الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بدون مؤاخذة- أردوغان يتمنع وهو راغب

جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)

2018 / 8 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


جميل السلحوت
بدون مؤاخذة- أردوغان يتمنع وهو راغب
من يتابع تطوّرات الأزمة الحالية بين تركيّا والولايات المتحدة الأمريكيّة لا بدّ أن تراوده عدّة أسئلة، وأن تعود به الذّاكرة قليلا إلى الوراء.
فأردوغان الذي واصل الاستمرار في عضويّة "النّاتو" كان له دور رئيس وبارز في حرب الإرهاب الكونيّة التي شنّتها قوى الاستكبار العالمي على سوريّا منذ العام ٢٠١١، وارتضى أن يقوم بتنفيذ هذه الحرب من خلال استقبال قوى الإرهاب التّكفيريّ الظلاميّ، وتدريبها وتسليحها والتّنسيق معها ومع كنوز أمريكا وإسرائيل الاستراتيجيّة في المنطقة العربيّة، وفي مقدّمتهم قطر وبقية دول الخليج الذي كان عربيّا، وأردوغان وزبانيته من العربان كانوا ينفّذون الأجندات الأمريكية المتمثّلة بمشروع الشّرق الأوسط الجديد، الذي يسعى إلى إعادة تقسيم المنطقة العربيّة إلى دويلات طائفيّة متناحرة، وتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصهيونيّ الاستيطانيّ التّوسّعيّ. ولم تكن إسرائيل بعيدة عن تحالف العربان مع تركيا وأمريكا في استهداف سوريا وتدميرها وقتل وتشريد شعبها، واستنزاف جيشها، بل كانت شريكة في هذا التحالف، وتركيا لم تكتف باحتضان وتسليح وتدريب قوى الإرهاب في سوريا، بل ساهم جيشها في الحرب لتحقيق انتصارات لقوى الإرهاب في بعض المناطق، ومن أراضيها تنطلق قوات وطائرات قوى الاستكبار العالمية لضرب سوريا وجيشها، ولا يزال الجيش التركي يحتل أراضي سوريّة حتى يومنا هذه. كما أنّ تركيا احتضنت داعش وأخواتها، واشترت منها النفط السوريّ الذي استولت على بعض آباره لتمويل هذه القوى الارهابيّة.
والحديث عن دور تركيّا في المنطقة، وتحالفاتها الاستراتيجيّة مع إسرائيل وأمريكا وغيرها ليس مجالنا في هذه المقالة، بل سنجتهد في تفسير الخلاف الحالي بين تركيا وأمريكا.
فتركيّا التي تسعى أن تكون الدّولة الإقليمية الأولى في المنطقة – وهذا حقها- يستحيل أن تسمح لها أمريكا بأن تتفوّق على إسرائيل التي تمثل القاعدة العسكريّة الأمريكيّة المتقدّمة في منطقة الشّرق الأوسط. ومع أهمّيّة دور تركيّا في المنطقة نظرا لقوّتها الاقتصاديّة والعسكريّة، إلا أنّ أمريكا لا تنظر إليها إلا كحليف مساند تابع لإسرائيل! ويتمّ تفعيل دورها بين حين وآخر لإثارة الفتن الطائفيّة، خصوصا وأنّ تركيّا بشعبها المسلم السّنّيّ، يمكن جرّها لعمل توازن مع ايران المسلمة الشّيعيّة! وهذا ما جرى في الصّراع الدّائر في سوريا، حيث اصطفّت ايران مع سوريا وجبهة المقاومة، في حين اصطفت تركيّا مع قوى الاستكبار والإرهاب العالميّ، ولمّا شارفت الحرب على سوريّا من نهايتها بانتصار سوريا الجيش والشّعب، يبدو أنّ أردوغان أدرك مدى الخطيئة التي وقع فيها، وأنّ رهانه على أمريكا وإسرائيل مجرّد وهم تدحضه الحقائق على الأرض.
ويخطئ من يعتقد أنّ الخلاف الأمريكيّ التّركي هو بسبب اعتقال القسّ الأمريكيّ المتّهم بالتّجسس في تركيّا، فمعروف أنّ أمريكا وغيرها من دول الاستكبار والطّغيان تمدّ الحبل لأعوانها إلى حدود معيّنة لتحقيق أهداف أمريكيّة معيّنة، ثمّ لا تلبث أن تعيدهم إلى حجمهم الطبيعي الذي لا يسمح لهم بتخطّي الدّور المرسوم لهم، وما جرى لحسني مبارك في مصر وزين العابدين في تونس ببعيد.
ويبدو أنّ الطيّب أردوغان الذي يشكّل هو وحزبه "العدالة" ذراعا لجماعة الاخوان المسلمين بدأت تراوده فكرة السلاطين العثمانيّين، الذين حكموا المنطقة لأكثر من أربعمائة عام لها ما لها وعليها أكثر ممّا لها بكثير، فبدأ محاولاته بالظّهور كقوةّ اقليميّة تستقطب العالمين العربيّ والاسلاميّ، مع أنّه لم يرد في حساباته الخروج من حلف النّاتو مثلا، لكنّ أمريكا وقفت له بالمرصاد؛ لأنّها تعرف جيّدا القوّة الوهميّة للاقتصاد التّركي التي ظهرت في عهد أردوغان، ليتبيّن أنّ هذه القوّة اعتمدت على الاقتراض من البنك الدّوليّ، وأن أمريكا أرادت تحجيمه من خلال تغيير القواعد المتفق عليها في التبادل التّجاري بينها وبين تركيّا، وبدأت الليرة التّركيّة بالانخفاض السريع أمام الدّولار الأمريكي، وهذا شكّل لأردوغان صدمة قويّة وغير متوقّعة من أمريكا.
وإذا ما أحسنّا النّوايا بسياسة أردوغان فإنه خطا خطوات لافتة في التّحرّر من بيت الطاعة الأمريكيّ، منها شراؤه للصّواريخ الرّوسيّة المضادّة للطائرات من طراز "اس ٤٠٠"، بعد أن رفضت أمريكا بيعه صواريخ الباتريوت. كما أنّه رفض الالتزام بما يسمّى "العقوبات الأمريكيّة"على إيران، وهذا قضيّتان لافتتان وتشيران إلى توجّه لدى أردوغان بالبحث عن تحالفات جديدة قد تغيّر قواعد التوازنات المائلة في المنطقة اذا ما استمرّ بها، يضاف إليها ابرام اتفاقات مع ايران، الصّين وروسيا لتبادل تجاري بالعملات المحليّة، وهذا ستكون له آثاره على الدّولار.
وإذا ما واصل أردوغان سياساته هذه، وسار في طريق الخروج من حلف الناتو، فإنه بلا شك سيحظى بدعم شعبه وشعوب المنطقة، وستأخذ تركيّا دورا رياديّا في المنطقة والسّياسة العالميّة، وهذا ما نتمناه لتركيا.
22-8-2018










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكران


.. متظاهرون يحتشدون أمام جامعة نيويورك دعما لاعتصام طلابي يتضام




.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان