الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية التخلف في المجتمع العربي(1من4)

سعيد مضيه

2018 / 8 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الأستاذ الدكتور الراحل هشام شرابي أحد أهم المفكرين والكتاب العرب الذي بحثوا في طبيعة المجتمع العربي وبنيته الاجتماعية لتفسير أسباب نكساته وهزائمه؛ إذ تناوله في سياق نقد حضاري للمجتمع العربي في نظام اسماه المجتمع الأبوي. أرجع شرابي أزمة المجتمع العربي الى بنيته الأبوية التي تكرس منطق السلطوية في اشكالها المختلفة، بدءًا بالسياسة ونظام الحكم، مرورًا بالنظام الأسري والنظام التربوي والتعليمي، وانتهاءًا بسيادة منطق القبيلة والعشيرة على مستوى البنية الاجتماعية، معتبرًا ان إشكالية التخلف الذي يعيشه الوطن العربي كامنه في أعماق الحضارة الأبوية والأبوية المستحدثة، ويسري في كل أطراف بنية المجتمع والفرد،تنتقل من جيل الى آخر كالمرض العضال. الإشكالية مجموعة مشاكل متشابكة ومتداخلة بحيث يستحيل الخلاص منها دفعة واحدة، بمجرد إجراء أيا كانت فعاليته وشموليته.
تناول مأزق التخلف العربي علماء إنسانيات عرب كل قارب المعضلة من جانب . قدم علماء النفس وعلم النفس الاجتماعي دراسات تعمقت في النفسية الاجتماعية العربية المعطوبة بفعل القهر . وقد علماء أقتصاد مداخلاتهم في ازمة التطر الاقتصادي لاقتصادات مرهونة للتبعية مع الرأسمالية الاحتكارية. وطرح باحثون في العلوم الاجتماعية المختلفة مداخلاتهم وعلماء تربويون تشخيصاتهم لعوامل الأزمة؛ فالمجتمع أي مجتمع متعدد الجوانب وتتشعب عوامل القوة والضعف في بنيته في اتجاهات عدة. غير أن جميع الأبحاث المهمومة بتقدم المجتمعات العربية تجمل الأسباب الجوهرية لمازق التقدم في بالظواهر التالية:
1- قيام مصالح محلية مستفيدة من الحالة الراهنة وهي تمسك بعتلات التغيير لتعطل عملها،
2- ارتباط هذه المصالح بالهيمنة الامبريالية ، المستفيد الرئيس من التخلف والفقر والجهل في المجتمعات التابعة. ودخول إسرائيل على مسرح المنطقة تدعم المصالح الامبريالية وتتدعم بتوطيد مواقعها بالمنطقة،
3- ارتباط المصالح المحلية والخارجية بأنماط ونماذج اجتماعية – اقتصادية وعلاقات اجتماعية تعود للعصر الوسيط، تم الحفاظ عليها ورعايتها وإلباسها مسوح التقدم والحداثة الزائفتين،
4- إن ميراث التخلف العائدة الى العصور القديمة عملت ادوات بأيدي قوى الامبريالية والمحافظة والتخلف،
5- جميع القوى الداعمة للتخلف حرصت على إضعاف قوى التقدم الاجتماعي وعزلها عن الجماهير الشعبية وإبعاد الجماهير عنها ، إذ أن تفاعل القوتين عامل ثوري يطيح بقوى المحافظة ،
6- منذ مائة عام اقترح لينين على القوى الثورية في الشرق، حيث الروابط متينة لم تزل بالعصر الوسيط، تصفية تخلف العصر الوسيط المادية والروحية، وبعد إنجاز المهمة تنخرط في تكتيكات النضال طبقا للمنهجية الماركسية. وبعد هذه الحقبة الطويلة يكتشف الباحث هشام شرابي أن عملية تطور المجتمع العربي انتهىت الى برجوازية كسيحة وطبقة عاملة معطوبة. وقديما قال ماركس ان تطور برواليتاريا صناعية مشروط على العموم بتطور برجوازية صناعية.
7- حذر لينين ثوريي الشرق أن عليهم إعمال الفكر في سبل الخلاص؛ إذ أن الحلول لمشاكلهم لن يجدوها في كتب الشيوعية المتوفرة في ذلك الحين،
8- وبفعل عولمة الليبرالية الجديدة تم تشتيت الطبقة العاملة في البلدان الصناعية المتقدمة ونكب المجتمع بأسره في كل أقطار المعمورة بانشطة الرأسمال المالية في المضاربة ونشدان الأرباح الاحتكارية. ازمة خانقة شملت الأكثرية الساحقة من البشر مقابل إثراء فاحش وأسطوري للواحد بالمائة. بات الشعب بأسره ضحية لنشاط الرأسمالية المسعورة،
9- خلال حقبة التيه والكسل الذهني قدمت دراسات عربية معظمها يستند الى معطيات العلوم الحديثة، تحلل ظواهر التخلف والمحافظة وتقترح مناهج التحديث: تحديث الهياكل الاقتصادية وتحديث السياسة وتحديث التعليم وتحديث الثقافة، وتحديث النظرة ألى إسرائيل والحركة الصهيونية الخ . وقوى التغيير العربية عازفة عن الأخذ بمعطيات أبحاث التحديث.
طرح شرابي النقيض الجذري للتخلف الاجتماعي- الحداثة الاجتماعية: تغيير شامل في البنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التعليمية والسياسية ، وذلك عبر تحليل اجتماعي جاء من أبرز المحاولات العميقة لتناول المجتمع العربي وتفسير تخلفه الحضاري والسياسي من منظور علم الاجتماع.
نشر الكتاب باللغة الإنجليزية عام 1988؛ وبطلب من المؤلف ترجمه الى العربية الدكتور محمود شريح، وصدر بالعربية عام 1991. يقول المترجم في تصدير الكتاب ان مصطلح الدكتور شرابي جديد وجريء ، يستعين بمقولات هيغل وماركس وفرويد وفوكو وداريدا وغيرهم، ليقدم عرضا وافيا لمشاكل المجتمع العربي، ثم يلحقه بتصور حل ممكن يتجنب الانغماس في أزمات مقبلة....
وفي العام 1996 صدر بالإنجليزية كتاب للمؤرخ الاسكتلندي كيث وايتلام عنوانه يحمل مضمونه"اختلاق إسرائيل القديمة شطب التاريخ الفلسطيني"، ترجم الكتاب الى العربية وصدر ضمن سلسلة "عالم المعرفة"؛غيران مادة الكتاب لم تدخل الثقافة السياسية العربية والفلسطينية.
انطلق الدكتور شرابي في دراسته للمجتمع العربي من تحدي زيوف لاختلالات منهجية في دراسات انثروبولوجية صورت المجتمعات العربية في حالة سكونية تستعصي على التغير؛ إذ قاربت المجتمعات من ظواهر سطحية كالثقافة والتقاليد وعلاقات القرابة والبنى التربوية وتحليل الأمثال الشعبية أو نمط علاقاته الطبيعية ؛ ومن هذه الدراسات وجدت الامبريالية المسوغ لحمل نظرة ازدراء عنصرية تجاه شعوب الشرق، ارتأتها شرطا لشن حملاتها العسكرية الرامية فرض للهيمنة. أعيد النظر في الدراسات الاستشراقية، مع الإبقاء على النظرة للمجتمعات في سكونها وثباتها في دائرة التخلف ، ومن ثم التبعية. هكذا سقطت هذه الدراسات في فخ النظرة التأبيدية ولم تتمكن من استيعاب العوامل الاجتماعية والسياسية والخارجية التي كان لها دور مؤثر في ثقافة هذه الشعوب وحياتها.
هذا العوار المنهجي هو الذي حرض هشام شرابي على دراساته لإشكالية تخلف المجتمع العربي على أنها أزمة تكمن في بنيته الأبوية (البطريركية ) الكامنة في داخله، وكان شرابي المبرز في هذا النوع من الدراسات.
يتالف الكتاب من عشرة فصول:الأبوية المستحدثة؛ الأبوية والحداثة؛ التشكل الاجتماعي للأبوية المستحدثة؛ أبنية الأبوية وعلاقاتها الاجتماعية؛ الجذور الاجتماعية للأبوية المستحدثة؛ الأبوية المستحدثة في عصر الامبريالية؛ خطاب الأبوية المستحدثة؛ النقد الجذري للثقافة الأبوية المستحدثة؛ هيمنة البرجوازية الصغيرة؛ وعاشرا ما العمل؟
يستهل الفصل الأول من الكتاب بشرح مفهوم "النظام الأبوي المستحدث(او المحدّث)" ويشير في هذا السياق الى بنى كبرى(الدولة المجتمع الاقتصاد) وبنى صغرى (العائلة او الشخصية الفردية).
"وتاريخيا تستمد ظاهرة المجتمع الأبوي المستحدث معناها من تعبيرين او واقعين يؤلفان بنيتها المادية:الحداثة والنظام الأبوي. الثاني يدل على شكل عام للمجتمع التقليدي؛ بينما الأول يشير الى تطور تاريخي مميز اتخذ شكله الأصلي في أوروبا الغربية- فكان بذلك اول انفصال عن المجتمع التقليدي. وهذا التحول الفريد في تخطيه النظام الأبوي قد عمل على صياغته فادى التحول نفسه الى إرساء التمايز بين النظام التقليدي والنظام الأبوي الحديث. وهذا التمايز في صلب نقاشنا ويتوجب الأخذ بالنظام الأبوي المحدّث باعتباره نتيجة سيطرة أوروبا الحديثة".(20-21).
سجل الباحث في مقدمة الطبعة الرابعة 1990 من كتاب "مقدمات لدراسة المجتمع العربي" انه انتقل بعد أيام حزيران الحزينة، من رؤية ليبرالية للماركسية، فكرا أوروبيا "آخر"، وفي صيف 1967، شعرت "كانني اقرأه(ماركس) للمرة الأولى . أعرف تجربة هزتني بهذا الشكل منذ القراءة الأولى- وانا في السابعة عشرة-لنيتشه. لكن وقْع نيتشه في تلك السن كان عاطفيا أكثر منه فكريا؛ بينما نفذ ماركس إلى أسس تفكيري". اخذت ابحاث شرابي تلتزم بمنهجية المادية الديالكتيكية.
وفي نفس الكتاب قدم تفسيرا للسلطة الأبوية ، ليست سوى "افراز مجتمع بطريركي يقوم على علاقات القوة، حيث على العنصر الأضعف، أي الاولاد والنساء والمهمشين أن يتقيدوا بالقوانين القائمة التي لا تقبل بتميز الأفراد واستقلالية إرادتهم. فالجماعي يغلب على الفردي، الذي يطلب منه ان يختفي، بهدف تمتين الرابطة الاجتماعية. وإذا كان الرجال هم الذين يسنون القوانين ويثبتون التقاليد والعادات ويحمونها، فإن النساء، الامهات، هن اللواتي يقمن بالمحافظة على ذلك كله، بوصفها القيَم الاجتماعية التي لا بد من ترسيخها في نفوس الاولاد". وبطبيعة الحال تحرص الأم على ترسيخ قيم الخضوع لدى البنات.
يتكئ الباحث كثيرا على منجزات علم النفس وعلم النفس الاجتماعي لرصد الظواهر النفسانية التي تحكم عمل ظواهر اجتماعية عديدة ، مثلما تقبع في عالم اللاوعي يتحكم في تصرفات الأفراد والجماعات. وكما سبقت الإشارة اعتمد على كتابات مفكرين آخرين ألقت أبحاثه الضوء على دخائل وخفايا المجتمعات في العصر الحديث. دارت ابحاثه حول محور الرأسمالية التابعة التي انطلق منها ، والتي لم يتنبأ ماركس بتشكلها، مع أن ماركس قيّم عاليا ثورية التحول الرأسمالي، اجتماعيا وثقافيا، للمجتمع التقليدي؛ من منظور معاصر تعتبر هذه التشكيلة الاجتماعية – الاقتصادية(الأبوية المستحدثة) تابعة ، وهي الشكل الوحيد للرأسمالية الممكن نشوؤها تاريخيا إثر تنامي رأسمالية أوروبية وفي سوق عالمية يهيمن عليها الغرب. التبعية لا تنقل رأسمالية مكتملة النمو ولم تبق على الأصالة بتماسك روابطها ومتانتها.
يهدف شرابي من دراساته هذه إلى الكشف عن أسباب التخلف العربي وكيفية تجاوز هذا التخلف والتغلب عليه. التخلف هنا ليس تخلفاً اقتصادياً أو إدارياً أو إنمائياً ، بل إنه كامن في أعماق المجتمع العربي لا يغيب لحظة واحدة ، بل إنه يقبله ويتعايش معه ، ويتخذ هذا التخلف صفتين متلازمتين هما : اللاعقلانية والعجز ، الأولى تتجلى في عدم القدرة على التدبير أو الممارسة ، والثانية في عجزه عن التوصل إلى الأهداف التي يرنو إليها. وإلى ذلك يعزو الانكسارات والهزائم وفشل مشاريع التنمية. ومن ثم فمصير المجتمع العربي متوقف على مقدرته في التغلب على نظامه الأبوي واستبداله بمجتمع حديث.
فما الذي عناه شرابي بالنظام الأبوي في المجتمع العربي؟ في الفصل الثاني يوضح السمات الأساس للمجتمع الأبوي: علاقات اجتماعية مركزية للتشكل الاجتماعي السابق للراسمالية. ويتفرد المجتمع الأبوي العربي عن بقية المجتمعات الأبوية في العالم بظهوره على تخوم صحارى مترامية وهيمنة المدن والبدو على المزارعين. الأبوية العربية مغايرة للأبوية الأوروبية وغير الأوروبية ؛ فلها سماتها الخاصة المتميزة بامتداد الصحاري في الوطن العربي. يظهر هذا النظام في البنى السياسية والاجتماعية والنفسية.
لاحظ شرابي بعداً ضمن هذا النظام هو التحديث الذي نتج عن احتكاك العرب بالحداثة الأوروبية. لم تتحول المجتمعات العربية إلى رأسمالية مكتملة، ولم تبق على تراكيب كانت متماسكة وتحافظ علي انسجام الحياة؛ غدت المجتمعات العربية هجينة تخلت عن التقليدي وقعدت عن إيجاد البدائل. لذلك لا يمكن قراءة المجتمع الأبوي العربي إلا وفق رؤية التبعية والأبوية. ادى تغلغل الرأسمالية في الاقتصاد العربي الى نشوء رأسمالية تبعية ومزيفة. لم تظهر طبقة برجوازية ناضجة ، ولا طبقة عاملة أصيلة.
البرجوازية الصغيرة أكثر الطبقات الاجتماعية تمثيلا للنظام الأبوي المستحدث وثقافته، تتعايش فيها أكثر القيم تناقضا فتتوالد بنى متفسخة وممارسات متناقضة تشكل مجتمعة السمات الأكثر تمثيلا للمجتمع الأبوي المستحدث. نمت البرجوازية الصغيرة إثر تفجر سكاني في الأرياف العربية حدث بعد الحرب العالمية الثانية، وفي سبعينات القرن غزت الاستهلاكية والسوق الحرة المجتمعات المحافظة . يوجد تماثل بين النظام الأبوي والتقليدي من النواحي الاجتماعية والثقافية. النظام الأبوي يعاني انفصاما ، حيث تختفي الحقيقة تحت مظهر التحديث فينشأ بينهما تناقض وتوترات. تفككت بنية النظام الى سلطويات محلية متنازعة متعادية ، لتواجه المجتمع ثلاث معضلات رئيسة: الهوية والتاريخ والحضارة الأوروبية او الغربية.
ولّدت اليقظة العربية في نهاية القرن التاسع عشر صراعا بين العلمانية والإسلامية، وبات النظام الأبوي امام نموذجين للحكم: العلمانية والأصولية . لم تحدث النهضة تغييرات نوعية على النظام الاجتماعي أو الأنساق الثقافية. وبقيت المشكلة الحقيقية التي يعانيها الوعي النموذجي التبعي مرتبطة ارتباطا وثيقا بنماذج الفكر اكثر من ارتباطها بمضامين تلك النماذج. "ولكي تكون عملية تحويل الوعي فعالة يتوجب قيامها على استقلالية ذاتية ، أي مع استيعاب الأبوية وعلاقاتها النفسية؛ ومن ثم قهرها والتغلب عليها ، أو على الأقل بعد طمس تناقضاتها الداخلية. وعليه فإن الحداثوية التي تجد في أوروبا مجالات للتعبير عن الحداثة في الفن والأدب والفلسفة وكافة أشكال الإبداع الأخرى تصبح في ظل الأبوية ممارسة صنمية تابعة وغير نقدية. هنا تبرز الخاصية المشوهة والزائفة للحداثة الأبوية"(43).
لاحظ شرابي بعداً ضمن هذا النظام هو التحديث الذي نتج عن احتكاك العرب بالحداثة الأوروبية. لم تتحول المجتمعات العربية إلى رأسمالية مكتملة، ولم تبق على تراكيب كانت متماسكة وتحافظ علي انسجام الحياة؛ غدت المجتمعات العربية هجينة تخلت عن التقليدي وقعدت عن إيجاد البدائل. لذلك لا يمكن قراءة المجتمع الأبوي العربي إلا وفق رؤية التبعية والأبوية. ادى تغلغل الرأسمالية في الاقتصاد العربي الى نشوء رأسمالية تبعية ومزيفة. لم تظهر طبقة برجوازية ناضجة ، ولا طبقة عاملة أصيلة.
النظام الأبوي ينطوي على خلخلة مهيمنة يستحيل على الأصولية احتواء مظاهرها. والنقد العلماني، النقيض السياسي – الثقافي للأصولية يعاني ازمتين :محدودية تأثيره السياسي (لافتقاره الى التنظيم السياسي) ومواجهته جماهيريا (دينيا) يناقضه قدرة الأصولية على قلب المفاهيم وتعبئة الجماهير ، حيث جرت هجمات واغتيالات لعلمانيين ، واستمدت الأصولية دعما سلطويا من النظام.
لم يتوافق الاتجاهان في التوصل الى تطوير خطاب نقدي وتحليلي أصيل ومستقل قادر على معالجة معضلات الهوية والتاريخ والغرب. إن البحث عن الهوية أو ترسيخها بنمطيها العلماني والأصولي قد جرى في فضاء سياسي – ثقافي تشابك فيه التاريخ والغرب على انهما قطبا الصراع، " فلجأ كل نمط منهما الى الانجذاب الى قطبه الذي يستلهمه مصداقيته على دعوته وتوفير اسس لرؤيته الهوية في الإسلام او القومية العربية(27) .
أثبتت الثورة الإيرانية إمكانية الإطاحة بالنظام الأبوي، ولا يستبعد الباحث إمكانية انتصارها في باكستان ومناطق اخرى. .
وبالطبع فإن محصلة الصراع بين العلمانية والأصولية" لن تتحدد بتاثير عناصره الداخلية فقط ؛ فلا شك أن هذه المحصلة "ستتأثر بالاتجاه الذي يسلكه التاريخ العالمي، أي بمواقف الدول الكبرى من هذه المنطقة الحيوية في العالم ، إضافة الى التطورات الناشئة في بلدان العالم الثالث."(30)
نقل الباحث عن ماركس قوله أن النظام الأبوي مرحلة تطور سبقت "التطور الكامل لأسس المجتمع الصناعي"، ويقصد بذلك الإقطاعية الأوروبية. في العصور الوسطى كانت الأرياف وليس المدن مشهدا لحركة التاريخ. "المدينة الآسيوية ظاهرة أبوية محددة كانت معسكرا ملكيا وليست بنيانا مدنيا؛ فإذا أراد المجتمع العربي أن يبقى ويستمر فلا بد من تغييره تغييراً جذرياً شاملاً ، عن طريق رؤيةٍ بعيدة المدى ونوعٍ من الممارسة الجماعية تتخلص من الأبوية رمزاً وسلطة وتنتهي بتحرير المرأة قولاً وفعلاً وبالمشاركة في صنع القرارات على جميع مستويات النشاط الاجتماعي العام.

في الفصل الثالث-التشكيلة الاجتماعية للأبوية المستحدثة – نظر شرابي إلى النظام الأبوي تسلسل تبدلات طرأت منذ عصر الجاهلية مرورا بالدول في العصر الوسيط ثم السيطرة العثمانية حتى القرن التاسع عشر.
البدوية التقليدية السابقة على الحداثة تبدي مقاومة عنيدة بوجه التغيير البنيوي. غدت الأمة الإسلامية قبيلة كبرى وحد الرسول الكريم القبائل وطوع الروابط الاجتماعية والنفسية ضمن بنية المجتمع الإسلامي(48). نشأ في عصر الإسلام نظام تشريعي قوي في مراحل مبكرة نسبيا(القرن السابع).غيّر الإسلام صلة القرابة ودعّم العلاقات الأبوية داخل أشكال اجتماعية / اقتصادية متقدمة. استمرت الرابطة القبلية في جميع التشكيلات الأبوية عصبوية تعادي الخارج. العلاقات العصبوية محددة في الداخل بالطاعة والتكافل ومع الخارج بالخوف من الانتقام.
متى استقرت القبيلة تصبح عرضة لاوضاع خارجية شتى – مناخية وجغرافية الخ. يتحكم بالمجتمع المدني نظام القرابة في الريف وا لقبيلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر