الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قاطرة البحث العلمى: إلى أين تتجه ؟

مجدى يوسف
(Magdi Youssef)

2018 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تصور البعض أن من الأسباب الرئيسية للتخلف النسبى للبحث العلمى فى مصر تهافت ميزانيته. وقد شاهدت بنفسى منذ ما يزيد على العشر سنوات "مؤتمرا" للبحث العلمى فى مصر، رافقنى لزيارته آنذاك الراحل أحمد مستجير، وكان أهم ما يشغل "الباحثين العلميين" فيه هو "كرتونة الغذاء" التى كانت توزع عليهم ! وهو ما يدل على مدى اهتمام الدولة آنذاك بهذا المرفق الرئيس لتقدم أية مجتمع ! أما اليوم فقد صار حدب الدولة على البحث العلمى واضح. فهى قد انحازت لمشروع الراحل أحمد زويل بتخريج دارسين على أعلى مستوى من الكفاءة العلمية تيمنا ب"مراكز التميز" التى صارت اليوم "نبراسا" دوليا. وأذكر فى هذا السياق أنه عندما دعيت من منظمة اليونسكو فى باريس باعتبارى حسب وصفها لى منظرا لفلسفة التفاعل بين الثقافات، وأعربت عن تساؤلى عمن تخدمه تلك المراكز "المتميزة"، ومن أى المصادر ينفق عليها فى نهاية المطاف، تعالت الأصوات فى القاعة تطالب بإسكاتى، فهنالك "إجماع" عام فى منظمات الأممم المتحدة بشأن "أهمية" تلك المراكز المتميزة. وعندما كانت صحيفة الأهرام تكرم أحمد زويل فى مبناها منذ نيف وعشر سنوات، أشاد الراحل فى كلمته بالتقدم العلمى المبهر لمراكزه المتميزه فى الهند بينما ، حسبما حرص على الإشارة إليه ، يتضور الشعب الهندى جوعا على قارعة الطريق. عندئذ ألقيت عليه السؤال التالى: وهل نريد لمصر أن تكون كذلك ؟ عندئذ لم يرد الراحل على سؤالى هذا، وإنما صمت.
فأن تكون لمصر "قلعة" علمية رفيعة المستوى فى الوقت الذى يتهالك فيه الباحثون المصريون على "كارتونة الغذاء" فى "مؤتمراتهم العلمية"، ألا يبعث ذلك على التساؤل: على من سيعود النفع فى نهاية المطاف من تلك القلعة العلمية الرفيعة المستوى ؟ على الشعب المصرى ، أم على الخارج ؟ وهو ما يردنا للسؤال الأبسط من ذلك : فيم تكمن أهمية البحث العلمى ؟ وإذا كان المواطن المصرى البسيط هو الذى يموله عن طريق الخزانة العامة ليعود عليه بإشباع احتياجاته الأساسية ، فهل يوجه البحث العلمى لهذا الغرض حقا ؟ وإذا فرض أنه يحاول إشباع احتياجات الداخل أولا ، فلم تزرع له على أرضنا مراكز "متميزة" لا هم لها سوى إشباع احتياجات الخارج ، وأن يخصص لها كل ذلك الدعم على حساب الشعب الذى لا يكاد يجد لقمة يومه ؟ أليس الأفضل أن يوجه ذلك الدعم أصلا لمراكز بحثية مهمومة بإيجاد حلول مشبعة لحاجات هذا الشعب ؟ وأن يصبح البحث العلمى هو البحث عما يخفف العبء عمن ينفق عليه من عرقه ؟ أليست هذه هى أبسط أولويات المدخلات والمخرجات فى علم المحاسبة ؟ ولا بأس بعد ذلك أن يؤدى تفاعل كل تلك المراكز البحثية المهمومة بتوظيف العلوم الحديثة لخدمة الشعب المصرى فى مختلف مجالات احتياجاته الأساسية ، أن يفضى لإبداع أصيل فى تقديم نماذج بحثية يتعلم منها الآخرون على مستوى العالم . وهو ما سنقيم عليه الدليل فى مقالاتنا القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة