الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك الشعبي في اليمن -جذور الازمه الوطنيه

عدلي عبد القوي العبسي

2018 / 8 / 13
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لحراك الشعبي في اليمن
جذور الازمه الوطنيه
عدلي عبد القوي العبسي
في هذا الجزء من هذه المقاله المطوله ساحاول باختصار تتبع جذور الازمه االوطنيه اليمنيه الى بداياتها القديمه الاولى
الامر لا يتعلق بنقطه بدايه فعليه اذ ان البدايات الفعليه والمنابت الاولى تعود الى قبل ذلك بكثير الى ايام التناقضات والصراعات السياسيه المحتدمه ابان عصر التحرير وقبله ولكن نقطه الوضوح نراها في لحظه الاستشراس والهجمه المضاده العنيقه للقوى المناوئه لثوره الستينيات وهو ما نحب ان نركز عليه هنا .
جذور الازمه الوطنيه وتفاقمها
سنوجز ادناه اهم العوامل التي ادت الى اندلاع الازمه الوطنيه والتي دخل معها المجتمع اليمني في اتون سلسله من النكبات والويلات والكوارث الاقتصاديه والسياسيه والاجتماعيه لم تنته حتى الان وعلى مدى اربعه عقود من الزمن !!.
وكان خيط البدايه كما نعلم هو في نجاح ( الثوره المضاده ) نجاحا ساحقا وهي التي كانت قد تغلغلت قواها الخبيثه تدريجيا في مفاصل السلطه والاداره والمجتمع طوال عقدي السبعينيات والثمانينيات وتقدمت ببطء مدروس وممنهج حتى تمكنت من الهجوم اخيرا مستفيده من المتغيرات العالميه والاقليميه بنهايه الحرب البارده وسقوط المعسكر الثوري الاشتراكي وتغول النفوذ الامبريالي الاطلسي على العالم بقياده الدوله الاميركيه وكذا من اخطاء وحماقات وصراعات القوى الوطنيه ضد بعضها البعض !!.
اولا :سقوط الدوله الوطنيه الديموقراطيه الاجتماعيه العادله في جنوب البلاد.
وهي الدوله التي تاسست عقب قيام الثوره الوطنيه التحرريه اليمنيه في مطلع الستينيات ضد الاستعمار البريطاني في جنوب البلاد ثوره الرابع عشر من اكتوبر المجيده
سقوط هذه الدوله جاء مع قيام الوحده اليمنيه الاندماجيه الفاشله والتي كانت اقرب الى ( الضم والالحاق ) منها الى النديه والشراكه والاخذ بما في افضل النظامين في الشمال والجنوب حسب ما كان متفق عليه ابان مشاور
ات الوحده و ما كان ىمقررتنفيذه لاحقا .
كان هذا السقوط كمحصله للوصايه السعوديه منذ قيام نظام نوفمبر الرجعي اواخر الستينيات وبدايه التدخل السعودي التآمري المباشر والامبريالي الاطلسي على الثوره اليمنيه الذي عمد الى خلق الاستقطابات المدمره واذكاء العصبويات وتصدير الفكر الظلامي التكفيري ودعم القوى المحليه المضاده بكل عوامل القوه وتسجيع الضبتط العسكريين المغامرين ذوي النزعه البونابرتيه على الانقضاض على السلطه واخذها بالقوه العسكريه الغاشمه .
وكذا لا ننسى دور الارث الثقيل لصراعات الماضي وترحيل المشكلات وعدم حلها بين فرقاء الصف الوطني وعجزهم عن حل هذه الصراعات وتجاوز التباينات باسلوب ديموقراطي وهذا يعود للبيئه المتخلفه اجتماعيا وثقافيا التي يعملون فيها ويستندون عليها وكذا الطبقه الاجتماعيه المتذبذبه الوعي والسلوك والتصورات ( البورجوازيه الصغيره ) التي انحدر منها غالبيه الكوادر والرموز الوطنيه مع استثناءات قليله .
كان سقوط الدوله الوطنيه على مراحل :
اولها فتره سادت فيها انفجارات الصراع البيني داخل بنيتها وبين مكوناتها ثم المرحله التاليه جراء تاثير العوامل الخارجيه والهجوم من الخارج اما بفعل الضغوطات ورياح التغيير والانهيارات التي حدثت لداعميها الدوليين او كنتيجه لضغوطات ومؤامرات القوى المحليه والاقليميه المضاده التي استفادت من رياح التغيير العالمي وراحت تسدد ضربات قاضيه لقوى المشروع الوطني ودولته الوطنيه المحاصره مستخدمه كل وسائل الهجزم الخشن والناعم وبدعم لا محدود من الرجعيه العربيه والامبرياليه العالميه .
وهكذا جرى خلال ما يسمى بالفتره الانتقاليه الثلث الاول من التسعينيات ضرب انجازاتها (الدوله ) الاجتماعيه والوطنيه والتخلي عن المكتسبات التي تحققت للشعب على مدار ربع قرن من الزمن خلال فتره حكم الحزب الاشتراكي اليمني وهي الفتره الذهبيه لليمن المعاصروالتي سادت فيها معاني الاستقلال والكرامه والعداله الاجتماعيه والمساواه والتحديث والتنوير .
وكان واضح ان التعبئه الايديولوجيه الحاقده قد لعبت دورا هاما في تبرير هذا الهجوم التصفوي والذي يخفي ورائه مصالح اقتصاديه طبقيه غير مشروعه لبقايا الاقطاع والكمبرادور والطفيليين والبيروقراطيين الفاسدين وكذا الشركات الاستعماريه الطامعه في استنهاب ثروه الشعب النفطيه والغازيه والبحريه وازاله كل العقبات التي تقف في طريق مخططها الاجرامي فكان لابد من تصفيه ركائز المشروع الوطني وتحطيم القوى السياسيه الوطنيه وعلى راسها الحزب الاشتراكي اليمني وازاحته من السلطه ومن دوائر القرار والتشريع كي يتسنى لها تمرير مخططها الاقتصادي والسياسي الامبريالي !!!!

كان الحكم الجديد او العهد الجديد ( الذي تباهى بالوحده ) سيئا جدا بالمقارنه مع سابقه وقد ضرب عرض الحائط بكل تلك المكتسبات وشرع ينتهج النهج الراسمالي المتوحش وقام بتفكيك كل ركائز دوله العداله الاجتماعيه وراح يطبق سياسات صندوق النقد الدولي واصلاحاته الكاذبه وكانت النتيجه هي تخلي الدوله الجديده( ان صح تسميتها دوله ) عن وظيفتها الاجتماعيه
وهكذا بدأ يتشكل مسار ماساوي للافقار الاجتماعي ليس فقط في جنوب البلاد وانما في الشمال ايضا جراء تلك السياسات الاستعماريه الهوجاء لتلك المنظمه الدوليه (صندوق النقد الدولي ) والتي ادرجت بالقوه في المخططات الحكوميه الاصلاحيه المزعومه والتي ادت وبشكل عاجل الى استنبات مشكلات اتساع الافقار الاجتماعي وتنامي البطاله وانتشار الفساد وتزايد حجم الهدر وتعاظم حاله التمييز وتدني الخدمات وتوقف شبه تام لقطار التنميه الحقيقيه وغياب الاستقرار السياسي والاجتماعي وانتشار الثقافه الاستهلاكيه وتغول الارهاب وتزايد معدل الجريمه وانتشار النزعات العصبويه الضيقه ما دون الوطنيه كالمذهبيه والجهويه والمناطقيه .

ثانيا :نشوء السلطه العصبويه العسقبليه في الشمال اواخر السبعينيات
وهي السلطه التي جاءت في اواخر العام 77 بعد الاطاحه بالسلطه البورجوازيه الوطنيه للقائد الوطني الشجاع ابراهيم الحمدي .
مدعومه من قبل قوى الاستبداد والنفوذ الرجعي الاقليمي ( النظام الاوتوقراطي السعودي ) وحليفه الامبريالي الاطلسي بزعامه الولايات المتحده الاميركيه .
وابرز ملامح هذا المشروع الاستبدادي : احتكار الثروه والنفوذ بيد المركز العصبوي القبلي وغياب الدوله وسيطره السلطه القبليه عليها بالتحالف مع الطفيليين والكمبرادور وتفشي الفساد الممنهج على نطاق واسع وتدمير المكتسبات الاجتماعيه والوطنيه والتنمويه للدوله الوطنيه واتساع ظاهره الافقار الاجتماعي وتدهور شديد للاقتصاد الوطني وتباطؤ شديد في النمو الحقيقي وتعطل لعجله التنميه الحقيقيه مع تبلور نموذج لاقتصاد ريعي مافيوي هش لا يغطي عليه وعلى مساوئه سوى تحويلات المغتربين والمساعدات الاقليميه والدوليه وبعض الجوانب الايجابيه الاقتصاديه للمبادره الفرديه .
وايضا من ملامح المشروع العصبوي الاستبدادي تنامي ظاهره العنف السياسي والحروب وتمزق النسيج الاجتماعي والقضاء على الهامش الديموقراطي وتهميش وضرب مؤسسات المجتمع السياسي والمدني وانسحاب واسع من الحياه العامه واستشراء حاله اليأس والاحباط من جدوى النضال السياسي والمدني وتنفيذ استراتيجيه تجهيل ثقافي في اوساط شرائح المجتمع والخداع الديماغوجي وترويج واسع النطاق لثقافه العنف والتطرف الديني والماضويه وتشجيع للخطاب التكفيري الارهابي كامضى سلاح في وجه القوى الوطنيه التقدميه وبدعم سخي من اموال البترودولارواموال الشعب والمنظمات الامنيه الغربيه ودوائر النفوذ السياسيه في الغرب
وابرز ظاهره او علامه على الانحدار والسقوط الاخلاقي الفضيع لهذا النظام هو تنامي النزعه المكارثيه ( ملاحقه المثقفين والكوادر والقاده والنشطاء الماركسيين )
بل وامتد الى القوميين والوطنيين الاخرين حيث تمت ممارسه ابشع الجرائم المعنويه والجسديه بحقهم وعائلاتهم وتحريض ابناء المجتمع عليهم حتى اقاربهم وجيرانهم وزملائهم واصدقاءهم وترويج التهم الكاذبه ضدهم وعزلهم في الوسط الاجتماعي وهضم حقوقهم الانسانيه والمهنيه !!!
وهو ما جعل النظام (المسمى بالجمهوريه العربيه اليمنيه ) اقرب الى الانظمه الفاشيه في الحكم وسط تهليل وترويج ومديح اميركيى واوروبي خبيثعمد الى التغطيه على حقيقته واظهاره بمظهر النظام الديموقراطي الوسطي الجيد !!!!.

مضاف اليها الاعباء الاقتصاديه الناتجه عن اخطاء التجربه الاجتماعيه وسقوط المعسكر الاشتراكي جنبا الى جنب مع اسقاط السلطه الوطنيه الناشئه سنوات 74-77 في الشمال وضرب انجازاتها التنمويه والديموقراطيه والوطنيه
مضاف اليه طبيعه النظام الاقتصادي االذي طغى عليه لمشروع الريعي الخدمي المافيوي ونالتي يعلم الجميع نتائجه الكارثيه على الوضع الاجتماعي بمختلف جوانبه .
ثالثا : صيغه ( الوحده الاندماجيه ) الفاشله
حيث ادى التسرع في تحقيق الوحده وبكيفيه عفويه ارتجاليه غير مدروسه اي دون التدرج في المراحل الموصله الى الهدف المنشود ودون الاخذ في عين الاعتبار ماضي الصراعات والتعبئه الايديولوجيه الدينيه الظلاميه الحاقده في الشمال ضد النظام الوطني الثوري التقدمي في الجنوب وكذلك الاخذ في الاعتبار طبيعه بنيه السلطه الاجتماعيه المتخلفه والفاسده والتركيبه الاجتماعيه الطبقيه والموروث الثقافي القبلي والنزعه العسكريه البونابرتيه لراس النظام وديماغوجيته المضلله وارتباطاته الخارجيه المشبوهه بدوائر الامبرياليه الاطلسيه والرجعيه العربيه التابعه واختلال موازين القوى محليا و اقليميا ودوليا وعدم ملائمه الظروف التاريخيه العالميه في زمن تغول الهيمنه القطبيه الاميركيه وانحسار النفوذ السوفياتي والشرقي عموما ورواج المفهوم النيوليبرالي المتوحش للحكم .
كل هذه المعطيات تجعل من الاسلوب الذي تم به تحقيق الوحده اسلوبا غير ملائما ويهدد اي مكتسبات قائمه ويجعل من تحقيق اي توازن فعلي او شراكه متساويه فعليه مساله صعبه ان لم تكن مستحيله !!
وبالفعل على ما نذكر انذاك نحن الجيل الجديد في مطلع الشباب كنا في تلك الايام نسمع بعض الانتقادات والتخوفات من مغبه الاقدام على هذه الخطوه السياسيه الهامه والولوج في هذا المسار السياسي الغامض الذي بدا ان الاعتبارات العاطفيه والضغوطات السياسيه والتغيرات الدراماتيكيه العالميه تدفع اليه دفعا قويا .
ترتب على هذه الصيغه الكارثيه الفاشله عمليا سلسله من الاخفاقات والانتكاسات والصراعات كانت ذروتها حرب اربعه وتسعين الظالمه التي ادت الى تدمير الوحده والحاق اضرار واسعه بالنسيج الاجتماعي وادت الى تصفيه ما تبقى من مكتسبات اجتماعيه ووطنيه حققتها الدوله الوطنيه في الجنوب كما ادت الى انتهاك واسع النطاق لحقوق عشرات الالاف من المدنيين والعسكريين وانكشاف شرائح وقطاعات شعبيه واسعه جراء هذه الاجراءات الوحشيه الظالمه و سقوطها في وهده الفقر المدقع !! مما تسبب في تنامي الشعور بالغبن وازدياد السخط الشعبي وفقدان الثقه بالوحده كفكره نبيله ومشروع عظيم وخطوه تقدميه كانوا هم المبادرين التاريخيين اليها والصانعين الفعليين لها و ادى هذا الوضع الكارثي التمييزي الظالم الى بروز القضيه الجنوبيه كقضيه عادله و محوريه ومفتاحيه لحل الازمه الوطنيه ككل والتي ركز الاضواء عليها نشوء ما يسمى (بالحراك السلمي الجنوبي)و الذي مثل تاريخيا بدايه الثوره الشعبيه اليمنيه
الثالثه التي تصاعدت وشهدت انتفاضتين لاحقتين في السنوات التاليه
والذي (الحراك السلمي ) اعتبره الكثيرون اولى ارهاصات قدوم انتفاضه الربيع العربي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟