الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدل حول تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة في تونس.

فريد العليبي

2018 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية



خوض الصراع بمختلف أوجهه حول الحريات الفردية والمساواة بين الجنسين مهم وهو في ‏صيغته الراهنة يمثل حلقة غير منقطعة عن حلقات سيرورة مريرة فيها هجوم ودفاع تقدم وتراجع متخذا ‏تارة طابعا مكشوفا وأخرى طابعا مستترا ‏وهو مفتوح على احتمال تحوله الى صراع عنيف بما في ذلك الحرب الأهلية وفي تجارب الشعوب كان الصراع حول تحرير العبيد سببا فى اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية أواسط القرن التاسع عشر التى راح ضحيتها مئات الألاف من البشر .
‏ وفي هذا الصراع التونسي يتشابك الثقافي السياسي والحقوقي وعادة ما يحتكر فيه اليمينيون الدينيون المقدس ‏ويزعمون الحديث باسمه بينما يحتكر اليمينون الليبراليون الحداثة والتجديد الخ .. ومن ثمة يتم ‏حشرالكادحين ضمن تناقضات وهمية حول الهوية وما شابهها بينما يتم حجب التناقضات الفعلية في ‏الاقتصاد والسياسة وغيرهما ،وبعد انقشاع غبار المعارك الانتخابية بينهم عادة ما يتوافقون ويتآلفون ‏متبادلين المصالح ومتقاسمين المنافع وهو حالهم في تونس اليوم .‏
‏ ويأتى الصراع الحالي حول الحريات في فترة حرجة من تاريخ تونس حيث تواجه مخاطر جدية من ‏طرف الاسلام السياسي الذي يتقاسم الأدوار فبعضه يخوض المعركة في الثقافة والسياسة وبعضه الآخر ‏يعسكر في الجبال لتصفية شتى المكاسب بما فيها الحقوقية والرجوع بتونس الى عهود تليدة . بينما يجد ‏اليمين الليبرالي في ساحة الحقوق ضالته للتضييق على اليمين الديني خاصة أمام المراكز الامبريالية ‏الراعية التى يتنافس اليمينان على نيل ثقتها وبينما ينصب اليمين الديني الفخاخ لليمين الليبرالي في صلة ‏بالداخل مستندا الى الشريعة ينصب اليمين الليبرالي له فخاخه في صلة بالخارج مستندا الى القوانين ‏والمواثيق الدولية وذلك كله ضمن أفق ينتهى عند نوفمبر 2019. ‏
‏ وفي خضم هذا الوضع فإن قوى التقدم في السياسة والاجتماع والاقتصاد والثقافة وغيرها تمثل جهةأخرى لا ينبغي تغافلها خاصة من طرف المنتسبين اليها بالقوة وهى لا يمكنها الا ‏الوقوف الى جانب تحرر المراة والمساواة بينها وبين الرجل ومناصرة تحصيل الحقوق والحريات ‏الفردية والجماعية حتى وان رفعت تلك الشعارات ونبهت الى تلك المهام الشياطين والغيلان نفسها ولكنها ‏لا تضع يدها في يد ها وانما تتمايز عنها في خوض معركتها من موقع المصلحة الشعبية دون سواها .‏
‏ وهو ما يفرض العمل أولا على الكشف عن المخاتلين بالحق والحرية والعدل والمساواة الذين يدرجون تلك ‏الحقوق ضمن التجارة بمعاناة المضطهدين وآلامهم لأهدافهم الخاصة التى عادة ما تكون سياسية ‏فيرفعون يافطة تلك الحقوق وفي نفس الوقت يمرغونها في الأوحال عندما يتعلق الأمر بتجسيداتها ‏الاجتماعية والاقتصادية بما يذكر باصلاحات البايات عديمة الجدوى الذين ألغوا الرق سنة 1846 دون اهتمام بالفلاحين الفقراء المستعبدين بالجباية فانتفضوا ضدهم سنة 1864 بقيادة على بن غذاهم قبل أن تأتي فرنسا وتغزو البلاد وتستعبد شعبها بأكمله وثانيا كشف الغطاء عن المخاتلين بالدين الذين لا هم لهم غير تأسيس دولة ‏دينية يتحكمون فيها بضحاياهم مرتدين ثياب القديسين. وثالثا بلورة تصورات وممارسات مستقلة ‏تتطور مع مرور الوقت لكى تشكل بديلا شعبيا قادرا على الحياة والحذر من الانعزال عن تلك الصراعات تحت دعاوى أنها عقيمة وذات أهداف سياسية وتحركها قوى خارجية وأن التاريخ سيطويها فالتاريخ يصنعه أولا وأخيرا البشر أنفسهم ولكن ضمن ظروف لم يختاروها .
وبغض ‏النظر عن بعض الجوانب التفصيلية التى يمكن التباين بخصوصها مع تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة فإن أهدافه الحقوقية العامة مقبولة وحرية بالدفاع عنها وان تخللته تناقضات وتلفيقات ايديولوجية وغائيات سياسية في ارتباط ‏بمكونات اللجنة وشخص مؤسسها وهو ما قد يسمح لنا الوقت بشرحه في قادم الأيام .‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة