الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ظلال سمير امين المفكر الأعظم في القرن العشرين حتى يومنا

احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)

2018 / 8 / 15
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في بروكسل التقيت سمير امين كان حاضرا في مؤتمر لمحاكمة شعبية لمجرمي الحرب الامريكان والصهاينة كانت محكمة للشعوب وكان صوت امين نقيا صادحا بالحديث عن كوكبنا ومخاطر الاجرام الامبريالي .. التقطنا يومها صورا معه ومع نوال السعداوي صوت المرأة المتمردة على أنماط الذكورة العربية المخصية..كان هذا حوالي العام 2004..
ولكن اللقاء الاخر كان حين اشتريت كتابه الصادر حديثا بالفرنسية حيث وقع لي الكتاب بامضائه في مقر النقابة الاشتراكية بلييج كان عن ما يسمى الربيع العربي ووجه يومها نقدا شرسا في كتابه وأوضح حدود الانتفاضات ثم علق بعدها على الغدر بها بعد ركوب جماعة الاخوان المسلمين لها وهي جماعة لا وجود سياسي لها بل وجود مافيوي مرادف ومكمل للسلطة العربية الاستبدادية
كان متحفظا اتجاهي لم ينقشع هذا الا بعد الحوار الصاخب الذي جري في النقابة الاشتراكية في لييج حيث انني عضو فيها وذكرني يومها بالروائي الكبير عبد الرحمن منيف الذي واجهني بتحفظ مشابه اثناء تغطيتي له ولمفكرين وروائيين كثر كصنع الله إبراهيم بندوة بمدينة قابس التونسية في ندوة بعد حرب الخليج الثانية تحت عنوان "العرب في مواجهة مصيرهم " ورغم ان شقته في الفندق كانت قرب شقتي ومن الطرف الاخر منها في الكلوار كانت شقة الفيلسوف الفرنسي فرانسوا لاريل أجريت مقابلة مع الفيلسوف الفرنسي وعبد الرحمن برشيد وتغطية لحمادي الصيد وكثر بينما عجزت عن ذلك مع عبد الرحمن منيف مما جعلني التف على الموضوع واضع اجاباته على الاسئلة التي وضعتها في القاعة ليرد عليها امام الجمهور ثم ترتيب مداخلة نقدية لنشرها في جريدة "القدس العربي" بلندن قبل ان تشتريها محمية قطر الإرهابية الى يوم التقيته دون ان انتبه في الشارع اليه بعد عام في دمشق قرب فندق الشام تحديدا وبادر هو الى الاقتراب مني والسلام علي والسؤال عن احوالي ..بدأت أمسية سمير امين يومها بتقديم عن نظرياته في التبعة والتطور اللامتكافئ في الأطراف وعن الأحوال العربية وتمييزه الحدود بين الثورة والانتفاضات والعوامل التي تدفع للثورة في البلاد العربية كان ذلك في عام 2012 تقريبا راقبته من بعيد فاستغربت كان عمره فوق الثمانين وكان يتحرك كأي شخص اخر بل تكاد تشعر ان في داخله شاب متمرد وعنفوان ملفت كانت ملابسه عادية بل اقل من عادية فالجاكيت الذي كان يلبسه اكبر من مقاسه بشكل واضح ولو شاهدته في الشارع ستصاب بالجنون ان هذا اكبر مفكر عرفه القرن العشرين وحتى يوم وفاته ولم يبدو عليه أي صنعة من اجل ان يبين نفسه انه المفكر الأعظم في تاريخ القرن العشرين الى يومنا وعندما جلس كان كالأسد يتحدث بقوة وبثة وبروح قتالية متحفزة ومستعد ان يقاتل عن أفكاره حتى الرمق الخير وهذا ما اثار مجموعة من الاخوانجية التوانسة الذين حضروا يومها بتفاهاتهم المعروفة وضحالتهم المثيرة للقرف حاولوا استفزازه بينهم امرأة محجبة كانت بكل سذاجة تقارن به الدجال حفيد مؤسس جماعة الاخوان المسلمين طارق رمضان الذي اعتقل فيما بعد بتهمة اغتصاب اخوانجيات اشتكين عليه خلال المؤتمرات التي كان يشارك فيها لجمهوره الاخوانجي كانت تقول له ان ما يقوله سمير امين قاله طارق رمضان ومن خلال الإسلام لم تمر على سمير امين هذه الفكرة التلفيقية و شعرت انه ليس بحاجة الى عون بقدر الى تنبيه الى بعض أفكاره فقدمت مداخلتي عن الشيخ الاحب الى فكره وهو الشيخ محمود محمد طه وكيف ان التيار الاخوانجي والوهابي كفره مع انه قدم تفسيرا من داخل الإسلام زفصل الفترة الدعوية عن المدينية السياسية ثم اعدمه النميري عميل السي أي ايه وال سعود ومحمية قطر الإرهابية شعرت يومها انه فرح وقال لي نعم هذا ما اقصده واثبت اطروحته ان الإسلام السياسي هو خادم للهمجية الامبريالية وان الشيخ محمود طه رغم انه قدم تفسيرا شاملا في كتبه عن ما هو انساني وما هو سياسي مؤقت يرفضه فان ليس ثمة جماعة واحدة إسلامية من بين الاف الجماعات الإسلامية تبنت طرحه مما يدل على انها جماعات مأجورة تدور في فلك السي أي ايه والامبريالية وخدمها من ال سعود وثاني ونهيان وصباح واللوبيات الاستعمارية..
بعدها حاولت ان انسق مع الرفيق حمدان الصميري بصفته مسؤول برامج في جمعية غخيبل للاندماج ان يتراسل معه للقاء معه وعمل مقابلات صحفية لاسيما ان ما جرى معه سابقا كان انتاجا رديئا سمعيا وبصريا ولاسيما بعد تأسيس جمعيتنا بيت الثقافة البلجيكي العربي التي باتت تملك الأجهزة والخبرة الفنية لانتاج أفلام وثائقية بمستوى احترافي عال كان يبدو ان الوقت متأخرا رغم ان الرفيق حمدان توقع ان يكون العام الماضي مناسبة للقاء معه ولكن يبدو انه لم ينجح بدعوته واستضافته على حساب جمعية كخيبل البلجيكية الكبيرة نسبيا ..
قبلها حاولت مراسلته عندما كنت من هيئة المركز الثقافي العربي بلييج لاستضافته على حساب المركز الا انني لم استلم ردا منه وكان هذا عام 2009 وعام 2010 وعام 2011 الى حين استضافته النقابة الاشتراكية في لييج وقبل دعوتها وهي التي تحدث فيها عن ما يسمى "الربيع العربي"
وكنت اخبرت الرفيق حمدان ان جمعيتنا مستعدة ان تحصر نشاطاتها باجراء المقابلات مع المفكر العالمي سمير امين اذا توفرت له الإقامة والاستضافة في بلجيكا طبعا عمل جمعيتنا الاحترافي يفوق أي استضافة فهو الأصعب والاغلى ولكنه كفاءات وليس فلوس
سمير امين كان حاضرا معي من أيام الدراسة الجامعية بجامعة حلب أوائل الثمانينات وعند عملي في مجلة الحرية الفلسطينية الصادرة من قبرص توطدت علاقتي مع أفكاره رغم انها كانت من العيار الثقيل اقتصاديا وفكريا وحيث كنت اعمل في مكتب الشهبندر لادارة التحرير لمجلة الحرية في دمشق كانت مكتبة الأسد المكان الذي اوي اليه لانهل من كتب سمير امين التي كانت جراحية ولا تجامل ولا تهادن محميات الخليج التي اشترت كل شيء ولا تهادن الامبريالية ..
لفت نظري أيضا في القترة الأخيرة ان لسمير امين مدونة في بلوك سبوت التابعة لغوغل ففاجأني انها بلغته وانها مداخلات ومقالات جديدة ومهمة جدا ولم اجد لها ترجمة عربية شعرت ان سمير امين لديه ما يقوله ولكن الاعلام الغربي وعبيده من امبراطوريات إعلامية عربية تتعمد تهميشه لهذا حاولت بامكانياتي ترجمة ما يكتبه بالانكليزية والفرنسية مع ثقل مصطلحاته ودقة افكارها فقد كانت متعبة جدا لي وما ساعدني انني كنت الم بنظرياته نسبيا ونشرت بعض ترجماتي له في الحوار المتمدن..
عندما كتبنا في جمعيتنا بيت الثقافة البلجيكي العربي اللائحة القانونية لها كان أولها مساعدة الكتاب الشيوعيين والتقدميين الذين يعانون التهميش وكان على رأسهم سمير امين كنت وفرت كل الأجهزة الفنية والبرامج المونتاجية والاخراجية لكن ما كان يعقد مهماتنا ان جمعيتنا لم تتلق أي تمويل فكان صعب جدا تمويل سفر الى باريس لمقابلة سمير امين ومحاولة تسجيل مئات الساعات معه التي كانت ستكون وثيقة في منتهى الأهمية كنت اشعر ان العمر بات يمنعه ان يكتب مع انه يكتب بقوة وان الاستماع اليه وتقديم مئات الأفلام الوثائقية عنه افضل مهمة يمكن فعلها لطلاب الدراسات العليا في المستقبل ولكل الفكر التقدمي والمسارات الإنسانية لمستقبل الكون..العمل القريب منه يجعله لايكرر الأفكار التي وردت بكتبه القيمة ولاسيما انه بثقافة موسوعية لانظير لها ..كان شغلنا المونتاجي والاخراجي والتصويرمجاني وهو يكلف الكثير اوتتهيب منه أي جمعية ان تقوم بتصوير ولو دقائق بشكل احترافي الا ان عدم وجود تمويل وامكانياتي التي اضعها على الأجهزة ومستلزمات المونتاج والكومبيوترات لاتسمح لي بتوفير مثلا خمسة الاف سورو او عشرة الاف يورو لتمويل عمل ضخم مع المفكر سمير امين كانت ستكون نتيجته مئات الأفلام الوثائقية والشروحات الخاصة والسيرة الذاتية..واعتبر ان هذه كارثة كبيرة على الفكر العربي فقد مولت محميات الخليج بمئات المليارات الحرب الاستعمارية على سورية وكان ما يتلقاه أي إرهابي يفوق الخمسة الاف او عشرة الاف كل عدة اشهر وأيضا ما يتلقاها اعلاميين مأجورين في إسطنبول لمحمية قطر الإرهابية لنشر الفتنة بينما عمل فكري ومونتاجي وسينمائي ضخم لم تتوفر له هذه الخمس او العشرة الاف دولار..عندما قرأت ما كتبه في مدونته والإهمال لما جاء فيه شعرت بمحنته انه لم يجد أي منبر يتحدث منه او ينشر به رغم القيمة الغير المسبوقة لما يكتبه ولاسيما تجربته مع رئاسة المنتدى العالم الثالث الذي اسسه للأمم المتحدة وكانت منهجيته تقوم على ان يقدم عملا نقديا للأمم المتحدة وغيرها..كان تقريرا طويلا جدا وفيه أسماء كثيرة وحواشي اثقل علي ان اترجمه حتى لااخطأ ببعض ما يريده حيث كان مكثفا ومذهلا بالفرنسية
ليس الشعوب العربية غير معنية بتاريخها ومستقبلها فأيضا السلطات البلجيكية التي تمول فيلم بثلاث او اربع دقائق بثمانية الاف دولار غير معنية بتمويل خارج مافياتها السياسية و نحن شخصيا لانخضع للتمويل فننجز مهماتنا مهما كلفنا صحيح انها تتاخر قليلا وبعضها نتيجته كارثية كعدم اجرءا مقابلات مع سمير امين الا اننا ترجمنا عدة مواد ونحاول ان نبسط من خلال ارائنا نظرياته والاضافة اليها قدر الإمكان من شروحات الا ان كان بالإمكان احسن مما كان

كان من المستحيل ان تتبع معه امبراطوريات الاعلام التابعة لحلف الناتو والسي أي ايه كقناة الجزيرة ما فعلته مع محمد حسنين هيكل لأن شخصية سمير امين لاتمت لشخصية هيكل كان اكثر جذرية ولا يهادن لا من اجل فلوس ولا من اجل ظهور اعلامي فقد زور هيكل التاريخ في حلقاته على الجزيرة تاريخ المنطقة وجيد ان عمره منحه المزيد بحيث انه عاد ورد الصاع لمحمية قطر الإرهابية وجزيرتها لدرجة ان عصابات الاخوان المسلمين أحرقت متحف وكتبات ووثائق هيكل التي لا تقدر بثمن ..
سمير امين لا يمكن ان يقوم بالخطوة الأولى أي بالظهور الاستعراضي في قناة الجزيرة مهما دفعوا له ليزور التاريخ ويمسح منه متغيرات هيكلية كالنفط والبترودولار الخليجي الذي دمر المنطقة بالاندماج الاستهلاكي والطبقة الوسطى التي هاجرت لمحميات النفط وعادت بالتخلف الجاهلي الإسلامي والتكفير والفتنة لخدمة مشاريع تفتيت المنطقة والاجندة الصهيونية والأمريكية لايمكن ان يفعل ذلك حتى لو دفعوا له مليار دولار مقابل كل ساعة على الجزيرة وهذا ما يثبت ان ما تقدمه امبراطوريات الاعلام الاستعمارية كالجزيرة والعربية وغيرها لاتقدم الا تنميطات عنصرية للفتنة وتدمير المجتمعات العربية وانها تحارب كل فكر انساني وتقدمي بشراسة قل نظيرها وهذا ما كان يدركه المفكر الأعظم عبر القرن العشرين حتى يومنا سمير امين وكان يستطيع ان يوصل رسائله وكتبه في مناخ امبريالي وحشي

للموضوع تتمة
.........................................
لييج – بلجيكا
اب اوت 2018
...........................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح
احمد صالح سلوم ( 2018 / 8 / 17 - 01:08 )
عبد الكريم برشيد بدلا من عبد الرحمن برشيد

اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024