الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع عند درجة صفر

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2018 / 8 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


وصل المجتمع العربي ..وخصوصا اليمني.. الى درجة صفر في مستويات الحياة بدلالاتها العامة حيث تدمير ممهنج لممكنات الوجود الاجتماعي للأفراد والاسر وتغييب مقصود للوازم الغذاء والدواء او المتاجرة بها بغية رفع الأسعار والتلاعب بها وما ينجم عن ذلك من معاناة للغالبية من محدودي الداخل والاهم تدمير لشبكة العلاقات والتفاعلات التي يتشكل معها ومنها نسيج المجتمع واوصر العلاقات الانسانية .
فالمجتمع يقوم على نسيج مبني من القيم والعلاقات والثقافة التي ان اهتزت او تدمرت ينهار معها المجتمع ويدخل في عملية صراع وحروب أهلية طويلة الأمد .. ناهيك عن تدمير الدولة كأهم رافعه سياسية لمشروع الحداثة الذي ناضلت شعوبنا سنوات طويلة من اجل الولوج نحو عالم الحضارة والحداثة والخروج من مسار الصحراء وعقليتها وثقافتها ..لكن ..مسار الخروج لم يتم بشكل كلي فكان ان تم بناء مشروع حداثي غير مكتمل وبأدوات قديمة تارة وضعف نشر الفكر الحداثي تارة اخرى .وغياب الرموز الوطنية التي تشكل قدوة وقيادة مخلصة للقيم وللوطن او وصول نخب غير وطنية لسدة القرار فانحرفت بالمشروع الوطني والتحديثي ...
ومن هنا فالمسار التحديثي وقفزاته الاولى من خلال ثورات تحرر لم يترتب عليه سوى تغييرات محدودة مؤسسيا وثقافيا وتعرض المسار لاهتزازات كبيرة من الخارج والداخل وصولا الى انهيارات شبه كاملة جعلت المجتمع يتقهقر نحو الدرجة صفر التي كان عليها قبل مشروع التحديث . فالانحراف عن الخط الثوري والوطني والتحديثي اظهر نخبة سياسية ومعها نخبة اقتصادية يتصفان بالانتهازية وتعظيم البيزنس السياسي الاقتصادي اكثر من تعظيم قضايا الوطن والشعب وهذه النخبة نراها اكثر حضورا في دول الربيع العربي حيث عملت ولاتزال في الانحراف عن مسار الثورات الشعبية وتحويل مجتمعاتها الى معارك أكلت الأخضر واليابس كما يقال .
درجة صفر يراها البعض خصوصية واصلانية حيث المجتمع ببساطته الأولى في تكوينات أولية افضل من تعقيدات السياسة والمتغيرات الدولية ولهذا فالنزعة نحو القبلية والبداواة لها حنين لدى الكثير من النخب وعامة المجتمع ..
وهؤلاء في تجربة اليمن اسهموا بتدمير الدولة من داخل مؤسساتها كما انهم واعوانهم واخرون كانوا ولايزالون حلفاء الخارج بالداخل كانوا ولايزالون ضد الداخل لحساب الخارج ... هذا الخارج كان منذ زمن يهدف لهدم الدولة الوطنية ومشروعها التحديثي وصنع لذلك جماعات عنف متعددة ناهيك عن دور شركات البيزنس واغراق الاسواق عبر تغلغل السلع الرأسمالية التي تفوق حاجات المواطن وقدراته الشرائية ..
في واقعنا العربي عامة (اليمني خصوصا) كانت الدولة ولاتزال هي المتخيل السياسي الذي يستهدف بناء الامة وتوحيد المجتمع وفق هوية وطنية تتعالى فوق الهويات الفرعية ذات المنحى الانقسامي وبالتالي اكساب الافراد وجموع الشعب وعيا سياسبا جديدا ينتقل بهم من اقبية البداواة والقبيلة واوهامها في ميتافيزقا الوجود والوعي الى وجود احتماعي وسياسي تتشكل معه شخصيات مدنية تعي وجودها الحداثي ومشروعها الوطني وتعزز دورها الانتاجي والابداعي لدعم مسار التطور والتحديث ...لكن ..رموز الجماعات والاحزاب المناهضة لمشروع التحديث اسست مراكز قوى بدلا عن مؤسسات الدولة حتى جاء لاعبون جدد وضعوا يدهم على الفضاء العام ومؤسساته ورموا بمراكز القوى نحو الخارج بعد ان انهوا سطوتهم ..
الجدير بالذكر ان المجتمع الذي تنهار دولته وثقافتها المدنية يعود الى القبيلة والعشيرة وترتفع الرماح بوجه من كان يعرف بعضهم بعضا فتنهار منظومة القيم الاخلاقية والدينية ليدخل الجميع في حروب اهلية تزداد ضراوة مع انهيار مؤسسات الدولة وقوانينها هنا تكون الدرجة صفر التي سقط الجميع فيها وهي درجة تجعلهم خارج التاريخ ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت