الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طباخ.. وطباخ... ما بين حضارة وأشباه حضارة...

غسان صابور

2018 / 8 / 8
المجتمع المدني


توفى البارحة الثلاثاء السادس من آب 2018 Joël ROBUCHON الطباخ الفرنسي المعروف عالميا.. أو بالأحرى نجم المطابخ العالمية.. والذي حاز على أكثر من مائة نجمة وجائزة عالمية للمطاعم ـ المدرسة التي أسسها بعواصم العالم خلال ثلاثين سنة من حياته...
قد يستغرب قراء هذا الموقع.. وخاصة العرب منهم.. لماذا أكتب عن طباخ فرنسي.. طباخ؟... وليس عن رجل سياسي.. أو موضوع سياسي.. لأن هذا الإنسان بابتسامته وطيبه وفنه.. خلق فنا وحضارة وخيوطا ربطت وخلقت علاقات إنسانية واكتشافات حضارية.. بين بشر من مئات الجنسيات بالعالم.. كما حصل على أرفع الأوسمة لفنه.. أكثر من جنرال.. أو أستاذ جامعي بأصعب الأبحاث والمكتشفات العلمية...
توفى Joël Robuchon عن عمر ناهز ثلاثة وسبعين عاما.. من الفكر الرائع والانتاج والعلاقات الإنسانية.. رغم صراعه عدة سنوات ضد سرطان قاتل...
كل جرائد فرنسا وحكومتها تنعيه.. بحزن عميق.. كشخصية إنسانية رائعة من أعلى الدرجات........
لهذا السبب أكتب عنه...
أكتب عنه.. لأنني أريد مقارنته بحضارة وإبداع وإنتاج واحترام هذا البلد لأية مهنة... بدأ هذا الإنسان بعد الشهادة المدرسية العادية المتوسطة.. متابعا بالمدرسة المهنية الطباخية.. ثلاثة سنوات... وبعدها متمرنا تحت أيدي بعض الطباخين المعروفين.. ثم ازدهر وازدهر متابعا بأرقى الفنادق والمطاعم المعروفة.. ثم فتح مطعمه الذي بدأ يحصل على أولى النجوم الدعائية السياحية.. ومن ثم توالت مطاعمه ــ المدرسية بأرقي عواصم العالم.. حاملا لقب "الــمــعــلــم".. ولكن كل هذا لم يغير أي شيء من طبيعته الإنسانية وابتسامته الساحرة وطيب علاقاته ونعومتها مع جميع العاملين والدارسين معه من جنسيات العالم كله...
أكتب عنه لأنني أتساءل عن قيمة هذه المهن بالبلد الذي ولدت فيه.. وبغالب المدن والعواصم العربية... حيث الطباخ أو اللحام أو النجار أو حلاق النساء أو حلاق الرجال.. لا يعتبرون من الطبقة المتوسطة أو من الأنتليجنسيا أو ما شابهها.. أو تفرع منها... بينما هنا أصحاب المهن اليدوية يسمونهم َArtisans وهي مشتقة من كلمة Art أي الفن.. بما يعني أو يمثل صانع الفن... وبعضهم يشتهر أكثر من أساتذة الأبحاث العلمية.. ويمكنه أن يتزوج من أبنة وزير...
دائما أحاول البحث عن مقارنات حضارية أو فكرية... ونادرا لا أجد أية غزارة بالمقابل.. عدا بعض الفرديات النادرة.. ممن تطوروا هنا بعد دراساتهم الجامعية في سوريا.. وتابعوا دراساتهم واختصاصاتهم وأبحاثهم هنا بفرنسا أو ببلد أوروبي آخر... واختاروا البقاء والشهرة هنا.. بدلا من أي مستقبل غامض مغمور هناك...
حتى السياسة.. كل ما عشته هناك.. كان عتمة.. وكل ما تعلمته كان بالحقيقة.. هــراء... هـــراء!!!...
*************
عــلــى الــهــامــش :
ــ وحــشــيــة.. وحشية بلا حدود...
أرسل لي صديق سوري بعيد فيديو سبق لي أن رأيتها بنهاية السنة الماضية.. وتألمت وجرحت وثرت وغضبت من جديد لرؤيتها.. وهي تمثل وحشية مقاتلي "داعش" البعيدة كل البعد عن أبسط قواعد الإنسانية... اعترض هؤلاء المسلحون الملتحون المغبرون.. ثلاثة سيارات شاحنة فارغة.. ما بين مدينتين سوريتين (لم تحددهما الشروحات المرافقة للفديو المصورة من عناصر داعش أنفسهم).. رئيس هؤلاء المسلحين يسأل هؤلاء السواقين المرتعبين الراجفين : هل أنتم مسلمون؟؟؟... نعم أجابه الثلاثة... فعاد إلى استجوابهم.. إذن ما عدد ركعات صلاة العصر.. وهنا تلبكوا ورجفوا واعطوا أجوبة من يجهل أصول هذه الصلاة.. وهنا نادى الجزار اللاإنساني الداعشي بقية زملائه : أنظروا إلى هؤلاء الكلاب "النصارى" وهكذا يسمي محاربو داعش وأنصارهم "العلويين"... وجروا السواقين الأسرى إلى قرب حفرة على الطريق الإسفلتي العام.. وطلبوا منهم الركوع وأشبعوهم ضربا... وعشرات من الداعشيين أطلقوا عليهم أكثر من مائة رصاصة...
تصوروا... تصوروا يا بشر... وأنا لا يمكن أن أتصور أن هؤلاء القتلة حكاما لسوريا بأي شكل من الأشكال.. ولا أفهم أن بعض السوريين آمنوا بهم.. وتعاونوا معهم.. بــاســم إســلام مــشــتــرك!!!......
وحتى أنسى هذه الوحشية اللاإنسانية المعتمة الغاباتية الآتية من صحاري الربع الخالي.. ومن معتقدات الربع الخالي القرونوسطية التي ما زالت تقتحم القرن الواحد والعشرين.. حتى هذه الساعة.. بعديد من مدن العالم العربي والمشرق.. وحتى خارجها.. حيث توجد جاليات إسـلامـيـة مهجرية تناصرها.. وتؤمن بها....
حتى أنسى كل هذا استمعت للمغني الراحل Jacques Brel.. أكثر من ساعة.. وغسلت دماغي.. لأكتب هذا الهامش... وأعود له من جديد...
بــــالانــــتــــظــــار........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة يتظاهرون بأسلوبهم لدعم غزة


.. إعلام فرنسي: اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية في باريس




.. إعلام فرنسي: اعتقال الرجل المتحصن داخل القنصلية الإيرانية في


.. فيتو أميركي ضد مشروع قرار منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في




.. بن غفير: عقوبة الإعدام للمخربين هي الحل الأمثل لمشكلة اكتظاظ