الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبادرة حمس كمنطلق للترويج لعدة خامسة

رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)

2018 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


مبادرة حمس كمنطلق للترويج لعهدة خامسة

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-



يلاحظ المتتبع للساحة السياسية والإعلامية في الجزائر أنه منذ أن طرحت حركة مجتمع السلم(حمس) مبادرتها التي سمتها "التوافق الوطني"، خاصة في جانبها المتعلق برئيس توافقي، تحركت الساحة السياسية في الجزائر بشكل ملفت للإنتباه بداية من رفضها ثم تعدد المبادرات لتمييع أي مبادرة جادة، لكن الملفت أكثر هو أن أحزاب الموالاة أستغلت ذلك للترويج لعدة خامسة للرئيس بوتفليقة، وهناك مساعدة إعلامية لذلك، وهو ما يدخل في إطار التمهيد لهذه العهدة، مما يدفعنا إلى عدة تساؤلات دون أن نتهم أي كان أو التشكيك في نواياه، ومنها هل تعرض رئيس حمس عبدالرزاق مقري وهو في مستشفى عين النعجة بعد حاثة المرور إلى محاولات تلميح ذكية لطرح المبادرة بهذا الشكل وتلقى ضمانات من أطراف؟، يبدو أن مقري بلع الطعم ثم تم التخلي عنه لأن الهدف في الأخير هو إتخاذ ذلك كمنطلق للترويج لعهدة خامسة للرئيس بوتفليقة من أحزاب الموالاة، بل هناك من يطرح فكرة التمديد له لثلاث سنوات، فالمهم بدأ التطبيع لفكرة التمديد للرئيس سواء بعهدة خامسة أو بسنوات محددة.
أن ذهاب البعض إلى القول أن بوتفليقة لن يقبل بعهدة جديدة لايعرفون نفسية الرئيس ولا تاريخه، أما الذين يرون إستحالتها، فنذكرهم بأن الكثير استبعد تعديل الرئيس للدستور في 2009 كي يفتح العهدات، لكنه وقع، ووقع نفس الأمر عندما كان شديد المرض، فإنهم رأوا إستحالة ترشحه، لكنه وقع، ومن يرى إستحالة عهدة جديدة للرئيس، فإننا سنقول لهم سيقع كما وقع كل ما رأوه مستحيلا من قبل وغير مقبول منطقيا، ويمكن أن نقول نفس الأمر حول التوريث.
ففي حقيقة الأمر العهدة الجديدة ليست فقط هي رغبة الرئيس ومقربيه، بل هي رغبة مجموعة كبيرة من الذين أستفادوا من فترة حكمه، خاصة رجال المال الذين تمادوا في عهده، وتحولوا إلى قوة مؤثرة جدا في صناعة القرار إلى درجة إمكانية تعويضهم المؤسسة العسكرية وأخذ مكانها، فالكثير من رجال المال وصلوا لما وصلوا إليه بأساليب غير مشروعة، وهم مستعدون للدفاع عن مصالحهم، حتى ولو بدفع الجزائر شعبا ودولة وأمة إلى هامش التاريخ، فمصالحهم ليس لها أي علاقة بالجزائر، فهي مرتبطة بقوى رأسمالية غربية، خاصة فرنسا التي يغذي، ويقوي هؤلاء إقتصادها على حساب الإقتصاد الجزائري بضرب الإنتاج الوطني، وكل من يحاول الإستثمار فيه، ولهذا وجدوا دعما كبيرا من هذه القوى، يقوم هؤلاء بذلك بحكم أنهم كمبرادور، أي تسويق سلع الرأسمالية الغربية في الجزائر، خاصة فرنسا التي أستفادت شركاتها كثيرا من فترة حكم الرئيس بوتفليقة لدرجة أن كل شركة في طريق الإفلاس، يتم إنقاذها بإعطائها مشاريع ضخمة في الجزائر، وبالتالي هذه الأوليغارشية المالية التي تعمل جاهدة لإضعاف كل برجوازية حقيقية منتجة في الجزائر كما يقع مؤخرا مع رجل الأعمال يسعد ربراب وغيرهم، فهذه الأوليغارشية المالية ستعمل جاهدة للتمديد لبوتفليقة، ولن تتنازل عنه إلا بعد ما تضمن خليفة له يضمن لها مصالحها، وهو أمر صعب ومعقد لحد اليوم، لأن صناعة رئيس جديد خليفة لبوتفليقة تتحكم فيه اليوم عدة عوامل ومؤثرات وحتى أشخاص، ومنها عدد كبير من رجال المال المؤثرين جدا، وكذلك المؤسسة العسكرية إضافة إلى قوى دولية لها مصالح في الجزائر لكنها في إطار تنافس فيما بينها، مما يصعب الإتفاق بين كل هذه الأطراف العديدة على خليفة لبوتفليقة بحكم تضارب المصالح بينهم، وهو ما ينذر بخطر شديد على الجزائر وإستقرارها في حالة رحيله في ظل غياب مؤسسات قوية، تضمن عملية إنتقال السلطة بشكل سلس.
لكن العامل الأهم في مواصلة بوتفليقة للسلطة هو تجربته الأليمة بعد إبعاده عن السلطة بعد وفاة الرئيس هواري بومدينن والتي أستمرت عشرين سنة، فقد مر الرئيس منذ بداية الثمانينيات بفترة صعبة جدا بعد إبعاده عن السلطة لدرجة أن الكثير يتجنبونه، فعرف جيدا نفسية مجتمعاتنا التي يعبر عنها شعبيا" الدنيا مع الواقف"، ولهذا من الصعب أن يبتعد عن السلطة خوفا من تعرضه لما لايحمد عقباه وتكرار نفس التجربة سواء معه أو القريبين منه، ولهذا فهو مصر على ضمان خليفة له من عائلته ومقربيه مهما كان الثمن، ومادام الظروف لم تتهيأ بعد لذلك، فيستمر في السلطة حتى يتم تحضير الظروف المواتية لذلك، ففي حقيقة الأمر حتى العهدة الرابعة كانت لتوفير هذه الشروط لا غير.
لكن ما هو مؤكد، فإن عهدة جديدة للرئيس في ظل هذه الظروف، سيكون كارثة على الجزائر بكل المقاييس في ظل ظروف دولية وإجتماعية وإقتصادية صعبة جدا تحتاج فيها البلاد ليس فقط إلى رئيس قادر على مواجهة ذلك مادام أن الجزائر نظامها رئاسي يعطي كل الصلاحيات للرئيس وكل المفاتيح في يده، بل نذهب أبعد من ذلك بالقول أن الجزائر تحتاج اليوم إلى نظام سياسي جديد يعطي لها دفعة وأمل لإنقاذها من الدمار التي هي في طريقه إليه في غياب وعي تام للمستفيدين من هذا الوضع أو بفعل أنانياتهم المرضية بتفضيلهم مصالحهم الخاصة على مصلحة الجزائر ومستقبلها، لكنهم تناسوا إذا تواصل الوضع على هذا المنوال، ولم يقدموا تنازلات سيضيعون حتى هم كل شيء.

البروفسور رابح لونيسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا- لصاروخ كروز


.. حزب الله اللبناني يوسع عملياته داخل إسرائيل ويستهدف قواعد عس




.. حزب الله يعلن استهداف -مقر قيادة لواء غولاني- الإسرائيلي شما


.. تونس.. شبان ضحايا لوعود وهمية للعمل في السوق الأوروبية




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية.. وطلاب معهد