الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب وإسرائيل وموضوع (الدولة الدينية)

طلعت رضوان

2018 / 8 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


العرب وإسرائيل وموضوع (الدولة دينية)
طلعت رضوان
أعتقد أنّ لغة العلم تـُـحتم على الباحث فصل (عواطفه) عن الأحداث ، فأنا أعلم إنّ التيارات الدينية داخل إسرائيل لها تأثيرقوى على فرض قانون (يهودية إسرائيل) وأعلم أنّ إسرائيل منذ نشأتها ترفض أنْ يكون لها (حدود جغرافية) مع جيرانها، وذلك بهدف التوسع ، كما حدث منذ سنة1947 حتى الآن، ولكننى أتساءل لماذا الهجوم عليها بسبب (دين الدولة)؟ أليست معظم الأنظمة العربية (دول دينية)؟
بمجرد إعلان إسرائيل عن صدورالقانون المتضمن أنها (دولة دينية) تبارتْ الفضائيات والصحف والمجلات العربية (والمصرية) فى الهجوم على إسرائيل بسبب صدورهذا القانون..وهذا الهجوم يستدعى الملاحظات التالية:
أولا: هل الانزعاج العربى بسبب هذا القانون..هوالذى سيـُـنهى الاحتلال..ويـُـعيد الأرض للشعب الفلسطينى؟
ثانيـًـا: أليس القانون الأخير(مجرد تحصيل حاصل)؟ ألم يـُـعلن مؤسسوا إسرائيل منذ عام1947 أنهم عادوا إلى الأرض التى وعدهم بها (رب إسرائيل)؟
ذكرمُـتخصص فى الديانة العبرية ((أنّ الصهيونية العلمانية نظرتْ إلى اليهودية باعتبارها فولكلورالشعب اليهودى المقدس..ففكرة العهد بين الله والشعب الذى منح الخالق بمقتضاه (أرض فلسطين المقدسة) كانت بمثابة الأسطورة الشعبية ل (بن جوريون) ولكنه مع هذا استخلص منها برنامجًا سياسيًا..وقرّرحدود دولته مسترشدًا بمفاهيم العهد القديم التى لايؤمن هونفسه بها..ولكنه كان يتقـبّـلها ((كأساطيرشعبية يهودية)) وأنّ بن جوريون لم يكن يهمه إنْ كانت واقعة (الوعد الإلهى) حقيقة أم لا، بل المهم أنْ تكون هذه الأسطورة مغروسة فى الوجدان اليهودى..ولذلك يجب أنْ تكون سارية المفعول، حتى بعد أنْ ثبت أنّ الوعد الإلهى المقطوع هومجرد أسطورة شعبية، ليس لها أى مصدرإلهى..وليست هناك ضرورة لإثارة ما إذا كانت التوراة من أصل سماوى أوأرضى..وعندما سُـئل بن جوريون عما إذا كان يؤمن بالله أجاب ((السؤال هومن الله؟ إنّ معظم اليهود يتصورونه رجلا عجوزًا، بيد أننى أومن بوجود قوى مادية فحسب فى العالم)) وعلّق الباحث قائلا ((بالرغم من هذه النظرة السلبية للدين..فقد كان بن جوريون يـُـدرك أهمية استغلال الدين فى سبيل تدعيم الفكرة الصهيونية. لقد كان بن جوريون يتطـلــّع إلى بناء دولة عصرية..حتى لوخالف ذلك كل ما ورد فى التوراة..وكان يؤمن بأنّ العمل الصهيونى هوالكفيل ببناء الدولة والمحافظة عليها وليست الغيبيات، لأنه كان يعتقد أنّ الغيبيات انتهى دورها فى حياة اليهود منذ قيام الدولة..وكتب بن جوريون ((على اليهودى من الآن فصاعدًا، ألاّينتظرالتدخل الإلهى لتحديد مصيره. بل عليه أنْ يلجأ إلى الوسائل الطبيعية العادية مثل الفانتوم والنابالم..وأنّ الجيش الإسرائيلى هوخيرمفسرللتوراة)) وكان يرى أنّ للدين وظيفة عليه القيام بها وكفى..وهوما عبّرعنه عندما قــال ((إنّ الدين هووسيلة مواصلات فقط..ولذلك يجب أنْ نبقى فيها بعض الوقت لاكل الوقت)) ولم يكن يرتاح للمتدينين والحاخامات لذلك قال ((إنّ حياة اليهود لوتـُركتْ للحاخامات لظلوا حتى الآن كلابًا ضالة فى كل مكان يضربهم الناس بالأقدام)) (د.رشاد عبدالله الشامى: القوى الدينية فى إسرائيل- عالم المعرفة الكويتى- يونيو1994)
ثالثـًـا: هل إسرائيل هى الدولة الوحيدة التى استغلتْ الدين..وتمسّـحتْ فيه بالإعلان عن أنها (دولة دينية)؟ أليستْ معظم الدول العربية تــُـصرعلى تضمين دساتيرها النص على ((الشريعة الإسلامية المصدرالأساسى للتشريع))؟ ألاتضع الدولة السعودية على علمها (سيف وتحته لا إله إلاّ الله محمد رسول الله)؟ أليستْ مصر(مصردولة دينية)؟ ألم ينص الدستورعلى ((الإسلام دين الدولة..ومبادىء الشريعة الإسلامية المصدرالرئيسى للتشريع))؟
وبينما تلك المادة حظيتْ بالترتيب المُـتقدم (رقم2) فإنّ دستورسنة 1923جعلها فى ذيل المواد (رقم149) ليس ذلك (فقط) وإنما كان النص من ثلاث كلمات: الإسلام دين الدولة..ورغم مواد الدستورالتى رسّـخت دعائم دولة عصرية..ومواكبة التطورالدستورى والسياسى فى الأنظمة الليبرالية، فإنّ الليبراليين المصريين انتقدوا الدستور، لما فيه من عيوب ونقص وتناقض..وركــّـزوا هجومهم على المادة رقم (149) التى نجح التيارالأصولى فى فرضها..ومع ملاحظة أنها جاءتْ فى المواد المتأخرة البالغ عددها 169 مادة.. وبينما كانت مواد الدستورمجرد (مشروع ) أى قبل أن يُعتمد الدستورللعمل بمقتضاه..كتب محمود عزمى مقالافى جريدة (الاستقلال) فى عدد22سبتمبر1922 انتقد فيه لجنة الدستوربسبب انحيازها ((لعقيدتها الدينية))
أما عميد الثفافة المصرية (طه حسين) فبالرغم من وعيه بأنّ الأصوليين متربصون له، وخاصة بعد معركة كتابه (فى الشعرالجاهلى) عام1926، فإنه امتلك شجاعة الكتابة فى مجلة الحديث عدد أمشير/ فبراير1927 فقال " لست أرضى عن هذا الدستورالرضا كله..ففيه نقص وفيه تشويه وفيه نصوص لابد من تغييرها. ثم هاجم الذين صاغوا مواد الدستورهجومًا عنيفًا بسبب المادة التى نصّـت على أنّ الإسلام دين الدولة..فهذا النص ((مصدرفرقة، لانقول بين المسلمين وغيرالمسلمين (فقط) وإنما نقول إنه مصدرفرقة بين المسلمين أنفسهم..فهم لم يفهموه على وجه واحد..وأنّ النص على دين للدولة يتناقض مع حرية الاعتقاد..والمقال طويل ويصعب تلخيصه..ولكن أهم ما فيه أنّ طه حسين ركــّـزعلى المعنى العصرى لمفهوم الدولة State التى هى (شخصية إعتبارية) مثل الهيئات والوزارات والشركات..والشخصية الإعتبارية (ليس لها دين ولاتتعامل بالدين) عكس الشخص الطبيعى الذى من حقه اعتناق أى دين.
وإذا كانت إسرائيل الرسمية (بسبب ضغوط اللوبى الصهيونى وضغوط الكهنوت الدينى (الحاخامات) داخل إسرائيل، فرضوا حكاية أنّ يكون (للدولة دين) فإنّ داخل إسرائيل تيارعلمانى يرفض ويـُـقاوم الحاخامات..ومع إقامة ((دولة فلسطينية حرة مستقلة)) ومع رفض أية مرجعية دينية فى سن القوانين..وبالتالى فإنّ هذا التياريـُـدافع وبقوة عن مبدأ ضرورة (فصل المؤسسات الدينية عن المؤسسات السياسية) فهل زعماء الدول العربية (ومصر) الذين هاجموا إسرائيل بسبب (دين الدولة) لديهم شجاعة السماح للتيارالعلمانى ليؤدى دوره فى مقاومة الكهنوت الدينى الإسلامى؟
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الميدانية | عملية نوعية للمقاومة الإسلامية في عرب العرامشة..


.. حاخام إسرائيلي يؤدي صلاة تلمودية في المسجد الأقصى بعد اقتحام




.. أكبر دولة مسلمة في العالم تلجأ إلى -الإسلام الأخضر-


.. #shorts - 14-Al-Baqarah




.. #shorts -15- AL-Baqarah