الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البيرة، وما أدراك ما البيرة!

ضيا اسكندر

2018 / 8 / 13
كتابات ساخرة


من الأحداث الطريفة التي حدثت معي خلال زيارتي لسلطنة عُمان، أنني في أحد الأيام اشتهيتُ تناول كأسٍ من البيرة في معمعان الجحيم الصيفي الذي يجثم على العاصمة (مسقط). وحيث أن عُمان دولة إسلامية ومن غير المسموح فيها الإجهار بمخالفة الشريعة، فإن كل المولات والمحلات التجارية الأخرى تتقيّد بتعليمات الحكومة ولا توجد فيها مشروبات روحية على الإطلاق.
سألت أحد الأصدقاء عن الطريقة المُثلى للحصول على زجاجة بيرة لإطفاء بعض الظمأ في هذا الجوّ الحارّ، فكان الجواب:
«هناك طريقتان، الأولى أن تذهب إلى (البارات والملاهي) حيث تُقدَّم البيرة وغيرها للرّوّاد ولكن بأبهظ الأثمان. وهناك طريقة أخرى، تذهب إلى محلّ لبيع المشروبات الروحية وتلبس لباساً بعيداً عن الزّيّ العُماني ويُفضّل (شورت وبلوزة) وتدّعي أنك تنتمي إلى الدين المسيحي. فيبيعونك البيرة بسعرٍ زهيد».
من الطبيعي والحال هذه أن أختار الطريقة الثانية. أخذتُ عنوان المحلّ مفصّلاً وذهبت برفقة صديقي المضيف السوري إلى المحلّ المنشود.
دلفنا إليه؛ إنه متجرٌ عامرٌ بشتّى أصناف المشروبات ومن مختلف الأنواع والماركات العالمية. استعرضتُ بسعادة طريقة عرض الزجاجات وتوضّعها على الرفوف بألوانها وأشكالها الجذّابة، إلى أن وقع اختياري على عبوتين من البيرة الباردة اللذيذة بحجمها الكبير. سحبتهما من الثلاّجة واتجهتُ إلى البائع بابتسامة عريضة كصيّادٍ ماهرٍ وصل لتوّه من رحلته المظفّرة يحمل طريدته النادرة.
طبعاً كل العاملين في المتجر ينتمون إلى جنسيات أجنبية من هندية وباكستانية وبنغالية وفيلبينية.. ويتحدثون فقط باللغة الإنكليزية مع الزبائن. وحيث أن لغتي ضعيفة بسبب قلة استخدامها، فقد استعنتُ بصديقي المضيف ليكون الوسيط المترجم بيني وبين البائع.
رطَنَ البائع بعدة كلمات وهو يضع طرف راحة كفّه اليمنى بشكلٍ متقاطع مع راحة كفّه اليسرى، هازّاً رأسه بحركة الهنود الشهيرة بشكلٍ أفقي دون أن يحرّك رقبته، مشيراً إلى أنه يريد تصريحاً من جهةٍ رسمية تسمح لنا بشراء المشروب!
التفتُّ إلى صديقي مستوضحاً، فقال لي بعد أن ترجم ردَّ البائع: «يبدو أننا لن نشرب البيرة هذا اليوم!»
حاولتُ إقناع البائع من خلال إبرازي لجواز السفر من أنني لست من رعايا السلطنة، وتمنّيتُ عليه أن يتجاوز الأنظمة والقوانين فقط هذه المرة، إلاّ أنه أصرّ على موقفه. وأشار لي بيديه معتذراً وهو يبتسم بأنْ وضَعَ معصميه بشكلٍ متصالب، شارحاً بأن السلطات ستقوده إلى السجن إذا ما باعني دونما تصريح!
أذعنتُ لإصراره بقنوطٍ وانكسارٍ، وأجبته باغتياظ وأنا أودّع عُبوتَي البيرة بنظرات التحسّر:
«قل لتلك السلطات أنني على استعداد للتوقيع على أية وثيقة، أُصرّح فيها بانتمائي لجميع الأديان والعقائد التي تحلّل الفرح والموسيقى والانشراح وتحضُّ عليها، وتحرّم أذيّة الإنسان لأخيه الإنسان». وأضفتُ بزهوّ: «قل لهم نحن في سورية نبيع الرحيقَ إلى كل من يرغب، وبغضّ النظر عن انتمائه العرقي أو الديني أو الطائفي أو السياسي أو القبلي أو العشائري، أو لونه أو جنسه..»
ابتسم صديقي وأمسكني بذراعي وتوجّه بي إلى خارج المتجر. وأنا أُبرْبِرُ هاجياً بصوتٍ عالٍ وبعباراتٍ فاحشةٍ أنظمة النفاق والرّياء. مطمئنّاً إلى أنَّ أحداً ممَّن يسمعني لا يفهم ولا كلمة مما أقوله، وإلاّ.. فالويل والثبور وعظائم الأمور بانتظاري!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الطريقة الصحيحة
بارباروسا آكيم ( 2018 / 8 / 13 - 17:52 )
أخي العزيز لا تشرب البيرة
هناك شيفاز ريكال 12
هذا تشتريه و تشتري معه علبة ( زيتون اسباني أخضر ) منزوع النوى وهذه هي المزة
أطفأ الإضاءة و أشعل شمعة
ثم شغل الفنان حمزة نمرة واغنيته جنجل علي الرمان
https://youtu.be/Vfzoz5gurXI
تأخذ الكأس تصب فيه للنصف ثم تضع قطعتين ثلج
لكن لا تشرب !
أولاً : أول ماتصب حاول أن تشم الأرومة الفواحة الخارجة من الكأس
ثم بعد ذلك استمتع بالحياة

تحياتي و تقديري

اخر الافلام

.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و