الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور المعارضة السياسية في النُظم الديمقراطية (الحلقة 1)

صبحي مبارك مال الله

2018 / 8 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


دور المعارضة السياسية في النُظم الديمقراطية (الحلقة 1)
تعتبر المعارضة السياسية،دعامة من دعائم النظام الديمقراطي وعنصر أساسي فيه،حيث تمثل جميع الحركات والأحزاب التي تعارض القوى السياسية التي تمسك زمام السلطة. إن الدول الديمقراطية العريقة تمتلك تأريخ طويل في هذا المضمار،حيث تبلورت حقوق وواجبات المعارضة السياسية مع ضمانات دستورية تكفل ممارسة دورها وعملها إستناداً إلى مبدأ حرية التعبير كما تكون محميّة من قمع السلطة من خلال المواد الدستورية والقوانين اللازمة لذلك، والمعارضة السياسية يجب أن تمتلك برنامج بديل عن برنامج الحكومة الماسكة بالسلطة،بحيث يؤهلها لتحل محل الحكومة عبر الوسائل السلمية،ولهذا نجد دساتير الدول الديمقراطية تؤكد على ذلك. ويُفعّل دور المعارضة السياسية حينما تكون السلطة السياسية قد أساءت في عملية إدارة الحكم بإعتمادها على سلطات وصلاحيات واسعة مستخدمة وسائل تعسفية وقمع للشعب المُطالب بحقوقه.كما قد تتجاوز على الدستور الذي يضمن الحقوق والحريات وقد تتمادى الحكومة أكثر فاكثر فتنحرف عن مسارها وعن برنامجها الذي أعلنته وعليه لابدّ من وجود معارضة سياسية حقيقية تعبر عن إرادة الشعب وتعمل على منع الحكومة من الإنحراف،ولكن أذا أنعدمت الضمانات الدستورية للمعارضة مع إستخدام وسائل القمع والمطاردة والإعتقالات ضدها،سوف تُدفع المعارضة إلى تغيير خططها للمطالبة بتغيير نظام الحكم وإلغاء الدستور وهذا ما يحدث مع الحكومات الإستبدادية والدكتاتورية،وكما يحدث مع الحكومات الديمقراطية التي لاتسمح بإستخدام المعارضة لحقوقها الدستورية والسلمية لتمارس دورها والتي ستلجأ إلى وسائل العنف لتحقيق أهدافها في التغيير وهذا الأسلوب سيدخل البلاد في العنف والإقتتال والحروب الأهلية.المعارضة السياسية في الدول النامية والعربية ومنها العراق الذي عانى من النظام الدكتاتوري ونظام الحزب الشمولي الواحد لم تأخذ دورها السياسي المطلوب،حتى وان كانت الدساتير تضمن الحياة والممارسات الديمقراطية ولكن غالباً ما تكون شكلية حسب طبيعة الحكم،ولهذا لم نجد في التأريخ السياسي لهذه البلدان ظهور معارضة سياسية دستورية، أي لم يثّبت دورها في الدستور، وفي تأريخ العراق حيث كانت المعارضة السياسية العلنية وفي ظل النظام الملكي والجمهوري،ضعيفة وبالمقابل تلجأ المعارضة السياسية الديمقراطية التي تمتلك برامج جذرية إلى العمل السري لإنها أصبحت تحت طائلة القوانين القمعية والتعسفية، فتنتقد الحكومة من خارج البرلمان في حال وجود برلمان حتى ولو بحالة شكلية وتستخدم الكثير من الوسائل كالتظاهرات وإصدار البيانات وفضح أساليب الحكومة والبعض منها يلجأ إلى الكفاح المسلح لغرض إسقاط النظام. ولكن الأن ومع تغيير ميزان القوى العالمية والإقليمية أصبح اللجوء إلى الوسائل السلمية مع الضمانات الدستورية هي الوسيلة الأكثر نفعاً للشعب .
ماهي حقوق المعارضة في الأنظمة الديمقراطية والتي يكفلها الدستور ؟ 1- الحق في الحصول على مكانة محترمة في النظام السياسي وتعترف به السلطة الحاكمة 2-الحق في الحصول على المعلومات المتعلقة بعمل الحكومة 3- الحق في ان يكون لها ممثلين في هيئات الدولة .
وماهي الواجبات ؟ 1- بما إن المعارضة معترف بها قانونياً فعليها إحترام القوانين والأنظمة التي أنشأتها،كي تستطيع هذه القوانين حماية المعارضة في حال تعرضت لمضايقات الحكومة 2- المساهمة في رفع النقاش العام خلال توفير المعلومات المتعلقة بالحكومة والمواطنين 3- الإستعداد للوصول إلى السلطة من خلال صياغة ووضع مقترحات بديلة للسلطة الحاكمة 4-مراقبة عمل الحكومة وإنتقادها بشكل موضوعي. ولكن ماهي الوسائل التي تصل بها المعارضة للسلطة ؟
1-إستجواب الحكومة من خلال ممثليها في البرلمان 2-إنتقاد القوانين والقرارات التي تتخذها السلطة الحاكمة وكشف الأسباب الحقيقية وراء هذه القرارات والقوانين من خلال منطلقات موضوعية .3-كشف خفايا الفساد التي يمارسها المسؤولين على أن تكون مُقترنة بالأدلة الدامغة وعرضها على القضاء والرأي العام .
تعمل المعارضة السياسية من خلال نشاطها على ضرورة تفهم مشاكل المواطنين ووضع الحلول المناسبة،كما تعمل على حشد الجماهير حول خططها وأهدافها وبرامجها وكذلك نشر الوعي السياسي والدستوري والدفاع عن الحريات السياسية وحق المشاركة في الحياة السياسية،وأبرزها الإنضمام الى الأحزاب السياسية وتأسيس احزاب جديدة والإنضمام للجمعيات والنقابات وممارسة حق التصويت في العمليات الإنتخابية والإستفتاء كما يقرها الدستور.
المعارضة السياسية يجب أن تكون قوية تقابل رأي الحكومة برأي آخر يحوز ثقة الشعب،والحجة بالحجة المقابلة.كما إن الحفاظ على سلامة العلاقة بين السلطة والمعارضة التي تقوم على مبدأ الحفاظ على السلم وتطبيق الدستور وإحترام حقوق الإنسان.أما إذا لم تكن العلاقة سلمية فقد يلجأ كلا الطرفين (المعارضة والحكومة) الى العنف وإستخدام كل الوسائل،فالحكومة تعمل على إتباع اسلوب الإغتيالات والخطف والتصفيات الجسدية والملاحقات والإعتقالات بواسطة الأجهزة الأمنية بغية إسكات صوت المعارضة،وتلجأ المعارضة وكردّة فعل الى اساليب العنف ضد الحكومة وحزبها.
اهداف المعارضة السياسية:للمعارضة السياسية اهداف منها كفالة الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين،وتوفير المناخ الملائم لحرية العمل السياسي،وتراقب أداء الحكومة والحيلولة دون إحتكار العمل السياسي من قبل حزب السلطة،كما يمكن ان تشارك في الحكم وذلك حسب طبيعته (رئاسي أم برلماني)،وقد لا تشترك في الحكم عندما تجد إن هناك إختلافات بينها وبين الكتل السياسية والتي لا تتفق مع برامجها،إو قد تُرغّب الكتل أو الأحزاب بأن تشرك المعارضة معها للتخلص من معارضتها لإجل ترويضها،وعندما تأمن جانبها وتحصل على الأغلبية السياسية ،تنفرد بالحكم.بعض البلدان يوجد فيها حزب إتلاف الحكومة ومنه تُشكل الحكومة وبالمقابل يوجد فيها حزب او إتلاف معارض ويسمى حكومة الظل،فكل وزير حاكم يقابله وزير معارض يراقب ويتابع عمل الحكومة وقد تتغير اللوحة في الإنتخابات اللاحقة ،فيصبح المعارض هو الحاكم وبالعكس.السؤال الذي يدور في الأذهان هل ستظهر في العراق معارضة سياسية منظمة في البرلمان بحيث تربط بين عملها داخل البرلمان وخارجه،وتشكل ضغظ على االحكومة أو كتلها؟هذا بالتأكيد يعتمد على وزن المعارضة السياسية ونوعها،فإذا تشكلت معارضة حقيقية تحمل برنامج يلبي مطالب الشعب ويواكب التطور،برنامج بعيد عن المحاصصة السياسية والطائفية والإثنية ويؤمن بالديمقراطية ويتابع بكل الوسائل عمل وأداء الحكومة ومراقبتها،فسوف تكون في هذه الحالة نقطة تحول في المشهد والواقع السياسي.أما إذا لم يظهر مثل هذا النموذج المرتقب فسوف تستمر الأزمات والمشاكل التي يعاني منها المواطن.هناك انواع من المعارضة منها البناءة والإيجابية ومنها المعارضة السلبية أو قد تكون معارضة توفيقية أو إصلاحية،وإذا تأثرت بالإغراءات التي تقدمها لها السلطة التنفيذية الحاكمة فسوف تنتهي كمعارضة مرتبطة بالشعب،وفي بعض الأحيان تمنح المعارضة منصب وزاري ويسمى وزير دولة وذلك لذر الرماد في العيون.المهم إن المعارضة السياسية التي تتمتع بثقة الشعب يجب أن تحافظ على إستقلالها والثبات على اهدافها وأن تقدم عمل نيابي يتميز بالإخلاص والولاء للشعب عندها ستحسب لها الحكومة الف حساب،لإن للحكومات الفاسدة وسائل عديدة لشراء الذمم بالمال السياسي والمناصب والإمتيازات. (يتبع)
المصادر
1-الموسوعات 2-مجموعة مقالات 3-كتاب -المعارضة السياسية –سربست مصطفى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا