الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات زوجة لبناني (1)

غفران محمد حسن

2018 / 8 / 13
كتابات ساخرة


يوميات زوجة لبناني (1)

البحر والقبر وما بينهما



في عطلة الأحد من كل إسبوع ألّحُ على زوجي ليأخذني إلى أمواج بحر بيروت لأنفض بعضاً من غبار الضجر والملل والكآبة من كثرة الجلوس في الشقة الصغيرة التي تقبع وسط العاصمة ،ولكنني أجد الرفض دائما بحجة أن واجبه الإنساني تجاه والدته الذي يأخذني فيه معه من بيت لبيت وبين اربع حيطان هو خروج للترفيه بحد ذاته ويا ليت لو كان لهذا الخروج ترفيهٌ حقاً ففي كل مرة يرجعني للبيت باكية نادبة حظي ويجرحني لأسباب تافهة لا تخطر على بالِ أحد ،يبدو أن كلام أخته الكبرى غادة وكلام خالته كان صحيحاً حين اخبرتاني ذات يوم إنه رجل مريض نفسياً بسبب علاقاته الغير شرعية في الماضي مع النساء.

نعم أكاد اجزم أن زوجي مريضا فهو تارة يهلوس ويضحك وتارة يصرخ بدون سبب وتارة اخرى يكون هادئاً وكل هذه العواصف بذات الساعة.

_حبيبي شنو ذنبي تظل حابسني بالبيت؟

_ شو بدّك أعملك تنقبري هون بالشقة مافي ظهره

_شوف منيب أنا تعبت منك وبالعراقي يعني روحي طكّت منك ،بعد ما أتحمل

منك هالعيشة ،يارجل حابسني بين أربع حيطان وكلة كوم وكراكيبك كوم ثاني.

_شو؟كراكيب؟شو إشبك إنجنيتي إنتِ ،هدول ارشيف واجهزة الكترونيك عمرها ستين سنة تقوليلي كراكيب؟

_ خرّب حظي؟

_شو قلتي ؟ شو عَمْ تحكي حالك؟

_لا حبيبي ماكو شي ،أنا بس اريدك توديني للبحر والله ضايجة؟

_اوديكِ للقبر وللتربة مش للبحر إمشي فوتي لغرفتك إنقبري جوا.

وهكذا حياتي معه كل يوم وذات المنوال وتحسدني كل صديقة تعرفني بإنني تزوجت من رجل لبناني واقيم في بيروت ولا يعرفنّ البير وغطاه،فعلا حياتي معه ستودي بي الى القبر كنت مثل العصفور أو الفراشة اتنقل بين الاغصان والأزهار مليئة بالفرح والعنفوان والمرح ولكن اليوم روحي ميتة ،يحدسني صديقاتي إنني تزوجت رجلاً من بلاد الفتُّوش والتبّولة والعتابا والميجانا والنوادي الترفيهية والرقص وسهرات المطربين وبلاد الحريات للفكر والرأي ليتهنّ يعرفنّ أيُّ قمعٍ أعيشه في حياتي وأي سجنٍ اقيمُ فيه.

لا أنكر أن زوجي اللبناني علمني الكثير من الأشياء الجميلة في حياتي ،فالزواج من جنسية أخرى وبلدٍ آخر ثقافة جديدة بحد ذاته.

علمني كيف آكل بالشوكة والسكين بعد أن كنت آكل كل شيء بيدي تيمناً بالبركة لازلت أتذكر أصابع يدي وهي تتوه في ثريد البامية والتمن والدولمة ،الله وكرعة لبن اربيل صداها بعده بإذني أي وروح أبوي .

علمني أرتدي الفساتين على آخر الموضة في دور أزياء بيروت والبس الكعب العالي والذي بحياتي لم أستطع التقرّبُ عليه ،لسببين أولاً بحكم عملي الصحافي الميداني الذي يتطلب الخفة والحركة السريعة وثانياً بسبب الحفر والطسّات اللتان تملئان الشوارع بعد الإنفجارات الكثيرة والحروب الداخلية الّتي ادمت البلاد بعد 2003.

لا أنكر إنني اعيش في بلدٍ آمن وهواءه نظيف بس شلّي بهواه وأنا مسجونة بين أربع حيطان يعني هو يعشق الجلوس في المنزل ويذهب لعمله وأنا ذنبي ماهو ان ابقى حبيسة الدار ، لا أجد تفسيراً لسلوكياته ولا تدخلات اهلي واهله اقنعته بتغيير تفكيره ابداً.

لكن أظن إن ما يحصل لي هو عقاب من الله فأنا فتاة بطرانة وشايفة حالي على أهل والدي بهور العمارة ،لم تعجبني حياة النفهة من ماء وقصب وسمك وبردي وخريّط وطيور مهاجرة وجاموس ومشاحيف ولا نكهة الكِيمر والناس الطيبة .

دقيت رجل إلا أعيش في بغداد ومن ثم السفر للدراسة فأمي حضرية علمتني أن التمدن أساس تطور الحياة ، لقد تعاليت على شباب محلتنا من الحلاق سبهان للمصور نوري لبائع الكباب علاوي،إلا آخذ صحفي ومن مستواي الثقافي .

_بوية لا تظلين تتبطرين ولج العوانس كثرن بوية وماكو رياجيل ،الحروب قرضتهم ،مارضيتي بإبن عمج صكبان وكلتي عليه إمعيدي ،زين هذولة ولد بغداد إشبيهم؟

_ لا بوية آنه أتزوج واحد من هذول؟ مستحيل مستحيل! ما .. ما ..ما ارضة.

_إبنيتي علمتج إبغداد وسافرتي للخارج للدراسة ودخلتج دورات اعلامية اتطورين نفسج وتاليها تتكبرين على جذورج بوية ليش هيج ،اريد افرح بيج قبل لا تآخذ روحي المنية.

الله يرحمك ياوالدي الطيب من تزوجت زوجي اللبناني اصبحت مغرورة على الكل ،وأتباهى أمام صديقاتي واهل المحلة به ، والآن اصبح السبب في انكساري امام نفسي ،بل قبل الزواج بلطلي البحر من الوعود وجابلي لبن العصفور والآن رؤية البحر أصبحت أمنية،

يبووو شدعي عليك منيب هيك... أقصد هيج توكع بالفراش وتضطر تخليني ارجع اشتغل واخلص من سجنك.

يتبع.....

*غفران حداد إعلامية و كاتبة عراقية -بيروت










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى


.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا




.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني