الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من حكايات الحي القديم

فلسطين اسماعيل رحيم
كاتبة وصحفية مستقلة

(Falasteen Rahem)

2018 / 8 / 15
سيرة ذاتية


رزيقة زميلة شاركتني طريق عودتي من المدرسة يوم واحد ،لا اعرف لماذا لم يتكرر , اذكرها جيدا تلك الطفلة السمينة والتي تتحدث مثل الكبار،كنت وقتها في الصف الأول الابتدائي، اذكرها لأنها كانت اول من نبهني الى أن لهجتي لا تشبه لهجة أبناء المدينة ،وهي تقول لي قولي جبيرة ،وليس كبيرة ،وكانت تشير الى بيت ذو اشجار سدر عالية جدا ، وتقول هذا البيت الجبير بيتنا،وكانت تشدد على الجيم الاعجمية ، والتي كنت اعاني عند لفظها، رزيقة التي قالت اني اتكلم مثل المعدان ،ورغم اني حديثة العهد بالمدينة ،وقادمة من منطقة ريفية ، الا اني لم اكن اعرف من هم المعدان ، اعتقد أن لهجتي ظلت غريبة عن محيطي الى وقت متاخر جدا ، كما أن الست فضيلة وهي معلمتي في الصف الأول الابتدائي، وكانت سمراء ولها وشم في منتصف انفها،ولديها طفلة اسمها ايناس تشاركنا الصف ، كانت أول من علمني استنتاج السؤال بصيغ اخرى ، اذكر ذلك حين كانت تسالني عن اسمي وهي تحمل في يدها دفترا مستطيلا احمرا تدون فيه معلومات اظن انها كانت عني ،فاجبت اسمي فلسطين ،فقالت فلسطين شنو ؟ فكررت فلسطين ،فعادت تقول فلسطين شنو ،وكررت فلسطين ،فقالت بصوت غاضب ،ما اسم ابيك؟عرفت وقتها أن شنو قد تكون أداة سؤال ايضا ،غير أننا في بيت جدي الطيني لم نتعلمها ،فالاسئلة في بيتنا هي الأسئلة الواضحة التي لها اداوات محددة و تطلب جوابا محددا ، والتي هي بدورها محددة لا تأويل فيها،بينما لغة المدينة فيها الكثير من الغموض والذي يتطلب جهدا كبيرا من طفلة مثلي لتفهم غاية محدثها ، على اني اذكر ان الست فضيلة كانت تحبني فهي تجبر ابنتها المدللة أن تجلس جواري ، وكانت دائما تقول لها تعلمي من فلسطين ،وكنت اشعر بالزهو، وانا لا اعرف ما الذي يجب أن تتعلمه ابنتها مني،فلم اكن ذكية بمافيه الكفاية لأتميز عن زملائي ،كما أنني كنت اهمل النقل والكتابة ،واطرز دفاتري بوجوه النساء والورود ، واحسد شقيقين توأمين كانا معنا في الصف علياء وعلاء ، فقد كان لديهم دفتر رسم والوان جميلة ،ويرسمون بشكل رائع ، كنت مرة اجلس في الارض وانا منشغلة بالنقل من دفترهم الذي جاؤوا به من البيت ،كانت الرسمة عبارة عن سلم وطائر بالوان كثيرة، ولم افطن الى الست فضيلة التي كانت تراقبني ،حتى انفجرت بالضحك وهي تقول لابنتها تعالي وتعلمي الرسم من فلسطين ، وحتى اللحظة كلما تذكرت ذلك الموقف ،أتسائل ،هل كانت الست فضيلة جادة ومعجبة برسمتي ،ام انها كانت تسخر مني !

فلسطين الجنابي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر