الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النتائج العملية لتراكم رأس المال في صناعة تكنولوجيا المعلومات

ذياب فهد الطائي

2018 / 8 / 8
الادارة و الاقتصاد


النتائج العملية لتراكم رأس المال في صناعات تكنولوجيا المعلومات
.ذياب فهد الطائي

إن التراكم الهائل لرأس المال في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والذي لم تشهده العصور السابقة ، يكشف بما لايدع مجالا للشك عن مدى سيطرة هذا القطاع على جوانب الحياة المختلفة ،وقد ربط "كرامشي" القوة الفاعلة للإعلام بعملية الهيمنة التي تفرضها الطبقات المسيطرة اجتماعيا ، ومن الملاحظات الهامة التي قاد إليها تطور وسائل الإعلام ، الاتجاه نحو ما سماه (أرك فروم) تكوين الشخصية التسويقية أي التعامل مع الإنسان على انه سلعة لذاته ،وانه قيمة تبادلية وليس قيمة انتفاعية .

لقد فرض هذا التطور، تغيرا في الشكل التنظيمي للشركات الكبيرة لتخضع لما سمي بالنمطية الكونية التي قادت الى ظهور الشركات المعولمة التي يحتل عملها مساحة العالم بكامله ولضمان نجاح عملها والقضاء على المنافسة يتطلب الأمر خلق شبكات تؤمّن التدفق الحر للأفكار والإنتاج وعمليات توزيع السلع وهذا يستدعي التحول من الرؤية المحلية للعمل الاقتصادي إلى رؤية إستراتيجية على مستوى العالم وخلق قوة تتمتع بإمكانات عسكرية هائلة وشبكات إعلام تصل الى اصغر نقطة في العالم بثوان فقط لتعمل على إيجاد توافق نمط حياة المجموعات البشرية ونمط حياة متعولم ، كما يقول (تيودور ليفيت) ،وكان ليفيت هو من اقترح استعمال مصطلح العولمة وذلك في عام 1983

ويرى الفيلسوف الايطالي "جياني فانتيمو " (إن مجتمع وسائل الإعلام هو مجتمع معقد وربما فوضوي ولكن آمالنا في التحرر تكمن في هذه الفوضى النسبية ،لم يعد هناك تاريخ ولاواقع ولا حقيقة لأن عالم الاتصالات ينفجر تحت ضغط تعددية العقلانية المحلية والعرقية والجنسية والدينية وان تحررهذا التنوع يمكن أن يكون ، فرصة الوسيلة الجديدة في أن نكون أخيرا بشرا)

إن من الصعب المقارنة بين الحتمية التاريخية كما هي في النظرية الماركسية والتوجه الذي تفرضه العولمة ووسائل الإعلام المتمثلة في الشركات الاحتكارية الكبرى في العالم ، ويمكن أن أشير هنا الى أن الحتمية الماركسية قدرا لامرد له ونتائجها محسومة سلفا أما التوجه الذي تفرضه العولمة، فهو مرن بآلياته التي يمكن تعديلها كل لحظة لتلائم (الحالة) الراهنة فالطبقة العاملة مثلا ومنظمات المجتمع المدني التي تقف عادة بوجه طموحات الشركات الكبرى ، كما فعلت في حشد المظاهرات ضد مؤتمر دارفوس) يمكن أن يجري إعادة تأهيلها وضمان مستوى معيشة مقبول وتوفير الضمان الصحي ومعاشات نهاية الخدمة ، وفي البلدان الفقيرة، يجري التركيز على إثارة بؤر النزاعات واشتغال شعوبها بصراعات داخلية

من هنا ظل منظرو العولمة مشغولون بالعمل على تأصيل أفكارها وكان من نتائج ذلك :

1- التقليل من شأن مسألة السيادة الوطنية للدولة ووضع تكتيكات غاية في الخطورة لوضع هذه المسألة في سياقاتها العملية ، لذا تم تبني العمل على إثارة التوجهات الانفصالية في الدول التي تتكون من قوميات أو أعراق أو أديان مختلفة ، أو إبقاء جذوة الخصومات والخلافات دونما حل (الأكراد في العراق ، الأقباط في مصر ، الشيعة في السعودية والزيدية في اليمن والبلوش في إيران، إعادة فتح ملف الأرمن والأتراك من جديد)

2- عدم الاعتراف بخصوصيات الثقافة والقومية والشطب على الاختلافات المناطقية والتأكيد على أن الخصوصية الثقافية هي من مخلفات الماضي (ثيودور ليفت ، مجلة هارفرد بزنس ريفيو عام 1983)

لقد قاد هذا الى اعتبار الثقافة سلعة يمكن صناعتها وتطويعها تدريجيا بإستثمار التكنولوجيا والعلم ، وقد جوبهت هذه الممارسات بممانعة عملية تمثلت في المظاهرات التي قادتها حركات حقوق الإنسان والمرأة (على سبيل المثال) ويذكر الدكتور (عبد الجليل البدوي) في ندوة منتدى الجاحظ 2005 في تونس : ((عندما تمت مواجهة مشروع المنظمة العالمية للتنمية الاقتصادية لضمان حقوق منظمة المستثمرين سنة 1999 ، تظاهر 50 ألف في كلونينا بألمانيا ، نظموا حزاما حول المقر الذي ستجتمع فيه الدول السبع الكبار و طالبوا بإلغاء مديونية العالم الثالث. و في " سياتل « بالولايات المتحدة الأمريكية أعاق المتضاهرون ندوة الوزراء المكلفين بمراجعة قوانين التجارة العالمية للـ OMC وكان أغلب المتظاهرين من النقابات الأمريكية و حركات البيئة و منظمات اجتماعية فوقع تأجيل الاجتماع.

وكذلك في شهر أفريل سنة2002 وقعت تحركات خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي و البنك العالمي،و انطلاقا من 2001 أصبحت الحركات المحتجة ضدّ العولمة تجري عن طريق التظاهر في شوارع، وقامت ب تنظيم جماعاتها تحت اسم :Forum social mondial (المنتدى الاجتماعي العالمي) الذي انعقد سنة2001. ثم عقدت بعد ذلك أربع دورات في نفس المكان في Walkyrie Port- .أما الدورة الخامسة فوقعت في بومباي بالهند و ستقع في المغرب سنة 2006، و أصبحت ظاهرة الـمنتدى تتصاعد إذ انطلقت بـ 15 ألف فيPort- Walkyrie (و هي تنعقد في شهر جانفي مواكبة لاجتماع دارفوس التي يعقدها المنتدى العلمي لرجال الأعمال).

و اليوم (2005) أ صبحت تضم 155 ألف شخص و قد بدأت بـ 34 بلد و في سنة 2004 توسعت لتشمل 142 بلدا و بدأت بنسبة شباب ضئيلة. أغلبهم من المناضلين قدامى ، ونظمت 2400 ورشة عمل ناقشت مختلف المواضيع العالمية و القطرية و الكتل الاقتصادية. تواكبها نقاشا و صراعات و تبادل تجارب و مواقف و تحاليل. ثم تخرج بتوصيات غير ملزمة فقط يحرص الكل على تفعيلها.))

إن العمل على التغيير المتدرج لثقافات الشعوب وإخضاعها لأشتراطات العولمة يجري عبر وسائل الإعلام المتنوعة التي تضخ كل ثانية، مفاهيما وقيما حضارية متنوعة لايوقفها جهد القوى المحافظة أو الممانعة ، وبالتأكيد فأن هذا العمل الدؤوب والمتدرج بهدف التغيير والنمطية ينطلق من فهم واع لطبيعة المكونات الثقافية التي تكونت في حياة شعب ما وفي وجدانه ووعية عبر آلاف السنين وإن محاولة إاقتلاعها أو تغييرها على نحو متسرع سيكون (لاعقلانيا ) ولهذا يكتب (فيردمان) إننا سنجابة بمعارك سياسية وحضارية شرسة .

3- يذكر أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية في واشنطن (جيمس ملتمان) في كتابه توالد العولمة : التحولات والممانعة (ادى تدخل الدولة بقوة لفرض السوق الحر - في مجتمعات لا تملك قطاعات خاصة، أو شركات، أو بنى تحتية متدرجة النمو، تكون استجابتها لبيئة السوق الحر موضوعية، وغير مسيرة بعوامل خارجة عن المنطق الاقتصادي، أما الدول التي تملك نظاما بيروقراطيا ويخضع فيها السوق الى سلطة الدولة ،فإن التحول السريع يقود إلى اختلالات وتشوهات تكون هي النتيجة البديلة عن الإختلالات والتشوهات التي أنتجتها العقود الطويلة من الاعتماد على سياسات التخطيط المركزي)

وبالطبع نتج عن ذلك نمو غير متوازن في قطاعات اقتصاديات تلك البلدان وخلق لها مشاكل اجتماعية وسياسية معقدة من جهة ،كما إنه من الجهة الثانية، أثار مشكلات الهوية والطابع القومي وحرك نزعات عنصرية حادة يمكن ملاحظتها في موجة العداء والكراهية تجاه الجاليات المسلمة في أوربا وأمريكا .

إن الشركات الاحتكارية الكبرى المهيمنة على السوق العالمية تدرك إن من مصلحتها تحسين أداء أسواق الدول النامية في قطاعات معينة لضمان تحسن المستوى ألمعاشي ورفع كفاءة القوة الشرائية ،لأن هذا في المحصلة سيعود عليها بالفائدة ، لذا تلجأ في بعض الحالات الى إنشاء مصانع لإنتاج أجزاء معينة من منتج صناعي يتم إنتاجه في البلد الأم والعمل على استقرار سعر الصرف وتحسين أداء البنوك أو تحسين مستوى الزراعة لزيادة الناتج الزراعي الذي تسعى لتسويقه في مكان آخر من العالم، وهذه واحدة من خصائص العولمة وتقدم تكنولوجيا المعلومات .

ولعبت وسائل الإعلام دورا كبيرا في معركة التحولات وما يقابلها (الممانعة) ولكن وعلى الجانب الآخر كان البناء الفكري لعصر المعلوماتية يتكامل بقوة وكان بناء اقتصاد تكنولوجيا المعلومات يندفع بسرعة أكبر

لقد بلغ حجم تجارة تقنية المعلومات في عام1998 حوالي 45 مليار دولار ولكنه ارتفع بتسارع مذهل عام 2003 ليصل الى (8،3 تريليون) دولار وفي عام 2004 ، تضاعف الى "8 ،6 تريليون" دولار وتتركز 80% من هذه التجارة في الولايات المتحدة الأمريكية ، وتشير الإحصائيات الدولية الى أن حجم الاستثمار العالمي وصل في عام 2007 الى ما يقرب من 450 تريليون دولار أي إنه تضاعف ست وستون مرة خلال ثلاث سنوات ، وتستثمر الولايات المتحدة 150 ترليون دولا ر أي ما نسبته 33% .

أما في أقطار مجلس التعاون الخليجي فقد ذكر (مركز الكويت المالي) على موقعه الالكتروني إن المجلس وضع خطة لاستثمار 180 مليار دولار في هذا الحقل خلال السنوات الثلاث القادمة (2010-2013)

وتضم التجارة الالكترونية ما يلي :

1- عمليات البيع والتسليم

2 – سداد الالتزامات المالية عن طريق إجراء المعاملات البنكية باستعمال الفواتير الالكترونية

3- عرض كتالوكات السلع وبيان النوعية وتفاصيل الأسعار

4- إبرام العقود وعقد الصفقات

5- الإعلان، نحن نلحظ اليوم ان تجارة الإعلان تحتل مساحة كبيرة في الفضاء الافتراضي (الالكتروني ) ،فهو لايؤدي وظيفة التعريف بالسلعة أو الخدمة المعروضة وإنما يتجاوز ذلك الى خلق أنماط جديدة من الاستهلاك كما إنه يلعب دورا مهما في خدمة الشركات الاحتكارية والقوى المسيطرة لصناعة وعي جديد ،ويرى( أرمان متلار) ، إن الإعلان لم يتغير مظهره فحسب وإنما تغير مضمونه أيضا وبالتالي تغيرت علاقته بالمجتمع، ولإعطاء فكرة عن هذا الدور وأهميته نشير إلى أن ما تم إنفاقه على الإعلان في عام 1988 بلغ حوالي 200 مليار دولار وإنه ارتفع في عام 1990 الى حوالي 270 مليار دولار.

ومما يلاحظ إن الإعلان مازال في مراحل نموه الأولى في البلدان العربية ، ذكر الدكتور سامي عبد العزيز أستاذ الإعلان في جامعة القاهرة ، في دراسته عن حجم الإعلان في الفضائيات العربية الى أنه وصل في عام 1999 الى 358،929 دولارا وهو رقم متواضع بالمقارنة بما أوردته محطة (أن بي سي ) الأمريكية

6- الدعم الفني للسلع وخدمات ما بعد البيع

علما ان كل هذه العمليات تتم بسرعة كبيرة ولا يتم استعمال الورق ولا الحاجة للسجلات

أما في حقل الإعلام فقد كان التأثير أعمق وأشد قوة ذلك إن من المعروف أن ثورة الاتصالات التي فجرها الإلكترون قد خلقت أنماطا جديدة من وسائل الإعلام تتصف بالسرعة التي تقود الى التحديث المستمر في المعلومات وأصبح العالم (قرية عالمية) وكان هذا التغيير التقني قد أحدث تغييرا اجتماعيا شاملا على مستوى العالم

إن الابتكارات العسكرية والمعدات الأخرى التي يستخدمها المجتمع تؤثر باتجاه واحد ،فهي قد تقود الى النصر العسكري أو زيادة الانتاج أما التقنيات الإعلامية فإنها تؤثر بأكثر من اتجاه تعمل جميعا على إحداث تطور نوعي في بنية المجتمع وتركيبته الثقافية ، ويرى عملاق الإعلام "مردوك " ان وسائل الإعلام تقدم لنا العالم، لذلك هناك أهمية لمعرفة القوى التي تقف ورائها.

ويمكن القول إن الانترنيت يمثل اليوم الممارسة الحقيقة لثورة المعلوماتية على نطاق العالم ،ويعتمد الانترنيت على الحاسوب (الكومبيوتر) الذي يمثل الأداة الرئيسة للثورة الإعلامية الحديثة ، وقد فسح هذا الابتكار، أمام الشركات الاحتكارية الكبرى مجالا لا حدود له لتحقيق الأرباح كما انه وفر فرصا كبيرة للعمالة بمواصفات فنيه عالية على مستوى الإنتاج، والمهارات التجارية على مستوى التسويق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-4-2024 بالصاغة


.. تطور كبير فى أسعار الذهب بالسوق المصرية




.. صندوق النقد يحذر... أزمة الشرق الأوسط تربك الاقتصاد في المنط


.. صندوق النقد الدولي: تحرير سعر الصرف عزز تدفق رؤوس الأموال لل




.. عقوبات أميركية على شخصيات بارزة وشركات إنتاج الطائرات المسيّ