الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق وإيران جاران شقيقان رغم مخططات الأعداء.

جعفر المهاجر

2018 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


العراق وإيران جاران شقيقان رغم مخططات الأعداء.
جعفر المهاجر.
كلما كانت العلاقات المتبادلة بين الدول المتجاورة إيجابية تسودها لغة التفاهم ، ومبنية على أسس ثابتة من المصالح المشتركة فإنها تؤدي إلى استقرارها وازدهارها وتقدمها على جميع الأصعدة الإقتصادية والعلمية والثقافية والإجتماعية. والعكس بالعكس صحيح .وتعتبر هذه الأمور من البديهيات في السياسة العالمية. لكن الحالة في منطقتنا تشذ عن هذه القاعدة. وإذا سادت أجواء من العلاقات الإيجابية بين العراق وإيران فإنها توضع في طار الشك والريبة من قبل الحكام الطائفيين وأبواقهم الإعلامية ووعاظهم. فتراهم يسعون بكل الأساليب الملتوية لبث الفتن الطائفية والعنصرية لتخريب هذه العلاقة ، وإبقائها متوترة على طول الخط إلى أن تتمخض عن (قادسية) جديدة بستبشرون باشتعالها، ويعملون على تدبيج المقالات والقصائد والندوات عن (دلالاتها النهضوية) ويضخون المال الوفير من خزائنهم العامرة لكي تبقى مستعرة وتأكل نيرانها جيلا من الفقراء الذين لاناقة لهم ولا جمل في شن تلك الحرب. وحينذاك فقط تهدأ نفوسهم المريضة لأنها نالت مبتغاها، فتخف نيران أحقادهم المتأججة في صدورهم لفترة من الزمن دون أن تُخمد وتنتظر الحجة الجديدة لكي تنطلق وهكذا دواليك.
فمثلهم كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ.
أما المواطن العراقي البسيط مثلي فيتمنى من الله الواحد الأحد أن يبعد شبح الحرب بين الجيران،وأن يستقر بلده في ظل علاقات طيبة ومتوازنة معهم على أساس من المصالح المشتركة
ولا توجد دولة في العالم لاتبحث عن مصالحها.والمواطن العراقي يعلم علم اليقين بإحساسه الذكي ، ومن خلال التجارب المريرة التي مر بها بلده إن هذا التمني لايروق أبدا للأنظمة الإستبدادية الطائفية الوراثية وإعلامها الغارق في أكاذيبه لأن بقاءها مرهون بتأجيج هذه الفتن.ومعها بعض النخب العربية التابعة التي تخوض دوما في الماء العكر، وتبحث عن بطل وهمي للأمة العربية يحمي بوابتهم الشرقية من جديد ليصنعوا منه أسطورة من أساطير الزمن الرديئ.تاركين الأوضاع المأساوية الكبرى التي يمر بها الوطن العربي لكي يحلها الزمن.
وحين تكون العلاقة إيجابية ومبنية على التعاون المشترك مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية تردد أبواق هذه الأنظمة ونخبها السياسية بأن العراق واقع تحت ما يطلق عليه (الإحتلال الفارسي الصفوي) و(إن العراق تحول إلى ضيعة فارسية ) و( صارت اللغة العربية هي اللغة الثانية بعد الفارسية.) و( بات التعامل بالتومان أمرا طبيعيا في أسواق العراق .) وهي عبارة عن أكاذيب تافهة ظلت تنطلق من تلك الأبواق طيلة هذه الفترة التي أعقبت سقوط الصنم. وحين يقصد الزوار الإيرانيون العتبات المقدسة ويمكثون لمدة مؤقتة في شهر محرم الحرام، ويصرفون أموالهم داخل العراق ثم يعودون إلى بلدهم. يملأ بعض حكام الأعراب وأعوانهم ووعاظهم الدنيا صخبا ، ويدعون بأن (غزوا فارسيا ) وقع على العراق . و( الله أكبر ياعرب ) و(حي على الجهاد .) وهذه هي المكاسب العظمى التي تقدمها هذه النفوس المريضة المأزومة لشعوبها البائسة التي تعاني من الفقر والبطالة والأمراض الفتاكة. ولم تقم قائمة لهذه الشعوب مادام حكامها ونخبها بهذه الضحالة من التفكير.
وإذا ألقينا نظرة موضوعية بعيدة عن كل توجه طائفي وعنصري على علاقات البلدين الجارين المسلمين فإن حقائق الجغرافيا والتأريخ والإجتماع تفرض نفسها وتؤكد إن العراق وإيران بلدان مسلمان متجاوران منذ الأزل. والعلاقات بينهما ضاربة في العمق، وتربطهما حدود مشتركة تصل إلى أكثر من 1200كم. بالرغم من إن هذه العلاقات رافقها مد وجزر لأعوام طويلة تبعا لسياسة حكام البلدين .وقد كان تأثيرها واضحا على حالة الشعبين الجارين سلبا أو إيجابا. ومن يقرأ التاريخ يدرك ذلك تماما.
وأوضح صورة لسلبية تلك العلاقات هي الحرب الدموية التي أشعل فتيلها الدكتاتور المقبور صدام حسين والتي كانت من أشد الفترات حلكة بين هذين البلدين المسلمين الجارين حين وقف الدكتاتور عام 1980 ومزق الإتفاقية التي عقدها مع شاه إيران في السادس من آذار عام 1975م في الجزائر بإشراف رئيس الجزائر الراحل هواري بومدين.وكان ذلك بأمر من الإمبريالية الأمريكية .
تلك الحرب المدمرة التي دامت لثمان سنوات، وأزهقت أرواح مئات الألوف من أبناء البلدين، ودمرت إقتصادهما. وما زالت آثارها ماثلة للعيان إلى يومنا هذا نتيجة للرغبات والنزوات الفردية المحمومة لذلك الدكتاتور المتهور الذي أصيب بالغرور بعد أن أطلق عليه الأعوان من الأعراب الألقاب الفخمة التي ماأنزل الله بها من سلطان مقابل الهبات التي كانوا يتلقونها منه باستمرار. ولو أنفقت تلك المليارات على مشاريع تنموية في البلدين لتغيرت الأمور فيهما نحو الأفضل إلى حد كبير.ولأصبح البلدان قبلة الشرق. ولكن حين أصبح الشعب رهينة لرغبة دكتاتور تطربه الألقاب على حساب مئات الألوف من جثث الأبرياء تقع الكارثة، وتسفك الدماء، وتنوح الثكالى ، ويتزايد عدد الأيتام، ويحل الخراب.وهذا الذي حل بالعراق نتيجة تهوره وعنجهيته.
لقد ألقيت يوما نظرة على تلك الأرض الجرداء القاحلة المترامية الأطراف فلم أر فيها أثرا للحياة. وتساءلت مع نفسي لماذا شُن الدكتاتور الحرب؟ ولمصلحة من سفكت دماء أبناء الشعبين ؟ وضاعت الآلاف من جثث الشباب بين طيات الوديان والصحاري المترامية ؟ ولماذا رمى حكام الخليج وعلى الأخص حكام آل سعود مزيدا من الحطب لإشعال أوار تلك الحرب إلى حد إنهاك البلدين حين قال ملك السعودية الراحل فهد لصدام ( أبشر يافخامة الرئيس منك الرجال ومن عندنا المال.!!!)؟ ولماذا أقنعوا بوش الأب بإبقاء صدام على كرسي الحكم وآستمرار الحصار على الشعب العراقي لعشر من السنين العجاف تصاعدت من خلالها وحشية النظام الصدامي ودمويته وقد شهدت كل ذلك بنفسي .؟ ثم طالبوا الشعب العراقي الذي أصبح وقودا لها بجميع الأموال التي أغدقوها عليه بعد سقوطه.؟ هل حدثت كل تلك المصائب والأهوال التي عانى منها الشعب العراقي من أجل رفع شأن الأمة العربية والإسلامية أم لإضعافها ؟ وهدر أموالها ؟ وتحطيم مقدراتها؟
وفي تلك اللحظات تذكرت تصريحا لوزير خارجية غربي قال فيه يوما (إذا حدث خلاف بيننا وبين جيراننا فنحن مستعدون لعقد ألف جلسة من المفاوضات ولا نطلق إطلاقة واحدة ) ومن خلال هذا الكلام أدركت إن مسؤولية حكم الشعوب لايستحقها إلا أصحاب الهمم العالية من الرجال الذين يدركون مسؤولية الحكم وتبعاته ، ويعتبرون دماء شعوبهم من المقدسات مع إن الدين الإسلامي هو أول من نادى بحقن الدماء بين المسلمين . لكن دعاة العنصرية والطائفية يركبون رؤوسهم ، ويصرون على جهلهم وغبائهم،ولا يقرون بتجنياتهم القاتلة. فصفقوا ورقصوا لتك الحرب، وزادوها اشتعالا، ولا شك إن تلك الحرب كانت تصب في صالح الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني.وكانوا لايرغبون أبدا في إيقافها رغبة في القضاء على مقدرات البلدين تماما حتى لاتقوم لهما قائمة.
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها ظلت الأصوات الطائفية ترفع عقيرتها، وتكرر نفس الإسطوانة المشروخة. وما زلت أسمع جملة (العدو الفارسي الصفوي) تكررها أبواقهم الطائفية عشرات المرات يوميا . كلما حدث تقارب بين البلدين الجارين على اساس المصلحة المشتركة بينهما إشتدت الهجمة الإعلامية المعادية. ولا تخفي أبواقهم رغبتها في دق إسفين بين الشعبين المسلمين لإبقاء العلاقات متوترة بين الجارين المسلمين لتكون على غرار فترة الحكم الصدامية السوداء. ومصيبتهم إنهم يحتمون بالقواعد الإنكلو- أمريكية والفرنسية في بلدانهم ، ولا يخجلون من علاقاتهم السرية والعلنية مع الكيان الصهيوني.ولا تخفي بعض الجحوش الطائفية في العراق رغبتها في بناء جدار عازل بين العراق وإيران.!!! وليس معنى هذا إن كل كلام يخرج من أحد السياسيين داخل إيران هو الصحيح وغير قابل للنقد.
إن هذه التساؤلات تشغلني دوما وأنا المواطن السبعيني البسيط والبعيد كل البعد عن أجندات السياسيين وتناقضاتهم ودهاليزهم الملوثة. والحمد لله الذي جعلني لا أعرف سياسيا عراقيا أو إيرانيا واحدا لكنني ادون كلمة الحق على وأدين كل من يخرج عنه غير هياب من أحد لأنني أعشق هذه الكلمة رغم أعدائها الكثيرين. ولا أبغي من وراء ذلك جزاء ولا شكورا من أحد.
وأصحاب القرار في العراق يدركون تماما إن أول من وقف مع العراق منذ سقوط الصنم هو الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الوقت الذي كان فيه الحكام الأعراب يصدرون للعراق قطعان الإرهاب والسيارات المفخخة لقتل الشعب العراقي ، ويشنون حربا إعلامية هوجاء لاهوادة فيها ضد الحكم الجديد.
وقد تجلى موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية المشرف أثناء الغزو الداعشي الظلامي في العاشر من حزيران عام 2014 حين بادرت بإرسال الأسلحة والخبراء لصد تلك الهجمة الظلامية البربرية بعد أن صارت بغداد في دائرة الخطر الداعشي.في الوقت الذي كان فيه الكثير الحكام الأعراب ينتظرون على أحر من الجمر إلتهام داعش للعراق حين أطلقوا عليها مسمى (ثوار العشائر) وبشرت الجزيرة مستمعيها بـ (ربيع عربي في العراق قريبا.)
واليوم يكشر المقاول المتهور ترامب عن أسنانه القذرة من وراء البحار ، ويفرض حصارا غير شرعي ولا أخلاقي على إيران ليس له سابقة في العلاقات الدولية، ويهدد كل دولة تتعامل تجاريا مع دولة إيران الإسلامية وكل ذنبها أنها لم تركع لثور البيت الأبيض. ولم تقل نعم لجرائم الكيان الصهيوني ، وظلت تمد يد العون والمساعدة للشعب الفلسطيني واليمني، وتصد الهجمة الإرهابية الداعشية في سوريا والعراق.وقد صفق الأعراب لهذا الحصار من جديد. وأخذوا يضربون أخماسا بأسداس ويحددون الفترات الزمنية لسقوط نظام الجمهورية الإسلامية ، ومن المؤسف أن تنخرط في هذه الموجة من العداء الأعمى لإيران فضائيات تدعي إنها عراقية، ولم يتعظ أصحابها من قادسية صدام وجريمة الحصار التي جلبت أكبر المآسي للشعب العراقي وهي التي تدعي بالدفاع عنه في إحتجاجاته.
وكان من واجب رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي أن يكون واضحا في تصريحاته بالنسبة لموقفه من هذا الحصار الظالم وأن يعتبر مصالح الشعبين المسلمين فوق مصالح الولاية الثانية لأن حصار الشعوب الذي سارت عليه الإمبريالية الأمريكية هو من أسوأ وأحط الأعمال اللاأخلاقية. والتي تستهجنها نفوس الأحرار في العالم. وما زال حصار العراق عالق في أذهان العراقيين ذلك الحصار الذي قضى على مليون إنسان في الوقت الذي كانت دموية النظام الصدامي تشتد وتقوى. وقالت عنه (مادلين أولبرايت) وزيرة خارجية أمريك آنذاك بالحرف الواحد حين سألها صحفي بأن الحصار قضى على نصف مليون طفل في العراق فأجابت على الفور( لايهمنا شيئ سوى إبقاء الحصار ) .
هذه هي أمريكا التي تجاملها اليوم يا سيادة حيدر العبادي، وتتناسى تلك الوقفة المشرفة التي وقفتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع شعبك. لكننا نعلم حق العلم إن الكرسي يسحرويغري من يهواه ، ولا يحب مفارقته أبدا مهما كانت النتائج. ورحم الله آمرأ قال خيرا فغنم أو سكت فسلم.
بسم الله الرحمن الرحيم:
(إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ.) ق37.
جعفر المهاجر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا خصّ الرئيس السنغالي موريتانيا بأول زيارة خارجية له؟


.. الجزائر تقدم 15 مليون دولار مساهمة استثنائية للأونروا




.. تونس: كيف كان رد فعل الصحفي محمد بوغلاّب على الحكم بسجنه ؟


.. تونس: إفراج وشيك عن الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة؟




.. ما هي العقوبات الأميركية المفروضة على إيران؟ وكيف يمكن فرض ا