الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمعات والديانات السرية - الأسرار الميثرائية

أمجد سيجري
كاتب وباحث

(Amjad Sijary)

2018 / 8 / 23
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


من الناحية الفكرية يمكن تقسيم البشر الى مجموعتين أو صنفين قسم يفكر وولايرضى بالتسليم من دون عدة محاكمات عقلية وهم المفكرون والعلماء و غيرهم من فئات المثقفين الحقيقين وقسم أخر يقبل بالتسليم دون أي درجات التحكيم العقلي .
و من هنا و منذ القدم في الأديان الوثنية تم تقسيم هذه الأديان حسب التقسيم السابق إلى، قسمين:
-قسم فلسفي غنوصي يبين أسرار الكون والوجود وارتباطاتها.
-قسم مادي محسوس يتعلق بالظاهر و بطقوس عبادة الأوثان و بمجموعة تعاليمها.

فقد كانت هذه الاوثان المتمثلة بالتماثيل الرخامية أحيانا والأحجار حيناً أخرى تمثل الحقائق البسيطة في الطبيعة حيث كانت تقام المعابد لهذه الأصنام في جميع مدن العالم يقدم لها الأضاحي والنذور و في الجهة المقابلة اي النظير من هذه المعابد كانت المدارس الفلسفية الدينية التي يقوم عليها فلاسفة ومتصوفي الدين كانت تسمى هذه المدارس " الأسرار" أو " الأخويات " .

بدأت هذه الأخويات والعبادات السرية منذ أقدم العصور كتقاليد وشعائر غامضة .

- انتقد أفلاطون هذه الممارسات وحاول في كتاباته الكشف عن العديد من الأوامر المقدسة والمبادئ الفلسفية لهذه الاخويات في يومنا إختفت العديد من هذه الطوائف أو الأخويات القديمة دون أن تكشف عن أسرارها لكن لا تزال رموزهم الغامضة محفوظة وفي يومنا تشكل الماسونية خير مثال عن هذه الأخوية حيث تستند في الكثير من طقوسها على طقوس الاخويات القديمة التي خضع لها المنتسبون الجدد من قبل الهيروفانتس الاقدم " قمة الهرم الكهنوتي " قبل أن يعطونهم مفاتيح الحكمة .

لعبت عبادة الشمس دوراً هاماً في كل الاسرار الوثنية المبكرة حيث تم تجسيد الألوهية الشمسية كشباب جميل مع شعر ذهبي طويل يرمز لأشعة الشمس هذا الإله الذهبي يتم قتله من قبل الأشرار " غالباً يصلب على الصليب الفلكي " حيث جسدوا المبدأ الشرير للكون ثم يعود هذا الإله إلى الحياة ويصبح مخلصاً لشعبه.

ترمز هذه العبادات السرية في هذه الثقافات إلى أن الإنسان قادر على التغلب على طبيعته الدُنيا وتوجيه شهواته والتعبير عن الجانب الأعلى من نفسه.
- في العالم القديم كانت جميع الجمعيات السرية تقريبا هي جمعيات فلسفية ودينية فقط لكن خلال العصور الوسطى إنفصل الدين عن الفلسفة و إقترن بالسياسة حتى يومنا و على الرغم من أن بعض المدارس الفلسفية لا تزال قائمة في العصر الحديث في بعض المجتمعات السرية في الدول الغربية كالماسونية لكن في هذه المنظمة التعامل بالدين والفلسفة يكون داخلياً والسياسة هي للتعامل مع الاطراف الخارجية من المجتمع.

قد يظن البعض أن الماسونية هي المنظمة السرية الاخوية الوحيدة لكن في الحقيقة يوجد عدد من المدارس الدينية الفلسفية في العالمين الشرقي والغربي أشهرهم بعد الماسونية الفيثاغورثين والهرمسين وجماعة الصليب الوردي الذين يرجعون حكمتهم إلى الصوفية العربية .

الأسرار الميثرائية :

المعروف أيضا باسم"ميثرائية"Mithraism" وهي عبادة غامضة إنتشرت في العالم الروماني حيث يعبد أتباع هذه الديانة الآلهة الهندية الإيرانية ميثرا Mithras وكلمة ميترا هي كلمة هندو - إيرانية وتعني الصداقة و الإتفاق والعقود.

ظهرت العبادة لأول مرة في أواخر القرن الأول الميلادي إنتشرت من شبه الجزيرة الإيطالية والمناطق الحدودية في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية العبادة مثل غيرها الكثير كانت سرية حيث عبد أتباع الطائفة الإله مبثرا في المعابد التي غالباً ما يتم بناؤها في الكهوف المخفية عن أعين عن العامة.
تم التسامح مع سرية العبادة من قبل السلطات ، وخاصة من قبل الأباطرة الرومان لأنها كانت تخدم مصالح الإمبراطورية في الغالب.

تم العثور على أكثر من 200 معبد ميثراوي تمتد من سوريا إلى بريطانيا ولكن تتركز معظمها في إيطاليا على نهر الراين والدانوب بعد أزمة القرن الثالث الميلادي وإقامة المسيحية تضائلت أهمية الأسرار الميثراوية حيث تم تشييد الكنائس فوق المعابد المثرائية أو تم تدميرها من قبل المسيحيين مع ملاخظة أن الفاتيكان نفسه بني على معبد ميثرائي
من أهم المشاهد المعبرة عن هذه الديانة هو مشهد قتل ميثرا للثور المعروف بإسم "tauroctony" وقد عثر على 650 منحوتة تمثل هذا المشهد، في العالم.
كان للثور رمزية كما في كل الحضارات للقوة والخصوبة أما السكين التي يذبح بها الثور هي أشعة الشمس المستقيمة العمودية التي تمثل أشعة الإعتدال الربيعي حيث تكون الشمس عمودية على خط الإستواء فقد كان أداةً لإعادة الولادة وخصوصاً في المجتمعات الزراعية لذلك يرمز هذا المشهد بالمنظور العام إلى التضحية بالدماء المقدسة من أجل الخصب والتجدد بالتالي يرمز بالمفهوم الخاص إلى تأسيس نظام كوني جديد قائم على عبادة الشمس "سول إنفيكتوس" التضحية بالقمر الذي يرمز له بالثور عادة نتيجة لقرونة التي تبدو كالهلال .

ويظهر في المشهد كلب فقد كان للكلاب دور في عبادة ميثرا كونها رمز للإخلاص والصداقة كما يظهر الثعبان وهو رمز لأهرامان روح الشر .

الطقوس الميثرائية :

دخل هذا الإله الفارسي إلى أوروبة محملاً بكم هائل من الفلسفة والغنوص الشرقي إنتشر في بداية الأمر في جنوب أوروبا تم تقبله بسرعة من قبل العقل اللاتيني.

نمت هذه العبادة بسرعة و خاصة بين الجنود الرومانيين وخلال الحروب الرومانية كان يتم نقل التعاليم الخاصة بهذه العبادة من قبل الجنود حتى إنتشرت في جميع أنحاء أوروبا تقريبا.
أصبحت عبادة ميثرا قوية جداً لدرجة تم دعمها من قبل الاباطرة الرومان.
كانت تتم هذه العبادة في كهوف تحت مدينة روما
كان الإله ميثرا حسب المعتقدات يسكن داخل الشمس إمتلك ميثرا جانبًا من الذكورة والإنوثة على الرغم من أنه ليس مخنثاً .
و وفقاً للديانة الزرادشتية كان العالم يتكون من ثنوية مبدأين خالدين اهوار مازدا إله وروح الخير والنور وأهرامان روح الشر والظلام .

وعلى هذا الصراع بين الخير والشر والنور والظلام يقوم هذا العالم صراع بين اهوار مزدا وأهرام مزدا من أجل السيطرة على النفس البشرية يقف ميثرا بذكاء كوسيط لتحقيق الإنسجام بين الأضاد السماوية لذلك يمثل ميثرا احياناً بالزئبق كون للزئبق خواص في خلط الأضاد الكيماوية .
هناك العديد من نقاط التشابه بين المسيحية وعبادة ميثرا و المسيحية وسبب هذا التشابه هو أن الصوفية الفارسية دخلت إيطاليا خلال القرن الأول بالتزامن مع الدخول المسيحي إلى أوروبة كما انتشرت الميثراوية في القرون الميلادية الأولى بشكل كاد أن يقضي على المسيحية لكن سرية الميثراوية و نخبويتها ساهم بتراجعها أمام الدين التبشيري المسيحي الذي يمكن أن يضم أي شخص لذلك كان من الحكمة الرومانية تبني المسيحية كأداة للحكم ودمج العبادتين على يد الإمبراطور قسطنطين في مؤتمر نيقية 325 م ومن هذه التشابهات :

-التنظيم الأخوي و التواضع هو الحاكم لعلاقة الأفراد بين بيعضهم.
-تحديد العبادة بالضوء و الشمس.
- إستخدام الأجراس والشموع والماء المقدسة
- تقديس يوم الأحد و 25 كانون الأول.
- ولادة المسيح من عذراء في كهف ضمن التقاليد المسيحية الشرقية وميثرا من صخرة بالتالي الولادة من الأرض .
-الإصرار على السلوك الأخلاقي
-التأكيد على الامتناع عن ممارسة الجنس و ضبط النفس .
- عقيدة الجنة والجحيم .
-الحرب المستمرة بين الخير والشر والانتصار النهائي للخير
- خلود الروح .
- كلاهما صلب وقام بعد ثلاثة أيام .

- تم أداء طقوس ميثرا في الكهوف.

- لكن مالسر في الكهوف؟
تبين المصادر الزرادشتية أن زرادشت (Zoroaster) كان أول من كرّس كهفاً لعبادة أهوار مازدا بغض النظر عن الحماية والأمان الذي وفره الكهف للإنسان البدائي كان رمزًا للرحم و والخصب بالتالي كان رمزاً للأرض رمزاً للحياة والولادة من الظلام وهذا ما يفسر جميع قصص رجال الدين تبدأ في الكهوف ككهف بيت لحم في المسيحية و ولادة الإسلام في كهف" غار حراء " والخلاص من قريش في " غار ثور" !! حتى الاسم في السيرة النبوية يحمل "الثور" وبينا سابقاً دلالات الثور ويضاف إليها أن الثور هو رمز الإله إيل وإيل هو الله بإتفاق القرآن والعلماء.

لم يُسمح للنساء أبداً بالدخول في الأخوية الميثراوية لكن الأطفال الذكور سُمح لهم كمبتدئين .
الطقوس الميثراوية لإنضمام العضو مثل اي أخوية من المدارس الفلسفة القديمة الأخرى يتكون من ثلاث درجات مهمة وهي:

1- العمل على النقاء الخلقي الذاتي .
2- وبناء القوى الفكرية .
3-التحكم في الطبيعة الحيوانية.

بعد أن تنفذ هذه البنود يتم الترحيب بالنتسب كواحد قام من بين الأموات وتم تعليمه في التعاليم السرية الغنوصية الصوفية الفارسية
طوال تنفيذ الطقوس كلها تتكرر الإشارات إلى ولادة ميثراس كإله الشمس يضحي من أجل الإنسان و يموت من اجل ان يحصل الإنسان على الخلاص والحياة الأبدية .
و قيامته هي إنقاذ البشرية جمعاء من خلال شفاعته أمام عرش أهوار مازدا.
يتدرج المتعلم في سبع درجات مختلفة من المراتب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا