الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فى ضرورة الفلسفة لمجتمعاتنا العربية

مجدى يوسف
(Magdi Youssef)

2018 / 8 / 20
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


درجنا فى حياتنا العامة على أن نعترض على محاولات التبرير بالعبارة الشهيرة "بلاش فلسفة". وعلى العكس من اعتراض الراحل محمود أمين العالم فى مقال له على هذه العبارة ، فإنى أوافق عليها إذ أنها تعبر عن رفض محاولات "الغلوشة" على وقائع واضحة فى حد ذاتها. لكن ذلك لا يعنى رفض الفلسفة باعتبارها وعاء حكمة الشعوب وخلاصتها. وما التدين فى حد ذاته إلا فلسفة شعبية بهذا المعنى. فالمرء، كل امرء، بحاجة إلى بوصلة منهجية تعينه على فهم الحياة والتعامل معها عن طريق صورتها فى ذهنه. وهو ما يتيحه عدد خلايا اللحاء المخى الذى حقق عبر التطور الطبيعى تمايزا نوعيا للنوع البشرى بإزاء الأنواع الأخرى من الأحياء، مما جعل القدرة على التجريد أعلى مستويات الوعى فى الطبيعة. وهو ما درجت المراجع الحديثة على تعريف صاحبه ب "الإنسان العاقل"
Homo Sapiens.
إلا أن هذه القدرة التى حظى بها النوع البشرى دون سائر الأنواع الحية إنما توظف فى سياقات مجتمعية بعينها. فإذا ما اختلفت تلك السياقات فى خصوصياتها التاريخية والمجتمعية النسبية ، كان على ذلك التجريد أن يختلف بدوره. وهو ما لا يحدث للأسف. وذلك بسبب هيمنة تجريدات ورؤى فلسفية نبعت من سياقات مجتمعية بذاتها على مجتمعات أخرى مفارقة للمجتمع الذى صدرت عنه. وهو ما لا يعنى رفض تفلسف الآخر، كما لا يعنى قبوله على حاله ، وإنما ضرورة إعادة النظر فيما يقدمه من اجتهادات وتنظيرات ابتداء من الاختلاف الموضوعى للسياق المجتمعى المستقبل لها. وهو ما لا يحدث فى الغالب إلا عندما يكون هنالك مشروع مجتمعى يقف أصحابه على أرضيته بصلابة ويرفضون التوحد بأى آخر مهما حقق من تفوق. فالعبرة هنا لموقف المستقبل – بكسر الباء- مما حققه الفكر المستقبل – بفتح الباء- من منجزات توضع فى نسبيتها مهما كانت تجريداتها على درجة عالية من التكثيف.
لماذا هذه المقدمة ؟ لأننا فى عالمنا العربى الراهن والمعاصر نجابه هذه الظاهرة الإشكال بصورة خاصة منذ فجر العصر الحديث الذى لعبت فيه المجتمعات الغربية دورا رئيسا فى معظم المجالات العامة. فماذا نحن فاعلون بإزائه ؟ وكيف نجابهه ؟
بعد أن كنا مركز العالم القديم ، صرنا على هامش الجديد. وصارت كعبتنا فى الحياة هى الغرب بمنجزاته التى ننظر إليها بعيون منبهرة ، محاولين أن نستنسخها ل"نلاحق العصر" الحديث بدورنا. لكننا فى غمار ذلك ننظر لأنفسنا بدونية تحددها معيارية الغرب تصورا منا أننا بذلك نحقق تقدما على أنفسنا. والحقيقة أننا نعمق بذلك تخلفنا ليس فقط عن ذلك الآخر، مهما سعينا للحاق به، وإنما ، وهو الأهم والأخطر، عن أنفسنا. فماذا نحن إذن فاعلون للخروج من هذه الحلقة الجهنمية ؟ هذا هو موضوع الحلقة القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام