الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقدم الحضاري، اهتماما بأسلحة الدمار الشامل ام بتقدم الطب ، وازمة العلاج في الداخل

وليد خليفة هداوي الخولاني
كاتب ومؤلف

(Waleed Khalefa Hadawe)

2018 / 8 / 25
حقوق الانسان


من منا من لم يفقد اخا او صديقا او عزيزا على قلبه جراء الامراض الفتاكة التي تعصف بالبشرية ، وفي مقدمتها السرطان الذي يختار فرائسه من بين الناس بشكل عشوائي متمثلا بقول الشاعر زهير ابن ابي سلمى :
رَأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ تُصِبْ تُمِـتْهُ وَمَنْ تخطئ يُعَمَّـرْ فَيَهْـرَمِ
وَمَنْ هَابَ أَسْـبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَــــــــهُ وَإِنْ يَرْقَ أَسْـبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّـــمِ

وليس السرطان وحده يفترس الناس، ولا علاج له ، فهذا الايدز له حصة اخرى، وامراض اخرى لا علاج لها ، كالصدفية ، والصلع ،متلازمة الرجل الحجري، مرض سيلرز ، مرض الرجل الشجرة ، مرض مورجيلونز، متلازمة الإرهاق المزمن، ،مرض كروتزفيلد – جاكوب، اضطرابات المناعة، الشيزوفرينيا، إنفلونزا الطيور، امراض البرد، ألزهايمر، السكر ، الضغط ،ازيز الاذن ،والصداع المستمر ......الخ ، منها مميته ومنها غير مميتة ولكنها مدمرة للحياة مدعاة للقلق والالم والانزعاج طاردة للسعادة جالبة للسام من الحياة .ولا تحضرني قائمة بالعدد الكلي لهذه الامراض المميتة وغير المميتة ، ولكنك تتفاجأ وانت تراجع الطبيب لكي يخبرك بانه يأسف ،لان هذا المرض ليس له علاج ، وربما تجد بعض الناس يتناول حبوب للضغط واخرى للسكر واخرى للقلب ، لكن ليس هنالك من علاج شافي يقيك شر هذه الامراض، بحيث لا تعود تأخذ الحبوب مرة اخرى .احيانا تجد نفسك وانت تتنقل من طبيب الى اخر ان مرضك يزداد سوء وان ما تنفقه من اموال بحثا عن الشفاء تذهب هدرا ، رغم انها اعيتك في جمعها بين دائن ومدين ،وبيع لأثاث دارك احيانا .فعلم الطبيب محدود واجتهاداته قد تخطأ وقد تصيب. وهذه القوائم من الامراض ما ذكرتها واضعاف لها لم اذكرها ،ما شاء الله لم تقدم لها البشرية لحد الان العلاجات المطلوبة ،اذ ان قدرات الانسان محدودة وانفاق البشرية من اجل سعادتها وشفاءها من امراضها محدود ولا يساوي جزء ولو يسير مما تنفقه من اجل القتل والدمار واغتيال الحياة.
وقبل الاسترسال في الموضوع ،نسال الله تعالى ان يكفينا ومن يقرا هذا الموضوع شر الامراض أي كان نوعها ، وشافي من به مرض منها.
والمغزى من طرح هذا الموضوع ، وانا اذكر قول رسولنا (محمد ص)"ما أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلا أَنْزَلَ لَهُ شفاء"" . لكن الذي نقراءه ونسمعه ان ميزانيات التسليح في العالم تبلغ مئات المليارات من الدولارات في حين ان الميزانيات في المجال الصحي لا تبلغ معشار ذلك. و نفاجأ كل عام بتحديثات في مجال الصواريخ والطائرات والاسلحة النووية، بحيث ان هذه الاسلحة تستطيع ان تمحو الحضارة الانسانية خلال لحظات، وتبيد كل ما على سطح الارض ، فيا ترى لماذا، تذهب الحضارة باتجاه اسلحة الدمار الشامل بسرعة اضعاف ما تتجه نحو سعادة البشرية وتخليصها من المعاناة القاسية للأمراض. ان ذلك وصمة عار في جبين المسؤولين من البشرية الذين يطورون اسلحة الدمار او يستخدمونها في الحروب ، سواء بما تستخدمه من اسلحة تقتل الناس بشكل جماعي او تلوث البيئة وتخلف امراض سرطانية ، ولا بد من ان يكون حسابهم عند الله شديد .
وينصرف هذا الحال الى معاناة الناس في الحصول على العلاجات داخل البلاد ، سواء الدوائية او العلاجات والاشعات بالأجهزة الطبية المختلفة .وقبل ايام انتقل الى رحمة الله تعالى احد مرضى السرطان وكان على وشك ان يأخذ احدى الجرعات المضادة للمرض وسعرها (15) الف دولار وقد باع كل ما يملك من اجلها. وبعض المرضى الذين اعرفهم يبحثون عن الدواء بالسوق السوداء وهو بالآلاف الدولارات ورغم ذلك هو لا يشفي من المرض وانما قد يمد في العمر ايام ، ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، وبذلك فمرضى الامراض المستعصية يعانون المرض والالم ، والحاجة وآلامها، والموت امامه يهدده باي لحظة ،وبالتأكيد فأن الصحيح لا يحس بألم العليل ،ومن يده في الماء ليس كمن يده في النار.
والتساؤل لماذا لا يوفر المسؤول في وزارة الصحة هذه العلاجات وميزانية البلاد عشرات المليارات من الدولارات ،وهل انه يصرف من جيبه الخاص لشراء هذه المستلزمات ؟ واين يتجه المرضى اذا لم تسعفهم الدولة وتوفر لهم الدواء؟ يقول البعض ان بعض العاملين في وزراة الصحة من الاطباء والاختصاصيين لا يوفرون الاجهزة الطبية لا نها ستنافس اجهزتهم المستوردة على حسابهم الخاص في عياداتهم الخاصة ،ولكي يضطر المريض ان يتوجه اليهم وباي سعر كان، والا فهل يعقل ان لا توفر الدولة اجهزة السونار والفحص والاشعة وغيرها من اجهزة وبالعدد الكافي الذي لا يستلزم ان ينتظر المريض اياما لكي يصله الدور، وهل تعلم وزارة الصحة ان وصفة طبية من دكتور خارجي تصل لمبلغ 250 الف دينار للأمراض الاعتيادية . وان اجور الكشف من قبل الطبيب ، بين 25 الف و60 الف دينار. وان طبيب اليوم انسان مادي ، يكتب الوصفة الطبية للمريض فان لم تتحسن حالته وراجعه بعد 5 ايام، يأخذ منه اجور كشف اخرى حتى وان كانت وصفته قد زادت من المرض والالام للمريض، عندما كنا شبابا في القرن الماضي كان الطبيب ، يطلب منا مراجعته بعد اسبوع مجانا للتأكد من تحسن حالة المريض، ولكن لا اعرف مصدر الجشع الذي اصبح سمة من سمات الطب الحديث، الذي تجرد فيه الطبيب من انسانيته، فكل طبيب يريد ان ينشئ مستشفى على حساب المرضى وان يشنري صيدلية وان يوفر اجهزة ومعدات غالية الثمن .ويريد ان يجمع ثروة وان يشتري عمارات وان ...الخ. اما الجانب الانساني ومراعاة حالة المريض فمتروكة الى الله . مما يتطلب تدخل الدولة لتحديد اجور الكشف والمراجعة . وبنفس الوقت رفد المستشفيات بالأطباء الاختصاصيين ، واجهزة الفحص الكاملة ، وتوفير الدواء بكافة انواعه ومن مناشئ رصينة وخاصة ادوية الامراض المستعصية كالسرطان وغيره وتوفيرها بأسعار مدعومة ، فالمرض ليس امتيازا وانما حالة تستدعي العون والشفقة والرحمة، وهو من مسؤولية الدولة اولا واخيرا .وعلى من يتولى امر الدولة وامر وزارة الصحة بالذات ان يضع نصب عينية هذا الموضوع فكل مريض سيقف معه وجه لوجه امام الله ليشكيه مرضه وعجز الدولة عن علاجه كما يقول الامام علي ابن ابي طالب (ع) :
وَلاَ زَالَ المُسِيءُ هُوَ الظَّلُومُ
وعند الله تجتمعُ الخصومُ
غَدا عِنْدَ المَلِيكَ مَنِ الغَشُومِ

أما والله إنَّ الظُلم شؤمُ
إِلَى الدَّيَّانِ يَوْمَ الدِّيْنِ نَمْضِي
ستعلمُ في الحساب إذا التقينا

ان وزارة الصحة ليست من حصة هذا الحزب او ذاك انما هي من حصة الانسانية، من حصة الانسان العراقي المريض الذين يئن من شدة الالم وضيق ما في اليد ، من حصة ناس تبحث عن الرحمة في قلوب اطباء تشعر بآلامهم واوجاعهم ، وليس اناس تدخلهم في برنامج لبناء مشاريع شخصية ومنافع ماديه تتجاوز ما شرعه الله وارتضاه للرزق الحلال.
ان احد مقاييس التقدم الحضاري للبلدان هو كثرة عدد المستشفيات وعدد الاطباء وتوافر اللقاحات والعلاجات والاجهزة والمعدات العلاجية من اجل ايجاد شعب سليم البنية ، اليس العقل السليم في الجسم السليم ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟