الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من استبداد إلى استبداد و من سجن إلى آخر و من كذبة إلى أخرى

مازن كم الماز

2018 / 8 / 26
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


عندما تقرأ استشراق ادوار سعيد لا يمكنك أن تتوقف عن التساؤل عن الطريقة التي ننظر فيها , "كعرب" , "كمسلمين" , "لآخرنا" اليوم و بالأمس عندما كان "أجدادنا" هم الفاتحون و المحتلون و القتلة , سادة الإمبراطورية .. من بين كل الذين قهرهم "أجدادنا" الفاتحون العرب ( استعبدوهم ) كان انعتاق الفرس أسرع من الآخرين : كانوا أول من تحدى أسطورة تفوق الغزاة و استدرجوا مستعبديهم إلى نقاش طويل ملأ الكتب و المجالس عن من هو "الأرقى" : السادة الجدد أم العبيد ( السادة القدامى ) .. كان ذلك أسهل لأن "الفرس" جماعة كبيرة من البشر و ذات تاريخ إمبراطوري عريق في استعباد و احتقار الشعوب الأخرى .. لكن ملايين البشر عانوا يومها بصمت دون حتى أن يلفتوا انتباه أحد و بقيت آلامهم و مأساتهم خارج التاريخ المحفوظ الذي وصلنا .. و ما العنصرية التي نمارسها اليوم تجاه "آخرنا" الكردي أو الأمازيغي و الأقليات الإسلامية , "زنوجنا" , أولاد العبيد و بقاياهم , إلا بقايا استشراق أجدادنا الإمبراطوري القديم .. و الأكثر إدهاشا أننا نمارس هذه العنصرية تجاه الآخرين الذين يعيشون "بيننا" بينما نتحدث عن الاستشراق الغربي ضدنا بكل جدية و بضمير مرتاح أو مستقيل .. "للبروليتاريا" الكثير من "المدافعين" الذين يطمحون "لتمثيلها" و "قيادتها" لتصبح الطبقة الحاكمة , السائدة , السلطة القادمة .. تستطيع البروليتاريا أن تتكلم بل و أن تصرخ أحيانا و تعلن عن آلامها على غير ما يمكن للتابع * أن يفعل ( كما قالت سبيفاك ) .. إنها كثيرة العدد , يزعم الماركسيون أنها "غالبية المجتمع" , لكن المهم أيضا أنها "تعمل" , "تنتج" , أن أخلاقياتها و سلوكياتها و "قيمها" تقع داخل السائد و "المقبول" اجتماعيا , قيم الطبقة الحاكمة حسب ماركس ( عمليا كل الطبقات السائدة منذ أن استعبد الإنسان الإنسان ) .. و عملها هذا بالنسبة لماركس ( المنتج للقيمة الزائدة ) هو مبرر مطالبتها "بالعدالة" أي أن تصبح الطبقة السائدة , الحاكمة , السلطة .. إن احتقار الماركسيين للأكثر تهميشا في المجتمع ليس خافيا على الإطلاق و هو ليس إلا استمرار لاحتقار البرجوازية لها .. يسمونها "البروليتاريا الرثة" , يعني الماركسيون بالبروليتاريا الرثة تماما ما يعنيه النازيون بغير الآريين أو الإسلاميون بالكفار .. احتقار فئات كالعاهرات , صغار المجرمين و اللصوص و أطفال الشوارع و المثليين جنسيا و ذوي الإعاقات الجسدية و العقلية و مدمني المخدرات و صغار المتاجرين بها و المتسولين , لا يقتصر فقط على السلطات القائمة أو رجال الشرطة .. هؤلاء البشر عمليا بلا صوت , بلا هوية , بلا وجود فعليا .. لا أحد فعليا يتحدث عن هؤلاء , بل إن الحديث عن هذه المجموعات بحد ذاته مثير للشبهة و يتحاشاه أي إنسان طموح , "أخلاقي" , و "عاقل" .. يتعرض هؤلاء للمطاردة اليومية و القتل في كثير من الأحيان , على مدار الساعة , في أحيان كثيرة من جيرانهم أو "إخوانهم" المضطهدين الذين يعتبرونهم عبئا على البشرية و مرضا لا شفاء له .. هؤلاء التعساء الذين ولدوا فقط ليعانوا و ليكافحوا من أجل حياة أقل ما يقال فيها أنها غير جديرة بالبشر , يلامون على قدرهم , يعاقبون لذنب لم يقترفوه و يستباحون دون أي وازع أو تردد حتى من قبل من يتحدث عن عالم "أكثر عدلا و إنسانية" .. هل من المنطقي إذن أن نتساءل , إذا افترضنا أننا نعيش في عالم منطقي أو أننا كائنات منطقية أو أن ما نقوله و "نتبادله من أفكار" هو حوار منطقي , لماذا لا يستطيع المهمشون أن يسمعوا أصواتهم و آهاتهم رغم كل هذا الضجيج و الصراخ عن التهميش و الاضطهاد , و عن علاقة التهميش أو الاضطهاد بكل السرديات الكبرى التي تزعم مواجهته , و السبب وراء أن كل تلك السرديات انتهت و تنتهي باضطهادات جديدة و استعبادات جديدة , بطبقات حاكمة جديدة و سجون جديدة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وأخيراً الفوضوي يجد
فؤاد النمري ( 2018 / 8 / 26 - 11:42 )
العزيز علينا رغم أنه الفوضوي بامتياز وجد نفسه أخيرا عدواً للبروليتاريا ليس لأن البروليتاريا تسعى أيضاً لتشكيل دولة قمعية مثلها متل كل الطبقات الأخرى بل لأن البروليتاريا هي أيضاً ضد البروليتاريا الرثة التي عدد شرائحها مازن

البروليتاريا الرثة التي تطوع مازن بالإنتصار لها والدفاع عنها هي الأشخاص الذين لا يقبلون أن يأكلوا خبزهم بعرق جبينهم وهم أشبة بملاك العقارات الذين تأتيهم ريوع عقاراتهم ويتنعمون بانتاج غيره لكن البروليتاريا الرثة لا يملكون إلا السحت

لا أعرف كيف سيتدبر ميخائيل باكونين ومازن كم الماز إطعام البروليتاريا الرثة مع كل الحب والتعاطف الإنساني وليس بالقمع البروليتاري !!

إن أعجب من شيء فلا أعجب كعجبي من الفوضويين

تحياتي لمازن كم الماز

اخر الافلام

.. إيقاد شعلة دورة الألعاب الأولمبية بباريس 2024 في أولمبيا الق


.. الدوري الإنكليزي: بـ-سوبر هاتريك-.. كول بالمر يقود تشيلسي لس




.. الصين: ما الحل لمواجهة شيخوخة المجتمع؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. إسرائيل تدرس -الأهداف المحتملة- للرد على الهجمات الإيرانية




.. سلاح الجو الأردني ينفذ تحليقًا استطلاعياً في أجواء المملكة م