الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كاس العراق العالمي للصوص

ضياء ثابت السراي

2018 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


على خلاف بطولات كاس العالم لكرة القدم التي تقام كل أربع سنوات في بلد ما، تعكف الولايات المتحدة على أن تجعل العراق مقرا دائما لكاس العالم للصوص حيث تجري فيه تصفيات بطولة اللصوص العالمية كل أربع سنوات يتوج خلالها فريق لصوص حاكم.
ولإيضاح المطلب أعلاه يكون لزاما علينا تحليل المشهد والعودة قليلا إلى الوراء، وبمراجعة سريعة لتاريخ الأمة العربية نتبين أن اغلب حالات الاستقرار التي شهدتها ممالك وإمارات هذه الأمة بما فيها الفترة الأموية والعباسية وما تلاها وصولا إلى العثمانيين ومن بعدهم الدول العربية الحديثة وحتى يومنا هذا يعزى الفضل فيها إلى نمط حكم (اللص الواحد) إذ يسود وفقا لهذا المفهوم لصا واحدا يتحكم بكل مقدرات الأمة فيما يراقبه اللصوص الأقل منه سطوة وصولا إلى أصغر اللصوص، وكلهم يتربصون اللحظة المناسبة ليمارسوا اللصوصية حيث يندرج المواطن ضمن هذا المفهوم بدليل حملات السلب والنهب التي تعقب سقوط أي حاكم أو نظام حكم في هذه المنطقة. والسبب في هذ النزعة اللصوصية المتجذرة هو أن جينة (اللصوصية) تعد الأقوى في التكوين الوراثي للحاكم والمحكوم في البيئة العربية وان اختلفت طرق وأساليب (فن اللصوصية) من منطقة إلى أخرى في أقاليم العرب.
وعلى سبيل المثال نجد أن الخليجي هو النموذج المثالي للص المحكوم المنقاد من قبل (اللص الحاكم) والسبب هو القدرة العقلية الضعيفة وانخفاض مستويات الذكاء لديهم تقابلها واقعية (اللص الحاكم) عندهم وقبوله بالتبعية العمياء (للص الكوني USA). وعلى هذا المنوال يمكن النظر إلى الأنظمة الحاكمة في المنطقة العربية ومقارنة نسب استقراراها عكسيا مع قدرة (اللص الحاكم) على المطاولة وإتقان لعبة البقاء والعمل وفقا لقوانين (اللص الكوني USA). ويمكن الاستشهاد بالعراق وسوريا وليبيا وتونس كأنظمة تمرد فيها (اللص الحاكم) وحاول الخروج على نص (اللص الكوني) فأطيح بمن أطيح به منهم وبقي (الأسد) يقاتل على أطلال سوريا يدعمه لص كوني أخر هو(روسيا) التي منحته قدرة المطاولة ليس حبا به بل لإدامة لصوصيتها أيضا في مناطق نفوذها. أما العراق فانه كان الأول بين أنظمة المنطقة العربية التي أسدل فيها الستار على نظام (اللص الواحد) ودشن نظاما جديدا مغيارا وهو نظام (فريق اللصوص). وبالمقارنة ما بين العراق ومصر فان نظام (فريق اللصوص) لم ينجح في القاهرة ولم يمنحه الشعب فرصة ثانية وعادت مصر إلى نمط اللص الواحد فاستقرت أمورها إلى حد ما. أما العراق فان الفوضى الضاربة والفساد المستشري فيه والتراجع الكارثي في نسب التطور الخدمي والاجتماعي وسيادة قوانين القبيلة الخ من مظاهر وظواهر سلبية، كان سببها أن نمط حكم (فريق اللصوص) قد تطور بفعل القدرة العقلية لدى الحاكم والمحكوم في هذ الحيز الجغرافي والاجتماعي، وأتقن (فريق اللصوص) الحاكم تطويع القوانين الداخلية والدولية بالاعتماد على المال والثروات في البلد للبقاء والمطاولة وبالوقت ذاته أتقن المحكوم التعايش مع (فريق اللصوص الحاكم) تدفعه غريزة الطمع لذا تبدلت الألوان وتمزقت الأحزاب الحاكمة (الدينية) منها وتشظت المرجعيات وعاثت فرق الموت عبثا وتقتيلا وتفجيرا.
إن مشكلة نمط حكم (فريق اللصوص) في العراق هي عدم انسجام فريق اللصوص وإسباغ الصبغة الدينية والقومية على لصوصيتهم وانجرار المحكومين من عامة اللصوص (الجمهور) إلى ساحة تصارع اللصوص الكبار ولا يزال الصراع مستمرا وباعتى صوره، (انظر إلى مسرحية الانتخابات النيابية 2018 وإقالة مجلس مفوضي الانتخابات بتهم تزوير الانتخابات وتعيين فريق قضاة لتاتي نتائج العد والفرز مطابقة!!!!). ولعل الاستقرار المنشود للعراق لن يتحقق ما لم يعود هذا البلد إلى نهج اللص الواحد والا فلن يتم ضبط جمهور اللصوص غير المنتفعين وهم يراقبون 325 لصا يتشرعنون لأربع سنوات معهم جيوشهم من الحواشي والمساعدين على الصعيد ذاته نجد أن هنالك ثلاث مؤسسات لصوصية فدرالية (رئاسات) مع حواشيها وطواقمها ناهيك عن مؤسسات لصوصية محلية (محافظات) مع طواقهما ولا ننسى بالذكر الحقائب اللصوصية (الوزارية) والأوقاف اللصوصية ومن بعد ذلك لصوصية السجناء والشهداء والمفصولين والمؤنفلين والمعذبين والرفحاويين والمغيبين وإلخ. إن نظام (فريق اللصوصية الوطني الحاكم) يختلف عن أنظمة (اللص الواحد الحاكم) بانه يسرق 95% من الثروات الوطنية ويتقاسم المتبقي 5% مع الجمهور بينما نرى انه في أنظمة حكم اللص الواحد يمنح الجمهور أكثر من 25% وهي نسبة مقبولة تحافظ على الاستقرار في اغلب الدول ومن بينها الأقرب الينا كإيران والأردن وتركيا. وإذا ما حاولنا تتبع أكثر طرق اللصوصية شيوعا بالعراق وتفكيكها فسنجد على سبيل المثال: أن المواطن اللص (الموظف) غير المنتج يعتبر 60% من راتبه سرقة لأنه لا يقابل جهدا أو منتجا، يضطر هذا الموظف (اللص الصغير) إلى أن يدفع قيمة خدمة الكهرباء الفاشلة (باب سرقة رسمي) ويدفع قرابة ربع راتبه إلى صاحب المولدة الأهلية (لص من الدرجة الثانية) الذي يسرق بدوره ربع راتب (الموظف اللص) في منطقته ويرشي مشغل الكهرباء والمجلس البلدي ليحصل على وقود مدعوم وهؤلاء بطبيعة الحال لصوص من نوع أخر يسرقهم لص اعلى منهم مرتبة وهو (اللص المدير العام) الذي يضطر أن يشتري منصبه من لص اكبر منه وظيفيا ومن (لص حزبي) يدعم ترشيحه للمنصب عبر (الكتلة اللصوصية النيابية) وهي مرحلة (لصوصية متقدمة) اخطبوطية تسرق على كل المستويات تعتمد على (اللصوصية الإعلامية) التي تعد اخطر أنواع اللصوصية في البلد لأنها تؤثر على الراي العام وتتلاعب بأمزجة الجمهور كالفضائيات وباقي وسائل الإعلام التي تعتاش على أموال الابتزاز أو الدعم الموجه من قبل اللصوص الكبار. هذه (السلسلة الوظيفية اللصوصية) ترتبط بالمحصلة بممثل اللص الكوني (السفارة والبعثة الدبلوماسية) التي تؤمن الغطاء الدولي للصوص المحليين وبكل مستوياتهم وأنواعهم. وعلى هذا المنوال تمتد خطوط اللصوصية وفق هرم متناسق يبدا من المواطن اللص وصولا إلى اللص الحاكم وكلما اتسعت دائرة اللصوص وكبرت كلما تعاظمت الفوضى وغاص البلد برمال الأزمات الزاحفة.
ولكي ننهي هذه الدوامة من الأزمات والفوضى نقترح أن يتم إخلاء احدى المحافظات وتحويلها إلى ساحة تنافس وملعب يُجمع فيها لصوص الوطن الكبار كلهم ليخوضوا صراعا حتى الموت وسنقبل بمن يبقى منهم ويفوز بعد أن يقضي على باقي اللصوص شريطة أن يتجاهل اللص المواطن الذي يراقب كل من العوامل القومية أو الدينية ويتجرد من الانتماءات المذهبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة