الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهدئة تحت سيف قانون يهودية الدولة؟!

سعيد مضيه

2018 / 8 / 18
القضية الفلسطينية


أسلوبان لتحدي قانون يهودية دولة إسرائيل: مظاهرة شعبية حاشدة ضمت العرب واليهود ممن يرون في القانون خطرا مشتركا، وتصعيد مواجهة مسلحة مع جيش الاحتلال تخللها تدمير وقتل في مناطق من القطاع وانتهت باتفاق تهدئة! تكرار لسياق ما سمي انتفاضة ثانية تخللها "تبادل إطلاق النار" اسفر عن اجتياح مناطق السلطة وأعمل جرافات الاستيطان بلا توقف حتى الوقت الراهن. أما شعوب العالم فقد ارتفع منسوب اهتمامها بمعاناة شعب فلسطين نظرا لعاملين طارئين:
الأول، على إثر صدور قرار الكنيست بقومية دولة إسرائيل، تمت البرهنة على مصداقية الحركة الدولية من اجل عزل إسرائيل ومقاطعتها وسحب الاستثمارات منها (بي دي إس). وعزز قانون الدولة اليهودية مصداقية تقرير منظمة الإسكوا حول نظام الأبارتهايد الإسرائيلي ، والذي أعدته فرجينيا تيللي بالتعاون مع ريتشارد فالك، المفوض السابق لحقوق الإنسان في فلسطين. قوبل التقرير لدى صدوره في آذار 2017، باستنكار سفيري إسرائيل والولايات المتحدة، وامر سكرتير عام الأمم المتحده بتنزيله عن الموقع الإليكتروني للمنظمة الدولية. اكتسبت حملة مقاطعة إسرائيل وعزلها وسحب الاستثمارات من اقتصادها المشروعية العملية في عامها الثالث عشر ، وغدت اكثر مركزية في مجهود عزل إسرائيل على نطاق دولي وتأكيد تماهي الأبارتهايد الإسرائيلي بالأبارتهايد الذي انهار في جنوب إفريقيا.
والثاني، كشف قتل المتظاهرين السلميين بالذخيرة الحية عن بنية الهيمنة الإسرائيلية؛ قارنت كتابات عديدة قتل المتظاهرين العزل في غزة يوم 14أيار أثناء احتفالات نقل السفارة الأميركية الى القدس، بمذبحة شاربفيل بجنوب إفريقيا عام 1960، وكانت نقطة اللاعودة لنظام أبارتهايد جنوب أفريقيا، حيث فضح طابع أسلوب الحكم هناك أمام العالم . المجازر المتعاقبة في غزة أسوأ بكثير من مجزرة شاربفيل، حيث شهوة قتل الفلسطينيين مسلسل لا ينقطع عبر سلسلة من المواجهات.. يستهدف الفلسطينيين العزل بما في ذلك المسعفين في مرافق تقف بعيدا عن حرس الحدود. توقيت المجزرة جسد ائتلاف الإرهاب بدعم الامبريالية.
لكي لا تتطور المقاومة والتضامن الدولي حتى إحكام طوق الحصار والعزلة ، لاذت إسرائيل بفن الخديعة والتحايل تتفوق فيه بقدر تفوقها في استعمال آلات القتل الجماعي والدمار الشامل. مثل الحاوي أخرجت من القبعة لعبة "التهدئة"؛ قدمت للمشهد المسرحي برفع منسوب القصف من الجو وأطلقت تهديدات الإبادة، مستثمرة لصالحها معادلة "الدم بالدم والتصعيد بالتصعيد"؛ ومن سقف الحصار والتجويع وهدم البيوت ومؤسسات الثقافة والطب وشح الكهرباء وتلوث المياه والبيئة، ومشاكل أخرى متلتلةـ في خضمها طرحت خيار التهدئة لتلقى الاستجابة جاهزة. دويخة تطيّر الصواب وتشتت انتباه الخصم كي يستجيب لإشارات التنويم المغناطيسي: تصعيد – تهديد –تهدئة !!
هكذا للأسف الشديد مضىت المواجهة –ولا نقول الصراع- في فلسطين، عبر قرن مضى أشبه بمصارعة بين محترف مصارعة او كاراتيه مع فرد عادي سرعان ما يكبله ويثبته. ليست لعبة تحسب فيها النقاط ، بل عدوان يستبيح الأرض!!
إسرائيل نجحت في تحويل المواجهات المسلحة بالأراضي المحتلة منجما تستخرج منه خبرات امنية واجهزة أمنية وشركات امنية تصدر خبراتها لمختلف الأقطار. الاحتلال ونظام الأبارتهايد، حسب حصيلة التقصي الذي أجرته نعومي كلاين، الصحفية الكندية المناهضة لسياسات العولمة الجديدة، وهي مخرجة أفلام تسجيلية: " شكل التوسع السريع لاقتصاد الامن عالى التقنية، شهية قوية جداً داخل اسرائيل للفئات الغنية والقوية المتعلقة بالتخلى عن السلام من اجل القتال فى حرب دائمة ومتوسعة على حركات المقاومة التى تسميها اسرائيل ب ‘الارهاب’". تقصي الكاتبة اوصلها الى الحقائق التالية: تحولت صادرات اسرائيل الى اقتصاد يعتمد بصورة معكوسة على بيع الخبرة والاجهزة المتعلقة بمحاربة "الارهاب"، وتشمل لائحة نخبة زبائن شركات إسرائيلية مكتب التحقيقات الفيدرالى في الولايات المتحدة، والجيش الامريكى، والبحرية الامريكية، والاسطول الامريكى، وشرطة لندن. كذلك فإن الصور الملتقطة فى شبكة قطار لندن مسجلة على كاميرات مراقبة "فرينت"، لشركة اسرائيلية عملاقة، ونفس الكاميرات تستخدمها وزارة الدفاع الامريكية، وفى مطار دلز الدولى فى واشنطن، وفى الكونجرس الامريكى، وشبكة القطار السريع فى مونتريال، ولها زبائن فى اكثر من خمسين دولة.
حيث ان الحرب امتداد للسياسة، وهما مكرسان لخدمة الاقتصاد فقد اسندت إسرائيل لقانون يهودية الدولة مهمة تأبيد نظام مدر للثراء وضع إسرائيل في المرتبة الرابعة على الصعيد الدولي في تصدير الأسلحة. ومن جديد يتفاعل الإرهاب والدعم الامبريالي: حيث ترمب يحكم البيت الأبيض، يهب القدس بكاملها عاصمة لدولة إسرائيل ويعلن عن صفقة القرن بتأييد صريح من عملائه ابن سلمان وزمرته من حكام الأنظمة العربية، يعلنون اصطفافهم بجانب إسرائيل، او يصمت بعضهم خشية بتأثير بعض الحساب للرأي العام، بشكل غير مسبوق باتت الطريق مفتوحة لوضع اللمسات القانونية لتمليك فلسطين لليهود، إذ الاستيطان بات واجبا قوميا حسب نص قانون يهودية الدولة.
من جهة مضادة فجرت جريمة إسرائيل يوم 14 أيار حملة تضامن مع شعب فلسطين اضطرت العربان المتواطئين مع صفقة العصر لأن يقبعوا في جحورهم، وبعضهم بالغ في النفاق ، مثل وزير خارجية البحرين ، الذي أيد "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس"، وهي تضرب بالصواريخ الأرض العربية السورية، زاود على وزراء الخارجية المجتمعين في مقر الجامعة العربية إثر مجزرة غزة ، ندد بجرائم إسرائيل وهاجم انتهاكاتها للقانون الدولي!
نجاحات الحركة الصهيونية بفلسطين تمت بمزاوجة الإرهاب والعنصرية ودعم الدولة العظمى.في المؤتمر الصهيوني الأول1897 ، تقرر الارتباط التبعي بدولة او مجموعة دول ذات نفوذ وتحويل فلسطين دولة لليهود. وخلال الفترة اللاحقة لم تتحرج الحركة الصهيونية من إظهار ازدراء عنصري تجاه الفلسطينيين ، ولم تتحفظ في إقصائهم من تدابيرها بالخداع والمراوغة. في آذار 1919 اقترح وايزمن عقد اجتماع مع روتشيلد تداولا فيه مسالة تطهير عرقي في فلسطين لغير اليهود، بوصفه موضوعا لا ينفصل عن خططهم. اقترح في اللقاء نقلهم الى مصر وسوريا لكن قيل ان الكتمان ضروري. وفي العام 1907 نشر أحد القادة البارزين في الحركة بعد وفاة هيرتزل بسكتة قلبية عام 1904، ويدعى كلاوزنر ، مقالة نقدية بمجلته "هشلواح" قرّع فيها الكتاب اليهود دعاة التفاهم مع الفلسطينيين. اورد في المقال أن الفلسطينيين أشباه متوحشين ولا يليق بنا ، نحن الذين عاشرنا الأمم المتحضرة طوال ألفي عام أن ننزل لمستوى الفلسطينيين. أكد كلاوزنر صدامية العلاقة مع شعب فلسطين. هل كانت مصادفة ان يتزامن المقال مع صدور قرارات مؤتمر كامبل بنرمان رئيس وزراء بريطانيا؟ فقد تضمنت القرارات إقامة دولة غريبة بالمنطقة تمنع توحد الأمة في كيان سياسي واحد. وصادف أيضا أن كلاوزنر لقن عنصريته لاحد الصهاينة المتطرفين، وهو بنزيون نتنياهو ، والد بطل قانون الأبارتهايد الجديد.
وتذمر المتدينون لدى أوسيشكين مدير الصندوق القومي اليهودي من منع تشغيل العرب، حيث انهم يراعون قداسة يوم السبت ، ورد أوسيشكين ان التحريم الصهيوني للعمالة العربية أقدس من يوم السبت. وردت الحكاية وحكاية لقاء وايزمن- روتشيلد، في مؤلف استقصائي دقيق عنوانه دال على مضمونه، "دولة الإرهاب ، كيف قامت إسرائيل الحديثة على الإرهاب " من تأليف توماس سواريز عام 2016، وترجمه الى العربية محمد عصفور وصدر بالعربية في سلسلة عالم المعرفة في أيار 2018. يعود المؤلف الى وثائق وسجلات بريطانية لم تُنشر من قبل، من بينها أوراق سرية، ومراسلات دبلوماسية وتقارير مخابراتية، ليبرهن حقيقة أن الجزء الأكبر لدوام العنف إلى اليوم بلا أي حل هو هذا الإرهاب الممنهج والذي لقي ويلقى الدعم باستمرار. ولنا اعتراض على وصف إسرائيل ب "الحديثة"؛ فقد يعني قيام دولة قديمة لليهود بفلسطين. لم يعرف الفضاء الفلسطيني دولة يهودية قبل إسرائيل، مثلما أثبتت بشكل قاطع معطيات علم التاريخ ونتائج الأبحاث الأثرية. والتوراة ذاتها مخطوط بشري دون في القرن الخامس قبل الميلاد حمل أشواق مدوِّنيه ونفثات سخطهم على الواقع الذي عاشوه. وما من إشارة ضمنية تربط حكايات التوراة بفضاء فلسطين غير تفسير مغرض من قبل مستشرقين رسل لامبريالية الغرب
يقول الكتاب ان الصهاينة مارسوا الإرهاب منذ انتهاء صدور الكتاب الأبيض البريطاني عام 1939، لأنه وعد بالحد من تدفق الهجرة اليهودية الى فلسطين. وهو يقدم الوثائق الدالة على ان الصهاينة أضمروا قبل صدور وعد بلفور مخطط اقتلاع شعب فلسطين من وطنه. ومباشرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية نشط إرهاب المنظمات الصهيونية ضد القوات العسكرية البريطانية وضد الفلسطينيين، وشملت ممارسات الإرهاب الشرسة الجماعات اليهودية المعارضة لمشروع الصهاينة ولأساليبهم المتبعة. وما إن حل العام 1946 حتي "فقدت بريطانيا السيطرة لصالح المنظمات الإرهابية ". وفي الصفحة 131 من الكتاب يورد المؤلف توجه غورت ، المندوب السامي البريطاني، لدى استشراء الإرهاب الصهيوني، الى احد اليهود يدعى نيوتن عاش مدة في احد الكيبوتسات، ويتقن العبرية، يطلب منه تفسيرا لأعمال القتل الصهيونية، فقال نيوتن: ان مصدر العنف والولاء القومي المتصلب هو النظام التربوي اليهودي... وما يضخ في آذان الشبان اليهود في فلسطين من تحريض وهيستيريا. وقد أنتج هذا النظام التربوي والدعاية السياسية شبانا وشابات مستعدين للقتل لتحقيق مآربهم السياسية". والتقط البريطانيون رسالة وجهها موشه آرنز زعيم الهاغاناه ، المنظمة العسكرية الموالية لبن غوريون ، تثبت مشاركة الحركة في الأعمال الإرهابية؛ إذ تحدثت عن نية إحداث "شيء خطير"، يكون تحذيرا من أمور آتية أخطر إذا تقاعس البريطانيون عن الاستجابة لمطالب الصهاينة(129-130).
وبصدد اغتيال المفوض البريطاني للشرق الأوسط، لورد موين في القاهرة، و كما ذكرت في حينه مجلة إيكونوميست البريطانية في نوفمبر 1942، أن" قتله صلب المشكلة الراهنة ، المتمثلة في ان الصهاينة الذين تدعمهم أميركا يريدون فلسطين كلها ، وأن أي شخص يعرض عليهم ما هو أقل من ذلك يعد عدوا لهم". وفي الصفحة 102 تضمن الكتاب تقريرا استخباريا أميركيا عن الشرق الأوسط(4 يونيو 1943) يصف الصهيونية في فلسطين"شكلا من أشكال القومية التي ستوصم في أي بلد آخر بأنها نازية رجعية "، وتطرق التقرير الى تحذير صدر عن وزارة الحرب البريطانية من ان "المستوطنين ينظمون انفسهم على أسس ديكتاتورية تعرض حياة كل يهودي يعارض ‘خط الحزب’ معارضة صريحة للخطر ". انتقد نفس التقرير تخلف الصهاينة عن أن "يمضوا أكثر باتجاه إنقاذ المساكين الذين كانوا يعيشون في دول المحور في اوروبا لو انهم لم يصروا دوما على حشر القضية الفلسطينية المعقدة في الصورة" .
في وثيقة اخرى(ص21) تاكيد بان قبول الوكالة اليهودية لقرار تقسيم فلسطين "لم يكن سوى تحرك عملي ضمن جدران الأمم المتحدة . فقد حذرت المخابرات البريطانية والأميركية من انه ليس ثمة من زعيم إسرائيلي ، او احد من المستوطنين كافة، لديه النية في احترام قرار التقسيم". فالحقيقة ان ثمة وثائق يعود تاريخها الى ما قبل انتهاء حكم الانتداب، تثبت ان " البريطانيين والأميركيين كانوا واثقين بأن خروج بريطانيا سينتج عنه إنشاء دولة يهودية ، ليس وفق قرار التقسيم ، بل مساحة الأرض التي ستتمكن الميليشيا الصهيونية من السيطرة عليها بالقوة".تقارير سرية في حينها تثبت تواطؤا على ايتغفال شعب فلسطين!
وتم إرهاب يهودا ماغنس، رئيس الجامعة العبرية، حين انتقد "النزعة الشمولية المتنامية لدى اليهود" وتنديده للضغوط " المتصاعدة من اميركا للخضوع للشمولية الصهيونية التي تسعى الى إخضاع الشعب اليهودي كله الى مذهبها" (130)، جوبه بحملة دعائية لتلطيخ سمعته دونما اعتبار لمكانته الأكاديمية. وماغنس ، شأن أينشتاين وأحد هعام وحنة أرندت ونوعام تشومسكي، عارضوا مشروع الدولة، مفضلين الاكتفاء بوجود ثقافي تنويري بفلسطين ..
وأعلن رئيس بلدية تل أبيب انه سيتزعم حركة ترفض التقسيم؛ لكن العمليين قالوا إنهم "يرحبون بالتقسيم " لأن التقسيم يعني إقامة دولة وأن الدولة تعني "التسرب والتوسع".... وفي مذكرة من أربع صفحات الحقت برسالة الى بن غوريون ونقلت منها نسخة الى سنيه أن "الحل الأخير" في فلسطين سيقرره "ميزان القوى على الأرض، وليس التقسيم" (139) .
التزم الصهاينة بالاستراتيجية المقررة في مؤتمر التأسيس 1897، وانسجمت التكتيكات مع الاستراتيجية تُراكم مقوماتها لتحول الخرافة الى واقع متعين على الأرض. حتى في فترة المفاوضات العبثية بعد اتفاق أوسلو لم يظهر حكام إسرائيل أدنى لفتة تعبر عن الرغبة في العيش المشترك؛ بالعكس من ذلك تواصل التحريض العنصري ضد العرب وبات السياسيون في إسرائيل يطلبون التأييد الشعبي على موجات قتل الفلسطينيين والتنكيل بهم والتحريض على كراهيتهم. سعى شمعون بيرس، شريك اوسلو، يطلب تأييد الناخبين على إيقاع مجزر قانا عام 1996 في حملة عناقيد الغضب حيث قتل اكثر من مائة طفل وامرأة، مستندا إلى دعم الولايات المتحدة؛ بالفعل عاقبت الإدارة الأميركية أمين عام الأمم المتحدة، بطرس غالي، بمنع إعادة انتخابه للمنصب لأنه سمح بتوزيع نتيجة التحقيق في الجريمة على الميديا. بعدها درجت الولايات المتحدة على تعطيل التحقيقات الأممية في جرائم إسرائيل والتباع الآخرين مثل حكام السعودية والإمارات.
مقابل انسجام التكتيك والاستراتيجية في النشاط الصهيوني تخلفت المقاومة الفلسطينية؛ بدلت الاستراتيجية مرارا وتناقض معها التكتيك المتبع. فالقيادة أبوية مزاجية تستخف بالعلم وبالتخطيط والتنظيم ولا تعبأ بالحشد والتعبئة والتدريب ، علاوة على استرشادها بثقافة سلفية اتباعية بطركية تنحو للتقليد والمحافظة، ترفض الأخذ بالأساليب الحداثية واهمها استخدام التفكير الاستراتيجي، وممارسة النقد والنقد الذاتي والمراجعة النقدية لعوامل الضعف والقدرة على تحقيق الإجماع الوطني كشرط للوحدة الوطنية. وللأسف لم تزل بعض قيادات المنظمة ترفض مجرد التفكير وأخذ العبر؛ رغم الخسارة الفادحة لما سمي الانتفاضة الثانية في بداية هذا القرن، الانزلاق في المواجهة المسلحة غير المتكافئة مع قيادة شارون تعاود فصائل فلسطينية الحديث عن تكافؤ مع القوة العسكرية الإسرائيلية.، كي تنتهي ب "التهدئة".
حقا من الممكن إفشال العدوان العسكري المتفوق بقدراته التدميرية ، لكن مهمة التحرير وتفكيك نظام الأبارتهايد يقتضي تكتيكا غيرالانزلاق في أعمال انتقام والرد بالمثل. يقول البروفيسور الأميركي خبير القانون الدولي، ريتشارد فالك، " في اعتقادي ان الفرصة متوفرة الآن أفضل من أي وقت مضى، لحشر أبارتهايد إسرائيل في حالة ضعف موازية. ويجب أن تعطى عناية فائقة لأحد الدروس المستوعبة خلال نصف القرن الأخير، أن التفوق العسكري قد فقد قيمته التاريخية. والحروب الكولنيالية انتهت بانتصار الجانب الممسك بالتفوق الأخلاقي. ومنذ عقود والفلسطينيون يكسبون مشروعية الحرب لإنجاز مثل هذا التميز الأخلاقي، وحان الوقت لأن تكتمل المهمة الكفاحية بالقوة الناعمة".
هذه الحقيقة الموضوعية طرحها من قبل هشام شرابي ، إبان فعاليات الانتفاضة الفلسطينية(1987) وانهيار المنظومة الاشتراكية؛ إذ قدمتا، حسب رؤيته، نمطا جديدا لنضال التحرر، يستند إلى الحراك الشعبي؛ فلم تعد ثورات الصين وفييتنام والجزائر وكوبا نموذجا يحتذى في الوقت الراهن، خاصة في منطقة الشرق الأوسط.؛ حيث تستغل إسرائيل والولايات المتحدة الفرص للتدخل العسكري وإشعال الفتن الأهلية و الحروب بالوكالة او مباشرة. تنتشر في العالم الحركات الشعبية من اجل الخلاص من مخطر الحروب ومن ربقة عولمة الليبرالية الجديدة. ويرتبط مستقبل النضال الفلسطيني بتعاظم هذا التوجه في الحياة الدولية.
بدلا من الاشتباك مع المتاهات المنهكة قدم الخبير القانوني الدولي، فولك، نصيحة للفلسطينيين- العودة الى تقرير الإسكوا . فكما أورد التقرير، ان إسرائيل دولة عنصرية، من وجهة نظر القانون الدولي ، كما عُرض في اماكن سيادية عديدة، خاصة في قانون الأمم المتحدة لعام 1973 حول " الميثاق الدولي لمنع الجريمة الدولية للأبارتهايد والمعاقبة عليها" . يؤكد الخبير الحقوقي الدولي من جديد " الاستنتاج المركزي للتقرير القائل ان الممر الشرعي الوحيد للسلام الدائم للشعبين يتطلب اولا رفض إيديولوجيا الأبارتهايد وتفكيك بنيته؛ ويترتب علي ذلك استنتاج مركزي آخر ، ان جميع الحكومات والمؤسسات الدولية ، وكذلك البنوك والشركات ملزمة طبقا للقانون الدولي ببذل أقصى الجهود لوضع حد لجريمة الأبارتهايد التي تقترفها قيادة دولة إسرائيل. ويتبع ذلك أيضا ان تقديم المساعدة المادية او الدبلوماسية لإسرائيل باتت امرا مخالفا للقانون" حان الوقت لأن تمارس الهيئات الشعبية الفلسطينية نفوذها على القرار الفلسطيني المستشرف أفق تفكيك نظام الأبارتهايد الإسرائيلي. فهذا النضال عادل والوسائل المتبعة فيه عادلة أيضا، وهو توجه يحظى باحترام وتعاطف ملايين البشر.حيث يتساند الإرهاب والدعم الامبريالي تتصدى المقاومة والتضامن لتحدي الأبارتهايد وبنية الدعم الجيو سياسي المقدمة له. فهذا هو الطريق الذي أدى لإسقاط نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا.، وينفتح الان طريق مماثل للنضال الفلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست