الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة لمسرحيتي للأديب رائد الحواري مسرحية -غ. ر. ي. ب.- أسامة مصاروة

رائد الحواري

2018 / 8 / 12
الادب والفن


دراسة لمسرحيتي للأديب رائد الحواري
مسرحية "غ. ر. ي. ب."
أسامة مصاروة
في زمن الرواية قل الاهتمام بالمسرح، حتى كدنا أن نفتقده، من هنا تأتي أهمية مسرحية "غ.ر.ي.ب." المسرحية تتحدث عن "شقران" رئيس وزراء "همليكا" الذي يتعامل مع كل المحيطين به، إن كانوا من الداخل أم من الخارج بطريقة استهتار وفوقية، فهو لا يعبر أحدا باستثناء زوجته "تارا" حتى رئيس "غمليكا" لا يحسب له حساب لأنه يأتي إلى الرئاسة من خلال:
"فكل مرشح لرئاسة غمليكا يعرف أنه يحتاج إلى أصواتنا وأموالنا فيمتنع بالتالي عن إغضابنا" ص103،.
وهو ينظر إلى "البرعيليين" نظرة احتقار لأنه يجدهم ضعافًا يعملون للحفاظ على مراكزهم فقط: "إننا على علاقات حميمة مع معظم الدول البرعيلية، ... ألا يحتاجوننا للحفاظ على سلطانهم، ... المهم عندهم الحفاظ على أنظمة حكمهم" ص9و10.
"...هكذا هم البرعيليّون لا يركعون إلا بالجزمة وحتى بالجزمة القديمة" ص27.
حتى سكرتيره الخاص لا يسلم من مثل هذه المعاملة:
"ـ هل لديك شك في ولائي يا سيدي؟
ـ اعذرني أيها السكرتير. أنت تعرف أن في السياسة خاصة وفي همليكا بالذات ليس هناك مكان للولاء والوفاء والصداقة والأمانة فالكل هنا يتصرف كالجرذان عندما تغرق السفينة" ص75.
ويجد اليسار في "همليكا" بهذه الصورة:
" ما اليسار إلا دمية خرساء تعرضها أمام العالم متى نشاء، هل تعتقد أن هناك فرق بين يميننا ويسارنا؟" ص149.
وحتى المواطنين في "همليكا" يعاملهم بهذا الشكل:
"ستجعلينهم يفكرون بشيء غير الخبز، ليكن الخبز أسمى مطالبهم حتى يقبلون اليد التي تقدمه لهم" 24.
أمّا كيف ينظر "شقران" إلى السلام؟:
"ـ لا أبالي بالرأي الدولي اطلاقا، مصلحة همليكا فوق كل اعتبار" ص19.

" ... كلمة السلام على قطعة من الصابون ناسيا أنها ستذوب سريعا ويذوب الاسم معها" ص105و106.
أما الحرب فلها مكانة خاصة عند "شقران" فهي الغاية والوسيلة التي يحقق من خلالها مصالحه الشخصية بالإضافة إلى مصلحة "همليكا":
"منذ بداية الحرب توقفت الاحتجاجات والمظاهرات والمطالب على مختلف اشكالها ومشاربها، حتى المعارضة واليسار جميعهم أوقفوا حملاتهم ضدي وضد الحكومة" ص172، هذا ما تفعله الحرب في دولة "الهمليكا" فهي توحدهم وتجمعهم في قالب واحدة.
كل ما سبق يوضح طبيعة النظام السياسي والاجتماعي الحاكم في "همليكا" لكن المسرحية لا تتوقف عند هذا الأمر بل تقدم لنا "شبحًا لشقران" كما هو الحال في مسرحية "هاملت" لشكسبير. أمّا الشبح في مسرحية غ.ر.ي.ب. فيعلب دور (الضمير "لشقران" أو الصوت النقيض له، فهو دائما يحاول أن يرشده إلى الطريق السليم/ ويحاول أن يحرّره من عقليته كمواطن في "همليكا" التي نشأت على فكرة العداء لكل من هو ليس "همليكيًا" يأتي صوت الشبح في اكثر من موقع منها:
"ـ ..ما يهمني هو خلاص الشعبين من الويلات والكوارث التي ستصيبهم بسبب عقلك الموتور" ص83.
ونجد هذا الشبح يتقدم أكثر في افكاره فيقول:
"ـ ...عش واترك الآخرين يعيشون أيضًا، لا سلام مع احتلال ولا احتلال بدون مقاومة ولا حرية لغاصب ولا طمأنينة لمستبد أو ظالم" ص139.
ولا يكتفي الشبح بالحديث عن المسائل العامة المتعلقة بالخارج، بل نجد يتحدث عن نفسية "شقران":
"ـ خوفك من الموت لا يضاهي خوفك من فقدان كرسيك" ص158.
من هنا نقول أن الأهم في المسرحية هو وجود الشبح، لأنه يخلق مشاهد ساخرة، تخرج المسرحيّة من واقعها الأسود، وتحرر المتلقي/المشاهد من واقع المشاهد السوداء، لكن هناك ملاحظات على هذا الشبح، فهل هو يمثل الضمير عند "شقران"؟ أم أن الشبح يمثل صوت الفلسطينيين الذين ثبتوا في فلسطين عام 1948؟، أم أن الشبح هو صوت كاتب المسرحية نفسه، وهو من يحدثنا عن رؤيته لما يجري في دولة الاحتلال، وبالأخص ما يجري في غرفة رئيس الحكومة؟ أم أن الشبح هو كل تلك الأصوات مجتمعة؟ الإجابة على هذه الأسئلة تجعلنا نأخذ موقفًا صحيحًا وصائبًا عن المسرحية، ونحدّد موقفنا نحن المتلقين من طبيعة الأفكار السياسية التي تحملها، خاصة ما يتعلق منها بالحل للصراع الدائر بين "ربليكا وهمليكا".
رائد الحواري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81