الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة الفاشية الثقافية

وليد يوسف عطو

2018 / 8 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ظاهرة الفاشية الثقافية

لمعرفة جذور العنف في مجتمعنا العراقي ,علينا دراسة وتحليل ظاهرة الفاشية الثقافية , والتي تنعكس بدورها على اوجه الحياة المختلفة والصراعات فيها .تتميز ثقافة المجتمع العراقي بتقديس الشخصيات والرموز الدينية والمذهبية والحزبية والعسكرية .

من كان مقدسا لايجوز نقده. من هنا يفتقر مجتمعنا العراقي الى المرونة والواقعية والتعددية , والى الحوار .فالتقديس يتعارض مع الحوار .هنالك اشكال مختلفة من الصراعات في مجتمعنا العراقي, من صراع ثقافي وحضاري يعكس اختلاف البنيات الثقافية للمجتمع بين ثقافة المدينة وثقافة الريف ,وبين ثقافة سكان مدينة بغداد الحضارية وبين ثقافة المجتمع الزراعي في غرب العراق والذي يختلف عن ثقافة سكان شمال العراق, اقليم كردستان العراق وسهل نينوى ,هذه المناطق تحتلف عن تقافة منطقة الفرات الاوسط وجنوب العراق .

بالاضافة الى الصراع الثقافي هنالك صراع حضاري بين الريف والمدينة وصراع مناطقي وصراعات عشائرية وطائفية سياسية .ان ظاهرة التقديس افرزت لنا ظاهرة الفكر الاحادي وتم تكريس هذه الاحادية بالانقلابات العسكرية . ان فشل السياسات الحكومية في معالجة مشكلة الارض وملكيتها في ظل الحكومات الملكية والجمهورية جعل فقراء الفلاحين يزحفون باتجاه المدن الكبرى مثل بغداد والبصرة بحثا عن فرص للعمل ,وهم مشبعين بتقاليد القرية, وتكون علاقتهم متوترة مع سكان المدن للفوارق الطبقية والاجتماعية والنفسية .لقد انعكست هذه الاوضاع على المثقفين من اصول فقيرة وريفية يحاولون فتح(مبازل ثقافية )لفلترة المدينة وثقافتها وتحويلها الى قرية كبيرة .نجد هذا الصراع الحضاري والثقافي ايام التحولات والانقلابات الكبرى حيث تضعف او تختفي سلطة الدولة مثل احداث انقلاب عام 1941 واحداث 14 تموز 1958 ووضع مدن العراق بعدالغزو الامريكي للعراق عام 2003 . لقد شاهدنا اعمال القتل والسحل والنهب واشعال الحرائق .

من نتائج هذه الصراعات انحياز المثقف من اصول ريفية , بصورة عامة ,الى بيئته ومعاداته للمدينة حتى لو سكن في الغرب فانه عند عودته الى العراق يعود للسكن في مسقط راسه .الكثير من المثقفين الذين سكنوا الغرب عاشوا في كانتونات مغلقة( معازل ), وبذلك لم يندمجوا في المجتمعات الغربية .

من هنا تبرز خطورة افكار بعضهم في مجاولة فرض معتقداتهم على غيرهم .من هنا يكون المثقف اكثر فاشية وتخريبا من السياسي . انهم لايطيقون نجاح اي مثقف اخر في عمله .فالاضواء يجب ان تسلط عليهم فقط .وهم لديهم حاشية من المطبلين تقوم بتقديس افكارهم,وبذلك ينتفخون من الزهو والكبرياء الفارغ .

لقداثبتت احداث العقود الماضية ان المثقف العراقي اهتم بالسياسة والايديولوجيا ولم يهتم بصناعة الحياة . بذلك كان دور المثقف تخريبيا اكثر من السياسي . المثقف يهتم بالشعارات وبالسرد ولا يهتم بتفكيك المسكوت عنه في الخطاب الثقافي والفكري.لقد تحول الكثير من المثقفين عبر العقود الماضية الى صوت وبوق للرئيس وللنظام وللاحزاب ,او للرموز الدينية.من يروج للدين وللمذهب وللايديولوجيا وللعشيرة لايمكنه ان يتحمل النقد والحوار, لذا تزدهر ظاهرة الفاشية الثقافية والتي تؤدي في واقع الامر الى الاحتقانات ولاحقا الى العنف الجسدي والنفسي .

لم نقم في حياتنا بالفصل بين الموقف السياسي وبين الصداقة. ولم نعزل بين الجانب الثقافي والجانب السياسي , ومن لايفصل بينهما لايمكنه ادارة الحوارات .من كان يفتقد الى الهوية والى الحماية والى القوة دخل في الاحزاب السياسية , حيث يتحول الرمز او الحزب الى مصدر قوة وعز بديلا عن الامة والوطن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال
محمد البدري ( 2018 / 8 / 24 - 15:03 )
هل لو لم يتم التأميم لرأس المال وللارض ابان تولي القوميين العروبيين الحكم في اوطان الشرق الاوسط لانتعشت ثقافة أخري تكمن جذورها الوعي بتقسيم العمل كبديل عن القبيلة وبالتالي التخلص من الدين وللمذهب وللايديولوجيا وللعشيرة لانها ثقافات وانتماءات لا تتحمل النقد والحوار بقدر ما تتجمل الرؤية العلمية كل اشكال النقد الي حد القطيعة معها.

تحياتي ولك كل المودة والاحترام والتقدير


2 - الاستاذمحمدالبدري المحترم
وليد يوسف عطو ( 2018 / 8 / 24 - 17:22 )
اهلا بك في بيتك الثقافي

اتفق معك في التحليل

الضباط الانقلابيين المدعومين بريطانيا وامريكيا لم يدعو االاقتصاد الحر والراسمالي يتطور فقاموا بتطبيق قانون الاصلاح الزراعي المشوه
والذي عمل على تفتيت الارض

كما قاموا بتاميم امصانع حتى ان عبد الناصر قام بخطوة غير مسبوقةبتاميم فرقة رضا للفنون الشعبية

وكانت النتيجة هزيمة العرب الكبرى والباقي تعرفه انت

ختاما تقبل وافر مودتي وتقديري


3 - الماركسيين جزء من المشكلة
nasha ( 2018 / 8 / 25 - 06:55 )
لا فرق بين الايديولوجيا أيا كانت دينية اقتصادية أو عرقية في جميع الأحوال أي أيديولوجيا هي تفتيت للكيان الوطني.
الماركسية بالرغم من ما تدعي من دعم للعدالة الاجتماعية وازالة الفوارق الطبقية والمساواة الاجتماعية هي نفسها تتحول إلى سلطة طبقية دكتاتورية تحتكر كل الحقيقة باسم الأيديولوجيا. وهذا ما حدث سواء في أوربا الشرقية والاتحاد السوفييتي وما حدث في الجمهوريات القومية العربية.
كل ما يفعله الماركسيون والايديولوجيون بكل اصنافهم هو وضع اللوم على الغرب والرأسمالية.
ألم تكن السلطة بيد الكتلة الشرقية الاشتراكية الألحادية وعلى أكثر من نصف مساحة العالم لمدة 70 سنة واكثر فلماذا فشلت ؟ ان لم تكن تحمل أسباب الفشل داخلها ما الذي افشلها؟
تحياتي


4 - الجانب السياسي
متابع ( 2018 / 8 / 25 - 07:21 )
العقدة الاساسية في العراق هي انعدام وجود الطبقة العلمانية الليبرالية السياسية التي تضمن تطور العراق باسلوب ديمقراطي حقيقي وهذا نتاج حكم الانقلابات العسكرية التي تلت الملكية حيث سادت الاحزاب السياسية الديكتاتورية الماركسية والقومية والدينية
ودور المثقفين كان ومازال خيانيا اذ انضوى المثقفون في هذه الاحزاب وحاربوا الفكر الليبرالي
والديمقراطي ولم يساهموا في الحركة التنويرية
شكرا لكاتب المقال


5 - لسنا في وارد حرية التفكير.
ليندا كبرييل ( 2018 / 8 / 25 - 09:05 )
محبة وسلاماً لأخينا القدير الأستاذ وليد يوسف عطو

جاء مقالك الكريم في نفس الوقت الذي كنت فيه أكتب ما يلي استعدادا لمقال قادم:
ينام الإنسان العربي ويصحو على خطاب التهميش والاسْتعداء، وتحيط به ثقافة إقصائية تنشد الكمال لنفسها وتبخس من حضور الآخر، تمدّه برصيد ثريّ من العنف حتى تشبّعتْ سلوكياتنا اليومية بالقسوة، واتّسمتْ الشخصية العربية بالخشونة المُفارِقة للتمدّن، تدفع عقلَ الإنسان مشوَّه الوعي للتلذذ بتعذيب الضِعاف، حتى أصبح جموحه في الثأر أمراً بديهياً يحقِّق التشَفّي .. يَخْتلِق تبريرات واهية لِمنْحِ فعله الانتقامي صفة نبيلة يُداري بها عيباً، ليس عيباً بنظره.
هذا مما تتّسم به شخصية العربي متعلِّماً كان أم أمِّياً، ولا غرابة .. فالبيئة تَنْحت طبيعة الإنسان، والثقافة تنحت ماهية عقله

تحياتي لك وللحضور الكريم


6 - الاستاذ ناشا المحترم
وليد يوسف عطو ( 2018 / 8 / 25 - 16:38 )
سبق ان كتبت عدة مقالات حول الموضوع

عموما اتفق معك في فشل العقيدة الماركسية السوفييتية

انا تعجبني الماركسية الغربية ومدرسة فرانكفورت



وتعجبني مؤلفات المفكر سمير امين




7 - الاستاذة ليندا كبرييل المحترمة
وليد يوسف عطو ( 2018 / 8 / 25 - 16:46 )
اهلا بك ياسيدة الكلمات والحروف
جميل ان تتوافق افكارنا في الكتابة

يقول نزار قباني ان الحروف تموت حين تقال

اما حروفك فهي تسمو بالانسان وعقله

يتسم مجتمعنا العراقي بالعنف وبثقافة الثار والانتقام

لذا من المهم اتباع سياسة التسامح واللاعنف وثقافة الاعتذار

لدي اكثر من مقال حول هذه المواضيع

شاكرا لك حضورك الكريم والجميل وسلاسة حروفك وكلماتك

لك مني وافر المحبة والتقدير والاحترام ..


اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل