الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رجل ميت يمشي

هاله ابوليل

2018 / 8 / 7
الادب والفن


أمي تبكي , يا للهول , ماذا حدث !
تقول: وهي تمسح دموعها بطرف أكمامها , تلك الأكمام التي تخرج منها عصافير الحكي و الجن و الأغنيات , أنها حلمت بأختنا زينب التي ماتت في عرض البحر منذ سبع سنوات أو أكثر , تقول أنها رأت زينب في بطن الحوت !
كان والدي يتسمع للحديث الهامس باذنيه الضخمتين , فقد شده أن يرى زوجته القوية تبكي. و هي التي كانت تذرف دموعها في الحمام في أسؤأ الأحوال .
بالحقيقة كانت اخبار ابن أختنا زينب المدعو حسان تبعث على القلق , فقد اختفى في ظروف غريبة , في الواقع , إختفى فجأة لم يعد له أثر .
قيل لنا أن من يدخل سجن المزة في الشام لا يخرج منه
فهل هذا صحيح !
أكد والدي و صدق على قوله و لكن المشكلة بزوجته وأطفاله العالقين في مخيم بتركيا
لقد تمنت والدتي لو إن زوجته لجأت للأردن , فالأردن فيه ا,ناس طيبين كرماء و لكان سهلا تكفيلها و لكانت قد شاركتنا في السكن - هكذا تفكر والدتي الحكيمة , و يبدو ان والدتنا الماجدة . قد نسيت للّحظة أن البيت لا يعيش فيه سواي
و ربما انا سواي لا اعيش فيه .
فكيف يمكن أن تجعل زوجة حسان تأت لتعيش في هذا البيت الفارغ هي و عائلتها
كانت والدتي تخطط لوحدها و قد استعانت بعرافة , يقولون إنها لا تعمل عملا يغضب الرب , إنها سيدة تساعد الآخرين بآيات القرآن الشافية و ببركات العزائم و الأدعية فقط .
قالت العرافة التي زارتنا في البيت لوالدتي مع سيدة عراقية عجوز كانت تساعد إمي يوما ,عندما كان والدي في عمله , أن تقرأ " سورة الضحى" تسعمائة و تسع و تسعين مرة
و ذلك في ليلة كاملة و عليها ان لا تنقص العدد و لا تزيده عن ذلك و ببركة هذه الآية سوف تركب زوجة حسان الطائرة إلى الاردن و سوف تعيش في هذا البيت المهجور .
هكذا كانت تبدو خطط امي مفاجئة و غريبة , و هكذا كانت تبرر ذلك الشيء الذي لن يحصل
التفتت والدتي نحوي قائلة : البيت يحتاج لسيدة تجعله يضيء بالشموع و تفوح منه , رائحة الورود يا ولدي
قالت ذلك بمعرض قولي , كيف لصبية صغيرة أن تعيش مع رجل أعزب في نفس البيت !
هذا لا يجوز في الشرع , هذا عوضا على أن مصير حسان مجهول لا يعرف أحد إن كان حيا أو ميتا
سمعت ضحكة ناشفة اطلقها رياض ساخرا :" يعتقد إنه رجل حي
أنت ميت
ميت
ميت
كانت صدى تلك الكلمات مثل ضرب الرصاص في صدري . كنت أرى كيف كانوا يوجهون له الصفعات و يقولون له : أن يخرس ,وأن يصمت للأبد.
ولكنه كان عنيدا و مصرا على تذكيري
" إن ثمة رجل ميت يمشي في هذه الشقة الفارغة. !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/