الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات الرئاسية في الجزائر ( 2019 ) و الخطر القادم

علجية عيش
(aldjia aiche)

2018 / 8 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


من المتعارف عليه في الجزائر أنه كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية إلا و تعيش الساحة السياسية على وقع تعديلات حكومية و تغييرات، لم تمس الإدارة فقط و إنما الجهاز العسكري ( الجيش) و ما رافقه ( الشرطة و الدرك)، و كل مسؤول يتم تعيينه على جهاز ما، إلا و يتسم بالإقالات، و أصبح الشعب ينام و يستيقظ على الخلع السياسي، و القليل منهم من يعرف من هم المسؤولين في الدولة، لأن كل واحد يرى نفسه هو الدولة و القانون و يختار مساعديه على مقاسه هو، و يمكن القول أن الحرب السياسية القادمة في الجزائر ليست حرب أفكار بقدر ما هي حرب مناطق، أي أنها مرتبطة بمواقع جغرافية، هناك إشارات بدأت تدل على ما سيجري في الأشهر القادمة، و هذا يجعلنا نقف عند موقف مالك بن نبي من خطر الدخداخيات ، أين نجد الرأس في الخارج و الأرجل في الداخل، و قد حذّر مالك بن نبي من هذه الأخيرة كونها أشد خطرا، لأن مهمتها التنفيذ
تميز المشهد السياسي في الجزائر بعودة التحالف الرئاسي من خلال إعلان الأحزاب الموالية للسلطة عن مساندة الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة و دعوته للترشح لعهدة خامسة، في وقت أعلنت فيه أسماء جديدة عن ترشحها للإنتخابات الرئاسية القادمة و منهم ناصر بوضياف نجل الرئيس المغتال محمد بوضياف، و أسماء أخرى لم يكن لها الحظ في الوصول إلى قصر المرادية، أما الذين لم يتمكنوا من منافسة الرئيس بوتفليقة في الإنتخابات السابقة ، رغم اجتيازهم عقبة جمع التوقيعات المطلوبة ، و أبرزهم علي بن فليس الذي كان اليد اليمنى للرئيس الحالي، عبد الله جاب الله، موسى تواتي، أحمد طالب الإبراهيمي، سعيد سعدي، لويزة حنون ، فإن الجميع كان يندد بعملية التزوير أثناء العملية الإنتخابية، مما مكنت الرئيس الحالي من انتزاع عهدة جديدة، بفضل توظيف الإدارة، و لم يتحقق مشروع التغيير الذي كان مطلب التيار المعارض، من أحزاب و حركات (حركة بركات)، و تكرر السيناريو في العهدتين الثالثة و الرابعة، أما اليوم و بحكم الحالة الصحية للرئيس الحالي، فالأمر يختلف، و في ظل التغيرات التي تشهدها الجزائر على كل الأصعدة و المستويات ، فهي تحتاج إلى حاكم قادر على تحمل الأعباء و المسؤوليات، لكن طالما محيط الرئيس و السائرين في فلكه بما فيهم شيوخ الزوايا، و ما يقومون به من ممارسات ، لا يُمَكِّنُ المعارضة من تحقيق التغيير المنشود، و هم يتكهنون بوقوع التزوير، و هذا يعني أن اللعبة مغلقة، و هي الآن في يد التحالف، و لا شك أن الرئيس سيبقى لعهدة خامسة ، إلا إذا طرأ أمر ما، هو في يد الغيب طبعا.
لقد وقف الملاحظون بين فريقين، فريق يرى أن الرئيس لا يرغب في البقاء في الحكم بحكم حالته الصحية، لكن حلمه أن يتوفى و هو في الحكم ( رئيس) و أن تشيع له جنازة تليق بالرؤساء ، كما شيعت جنازة الرئيس هواري بومدين أو أفضل، و إن كان لا مانع من أن يظل الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة رئيسا شرفيا للجزائر كما هو رئيس شرفي للحزب العتيد، يرى الفريق نفسه أن ذلك لا يمنع من تحقيق التغيير، و إرساء دولة جمهورية جديدة بوجوه جديدة، أي تجسيد فكرة "التشبيب" ليس داخل الأحزاب فقط ، و إنما تعميمها على مؤسسات الدولة كلها، بما فيها رئاسة الجمهورية و الوزارات، كما هو معمول به في الدول المتقدمة، و ليس هذا مطلب المعارضة وحدها بل فئة من الجماهير، التي لا تريد شيئا سوى تطبيق العدالة الاجتماعية و تحقيق المساواة، و تغيير الواقع الأليم الذي تعيشه البلاد في كافة المجالات، و هذا يتطلب إعادة النظر في البرامج و المشاريع التي لم تتحقق إلى اليوم و أخرى مجمّدة بسبب الأزمة المالية، السؤال الذي يتجدد طرحه في حالة أعاد منافسو الرئيس الترشح لإنتخابات 2019، هل سيتمكنون من تنشيط حملاتهم الإنتخابية عبر وسائل الإعلام لشرح برنامجهم؟ أم أن هذه الأخيرة (وسائل الإعلام) سوف تحتكر لصالح مرشح السلطة؟ حتى و إن فتحت لهم الأبواب، فإن سياسة المقص و تكميم الأفواه ستلعب دورها كما ينبغي.
الملاحظ في الوقت الحالي أن "الديناصورات" الأخرى لم تفصح بعد عن نواياها، و هي تخطط في الخفاء لما هو آتٍ، أما الراغبين في الترشح من الوجوه الجديدة أغلبهم شباب، قرروا دخول معركة خاسرة من البداية، لأنهم ليسوا في السلطة و لا يملكون وسائل التحايل على الشعب و التلاعب بالصناديق، كما لا يملكون تجربة سابقة في دخول معترك الإنتخابات، تبقى أسماء أخرى من الذين سبق لهم الترشح الملاحظ أن أسماؤهم لم تعد تُذْكَرُ ، أو غابوا عن الساحة إن صح التعبير، أو أنهم يعملون في الخفاء ، و قد سبق و أن أطلقت عليهم ألقاب عديدة، لا تعرف الساحة الشعبية إن كان هؤلاء سيعلنون عن ترشحهم رغم كبر سنّهم أم لا؟، لكن ما يمكن الجزم به هو أن هذه الأسماء اشتعل رأسها شيبا، و لا شاك أنها لن تتنازل عن كرسي الرئاسة الذي يسيل اللعاب أكثر من مقاعد الوزارات، ماعدا الوزارة الأكثر سيادة و هي وزارة الدفاع، لأن عادات و تقاليد البلاد هي أن يكون رئيس الجمهورية هو وزير الدفاع نفسه، و دون الحديث عن العنصر النسوي و على رأسهم زعيمة حزب العمال لويزة حنون، المغامرة الوحيدة التي تقدمت لهذه المنافسة الشرسة من أجل قيادة البلاد ، و يكون لها اسم عالمي على غرار أنديرا غاندي، بنظير بوتو، و نساء أخريات هن مَلِكَاتْ ، فهذا يوسف الخطيب الملقب بـ: "مرشح التاغنّانت" عمره الآن 85 سنة، يبدو أنه أكثر ديمقراطية من الديمقراطيين، كما أن مواقفه شبيهة إلى حد ما بمواقف الرئيس بوتفليقة فكلاهما عسكري و ثوري، و الاثنان ناديا بوضع حد للشرعية الثورية، لكنه يختلف عن بوتفليقة في أنه من دعاة بناء دولة مدنية، و يرى أن الجيش له مهامه الخاصة، خاصة و أن الرجل لم يكن على وفاق مع الرئيس الحالي، منذ أن وضع تحت الإقامة الجبرية أيام الرئيس هواري بومدين و تعيين بوتفليقة وزيرا للخارجية، والحقيقة أن الصراع بين الرجلين كان تاريخي أكثر منه سياسي، و هو يعود إلى انقلاب 1967 الذي انطلق كما تقول بعض الكتابات من الولاية التاريخية الرابعة.
وهذا مقداد سيفي عمره الآن 78 سنة، رئيس الحكومة السابق ، محسوب على حزب التجمع الوطني الديمقراطي، يقال عنه أنه يجمع بين البيروقراطية و التكنوقراطية، لا يؤمن سوى بالأرقام و لا يتكلم إلا بها، سبق له و أن ترشح خلفا للرئيس اليامين زروال، ما يميز مقداد سيفي هو أنه يعرف كيف يستقطب الجماهير غليه بخطابه عن التاريخ و الهوية، و رغم ذلك فقد فشل امام الديناصورات التي هي أقوى منه، حيث لقبوه بلاعب الاحتياط، و يأتي الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي نجل رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بشير الإبراهيمي ، عمره 86 سنة ، شغل منصب وزير التربية الأسبق و رئيس حزب العدل و البيان المحظور، يعرف عنه كشخصية دبلوماسية، بحيث يحسن التحاور و التفاوض مع الآخر، كما يجيد لغة الإقناع، قيل عنه أنه الرئيس الذي كانت تبحث عنه الجزائر، و كان من الذين أقروا المصالحة الوطنية و الحوار بدون إقصاء، أما مولود حمروش الذي يبلغ من العمر اليوم 75 سنة، و معروف عنه أنه ابن النظام، لكنه كان من دعاة الإصلاح و التغيير السياسي ، و وقف ندا للند أمام الأمين العام السابق للأفلان عبد الحميد مهري رحمه الله ، و المحسوب على التيار المحافظ، و مولود حمروش من أكبر الحالمين و الطامحين للوصول إلى قصر المرادية، هؤلاء يجتمعون في قاسم مشارك و هو الخطاب الوطني الديمقراطي، و الحديث عن أحمد غزالي صاحب ربطة الفراشة له نكهة خاصة، رئيس حكومة سابق، عمره الآن 81 سنة، يصفونه بالخفيف، و هو الوحيد في الرؤساء الذين تعاقبوا على الحكومة، و يختلف عنهم في كونه الوحيد الذي واجه المدّ الشيعي في الجزائر عندما ترأس لجنة التضامن العربي الإسلامي مع المقاومة الإيرانية، رافضا استخدام الدين في العملية السياسية.
تبقى الأحزاب التي تنتمي إلى منطقة القبائل و في مقدمتها حزب التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية حيث أعلن رئيسه السابق السعيد سعدي البالغ من العمر 71 سنة عن رغبته في الترشح لرئاسيات 2019 بعدما استقال من عضوية الحزب، يلقبونه برسول العلمانية في الجزائر، فهو مؤسسة العلمانية في الجزائر، و يعد أكبر عدوّ للسلطة، و إن كان السعيد سعدي خريج مدرسة الأفافاس، فإستراتيجية سعدي تختلف عن التي تبناها حزب الدّا الحسين، و بالتالي لأمكنهما أن يشكلا معا تحالفا سياسيا يمثل منطقة القبائل و ما جاورها، أما عن جبهة القوى الاشتراكية FFS ، يقال أنها ما تزال على خطى الدّا الحسين رحمه الله، و الذي يوصف بعميد المعارضين في الجزائر، فهذا الرجل كان من الرافضين للترشح لمنصب رئيس جمهورية ليس تخوفا من التزوير فقط، بل لأن الانتخابات تدخل في باب التطبيع مع النظام، و حتى لو تحالفت هذه الأحزاب مع بعضها، فمن المستحيل أن يكون رئيس الجمهورية الجزائرية ينتمي إلى التيار "البربريزمي" berberisme، و هذا بسبب الصراع العربي الأمازيغي الذي له جذور تاريخية، رغم اعتراف السلطة باللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، هكذا جرت العادة في الجزائر، فمعظم الذين في الحكم هو من منطقة الغرب.
أما عن الشيخ عبد الله جاب الله البالغ من العمر 75 سنة، يسعى للربط بين الأصالة و الحداثة من خلال وضع الشّاشية و ربطة العنق، هذا الأخير الذي واجه مسلسل الانقلابات عليه من قبل الإسلاميين أنفسهم، فمن تأسيسه حركة النهضة إلى تأسيس حركة الإصلاح الوطني و هو الآن يقود جبهة العدالة و التنمية، يرافقه ظله لخضر بن خلاف الذي يأبى أن يفارقه، كلاهما يضعان أصبعهما على نار واحدة، لا أحد يخون الآخر، يتفقان على مبدأ واحد: يربحان معا أو يخسران معا"، و الحديث عن الإسلاميين ، يحتاج إلى مساحة أوسع من هذه، فقادة الأحزاب الإسلامية لم يفصلوا بعد في اختيار مرشحا واحدا للانتخابات الرئاسية القادمة، المعطيات تقول أنه مستبعد تماما أن يفوز مرشح من الإسلاميين في الانتخابات الرئاسية القادمة، حتى لو كان مرشح إجماع، تجنبا لسيناريو 1992، و حتى لا تضطر السلطة إلى إلغاء الانتخابات من جديد.
ما يمكن قوله هو أن زعماء أحزاب السلطة و في مقدمتهم حزب جبهة التحرير الوطني أكبر الأحزاب قوة و وعاءً، و التجمع الوطني الديمقراطي ثاني أكبر حزب في البلاد، بعدما التحقت بهما أحزاب أخرى موالية للسلطة و هما حزب تاج الذي يقوده الوزير السابق عمار غول، و حزب عمارة بن يونس و الساحلي، قد قاموا بحملة انتخابية مسبقة لصالح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ مطلع السنة الجديدة 2018، و كانت تجمعاتهم الشعبية إعلان عن مساندتهم لترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة، رغم أنهم يدركون جيدا أن حالته الصحية لا تسمح له بالاستمرارية و عليه أن يخلد للراحة ، السؤال يتكرر: هل هؤلاء أحبوا الرئيس فعلا؟ أم أن بقاءه في الحكم و في حالته هذه ضمان لهم بالبقاء أيضا؟، يذكر أن الحالة الصحية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة بدأت تتدهور منذ أن تعرض لجلطة دماغية في سنة 2013 ، و منذ ذلك الوقت و الرئيس يتنقل بين المستشفيات الأوروبية للعلاج، و لم يظهر كثيرا أمام عدسة الكاميرات، كما أنه لم يخرج أمام الشعب و يلقي خطابا منذ أن سقط أسير المرض، الخلاصة أن الأيام القادمة ستكون امتحان عسير على الشعب الجزائري، حتى لا نقول أنها الخطر القادم، لأن الشعب و مؤسسات الدولة ستكون في مواجهة عنيفة مع قوة تمثل رأس حشرة ضخمة و قوية ، هي تلك التي سمّاها المفكر مالك بن نبي بـ:" الدخداخيات" ، الرأس في الخارج و الأرجل في الداخل، هذه الأخيرة مهمتها التنفيذ، لأن الاستعمار لا يمكن أن يغادر بلدا استعمره دون أن يترك أذياله، لإبقاء سيطرته في كل الميادين، سواء كانت اقتصادية أو ثقافية ، و عمل الدخداخيات كما هو معروف أشد خبثا، و قد حذّر مالك بن نبي من الأرجل التي تعتبر أكثر خطرا من الرأس، لأن ما يهم هو عملية التنفيذ و كيفية التنفيذ، و هذا يعني أن قرار تعيين الرئيس القادم للجزائر سيأتي من الخارج، سواء إبقاء الرئيس لعهدة خامسة أو تعيين ( و ليس انتخاب) رئيسا بكون بالمواصفات التي تريدها الرأس المفكرة و المقررة لكي تبقى محافظة على مكانتها داخل الجزائر، و ذلك هو الخطر القادم، لأنه كما قال مالك بن نبي أحيانا لا يحتاج الإستعمار إلى الأرجل المحلية لأنه يستغل أحيانا إهمال الشعب أو المجتمع لما يخدمه و يخدم بلده و دينه و ينجرف وراء أشياء لا تخدم مشروعه الحضاري.
علجية عيش كاتبة صحفية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث