الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللامجتمعية : والمنجز النائم تحت التراب؟

عبدالامير الركابي

2018 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


اللامجتمعية: والمنجز النائم تحت التراب؟
عبدالاميرالركابي
لم يحدث ان خطر للانسان من قبل، التوقف امام احتمالية من نوع حضور، لابل تحكم اللاانتاجوية، باجمالي النشاط المتعلق بالحياة، وانتاج الغذاء، ماكان من شانه تعزيز مفهوم المجتمعية الاحادية، فمنحة ارجحية تقترب من البداهة، والامر ينطبق هنا وبصورة خاصة، على رؤية الغرب الحديث لذاته والعالم، مع دلالات نظريات الاجتماع الحديثة، وماركس في المقدمة، فالانتاجوية البرجوازية، بما تبين من عظم طاقاتها الحديثة، اجبرت كل من نظر لراهنية الحياة والوجود، من زاوية الانتاجوي، باعتباره الظاهرة الحاسمة، والمحددة لممكنات الحياة والمستقبل.
ومع صعود البرجوازية الاوربية، لم يكن الفكر، وفي اجلى حالاته، قادرا على الذهاب الى ابعد مما يعرف باليوتوبيا، المستندة هذه المرة، الى "قوانين"، تنتظمها "حتميات"، متجاوزا احتمالية وجود سيرورات لاانتاجوية، لا ارضوية، ففي التاريخ الانساني المعروف، وبحسب ماقد توفر من قراءته احاديا، لم تظهر فكرة الانتاجية اللاانتاجوية، او اللاارضية، والنظرات التي قيض لها التعامل مع نموذج المجتمعية الاولى الرافيدينية، توقفت دون التعرف عليها بذاتها، أوبما تنطوي عليه من نمط، او احتمالية مناقضة، كان الحائل دون التعرف عليها، واكتشاف خاصياتها، نوعي، متات من مخالفتها الكلية لكينونتة الطرف المتعامل معها من خارجها.
وكان هذابالاحرى متوافقا مع لحظتين من العملية الانتاجية، ظلتا غالبتين الى الوقت الحاضر، اولاهما اليدوية، والثانية الالية، وهما تعززان، على مستوى الاليات، شكل وطبيعة المجتمعية الاحادية، مما قد ابعد حالة، او ظاهرة اللاانتاجوية العراقية، عن ان تصبح حاضرة، ناهيك عن ان توضع بموضع الصداره، بصفتها ك "نموذج بذاته"، فضلا عن اعتبارها الحقيقة المضمرة في الوجود الانساني.
تتخذ اللاانتاجوية الرافدينية، شكلين من الحضور، الاول التاسيسي التحولي، المتعذر على التحقق، والثاني الحالي، مابعد الالي، السائر نحو التحقق العملي، بعد توافر الاساس الضروري "المادي"، للمجتمعية الجديدة، والتحولية، مع التكنولوجيا، والانتاج المعرفي الصاعد، والمتوطن تباعا كقوة فعل حاسم، حيوية على مستوى تنظيم الحياة، وانماط الانتاج، ومثل هذه العملية الانقلابيه الزمنية، تاخذ الوجود للحظة نوعية. ان ماركس على سبيل المثال، لم يستطع تخيلها، بناء على انغماسه الاقصى، ضمن الاليات الاحادية، وقمتها الانتاجية البرجوازية، فلم ير غير سبيل مغلق للمسار المجتمعي، يبقي على الانسان كانسان، كما هو، ومن دون احتمالية تحولية، فيربط مصيره، واليات واغراض وجود،ه بالبيولوجية والغرائزية الحيوانية العالقة فيه، والشيوعية بالطبع، هي افضل صيغة احادية مغلقة، يمكن اقتراحها بغض النظر عن استحالتها الموضوعية، او تصورها حلا لمصير ومستقبل انسان، لاسبيل لرؤية حل لمسببات تعاسته، الا بالتعامل مع العناصر الغالبة المعاشة، والملموسة القابلة للمعاينة والادراك منها.
لكن مثل هذا المقترح، او التصور، من شانه ان يكون مثيرا للاستغراب الاقصى، حين يعتقد بعضهم من الببغاويين العراقيين، ممن يتوهمون انتماءهم للشيوعية، ولماركس /وهم بحكم الحالة والشروط في اسفل سلم الممكنات المعرفية/ ان نظرية الصراع الطبقي، والمراحل الخمسة الانتاجوية الطبقوية، يمكن ان تكون ملائمة في النظر لتاريخ العراق التحولي، الازدواجي، التصارعي، المجتمعي، وبالذات اللاتراكمي، والمميز بخاصية التبديدية، بدل التراكمية، ذلك ناهيك عن احتمالية التجرؤ، واعتبار هذا الموضع، بؤرة الحقيقة التاريخية المجتمعية على مستوى المعمورة. وهو مايقتضي نوعا من التفلت الاستثنائي الفائق، من اهم مرتكزاته، القول بان ظاهرة الغرب الحديث، هي مجرد لحظة انتقالية ضرورية، من نوع العتبة الممهدة، تحتاج حتما، على ضخامتها، للحظة الانتقال الكوني الاعظم، المنتظر تحققه من هنا فصاعدا، انطلاقا من ارض التحولية الاولى.
هل يمكن ان يوجد مجتمع، العملية الانتاجية فيه لاارضية ؟ هذا الافتراض ياخذنا نحو مايمكن تسميته، المجتمعية اللامجتمعية، مقابل المجتمعية الاحادية، كما قد اسلفنا في تقسيمنا لاشكال المجتمعيات، افتراض كهذا، سيقتضي جهدا غير معروف، ولا معتاد، على الاقل بعد القرون المنصرمه من طغيان تصورات الاحادية، والانتاجوية المجتمعية، لكن ذلك لن يكون في الغالب، سببا يحول دون الخوض فيما نجده قد صار من هنا فصاعدا، حقيقة في طور الظهور، مايمكن ان ياخذنا للتامل، بظاهرة المنجز النائم تحت التراب.
لماذا تكون المدينة في ارض الرافدين، هي اول المدن التي عرفها البشر، لكنها لاتترك خلفها سوى ذكرى مدفونة تحت التراب، ولماذا يتأكد هنا قانون بدراماتيكية، المنجز الارضوي، ضد التحقق الانساني، حيث الصراع بين الجموح الكوني، خارج الارض، يقابله المنجز التراكمي المادي، القاتل لكينونة الانسان، مافوق الارضي.و لماذا تتحول المدن، ومافيها، في ارض اللادولة التحولية الازدواجية، ارض السواد، الى ذكرى مدفونه، لا لمرة واحدة، فالطور العباسي القرمطي، ترك لنا هو ايضا، بقايا الكوفة وواسط والبصرة، اضافة لبابل، وكاد يشمل بغداد، كشواهد على قوة فعل قانون الكونية البشرية، بمقابل الارضوية، دون ان يخطر لاحد، البحث فيما اذا كان ذلك قانونا، فضلا عن كونه القانون الناظم لملحمة وجود الانسان، خلال ارتقائه ونشوئيته الحالية، باتجاه الاكوان العليا.
بالمقابل ينبهر العالم، خلال قرون، وبالذات المتاخرة منها، بقوة حضور الارضوية التراكيمة، فيبتعد اكثر فاكثر عن حقيقة وجوده ككائن لاارضي، وحيثما يراى البشر، مظاهر القوة المادية والصنائعية، متركزة في الغرب، ومنجزه الحالي، بناء وقدرة، وطاقة محق وتدمير، فان مامتوفر، ينسى بظل المقارنه البديهية، وانغلاق نطاق مايسمى المعرفة، والعلم، كما هما ممكنان، في ظل الاحادية المجتمعية، وحيث لاامل بان يفهم وقتها، بان المجتمع التبديدي اللاانتاجي، واللاارضوي، ممتنع عليه المنجز الصنائعي، المطابق للبنية الطبيقة، اعلى اشكال الاحاديه، واكثرها دينامية، ومادامت التحولية ومايؤول اليها، ويفسر حقيقتها، غائب عن الادراك، فان فكرة من نوع تناقض المنجز والذات، لن تخطر على البال، وهي بناء عليه، لن تطبق على الغرب، قمة الاحادية، بيسر.
ينتج الغرب الاحادي، واعلى اشكال نمطه، بنية وتركيبا، المنجز المادي الصنائعي، مما لايتهيأ للمجتمع الحتولي، الذي ابتكر الانتاجية الاولى اليدوية، ضمن اشتراطات نفيها، والذهاب بها الى اختفائها، فما كان لبغداد مثلا، ابان الزمن العباسي القرمطي، ان تستمر متجهه الى الثورة الصناعية، وهي محكومة لقانون اللامجتمعية الازدواجي التحولي، فكان ان ادى وجودها، ومانجم عنه من ارتفاع في الطاقات الانتاجية، التجارية على المستوى الكوكبي، ان تحقق ما لم يتحقق في داخلها، عند الطرف الاخر من المتوسط، ضمن اشتراطات عالمية، " تراكمية اولية" لاخصوصية، او ذاتية مستقلة، كما يشاع، او يحب الغرب ان يشيع، فثورة الغرب الحالية، هي حلقة في السيرورة الوجودية الكوكبية البشرية، بؤرتها الدافعة ومكان تحققها النهائي، المجتمع التحولي اللامجتمعي الرافيديني.
ومن البديهي ان يبدو مثل هذا الانقلاب التحولي، مستحيلا الان، بناء على ماهو متعارف عليه، ومعتبر من قبيل الحقيقة، فيما يخص عناصر الاليات المجتمعية، والقوانين المتصلة بها، بحيث يستحيل مثلا، وضع فرضية من نوع "تناقض منجز المجتمع الاحادي الاعلى مع بنيته"، اي ان المجتمع المذكور "ينتج نقيضه ، وحفار قبره"، ولكن ليس كما تخيل ماركس، فالنقيض هنا، وبحسب منظورنا اللامجتمعي التحولي، ينبع من تطور وسائل الانتاج، الى مابعد الالة، هذا ماكان قد حصر نطاق رؤية ماركس، الذي اعتقد بان الاله والمعمل نهائيان، وحضورهما يمثل نهاية ممكنات التطور الانتاجي المجتمعي. فلم يربط بين الانتاج المعرفي التكنولوجي، واللادولة التاريخية، حاضنته المجتمعية الطبيعية، وبناء عليه، فقد غاب عنه كليا، ديالكتيك الجموح مافوق الارضي، غير المتلائم مع بنية الغرب الاحادية، والتي ستحتاج من هنا فصاعدا، لقوة ومفعول اللامجتمعية اللاانتاجية، المعرفية التحولية العراقية.
انني ادرك تماما، وانا اكرر وضع هذه السطور ومماثلاتها، من نوعها، ان مااعلنه يتعلق بانقلاب زمني دهري، سيحول دونه، ركام قرون من المعتقادات، ومايعتبر من قبيل الثوابت والبداهات، وال"علوم"، المفصول بشانها، وانا لااتحرج عن رؤية المغزى العراقي الخاص باللحظة ومكنونات اضطرابها. وهو ماسوف يرفضه الغرب الحالي، على الاقل كبداية، مع الثقة بان اول اشكال الانتباه لما هو معروض، وسيعرض في هذا السبيل، قد يجد على الاغلب، تفهما اول، في الاوساط الغربية، خارج دوائر الغرب، المتحكم بها باسم سطوة المركزية الغربية، اما خريجوا، وسكان مدرسة الببغاوية العراقية العربية، فالاغلب انهم سيحتاجون لدهوراضافية، قبل ان يفكوا طلاسم ماهم بمواجهته. او انهم سنتظرون كعادته مايملية عليهم الغرب من " اوامر" بهذه المناسبة، حيث العراق، يتهأ مرة اخرى، لكي يقود العالم، من قلب الموت والخراب.
ـ يتبع ـ
ـ الثورة اللامجتمعية : العراق يقود العالم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را