الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فنزويلا: هجوم إرهابي ضد الرئيس الفنزويلي مادورو

خورخي مارتن

2018 / 8 / 13
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


يوم السبت 04 غشت، على الساعة 5:41 من بعد الظهر، سمع دوي انفجار قوي بالقرب من المنصة التي كان الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، يخاطب منها موكبا عسكريا، في جادة بوليفار بكاراكاس، بمناسبة الذكرى الحادية والثمانين لتأسيس الحرس الوطني البوليفاري. لم يصب الرئيس مادورو بأذى، لكن سبعة من أفراد الحرس الوطني أصيبوا بجروح.

بعد العملية اتهم الرئيس الفنزويلي في خطاب متلفز الرئيس الكولومبي المنتهية ولايته، خوان مانويل سانتوس، بالوقوف وراء محاولة اغتياله. وفي وقت لاحق أصدرت الناشطة الفنزويلية اليمينية المتطرفة، باتريسيا بوليو (من مقرها في ميامي)، بيانا لجماعة تدعى Soldados de Franelas: وهي جماعة إرهابية يمنية تضم مدنيين وعسكريين، أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم.

وبينما ما تزال بعض تفاصيل ما حدث غير واضحة، يبدو أنه كانت هناك طائرتان بدون طيار تحملان متفجرات من طراز C4، وكان الهدف هو المنصة الرئاسية خلال الاستعراض. تم التعرف على الطائرات بدون طيار من لقطات الفيديو ويبدو أنها عالية الجودة، وقادرة على حمل حمولة تزن ثلاثة كيلوغرامات، إحداها انفجرت في الهواء، ربما أسقطتها قوات الأمن الرئاسي، بينما انحرفت الأخرى وتحطمت إثر اصطدامها بمبنى سكني قريب.




أدى هذا الانفجار الثاني إلى قيام بعض وكالات الأنباء الدولية بترويج فكرة أن الانفجار كان بفعل أنبوب غاز في مبنى وليس هجوما على مادورو. وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام البرجوازية الدولية استمرت تدعو بلا كلل لاستعمال القوة من أجل الإطاحة بالرئيس الفنزويلي، فإنها عندما وقع الهجوم الإرهابي، لأجل ذلك الهدف بالضبط، حاولت إنكار حدوثه. وحتى الآن ما تزال معظم عناوين الأخبار تحاول بث الشكوك حول ما إذا كان الهجوم حقيقيا أم لا. جاءت عناوين الأخبار على الشكل التالي: "محاولة اغتيال مادورو المزعومة" حسب سي إن إن، و"هجوم محتمل بطائرة بدون طيار على مادورو" حسب صحيفة واشنطن بوست، في حين أن "إل بايس" عنونت مقالها بـ: «مادورو يستخدم "الهجوم" لتعزيز الهجوم على المعارضين السياسيين».

إرهاب المعارضة الرجعية

جاء رد فعل الحكومة الأمريكية في نفس الاتجاه، حيث لم يعملوا حتى على إدانة الهجوم، وبدلا من ذلك اكتفوا بالقول: "ليس هناك أي تدخل للحكومة الأمريكية" في الهجوم، ثم شرعوا في التلميح إلى أنه من الممكن أن يكون الهجوم من تنظيم الحكومة الفنزويلية نفسها!






يبدو أن المجموعة التي تدعي المسؤولية تمتلك بعض الروابط مع أشخاص متورطين في عمليات الإرهاب اليميني المتطرف وضابط الشرطة الارهابي : أوسكار بيريز (الصورة)،

مشكلة الإعلام الرأسمالي العالمي هي أن الاعتراف بقيام منظمة إرهابية بالهجوم على مادورو من شأنه أن يدمر كل الأساس الذي تقوم عليه قصصهم حول المعارضة السلمية والديمقراطية. ان هذا هو التوصيف الذي أعطوه لتحركات 2014 و2017، التي كانت أعمال شغب عنيفة وأنشطة إرهابية نظمتها المعارضة. في الواقع من المرجح جدا أن مرتكبي هذا الهجوم كانوا على صلة بالمشاركين في تلك الأحداث. أعلنت السلطات الفنزويلية أنه تم اعتقال ستة أشخاص في علاقة بمحاولة اغتيال الرئيس. ويبدو أن المجموعة التي تدعي المسؤولية تمتلك بعض الروابط مع أشخاص متورطين في عمليات الإرهاب اليميني المتطرف في تلك الأحداث وبضابط الشرطة (المتوفى)، أوسكار بيريز، الذي استولى على طائرة هليكوبتر تابعة للشرطة ونفذ هجوما في كاراكاس العام الماضي.

من الأكيد أن الأيام القادمة ستحمل المزيد من التفاصيل. لكن هناك شيء واحد واضح: منذ بداية الثورة البوليفارية، قبل عشرين سنة، كانت هناك محاولات مستمرة من قبل عناصر رجعية داخل القوات المسلحة للإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا وسحق الحركة الثورية بقوة السلاح. لم تقبل الأوليغارشية الفنزويلية الرجعية والطفيلية أبدا واقع أنها لم تعد تسيطر مباشرة على الحكومة، وفي هذا السياق لا نتحدث فقط عن ذلك الانقلاب قصير العمر الذي حدث في أبريل 2002 (والذي تمكنت الجماهير من هزمه بفضل تحركها الحاسم)، لكن أيضا عن تصريحات الضباط العسكريين في ميدان ألتاميرا في دجنبر من نفس العام، ومحاولة استخدام القوات شبه العسكرية الكولومبية لقتل هوغو تشافيز، في عام 2004 ؛ وعشرات من المؤامرات الأخرى الأقل شهرة. كل هذه المؤامرات -وهناك الكثير منها- لديها شيء واحد مشترك: كلها تتمتع إلى هذا الحد أو ذاك بدعم ومساندة الإمبريالية الأمريكية وتابعتها الأوليغارشية الكولومبية.

المؤامرات الإمبريالية






وفقا لبلومبرغ ، ناقش الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صراحة مسألة تنظيم غزو عسكري لفنزويلا.

يأتي هذا الهجوم بعد أن أشارت تقارير إعلامية حديثة موثوقة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد ناقش صراحة مسألة تنظيم غزو عسكري لفنزويلا. وبالإضافة إلى هذه التقارير، كانت بلومبرغ (Bloomberg) قد أشارت إلى مؤامرة انقلاب عسكري تم إحباطها العام الماضي، والتي كان أحد أهدافها اغتيال الرئيس مادورو أثناء عرض عسكري. وذكرت بلومبرغ أن محاولات الانقلاب تمت مناقشتها بمعرفة كاملة وموافقة ضمنية من طرف أجهزة المخابرات الكولومبية والأمريكية.

إن الطريقة التي جرت بها هذه المحاولة بالتحديد تشير إلى أنها كانت من تنظيم جماعة إرهابية صغيرة بدل كونها مؤامرة من تنظيم أجهزة مخابرات أجنبية. ومع ذلك لا ينبغي الاستهانة بالخطر، إذ من الواضح أن هذه الجماعات الإرهابية قادرة على الحصول على التمويل والمتفجرات ولها صلات داخل الجيش وقوات الشرطة، كما ظهر في قضية أوسكار بيريز. وعلاوة على ذلك هناك قسم من المعارضة الفنزويلية الرجعية لا يخفي دعمه لهذه الأساليب، سواء كانت انقلابات عسكرية أو هجمات إرهابية ضد رئيس الدولة.

إن معظم هذه الخلايا الإرهابية ومجموعات ضباط الجيش المتورطة معروفة، بطبيعة الحال، لأجهزة المخابرات الأمريكية، وكثير منها لديه صلات وثيقة مع مافيا المنفيين الكوبيين في ميامي، التي تمارس قدرا هائلا من التأثير على الحزب الجمهوري. من المرجح في الوقت الحالي أن تسعى واشنطن إلى تحقيق أهدافها من خلال فرض مجموعة من العقوبات الاقتصادية، التي تأمل أن تؤدي في النهاية إلى دفع قسم من الجيش لتنظيم انقلاب. لكن هذا لا يعني أنها ستتدخل لمنع شخص ما من قتل مادورو، ويمكن أن نكون على يقين من أن الولايات المتحدة كانت على علم مسبق بهذا الهجوم الأخير.

ارفعوا أيديكم عن فنزويلا!

تواجه الثورة الفنزويلية العديد من الصعوبات، وقد كنا وما زلنا ننتقد بشدة سياسات حكومة مادورو، التي نرى أنها كارثية وتمهد الطريق لعودة الأوليغارشية إلى السلطة. وحتى في الأيام القليلة الماضية، قام مادورو بإصدار عدد من الإعلانات بخصوص السياسة الاقتصادية التي تضمنت المزيد من التنازلات للرأسماليين. لكن دعونا نكن واضحين تماما في نقطة واحدة: إن انتصار انقلاب عسكري يعني نهاية الثورة البوليفارية وفرض حزمة تقشف وحشي لجعل العمال يدفعون الثمن الكامل للأزمة الاقتصادية وتدمير ما تبقى من مكتسبات الثورة. سيتم تطبيق هذا من خلال هجمة شاملة على الحقوق الديمقراطية بهدف تدمير منظمات العمال والفلاحين والفقراء، وسحق أي مقاومة محتملة. لا يمكن لأي مناضل ثوري في أي مكان في العالم أن يدعم هذا، ولهذا السبب نحن ندين الهجوم الذي وقع يوم 04 غشت ضد مادورو.

إلا أن محاولة قتل مادورو تكشف أيضا عن عدد من المسائل المثيرة حول الوضع الحالي في فنزويلا. أولا، بعض من ألقي القبض عليهم في علاقة مع هذا الهجوم، يرتبطون بهجوم غشت 2017 على ثكنات باراماكاي في فالنسيا، التي نفذها أفراد يعملون في القوات المسلحة والحرس الوطني البوليفاري. وحقيقة أنه بعد مرور 20 عاما ما يزال هناك الكثير من الضباط الرجعيين داخل الجيش هي علامة واضحة على أن جهاز الدولة، رغم ضعفه وانتزاعه جزئيا من سيطرة الطبقة الحاكمة، ما زال جهاز دولة برجوازية. هذا ما كان الرئيس هوغو تشافيز قد شرحه بوضوح في خطبه الأخيرة، عندما أصر على أنه "يجب سحق جهاز الدولة البورجوازية". إن الفكرة القائلة بأن الجيش في فنزويلا يختلف نوعا ما عن نظيره في دول أمريكا اللاتينية الأخرى أو أنه، بشكل عام، موال للثورة البوليفارية، فكرة خاطئة.

بالطبع لقد تأثر الجيش الفنزويلي بالثورة، لكن هذا لم يغير جوهريا بنيته أو تسلسله القيادي، وهكذا فإنه لم يخضع في الحقيقة لعملية تحول نوعية. كلما نزلت إلى أسفل، إلى صفوف الجنود العاديين وضباط الصف ستجد خزانا أعمق لدعم الثورة البوليفارية، لكن كلما صعدت فوق، كلما ارتفع عدد الضباط الذين تم شراء "ولائهم" من خلال الرشوة والفساد والامتيازات المستمدة من مواقعهم في بيروقراطية الدولة.

وثانيا، تقول مصادر رسمية إن بعض هؤلاء المعتقلين كانوا قد تم حبسهم بسبب دورهم في أنشطة إرهابية خلال أعمال الشغب التي أشعلتها المعارضة عام 2014 ولم يتم الإفراج عنهم إلا مؤخرا كجزء من الإجراءات التي اتخذتها مادورو بعد الانتخابات الرئاسية في 20 ماي في محاولة لاسترضاء المعارضة. لقد تسببت هذه التدابير في إثارة الغضب بين صفوف التشافيزيين، حيث أن لا أحد من هؤلاء الذين أفرج عنهم اعتذر عن تلك الأفعال التي تسببت في خسائر في الأرواح. وها هم الآن يواصلون أنشطتهم الإرهابية. هذا هو النمط الذي تكرر في فنزويلا منذ عام 2002. إن التنازلات والدعوات من أجل "المصالحة الوطنية" يتم الرد عليها دائما بالتآمر والانقلابات المتجددة من قبل المعارضة الرجعية والمزيد من الإرهاب. لكن الحكومة لم تتعلم أي شيء.

الدفاع عن الثورة البوليفارية!

إن السبب في استمرار مكائد المعارضة يكمن في طبيعتها الرجعية المتأصلة وخوفها من الثورة البوليفارية. يعتقد العمال والفقراء أنهم يمتلكون السلطة وأنهم يستطيعون الحكم، لذا فإن البرجوازية تريد أن تحطم هذه الفكرة لكي تستعيد الشعور بالأمان والسيطرة على زمام الأمور مرة أخرى. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن للحكومة من خلالها أن تتوصل إلى توافق مع المعارضة، وإلا فإن المؤامرات سوف تستمر.

وعلاوة على ذلك إذا استمرت حالة الانهيار الاقتصادي وتعمقت (لم تظهر حتى الآن أي علامات للتحسن)، فسوف يؤدي ذلك إلى المزيد من الاحتجاجات الواسعة النطاق والانهيار العام في البنية التحتية. وهذا في حد ذاته سيكون عاملا يدفع قطاعات من ضباط الجيش في اتجاه القيام بانقلاب، لأنهم يدركون أن امتيازاتهم لم تعد آمنة في ظل الوضع الراهن. يمكن أن يحدث انقلاب عسكري حتى من قبل بعض الذين يعتبرون "بوليفاريين مخلصين"، تحت ستار الحاجة إلى "يد قوية في القيادة لحل مشاكل الاقتصاد"، وتمرير السلطة إلى "حكومة تكنوقراطية" للتعامل مع الأزمة

هناك، بالطبع، طريقة للتعامل مع هذا الوضع بشكل نهائي، أو على الأقل بطريقة من شأنها إضعاف الانقلابين والرجعيين. يجب أن تكتمل الثورة بمصادرة أملاك الرأسماليين وأصحاب الأبناك وكبار ملاكي الأراضي، من أجل بناء اقتصاد مخطط ديمقراطيا تحت سيطرة العمال. يجب أن يقترن ذلك بالقضاء على الدولة الرأسمالية القديمة (التي ما زالت باقية رغم ضعفها) واستبدالها بسلطة العمال، في شكل لجان عمالية ومنظمات الدفاع الذاتي للعمال والفلاحين والميليشيات البوليفارية. يجب أن يتم تحويل الميليشيات البوليفارية من قوة مساعدة، تابعة للقوات المسلحة، إلى العمود الفقري للجيش الثوري.

لقد أبانت حكومة مادورو مرارا وتكرارا أن سياستها هي بالضبط عكس هذه التدابير، ولهذا السبب من الضروري بناء بديل ثوري متجذر بقوة في صفوف القواعد التشافيزيين، يقوم على برنامج واضح اشتراكي ثوري لإلغاء الرأسمالية. ينبغي أن يقترن ذلك بتوجيه نداء إلى العمال والفقراء في أمريكا اللاتينية والعالم للسير على نفس النهج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف