الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عُنْفُ اللُّغَةِ، مُحَاكَمَاتِ السَّلَفِيَّيْنِ عَبْرَ التَّارِيخِ

أَكَرَّمَ عَبْدُ الْقَيُّومِ عباس

2018 / 8 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


برع السلفيين في تعنيف مخاليفهم بإستخدام سلطة اللغة . أن الفتوى نص يحتمل ظاهرهُ معاني ، وينطوى على أحكام تصل في قسوتها حد القتل والصلب . لكن جوهر الأمر من حيث النظر أنها بناء لغوي به تعقيدات لها مدلولات نظرية ، تعبر عن معرفة السلطة . حيث أن صاحب الفتوى مع إجتراءه على أسس المعرفة البديلة والنقد ، من حيث وضعه لمعيار صحيح الدين ، فإنه في ذات الوقت يستخدم من اللغة أعنفها ليصبح نص الفتوى بقوة الحكم الذي تحمله . هنا يصبح إستخدام االغة مزدوجاً ومركباً ، فهو منْ ناحية يصير منهجاً للتفكير وسابقة يمكن البناء عليها مع أختلاف العصور وتبدل الحوداث ، وفي الناحية الأخرى نصاً وقالباً جاهزاً تُحشر في وسطه مجموعة من العبارات والجمل ، يسُهل أستغلالها في كل العصور ولذات الغرض . هذه العقلية تتطلب درجة من التأمل فهي نسيج يحاكي بعضه البعض ، فمن حيث الأفكار هو أمر مفروغ منه ، لكن المحير أستخدمها المتشابه لعنف اللغة
ورد هذا الخطاب التالي من مشيخة الأزهر تخاطب به وزارة الشئون الدنية والأوقاف السودانية ، بشأن الأستاذ محمود محمد طه ( النص متاح في موقع الفكرة الإلكتروني ) ، وجاء نصه كالتالي:
5/6/1972م
الأزهر – مجمع البحوث الإسلامية
مكتب الأمين العام
السيد الأستاذ وكيل وزارة الشئون الدينية والأوقاف بالسودان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد
فقد وقع تحت يدي لجنة الفتوى بالأزهر الشريف كتاب الرسالة الثانية من الإسلام تأليف محمود محمد طه طبع في أم درمان الطبعة الرابعة عام 1971م ص. ب 1151
وقد تضمن هذا الكتاب أن الرسول (صلعم) بعث برسالتين فرعية وبرسالة أصلية، وقد بلغ الرسالة الفرعية، وأما الأصلية فيبلغها رسول يأتي بعده، لأنها لا تتفق والزمن الذي فيه الرسول.
وبما ان هذا كفر صراح ولا يصح السكوت عليه فالرجاء التكرم بإتخاذ ما ترونه من مصادرة هذا الفكر الملحد والعمل على إيقاف هذا النشاط الفكري الهدام خاصة في بلدكم الإسلامي العريق.
الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية
دكتور: محمد عبد الرحمن بيصا
كان هذا الخطاب مقدمة لتفكير الأستاذ وإتهامه بالردة ، والذي أفضى لقتله في يناير 1985م . وليس قطعاً من باب المصادفة أن يشابه محتوى الخطاب ما أورده إبن تيمية في حق الأمام الحلاج ، ونصه التالي :
(مَنِ اعْتَقَدَ مَا يَعْتَقِدُهُ الْحَلاجُ مِنَ الْمَقَالاتِ الَّتِي قُتِلَ الْحَلاجُ عَلَيْهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا قَتَلُوهُ عَلَى الْحُلُولِ وَالاتِّحَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَقَالاتِ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالإِلْحَادِ كَقَوْلِهِ: أنا الله. وَقَوْلِهِ : إلَهٌ فِي السَّمَاءِ وَإِلَهٌ فِي الأَرْضِ...وَالْحَلاجُ كَانَتْ لَهُ مخاريق وَأَنْوَاعٌ مِنَ السِّحْرِ وَلَهُ كُتُبٌ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ فِي السِّحْرِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلا خِلافَ بَيْنِ الأُمَّةِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِحُلُولِ اللَّهِ فِي الْبَشَرِ وَاتِّحَادِهِ بِهِ وَأَنَّ الْبَشَرَ يَكُونُ إلَهًا وَهَذَا مِنَ الآلِهَةِ: فَهُوَ كَافِرٌ مُبَاحُ الدَّمِ، وَعَلَى هَذَا قُتِلَ الْحَلاجُ) ، (مجموع الفتاوى (2/480))
في تلك الحالتين تحول النص إلي متضايقات بموجبها ، صار القتل والصلب هما محصلة مايحمله من لغة عنيفة ، و تراكم على أثرها منهج كامل يصلح أستخدامه في أي زمان ومكان ، و يسهل لكل من بيده معرفة السلطة ، سواء كانت مؤسسات أو أفراد أن تحاكم من تراه مخالفاً لمعاييرها المطلقة ، و دون جهد كل ماعليها إخراج ذلك النص وتعديله بشكل مظهري في بعض السياقات ، ثم يصبح الحكم جاهزاً . أن داء العنف هو الأصل عند هذه التيارات ، و عنفها يتجاوز فقهها ومرجعياتها الفكرية ويصل حتى إلى اللغة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح