الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس ثماني سنوات بعد اعادة انتاج النظام وكأنّ ثوؤة لم تحدث

فاطمة دالي

2018 / 8 / 13
الثورات والانتفاضات الجماهيرية




مرّت ثمان سنوات على الثورة التونسية ولا جديد يُذكر ولا قديم يعاد ،سوى انّنا أعدنا انتاج نفس النّظام الذي قطعنا رأسه وبقي ما تبقّى ليعيدنا لنفس دائرة النّضال من أجل الحرّية والكرامة .
ثمان سنوات انقضت ولازال الشّعب يحلُم رغم انّ الحلم استعصى عن الاتيان بكلّ جديد ، في ظلّ لا مبالاة الحكومات المتعاقبة التي لا ترغب في امتلاك رؤية سياسية واضحة تنقذ اللبلاد من وضعها الآني .

ولا غرابة أن ترى البعض يتأسّف على أيّام المخلوع ، ليس خطأ منهم إن فعلوا في ظلّ وضع اقتصادي واجتماعي وأمني كارثي بأتّم معنى الكلمة .
فمع انتشار البطالة والتّهميش وزيادة نسب الجريمة والتقهقر الاقتصادي والاجتماعي وضرب قطاعي التّعليم والصّحة ناهيك عن العمليات الارهابية التي تطلّ علينا بين الحين والآخر ناسفة أرواح الابرياء من أبناء شعبنا لتضرب أمننا وتثير حيرتنا وفزعنا وتقضي على أحلامنا او على ما تبقّى منها .

و الطّريف في كلّ هذا لا مبالاة الحكومة بما يجري "تحت" بينما تضجّ مجالسهم بالصّراخ "فوق" !
ولئن استخدم نظام المخلوع العصا الغليظة لتكميم الافواه وضرب الحرّيات وفَتح سجونه لاخماد صوت كلّ معارض انتهجت هذه الحكومات طرق مبتكرة فصمّت الآذان _كخطوة أولى _ عن متطلّبات الشّعب واحتجاجاته عن سياساتهم القمعية المبتكرة بدءا برفع الاسعار وضرب الامن وانتهاء بقطع الماء والكهرباء و قطع المواد الاساسيّة و قطع الادوية .

واذا ما اعتبرنا ضرب الامن الغذائي ليس كافيا لتركيع الشعوب و محو تصوّراتهم عن الحرّية والعدالة الاجتماعية فالامن بمفهومه العامّ قادر على فعل المعجزات .
وقد تساءل الكثيرون عن الوضع الامني في تونس وعن سوء التجهيزات والامكانيات المادية و اللوجيستية والتنظيمية للاجهزة الامنيّة مع كلّ عمليّة ارهابيّة .
والحال انّ الحكومة تلقّت سنة 2016 مساعدات أمنيّة من قبل الوكالة الامريكية للتنمية الدولية USAID بقيمة 69 مليون دولار من جملة المساعدات المقدّرة ب4, 117 مليون دولار
السؤال يطرح نفسه هنا ، أين تذهب هذه المساعدات ؟؟

تساؤلات كالعادة لم تُفض لشيء سوى للمزيد منها الاّ إذا كانت هذه المساعدات مخصّصة لحماية النظام وحكومته من تآمر الشّعب وشغبه!

لا مكان للصّدف في اللّعبة السياسيّة فالمسألة الامنيّة مسألة قابلة للمساومة وعلى المواطن أن يختار إمّا العيش بأمان أو العيش بكرامة ،و هذه المسألة في الحقيقة لا تقبل التجزئة أو الفصل ، إذ كيف يمكن أن أعيش آمنا وأنا فاقد لأبسط مقوّمات الكرامة والعكس صحيح.

انّها السّياسة الامنيّة المبتكرة لفرض التوجّهات ولتمرير ما لا يجب تمريره ، فقانون مثل قانون المصالحة لم يكن من الممكن ان يمرّ لولا العصا الزجريّة التي تمسكها الحكومة في وجه خصومها ليس من المعارضين فحسب ومن قوى المجتمع المدني الرّافض لهذا القانون باعتباره قانونا يبرّر الفساد ولا يعاقب المفسدين من رجال الاعمال الذين تمعّشوا في البلاد زمن المخلوع و الذين اعتبروها حكرا لهم ، امّا ما تبقّى من الشعب ليسوا الا هامشا على ورقة الوطن!
والحكومة التونسية كغيرها من الحكومات العربية غالبا ما تنجح في تبرير افعالها حيث اعتبرت قانون المصالحة جسرا لبناء دولة القانون ولاعادة ثقة المواطن في مؤسّساتها . بهذه الصّيغة وبغيرها من الصّيغ المغالطة التي تتخذّ من الكلمات الرّنّانة غطاء لتمرير قوانين وتوجّهات لا تحترم حقّ المواطن في الرّفض وفي محاسبة المفسدين الذين نهبوا البلاد و سرقوا خيراتها صباحا مساء وأيّام الآحاد على امتداد 23 سنة.
ايجاد مثل هذا النوع من التبريرات يصبح صعبا بل ومستحيلا إذا قام الشّعب بالاحتجاج في دولة القانون للمطالبة بالتشغيل او لرفض سياسات الدولة التشغيلية في مثل هذه الحالات ستعود العصا الغليظة للعمل مجدّدا وهو ما نشهده كلّ يوم تقريبا انطلاقا من المحاكمات المتعدّدة و المتكرّرة التي تطال الشباب في مناطق مختلفة من البلاد من سيدي بوزيد و القصرين الى المهدية وصفاقس ومنّوبة الخ..

وعليه تكون النتيجة كالآتي ؛امّا القمع و القبول او الزّج في السجون !!
ليس هذا فحسب فالمنظومة الامنيّة لا شغل لها الاّ قمع هذه الاصوات في حين تكتفي بالصّمت والمشاهدة في حال تعرّضت حياة المواطن للتّهديد من قبل أشخاص مهمّشين بدورهم . لا يوجد تفسيرا أكثر وضوحا لما يحدث على أرض الواقع بعيدا عن عليائهم، انّها سياسة الطّحن ، دعهم يطحنون بعضهم تحت حتّى يتسنّى لنا الوقت لطحنهم فوق!! إذ لا مجال لمقارعة غضب الجماهير الاّ بابتزازها و محاربتها نفسيّا وإنهاك قواها وجعلها تبدو بلا قيمة تُذكر.


فما معنى أن ينتحر شابّ(ة) عاطل (ة)عن العمل في احدى الولايات او امام احدى الوزارات ، لا معنى البتّة لكن كلّ المعنى أن يربح يوسف الشاهد معركته السياسيّة دون أن يفوّت ضحكة المنتصر في قصر قرطاج هكذا نقتل الواحد تلو الاخر و بدم بارد ..نقتل قهرا و غضبا و على دفعات لا يهمّ ..فثمن الكرامة باهظ و ما علينا الاّ دفعه مهما كان بخسا في نظرهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا


.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024




.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال