الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشكلة في الإقتلاع وليس في العنصرية

محمود فنون

2018 / 8 / 7
القضية الفلسطينية


كتبت الأستاذة حياة ربيع بحق على صفحتها على فيس بوك في 6/8/2018:
"النغمة الجديدة التي تعزف على وتر ان “الكيان الاسرائيلي عنصري” هي مغرضة بعلم او بدونه وهي تصب في صالح وخانة “حل الدولة الواحدة” الذي ينادي بالتعايش والتلاقح مع مستوطني الكيان المغتصب بعد تفكيك وسلخ عنصريته !!!!! أي انه لا مشكله في الكيان الا عنصريته فان تخلص منها قبلناه!!!
المشكلة ليست في عنصرية الكيان، بل في محض وجوده واغتصابه للأرض بمعزل عن دينه او ايديولوجيته"
وكل الوقائع التاريخية تؤشر على ذلك.

في بداية القرن العشرين وفي العهد العثماني شن المتنورون الفلسطينيون حملة كبيرة في الإعلام ووسائل التنوير الموجودة ضد فكرة تهويد فلسطين وضد عملية نقل الأراضي. كما وجهوا العرائض للحكومة والسلطان وخرجت الوفود إلى العاصمة احتجاجا على التساوق مع المشروع الصهيوني .
وخلال ذلك قام الفلسطينيون بطرد المستوطنات وحرق بعضها ومحاولات طرد اليهود من المدن. أي أن الرؤيا والممارسة معا كانتا ترفضان فكرة تهويد فلسطين .
لم يكن وجود اليهود في تلك الفترة يشكل حالة من السيطرة ولم يكونوا قادرين على التمييز العنصري ولا على فرض أي إرادة لهم.
كان النضال ضد مجرد وجودهم وضد مشروعهم .
تركيا السلطة ، "السلطنة" لم تتصرف بما يمنع التوجه لتهويد فلسطين ولم تمنع نقل أراضي الإقطاعيين لهم .
عندما نقول "الإقطاع" فهذا يعني أن الأرض في التحليل النهائي ملكية السلطان وهو الذي يقطعها وهو الذي يستطيع منع نقلها .
وسياسيا كان يتوجب عليه رفض نقل حيازتها لليهود بالتحديد ارتباطا بمعرفته بمشروع التهويد،ولم يفعل .وكان عليهم منع كل تهويد بكل الصور فهم السلطة الحاكمة وفلسطين كما قال السلطان من ممتلكاتهم.
كانت الصحف الأوروبية تنشر باستمرار عن فكرة التهويد وضرورة تمكينهم من فلسطين وكانت الصحف وما فيها من مواقف تصل السلطان . وكان هيرتزل قد فاوض السلطان شخصيا على مثل هذا الأمر وكان السلطان " امير المؤمنين " متواطئا مع الفكرة ويعلن رفضها كذبا.
هناك أمران لا بد من الإلتفات لهما :
الأول :إن السلطة العثمانية كانت على دراية بالمشروع وتعلن رفضه من جهة وتتساوق معه عمليا من جهة أخرى بحيث أقام اليهود في عهد السلطان سبعة عشر مستوطنة وانتشر وجود اليهود في المدن التي أصبحت عمليا مختلطة . والسلطة لم تتخذ الإجراءات الكفيلة لمنع التهويد وكان هذا واجبها ،ولا ضد نقل أراضي الإقطاعيين والباشوات والبيكوات لليهود وكان هذا واجبها. بل أن المتصرفين الحكوميين ساعدوا في بيع الأراضي الأميرية والأراضي المعروضة للمزاد لليهود.
والثاني : أن الشعب الفلسطيني ومن خلال متنوريه قد تحسس المخاطر القادمة ورفض فكرة التهويد ، والجماهير الفلسطينية شنت مقاومة "وجود" ضد تنامي بذرة الإستيطان . أي لا ضد عنصريتهم وتفوقهم العرقي الذي لم تكن له أية مظاهر بل وتكرارا ضد وجودهم الذي يقوم منذ اللحظة الأولى على الإزاحة من المكان لصالح جماعات أخرى ليس لها صفة عرقية أو طابع قومي كونها تأتي من أعراق متعددة وقوميات متعددة ومتفاوتة الرقي الحضاري والمختلفة عرقيا .
هذا هو "البدء" ، هذا هو الأساس .
وعندما حضرت بريطانيا المحتلة ورثت من الحكم العثماني وجود نواة المجتمع " اليشوف " اليهودي وورثت وسائل نقل ملكية الأراضي لليهود واستمرت بها وطورتها .
وطوال الفترة وحتى ثلاثينيات القرن العشرين كان الفلسطينيون يتجمعون ويطردون المستوطنات ويحرقوها تعبيرا عن رفض وجودهم لا رفض دينهم او "عنصريتهم" فوجودهم منذ البداية اقتلاعي . وما كان من الممكن ان يكون وجودهم إلا اقتلاعي بالتحديد ، ويزيح من المكان و لم يكن لليهود كمشروع استيطاني تهويدي أي مكان أصلا . فهم لم يكونوا موجودين في مقاطعة ما في فلسطين وأرادوا توسيعها أو الإنتقال إلى مقاطعة أخرى . لا ، إن وجودهم من أساسه يعتمد على القلع من المكان والحلول فيه وكانوا بقوة الدولة – العثمانية وبعدها البريطانية ، يتمكنوا من طرد الفلاحين من الأراضي التي يستولون عليها ليذهبوا إلى التشريد والجوع والتلطي في أماكن أخرى للبحث عن العيش ودون أي حماية.
إن ما يقال عن الممارسة العنصرية والتفوق لم يكن من الممكن ان يظهران كعوامل مقررة وحاسمة قبل إقامة إسرائيل وتمكين اليهود من القوة المسيطرة والسلطة .
إن الضغط التثقيفي لإعادة صياغة الرواية الفلسطينية عن القضية وانتزاع فلسطين من الأمة العربية لصالح التهويد تحت عتوات التمييز العرقي، هو محض اختلاق وكذب ويتوافق مع الرواية اليهودية لخدمتها والتساوق معها وليس مقاومتها وليس للبحث عن حل لمشكلة فلسطين والشعب الفلسطيني . هذا مع العلم أن الصهيونية هي عنصرية كذلك وتعتمد الفصل العنصري مع الفلسطينيين
إنما من أجل تسويغ الوجود الإستيطاني الإقتلاعي في فلسطين وتمرير الفكر الإنهزامي تحت عنوان رفض عنصرية اليهود وصهيونيتهم.
وأصحاب مشاريع الدولة الواحدة بكل تلاوينهم إنما انتقلوا جهارا نهارا لخدمة التهويد والمشروع الصهيوني تحت يافطة رفض العنصرية والصهيونية .
"المشكلة ليست في عنصرية الكيان، بل في محض وجوده واغتصابه للأرض بمعزل عن دينه او ايديولوجيته"" استاذة حياة الفقرة أعلاه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE