الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهر آب يذكرنا بشهدائنا الأبرار

وديع السرغيني

2018 / 8 / 21
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


شهر آب يذكرنا بشهدائنا الأبرار

وهو الشهر الذي يذكرنا بمن فقدناهم وافتقدتهم الحركة الطلابية، والحركة التقدمية الديمقراطية المغربية. شهداء سقطوا الثلاثة في هذا الشهر، خلال معركة الأمعاء الفارغة، عنادا، وصمودا، واحتجاجا على تلك الأحكام الجائرة.. ثم رفضا لظروف السجن المذلة التي افتقرت حينها لأبسط الشروط، التي قد تحفظ كرامة المعتقل، وتضمن له حقوقه في متابعة دراسته، وفي التزود بالجرائد والمجلات، والراديو.. وفي التطبيب والمتابعة لأوضاعه الصحية، وفي ضمان الزيارة المباشرة لأفراد عائلته وأصدقائه ورفاقه..الخ
في ظل هذه الشروط أبى الرفاق إلا أن يدافعوا عن أنفسهم، وعن كرامتهم، حيث كان سلاحهم الوحيد والأقوى، هو الامتناع الجماعي والمنظم، عن تناول الطعام، حيث خاض الشهيدين مصطفى بلهواري وأبوبكر الدريدي، إضرابهم ضمن مجموعة مراكش، التي تم اعتقالها غداة الانتفاضة الشعبية ليناير 84، ليسقطا شهيدين بعد حوالي الستين يوما من الإضراب، بخلاف الشهيد عبد الحق شباظة الذي خاض تجربة مماثلة جنبا إلى جنب معتقلي منظمة "23 مارس" بسجن لعلو بالرباط، ليسقط هو الآخر بعد 64 يوما من الإضراب والذي خلف في كلا التجربتين بالإضافة للشهداء، المرضى، والمعوقين، وأصحاب العاهات المستدامة..الخ
ونحن نذكر بهذا التاريخ وهذا الحدث الأليم، كان لا بد من التذكير كذلك بتجربة وعطاء هؤلاء المناضلين للحركة الطلابية وللحركة الديمقراطية والتقدمية بشكل أشمل.. إذ لا يجادل أحد في كون الشهداء الثلاثة انتموا خلال الفترة نفسها للفصيل الطلابي المناضل، فصيل الطلبة القاعديين، المناضل من داخل صفوف المنظمة الطلابية إوطم - الاتحاد الوطني لطلبة المغرب - التي مثلت الطلبة لعقود، ودافعت عن مطالبهم، وأطرت نضالاتهم، وقادت احتجاجاتهم المطالبة بتعليم شعبي ديمقراطي علماني وموحد.. احتجاجات ونضالات منفتحة على الواقع الشعبي الجماهيري، الذي أطرته الحركة الطلابية حينها، وفق شعارها الخالد "لكل معركة جماهيرية صداها في الجامعة". إذ لا بد من الإشارة أن أبرز هؤلاء المناضلين، وأقدمهم، هو الشهيد مصطفى الذي امتدت تجربته من سنة 77 إلى سنة 84، حيث عايش فترة الحظر القانوني، ثم فترة الشرعية التي كان خلالها مؤسسا لتجربة المجالس القاعدية بكلية العلوم بمراكش قبل المؤتمر السادس عشر، و الذي تميزت نتائجه بالمواقف التراجعية والمخيبة لآمال عموم الجماهير الطلابية ونشطاء الحركة القاعدية.
لم يستسلم حينها الرفيق ولم يقبل بهذا الوضع الجديد، الذي هدد بشكل كبير جماهيرية الاتحاد، معززا وضع الفصائل الحزبية، حيث فرض التمثيلية باللوائح، في محاولة بئيسة وضيقة، إن لم نقل مشبوهة، كان الهدف منها قص أجنحة الحركة القاعدية، التي وجدت لها صدى وتعاطف كبير في الأوساط الطلابية.
 تحمل المسؤولية، وقاد جهاز التعاضدية، إلى أن تم اعتقاله إبان انتفاضة يناير، ليحاكم بعدها بعشر سنوات نافذة، مخلفا وراءه، سجلا نضاليا مازالت الحركة القاعدية بجميع مكوناتها وتفرعاتها، معتزة به، ومشيدة بالدور القيادي الذي لعبه الشهيد خلال الصراعات التي رافقت المؤتمر الفاشل، السابع العشر، وما تلاه من معارك، كان أهمها معركة مقاطعة الامتحانات، بما هي معركة لمناهضة مخطط "الإصلاح الجامعي" حينها، ومعركة لتنزيل "البرنامج المرحلي" للطلبة القاعديين الذي تم إقراره على إثر التنسيق الوطني القاعدي الذي تم في دجنبر 82.
بخلاف الشهيد عبد الحق الذي التحق بالجامعة، وبصفوف الطلبة القاعديين، بداية الثمانينات، حيث كان مناضلا صلبا، مشاكسا، تحمل مسؤوليته ضمن مجلس الطلبة في إطار إوطم، ليتم التشطيب عليه بسبب من حركيته ونشاطه وقيادته لمجموعة من المعارك، كان أهمها معركة إجلاء الأواكس - أي  الحرس الجامعي - ومعركة مقاطعة الامتحانات..الخ
وبالرغم من قساوة عملية الطرد هذه في حق الرفيق عبد الحق، لم يستسلم، وواصل النضال على واجهة أخرى، مجسدا ارتباطه بالطبقة العاملة كبروليتاري ثوري اشتراكي وما يتلزمه من استقطاب عمالي، وتعبئة، وخوض معارك اقتصادية وسياسية.. حيث كان للرأسمالية وللعيون الساهرة على مصالحها، رأيا آخر، دفع بها للحد من خطورته والتقاطه، بالتالي، ليتم الزج به في السجن، والحكم عليه بسنة نافذة، كانت غنية بالنضالات، والاحتجاجات، والبيانات، والاضرابات المحدودة، ضد تعسفات مدير السجن - الكومندار - التي لم تترك للمعتقلين خيارا سوى الإضراب اللامحدود، الذي أوقف مسيرة هذا المناضل الشهم الذي لا زالت آثار تجربته المتميزة، منيرة لطريق العديد من نشطاء الحركة الطلابية، التقدميين والديمقراطيين والقاعديين.
أما بخصوص تجربة الشهيد أبوبكر وهو الأصغر سنا ضمن هؤلاء الشهداء، 19 سنة فقط، كان أهمها بالحركة التلاميذية، إضافة لمدة قصيرة بالحركة الطلابية، انخرط في صفوف الطلبة القاعديين، وهي التجربة التي مكنته من اكتساب خبرة مشرفة، دفعت به للارتباط بهموم الجماهير الشعبية، والدفاع عن مطالبها، والمشاركة في احتجاجاتها.. وهو الشيء الذي جعله هدفا للنظام ولأجهزته القمعية التي لم تتوانى عن اعتقاله، ومحاكمته، وسجنه بتهمة المؤامرة، ومحاولة قلب النظام.. بمدة خمس سنوات نافذة.
فإلى جانب رفيقه مصطفى وباقي الرفاق في المجموعة، انخرط الشهيد في العديد من المعارك، والاحتجاجات طلبا لتحسين أوضاعهم، ولتجميعهم في نفس السجن والجناح، والسماح لهم بمتابعة دراستهم، وبالاطلاع على ما جد من الأخبار والأحداث السياسية والاجتماعية المغربية..الخ إلى أن سقط الرفيق شهيدا جنبا إلى جنب رفيقه مصطفى، جراء نفس المعركة ونفس المطالب.
هذا باقتضاب شديد، ما عاشه هؤلاء المناضلين الأبطال، الذين بصموا التاريخ بما قدموه من تجارب وتضحيات، شكلت قيمة إضافية ومعتبرة للحركة الطلابية ومكنت الاتحاد الطلابي من رسم طريقه النضالي الوحدوي، ومن تعزيز قدراته التنظيمية، والذود عن وحدته، التي لا تنفي، ولا ترفض الصراع والتناقض، في إطار منظومة وحدة - نقد - وحدة، التي تؤطر النضال الطلابي، وتحافظ على الاتحاد، بناءا على مبادئ أربعة تاريخية لم يتم إنتاجها اعتباطيا، وهي التقدمية والديمقراطية والجماهيرية والاستقلالية.
وهي المبادئ التي أملت على هؤلاء المناضلين وعموم نشطاء الحركة القاعدية بالانتماء "للنهج الديمقراطي القاعدي" والاجتهاد في صياغة برامجه وأوراقه وتصوراته التي دافع عنها، خلال جميع المحطات والمناسبات النضالية والانتخابية محليا ووطنيا.
لقد انتمى جميع هؤلاء لاتحاد ضم حينها أربعة فصائل طلابية، كان أقواها النهج الديمقراطي القاعدي بجميع حساسياته الفكرية والسياسية، والطلبة الاتحاديون "بيمينهم ويسارهم"، يعني لائحة "أنصار الكنفدرالية الديمقراطية للشغل"، ولائحة "رفاق الشهداء"، و"الطلبة الديمقراطيون" أنصار جريدة أنوال، ثم طلبة حزب "التقدم والاشتراكية".. حيث كان الصراع على أشده بين هذه الفصائل، صراع لا ينفي وجود الآخر، صراع يقبل بالتحالفات، كما وقع في المؤتمرين، وخلال انتخاب التعاضديات، ولحظة تشكيل مجالس الفروع ومجلس التنسيق الوطني..الخ
هذه المنهجية الديمقراطية التي تغيب بشكل مطلق عن ثقافة الفصائل الطلابية الحالية، والتي تعتمد وتحبذ الاستفراد، والإقصاء، والعنف في حق المخالفين.. والقدح والتجني في حق المعارضين، بمن فيهم التقدميون والديمقراطيون الأقحاح.. الشيء الذي نتمنى تجاوزه من طرف جميع الفصائل المراهنة على نضال جماهيري قوي، يضع مصلحة الطلبة ومستقبل الجامعة والتعليم الجامعي، فوق أي اعتبار.. حيث الضرورة لبناء اتحاد يتم تطويره بناءا على المعطيات الحالية والملموسة، ويسمح بإشراك جميع الفعاليات الديمقراطية والتقدمية في هذا التشييد التاريخي العظيم.. وتحية لعائلات ورفاق الشهداء والخزي والعار لكل من تخلى أو خان.
وديع السرغيني
غشت 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة