الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبدالله خليفة تحليل عميق لثقافة التسطيح

فهد المضحكي

2018 / 8 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تتميز رؤى عبدالله خليفة بالمنهجية العلمية وبالروح النقدية للظواهر الاجتماعية والسياسية والثقافية.

كانت تحليلاته ودراساته وابداعاته تتعامل مع الاشكاليات بوعي تفيض منه القدرة على النفوذ إلى جوهر التناقضات والصراع الاجتماعي والطبقي.

ورغم تنوع كتاباته الغزيرة فان اهم ما ينظمها نسق فكري منهجي قاعدته الفكر الماركسي.

ولهذا كان خليفة لا يقف عند حدود التسطيح؛ بل يتوغل في جوهر مشكلات الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي؛ دفاعاً عن العدالة والمساواة والحقوق والارتقاء بالابداع على صعيد القصة القصيرة والرواية والاعمال الفكرية كباحث متمكن من ادواته.

وهو صاحب قدرة لم تعرف اليأس وتضخم الذات والنفاق السياسي والاجتماعي والازدواجية.

الحديث عن خليفة هو الحديث عن البحر والبحارة والمهمشين، هو الحديث عن الحارات الشعبية والكادحين والمستقبل.

عبدالله خليفة كغيره من دعاة التغيير رفع صوته في وجه الظلم والظلام والتخلف والاستبداد والاستعمار والاستغلال، وسخّر حياته وقلمه وفكره في سبيل التحرر والتقدم والديمقراطية، وبالنهوض بالرؤية الابداعية في المشهد الثقافي المحلي والعربي.

بهذا الوعي كتب النصوص بوضوح فكري وبوعي يدعو الى التغيير وثقافة التنوير.. كتب عن العنف الذي ينتهجه الاسلام السياسي وفصل الدين عن السياسة وقمع الانظمة الطائفية.

وإذا ما أردنا رصد ذلك فانه يبدو واضحاً في مقالاته ودراساته وإبداعاته الأدبية.

يقول عن التسطيح السياسي ومخاطره (الحوار المتمدن 11-9-2014) ليس امتحان الحركات الدينية المحافظة وتغلغلها بين الجمهور الا دليل قوي على تدهور العقلانية العربية، وغياب الديمقراطية، وتلكؤ عملية التنمية، وفشل قوى الثقافة ان تنشر تنويراً أو تحديثاً بسيطاً.

ويقول في رؤيته هذه لقد عبّر صعود هذه الحركات عن وضعنا الحالي، فلا يجب ان ينسحب اي طرف من المسؤولية، ويقول لقد نبهتكم وقلت لكم وما إلى ذلك من تبريرات ليس فيها أي فعل ملموس عميق قام به هذا الطرف.

في حين يرى ان الثورات التي وقعت في بلدان الوحدة الوطنية ابعدت القوى المذهبية المفتتة للصفوف وبدأت تاريخاً آخر. ومنطقة المشرق العربي مؤسسة الفرق والمذهبيات السياسية لها شأن آخر تماماً، فبلدان الصرعات الدينية السياسية بحاجة إلى مسارات أخرى من التوحيد الوطني النهضوي المتدرج المتصاعد.

اما اليسار – حسب تصوره – فهو كائن مسحوق لا نستطيع ان نلومه لكثرة الجراح التي اصيب بها، وبقاياه لم تقدر ان تشكل سياسة اجتماعية مؤثرة فسارت مع ما هو طافح.

وفي تحليله هذا راح يغوص وراء المسببات فيرى ان المذهبيين السياسيين الشموليين مفتوحة لهم كل الساحات، وعبر اعادة انتاج الكتب الدينية القديمة ونشر الخطوط العريضة الاسطورية القائمة على قصص وتواريخ قديمة وامثال شائعة واقوال مسطحة من خلال الجمهور البسيط، ثم رفد هذه الثقافة الشعبية بخطوط سياسية دكتاتورية مؤدلجة لكل فترة، فإن الجمهور الواسع صار تحت هيمنة محافظة خطيرة، تقوده إلى الوراء التاريخي، بحيث لا يستطيع إلا ان يتوجه نحو دولة دينية شمولية تعدهُ للمذابح، ويجافي الدول العلمانية المنقذة إياه من المصير الرهيب الذي ينتظره.

وهكذا فإن هذه الثقافة يراها مقطوعة الصلات بالحداثة والتحليل السياسي الموضوعي وهي ما تجعل الجمهور مخدرا مستعدا للانقلاب السياسي الخطر على معيشته وسلامته وتقدمه، بل انه حتى هؤلاء (المثقفين) يصبحون فقاعات سياسية مع الشحن والتأثير المسرحي الكبير!

وبغياب التنوير وسيادة ثقافة الجهل من جهة وثقافة التسطيح من جهة أخرى تتشكل ظاهرة الردة المضادة عن الوطن والعقلانية والتقدم.

ولم تكن ثقافة التسطيح عند خليفة سوى ثقافة مكملة لثقافة التخدير، ثقافة التسطيح هي الأقوى، عبر تصعيد قوى لا تدري بشيء مما يجري في الأعماق، مقطوعة الصلة بتاريخ المنطقة وصراعاتها الاجتماعية وآدابها وفنونها ومذاهبها، فهي لا تدري حتى بأعماق الاسلام التي تجري الصراعات السياسية والاجتماعية المعاصرة في حياضه في استخدامه للسياسة المضادة للعصر والديمقراطية، ثم يقوم السطحيون بقيادة الاعلام والثقافة والتوجيه المعنوي ويشكلون البناء الروحي للمنطقة غير قادرين على مقاومة الاختراقات الطائفية والعنفية أو قراءة مجمل هذه اللوحة المعقدة -السياسية- الثقافية.

كل ذلك يتداخل -في رأيه- مع توجهات فوضويين مغامرة، وانقطاع القراءة العميقة المنتجة من قبل بعض المتعلمين السياسيين وهو ما أدى إلى انفصالهم عن القدرة على تكوين عقلي تحديثي نقدي مستقل، فحين نطالع شخوص اليسار المراهق نجد عدم العودة إلى المراجع وغياب الدرس واستعمال الجملة السياسية المتفجرة المقطوعة السياق عن التحليلات العميقة للمجتمع والأمة العربية والأمة الفارسية (تحت قيادة الدينيين المحافظين) باعتبارهما مركز الصراع السياسي الراهن في منطقة الخليج. وينحازون إلى الثانية من دون دراية مع الانقطاع عن التاريخ القومي العربي ومنجزات الوعي القومي السابق، وفي تقديره ان هذه الاصوات تركز على نفخ الآلام الشعبية الجزئية وتحويلها إلى كل اللوحة الاجتماعية، ثم لا تجد سبيلاً إلى حلها سوى الانفجار أو يجري استعراض الآلام السياسية القديمة واجترارها، وتداخل عذابات المناضلين السابقين بالرموز الدينية فتجرى احتفالات متشابهة وتتداخل خطابات الطائفيين مع خطابات (التحديثيين) والمناخ العامي يسيطر على هذه الفرق، وترى كذلك عدم القدرة هنا على معايشة الواقع الراهن، وتحليله والبحث عن مسارات تطور ممكنة معقولة فيه، وكأن الأمل مقطوع بسبب هيمنة الماضي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل


.. بحجة الأعياد اليهودية.. الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي لمدة




.. المسلمون في بنغلاديش يصلون صلاة الاستسقاء طلبا للمطر


.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري




.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد