الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سد الجزرة التركي يرسم نهاية دجلة

عبدالمطلب رفعت سرحت

2018 / 8 / 25
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


قبل سنوات وعندما كان الحديث يدور حول حرب وأزمة المياه القادمة, لم يصدق الكثير من الناس ان سعر البرميل الواحد من الماء سوف يكون مساوياً لسعر برميل النفط, بل كان الكثيرين يتعبرونها ربما مزحة لما للنفط والبترول من تأثير على رسم سياسة البلدان وعلاقاتها الخارجية. أما اليوم فأصبحت تلك الاحاديث حقيقة يدركها القاصي والداني. فها هي حرب المياه قد طرقت ابواب العراق قبل الخوض في غمارها. فالدولة الجارة تركيا قد بدأت تطرق طبول المعركة ببناءها سد اليسو الذي يعتبر أكبر مشروعٍ مائي بعـد سـد أتـاتورك. حيث يقع على نهر دجلة وعلى بعد اقل من (70) كم مـن الحـدود العراقيةويبلغ سـعته التخزينية(10,40) مليار متر مكعب وتبلغ قدرة محطته الكهرومائية حوال 1200 ميكـا واط.
إن تشغيل هذ السد سوف تكون له تأثيرات كبيرة على نهر دجلة من الناحية الهيدرولوجية، الهيدروجيولوجية، المورفولوجية, والبيئة. وهذا ما يبدوا جلياً الآن بعد بدء تركيا بإملاء خزان السد وما تعانيه المنطقة الجنوبية في العراق من نقص شديد في الامدادات المائية.
وفي المستقبل القريب وعلى غرار تشغيل سد أليسو واستخدام مياهه لاغراض الري والزراعة سيقل تدفق المياه الى مجرى نهر دجلة وبالنتيجة فإن هذه الحالة سوف يخلق ظروفاً صعبة من الجفاف والتصحر. ان هذا السد يعتبر عائق أمام التدفقات المائية الكبيرة المحملة بالمواد الغذائية والغرينية الخصبة وكذلك يسبب نقصاً كبيراً في مستوى الأوكسجين المذاب والمواد العضوية الناشطة للثروة السمكية. بالإضافة الى ان السد سوف يؤثر بشكل سلبي على توليد الطاقة الكهربائية وخزن المياه للاغراض المختلفة في السدود العراقية على نهر دجلة وبالتالي انخفاض منسوب المياه الجوفية. من ناحية اخرى فإن تدني مناسيب النهر سيؤدي الى ارتفاع مستويات المواد الملوثة من مياه الصرف الصحي ومياه الصرف الزراعي الى مجرى النهر, ولعدم وجود محطات معالجة المياه العادمة فإنه يتسبب في نقص مستوى الأوكسجين المذاب في مياه النهر.
تلك هي غيض من فيض من العوامل التي تهدد مستقبل المياه والزراعة في العراق. حيث أن الخطورة لا تكمن في إملاء وتشغيل سد أليسو فحسب, بل أن الخطر الكامن هو أعظم وأشد لأن الحكومة التركية لن تتوقف عند هذا الحد, بل وستواصل خططها الاستراتيجية وسياستها المائية في استغلال المياه وتعطيش العراق. فبعد انجاز وتشغيل سد أليسو يأتي الدور لاستكمال المرحلة النهائية من مشروع جنوب شرق الاناضول (GAP) وذلك ببناء سد جزرة الذي يعتبر مكملاً لسد اليسو ويعد أكثر خطورة وتأثيراً علـى مسـتقبل العراق المائي والبيئي والزراعي.
سد الجزرة يقع الى جنوب سد اليسو بمسافة (35) كم وعلى مسافة (4) كم شمال مدينـة الجـزرة قـرب الحـدود السورية. يبلغ حجم الخزن الكلي للسد (1,2) مليون م3 وتبلغ قدرة محطته الكهرومائية (240) ميكاواط. إن الغرض من هذا المشروع هو إنتاج الطاقـة الكهربائيـة وارواء الأراضي الزراعية وتحويل قسم كبير من الأراضي الديمية (500) الف دونم الى أراضي اروائية. سيتم تحويل جميع المياه إلى اراضي هذا المشروع قبل عبورها الحدود الدولية (التركية- العراقية وسوف يؤدي إلى انعكاسات خطرة على بيئة العراق وحرمان الكثير من السكان القاطنين على ضفاف النهر حتى من امدادات مياه الشرب. وسيجعل من العراق مستوردا للمنتوجات الزراعية بكل انواعه بعد ان كان مُصدراً.لذا ينبغي على الحكومة العراقية التحرك سريعاً لمواجهة النقص المتوقع في واردات ميـاه نهـر دجلة ويجب ان يكون هناك حل و تدخل دولي لانقاذ مستقبل بلاد الرافدين من كارثه وشيكه والعمل على وقف بناء سد جزرة بعد ان اصبح سد أليسو واقعاً مفروضاً, لأن الشروع ببناء سد جزرة سيرسم نهاية نهر دجلة في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على