الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلاميون العرب ووهم النموذج التركي!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2018 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


(دعوة لتنقيح الأفكار وتصحيح المسار!)
**************
هبوط الليرة التركية بهذا الشكل المريع والسريع لمجرد تغريدة كتبها الرئيس الامريكي (ترامب) على صفحته الشخصية، يؤكد للمراقبين والباحثين أن الاقتصاد التركي هش وليس بالقوة التي يصورها الاسلاميون لنا والذين ما انفكوا يحاولوا - وهم في قمة فشلهم وخيبة أملهم بعد الربيع العربي (المغدور) - تصوير نمو الاقتصاد التركي بالمعجزة الربانية السماوية!، معجزة خارقة للعادة تمت على يد السلطان (اوردغان باشا المبارك) كما لو أن اوردغان هذا ولي من أولياء الله الصالحين أو من الخلفاء الراشدين! .. كلام فارغ!!.
يا سادة، الاقتصاد التركي نما وترعرع وفق موافقات محلية ودولية واقليمية تعاضدت فساهمت في دفعه الى الإمام، فضلًا عن كونه نتاج تراكم جهود رأسمالية كثيرة حدثت منذ عقود وقبل وصول اوردغان للحكم ثم وافق موسم الحصاد تصدر الإسلاميون لقيادة الدولة!.. لا أريد أن اقول أن الاقتصاد التركي (نمر من ورق) كما يقول البعض ولكن لا شك أنه ليس بالصورة الذهبية المبالغ فيها التي يصورها لنا انصار الاسلام السياسي العرب ليتخذوا منها حجة للادعاء بأنه حينما يكون الاسلاميون في الحكم فإن (البركات) ستتنزل على البلد من السماء من كل الانحاء!.. يجب أن لا ننسى أن من أهم دعائم الاقتصاد التركي ((السياحة))، فتركيا حازت العام الماضي على الترتيب السادس عالميًا في السياحة حيث زارها 17 مليون سائح اغلبهم من أوروبا!.. ونحن نعرف ما تتطلبه السياحة من امور تخالف الدين من توفير الرقص المثير والخمور والملاهي والأجسام العارية والنوادي الليلية وغير ذلك من امور لا علاقة لها ببركات السماء لا من قريب ولا من بعيد!.

لهذا فالإدعاء أن تركيا حلت عليها بركة الاسلاميين، كلام فارغ!، بل هذا نوع من الدجل (الديموغواجي) والسياسي الذي اصبح الاسلاميون ووسائل اعلامهم يجيدونه هذه الأيام حالهم حال كافة الحركات العلمانية والقومية ذات الطابع السلطوي الشعبوي والتعبوي والنزعة الشمولية!، وهو منهج لا علاقة له بمنهج السماء ومنهج الانبياء في الاصلاح والتغيير وتمكين الفضيلة والدين الحق في المجتمعات! .. فعلى الاسلاميبن العرب - بدلًا من محاولة استنساخ النموذج التركي وهو حالة خاصة لها ظروفها القومية والمحلية والدولية - أن يواجهوا واقعهم العربي بمشكلاته الحقيقية وامكاناته الفعلية وعدم الاعتماد على مناهج الماديين التي ترى أن الحل يبدأ بالاقتصاد أولًا، فليس هذا منهج النبي والرسل انما منهج الانبياء في الاصلاح والتمكين يبدأ اولًا باصلاح العقائد والاخلاق والمفاهيم والأفكار والثقافة والعادات الشعبية السائدة، فهذا الاصلاح هو الاصلاح الأساسي والعميق الذي على أساسه يقوم البعث الحضاري والاقتصادي والسياسي السليم والمُستدام للأمة ((إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم))، وهذا ما على الاسلاميين أن يركزوا عليه جهودهم ونقودهم وأوقاتهم إن كانوا بالفعل يريدون الاصلاح ويريدون وجه الله! .. ففي هذا الهدف النبيل والعميق الأثر وبعيد المدى عليهم افراغ وسعهم في صبر جميل ونفس طويل بدون هلع واستعجال بدلًا عن تبديد طاقاتهم وأوقاتهم في كل هذا البكاء والعواء والرغاء والغثاء والهراء الاعلامي من خلال محاولاتهم المستمرة اثبات براءتهم وتصوير انفسهم على أنهم ضحية بريئة لمؤامرة محلية ودولية دنيئة وتصوير السيسي وحفتر وحكام الامارت والجيوش العربية على أنهم الشيطان الرجيم وعملاء الصهيونية والإمبريالية والصليبية!!!، كلام فارغ!.. وعليهم أن يبحثوا عن حقيقة ومبررات ومخاوف الحكام العرب منهم بكل موضوعية فقد يكون الحكام في مخاوفهم من هؤلاء الاسلاميين مُحقين من عدة وجوه!!، وبالتالي عليهم السعي لتفكيك الألغام والمخاوف والعداء المستحكم، فنحن العرب وحكامنا وقادتنا وجيوشنا في مركبة واحدة إما أن نجد حلًا عقلانيًا توافقيًا يساهم في الانطلاق نحو بر الأمان أو نظل نتصارع ونتناطح بدافع الطمع والخوف حتى نحرق هذه المركبة ونغرق جميعًا في البحر!.

على الاسلاميين المراجعة ثم المراجعة والتخلص من عقدة الاضطهاد ومخلفات ظلام السجون والخروج من صندوقهم القديم إلى رحابة الأرض والسماء!، عليهم تجديد خطابهم الديني والسياسي الفاشل والمستهلك والبالي!.. عليهم - وبكل وصدق واخلاص - التمسك بمشروع ((توطين وتمكين الديموقراطية في العالم العربي)) كخيار استراتيجي رشيد للتخلص من الحُكم الجبري والمُلك العضوض وآلية التغلُب!، هذه الديموقراطية التي تسعهم وتسع العلمانيين العرب بكل أصنافهم!، وضرورة أن يكون العمل على تمكين هذا الخيار على مراحل مدروسة بالتدريج، والابتعاد التام عن الصدام بالدولة والجيش وتهديد الأمن العام أو حتى أمن الحكام في بلدانهم!، والا سيظلون يكررون أخطائهم مليون ألف مرة ويتسببون لبلدانهم في نكسات وارتكسات تخدم اعداء الأمة وتهدم الجسور بين أبنائها وتحرق حصاد الأعوام الممدودة في أيام معدودة!.. كما يجب عليهم غسل أيديهم وعقولهم تمامًا من قصة وعقدة وعقيدة (نظرية المؤامرة) التي مفادها أن الحُكام عملاء وخونة و(يهود!!!) وكفرة وصنيعة الاستعمار، فهذا الموقف المتطرف منطلق خاطئ وضار وغير مجدي من الناحية الفكرية والعملية والسياسية فضلًا عن عدم صحته من الناحية الواقعية، فنظرية المؤامرة تشل عقولنا وتحول دون فهم الواقع ورؤية العالم من حولنا بشكل حقيقي وكما هو بالفعل!، فالتخوين وتهمة العمالة التي يتبادلها الفرقاء العرب يجب أن تنتهي فهي عبث أطفال ومنطق رعاع، بل هو سبب أساسي من اسباب أخطاء الاسلاميين وقبلهم القوميين العرب في فهم مشكلتنا العميقة وبالتالي في ادراك الحل الصحيح لها!.. فكل هذه المصائب التي حلت فوق رؤوسنا هي صنيعة جهلنا المركب وتعنتنا وسوء أخلاقنا وصنيعة الجشع والخوف!.. فلنخرج من الصندوق الرطب المعتم البالي لتنقيح الأفكار وتصحيح المسار، والله هو خير مرشد وهو خير معين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا