الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موزمبيق: الكسارة الاقتصادية وجوزة البلاذر/الجزء الثاني

مظهر محمد صالح

2018 / 8 / 23
الادارة و الاقتصاد


موزمبيق:
الكسارة الاقتصادية وجوزة البلاذر/الجزء الثاني

مظهر محمد صالح

لقد رسم البنك الدولي منذ العام ١٩٩١مسارات اقتصاد تلك البلاد التي مزقتها الحرب الاهلية وهو يحمل الرؤية الاقتصادية للمدرسة النيوكلاسيكية، مؤكداً انه اذا ما ارادت الحكومة الموزمبيقية ان تكون مهنية في التعاون ومساعدة البنك وصندوق النقد الدوليين فان عليها تحرير تجارة الصادرات من جوزة البلاذر الخام خلافاً لرغبة الحكومة والصناعة المحلية.
وبناءً على ما تقدم، فقد رُفع الحظر على صادرات البلاذر في العام 1992 وخُفضت الضريبة المفروضة على البلاذر الخام المصدر تدريجياً من 60 بالمئة لتصبح بنحو 14 بالمئة في العام 1999. ونتيجة لهذا الاجراء اصبح العرض المتاح من منتوج البلاذر لاغراض الصناعة المحلية شحيحاً ومرتفع الثمن ما ادى الى انسحاب الموارد المحلية والاستثمارات المخصصة لمعالجة وتصنيع ذلك المنتج. كما انخفضت استفادة المزارعين بسبب الكلفة العالية التي تتحملها عملية تصنيع جوزة البلاذر (اي من معالجة وتعبئة وتغليف)، فقد اظهرت التقديرات ان الدخل الاضافي الذي حصل عليه المزارعون جراء تحرير صادرات البلاذر الخام لم يتجاوز خمسة ونصف دولار اميركي للعائلة الواحدة سنوياً، في حين ابتلع الوسطاء والمضاربون في المدن 60 بالمئة من عوائد التصدير لوحدهم. وان العائد الضئيل للمزارعين بات شيئا لا يقارن بالعاملين الذين فقدوا فرصة عملهم في تصنيع منتوج البلاذر والذين زاد عددهم على 11 ألف عامل عاطل. ومع ذلك اصرت النظرية النيوكلاسيكية بالقول ان تحرير التجارة والمزايا النسبية التي تحصل عليها البلاد هي تفوق قيمة تلك الموارد التي جرى تخصيصها على نحو غير كفء في إعداد ذلك المنتج.
الا ان الادعاء النيوكلاسيكي اعلاه لم تدعمه اية نتائج من الواقعية الاقتصادية، فموزمبيق وغيرها من البلدان الفقيرة لا تمتلك سوى اسواق ناقصة غير كفوءة ومقيدة وتعاني في الوقت نفسه من عجز في قطاع النقل والاتصالات والمعلوماتيه، فضلاً عن تعاظم الحاجة الى الائتمان المصرفي حتى يمكنها اذا ما تجاوزت تلك النواقص ان تتوافر لها المرونة العالية في انتقال العمل وراس المال ومن ثم تحشيدهما مباشرة كاستجابة للتجارة الحرة. هذا ما اشرته ظاهرة تزايد معدلات البطالة بين صفوف عمال المدن في موزمبيق نفسها.و الاسوء من ذلك فأن تجارة صادرات الخام من جوزة البلاذر قد امست اقل تنافسيةً واقل عائداً ومنفعةً مقارنة بمعالجة منتج البلاذر وتصديره مصنعاً. واخيراً، فمثلما احتكر اسطول الصيد البحري السوفياتي فرص الصيد في خليج موزمبيق لقاء بنادق الكلاشنكوف بعد اندلاع الحرب الاهلية منذُ العام 1975، فإن نصائح المدرسة النيوكلاسيكية في تحرير تجارة المواد الخام ولدت مُحتكرين جُددا لمحصول البلاذر الخام المصدر والحصول على فرص شرائه من المزارعين الوطنيين بابخس الاثمان لا سيما بعد ان تخلت الحكومة الموزمبقية عن ستراتيجيتها في دعم الصناعة الناشئة والتي كانت تستهدف تحقيق عوائد اكبر جراء تعظيم القيمة المضافة لمنتج البلاذر المصنع بدلاً من تصديره كمنتج خام.
ختاماً، يلحظ ان عوالم الاقتصاد الفعلية هي اكثر تعقيداً مما تفترضه النظرية، وان النظرية الاقتصادية التي سوقها البنك الدولي للاقتصاد الموزمبيقي وقت ذاك قد جاءت مقيدة بما يسمى باجماع واشنطن (او المنهج التعليمي للسياسات القائمة على مايسمى باقتصاديات العرض) وهي رؤية غائمة اخفت الكثير من التدابير والاجراءات المفترضة لكل قضية او مشكلة اقتصادية بعينها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو


.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج




.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 25-4-2024 بالصاغة




.. بركان ثائر في القطب الجنوبي ينفث 80 غراما من الذهب يوميا