبد فى يوم البعث ويوم الحشر ويوم الحساب وفى الخلود فى النار. مجرد بضع سنوات من إساءة الحرية فى هذه الدنيا يعقبة فقدان لهذه الحرية ، مع خلود فى النار.
4 ـ ألا يفكّر المستبد الشرقى وقومه فى هذا ؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد