الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدستور والتعديلات الملحة 2

ضياء الشكرجي

2018 / 8 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



المادة الأولى من الباب الأول (المبادئ الأساسية)، هي من أهم المواد لكونها تمثل تعريف الدولة وتحدد أهم ملامحها.
نص هذه المدة في دستور 2005 هو كالآتي:
«جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة، مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي.»
والأفضل أن یستبدل نص المادة بالنص أدناه:
«جمهورية العراق دولة علمانية ديمقراطية، فيدرالية واحدة، مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها برلماني.»
بهذا جعلت العبارة محبوكة أكثر، وجرى تجنب التكرار، كقول جمهورية، ثم ذات نظام جمهوري، واستخدام (الفيدرالية) بدلا من (الاتحادية)، والاكتفاء بصفة برلماني، مع تأكيد علمانية الدولة، مما يعتبر ضرورة أساسية لمعالجة سلبيات المرحلة السابقة منذ 2003. أما ضمان الدستور لوحدة العراق الذي كان واردا في المادة الأولى، فقد رحل إلى المادة التالية لها.
أما المادة الثانية، فالأفضل رفعها كليا، واستبدالها بمادة أخرى. وقد جاء في هذه المادة في دستور 2005 الآتي:
أولا: الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساس للتشريع:
أ - لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام.
ب - لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية.
ج - لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور.
ثانيا: يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والإيزيديين والصابئة المندائيين.
والمطالبة برفع هذه المادة جاء تأكيدا لعلمانية الدولة، مع تثبيت احترام الأديان بما في ذلك دين الأكثرية في أكثر من مادة، وأدرجت مراعاة دين الأكثرية في العطل الرسمية والأعياد كما جاء في المادة (11) - ثانيا من مشروع الدستور البديل.
وأسباب اقتراح حذف هذه المادة كالآتي:
لا معنى لأن يكون للدولة دين رسمي، فالدولة محايدة دينيا وقوميا. أما جعل الإسلام مصدرا أساسا للتشريع، فهذا يختزن خطورة سوء استغلالها من قبل القوى الإسلامية غير المؤمنة بالديمقراطية، لتضخ في وعاء الدولة المفترض أنها ديمقراطية أقصى ما تستطيع من مضامين الدولة الثيوقراطية، وتمارس محجة بهذه المادة تقييد الحريات وانتهاك مبدأ المساواة باسم الدين، خاصة وإن الدين متعدد التأويلات والاجتهادات.
والأخطر من ذلك عدم جواز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام، والذي كان النص المقابل لهذا النص في قانون إدارة الدولة أفضل بكثير حيث ورد أنه «لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت الإسلام المجمع عليها»، ولم يكن ذلك النص يشكل ثمة خطورة، أولا لأن «ثوابت الإسلام» لا تعني بالضرورة الشريعة، بينما بجعلها «ثوابت أحكام الإسلام» بإضافة كلمة «أحكام» جعل لاعتماد الشريعة الإسلامية وبالتالي فقه الفقهاء معيارا للحكم على ما يتعارض أو لا يتعارض مع «ثوابت أحكام الإسلام»، وزادت خطورة المادة بحذف «المجمع عليها»، التي كانت تمثل ثمة صمام أمان، لأنه مهما قيل إن ثمة قانونا يتعارض مع ثوابت الإسلام، سنجد من الفقهاء من يقول بعدم التعارض. ومع هذا لا جدوى من تعديل المادة، بل رفعها كليا هو الأولى.
ثم كون الدستور «يضمن الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي»، يعطي تبريرات لتعسف القوى الإسلامية في تنفيذ مشروعها القديم في أسلمة المجتمع كمقدمة لأسلمة الدولة، ولا يغير من ذلك أن الدستور أيضا «يضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والإيزيديين والصابئة المندائيين». ثم سرد هذه الأديان قد يلغي حقوق أقليات دينية لم يرد ذكرها، كالبهائيين والزرادشتيين واليهود وغيرهم، حتى لو كانت هناك أسرة واحدة تعتنق أحد هذه الأديان. ثم كون غالبية شعب ما تنتمي إلى دين ما، لا يجب بالضرورة أن ذلك الدين يمثل هوية تلك الغالبية، فلعل هناك من يرى الانتماء إلى العراق هو الذي يمثل هويته بالدرجة الأولى، إذ لم يجر استفاء شعبي حر عما يراه يمثل هويته الأساسية.
ويقترح بدلا من المادة الثانية آنفا أن تستحدث المادة أدناه:
المادة (2):
يضمن هذا الدستور وحدة العراق وفق مبدأ الاختيار الحر، وسيادته، وأساسَي ديمقراطية النظام وعلمانية الدولة فيه، ويعزز مبدأ المواطنة.
هنا ثبتت أهم خمسة أسس يكون الدستور ضامنا لها: الوحدة، والسيادة، والديمقراطية، والعلمانية، والمواطنة، كبديل لدولة المكونات (الأديان والطوائف والأعراق). وأعلم إن جعل وحدة العراق وفق مبدأ الاختيار الحر، سيجري الاعتراض عليه من قبل سائر القوميات، باستثناء الكرد، ولذا فإن هذا ما ينبغي مناقشته مفصلا عند إجراء عملية التعديل الدستوري، وقد بينت مبررات دعوتي لاعتماد هذه الفكرة في مقالة سابقة، لا حاجة لتفصيل ذلك هنا.
أما المادة الثالثة فتبقى تقريبا كما هي، باستثناء حذف العبارة الأخيرة:
النص في دستور 2005:
العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب والثقافات، وهو عضو مؤسس وفعال في جامعة الدول العربية، وملتزم بميثاقها، وجزء من العالم الإسلامي.
النص المقترح:
العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب والثقافات، وهو عضو مؤسس وفعال في جامعة الدول العربية، وملتزم بميثاقها.
هنا حذفت عبارة «وجزء من العالم الإسلامي»، ذلك تأكيدا لعلمانية الدولة. ولو إني أرى حتى ذكر كونه عضوا مؤسسا وفعالا في جامعة الدول العربية، لا مبرر لذكرها، خاصة وإن الجامعة بحاجة إلى إجراء إصلاح شامل لها، ولكن قد يكون وجودها يسهم في حماية العراق من تجذير نفوذ دول مجاورة غير عربية، شرقا وشمالا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القانون دين الدولة الرســــــــمي
كنعان شماس ( 2018 / 8 / 17 - 13:34 )
تحية يا أستاذ ضياء الشكرجي المحترم ... العبارة أعلاه وردت في احدى مقالات المفكر السوري نادر القريط واظن لو حلت محل العبارة الملغومـــــــــــــة الدين الفلاني دين الدولة الرسمي لكانت وفرت كل وجع الراس واللف والدوران والحيرة وهدر الدماء والأموال ... تحية لميولك الإنسانية السامية وقلمك المنيــــــــر


2 - شكرا جزيلا للعزيز السيد كنعان شماس
ضياء الشكرجي ( 2018 / 8 / 17 - 15:56 )
بلا شك يجب أن تكون السيادة والمرجعية للقانون العادل العلماني مع تحياتي

اخر الافلام

.. #shorts-1- Al-Fatihah


.. #shorts -2-Al-Fatihah




.. #shorts- 3- Al-Fatihah


.. #shorts -4-Al-Fatihah




.. كيف نفذت المقاومة الإسلامية في لبنان بعملية في عرب العرامشة؟