الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جان جاك روسو وفكرة - العقد الاجتماعي -

جاسم محمد دايش
كاتب وباحث

(Jasem Mohammed Dayish)

2018 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


كثير من كتب عن فكرة العقد الاجتماعي ونقدها ويمكن القول أن نظرية العقد الاجتماعي لم تكن في يوم من الأيام ابتكاراً اختص به مفكر معين بالذات , فهي ترجع في أصولها الأولى إلى " أفلاطون " و " لوكرس " حسب ما ذكره التاريخ , وإذا ما اختفت في العصور الوسطى فإنها مع ذلك ظهرت معالمها في أواخر هذه العصور لتنتعش في القرن السادس عشر بعد أن يخلع منها غلافها الديني الذي اكتسبته في نهاية العصور الوسطى , وهكذا فإنها ستجد كامل ازدهارها على يد " كرستين اوغست كروسيوس : وهو أخر ملوك مملكة ليديا (560-546) ق . م وكان مشهوراً في العصور القديمة بثرواته الهائلة " و " بنغندروف : وهو احد مفكري القرن السادس عشر " و " توماس هوبز الاكويني (1588-1679) " .
وبقدر تعلق الأمر بالمفكر (جان جاك روسو) يبدوا أن "توماس هوبز" كان الأكثر تأثيراً في وضعه لصياغاته الخاصة بنظرية العقد الاجتماعي . ولا شك أن هوبز كان قد توخى الدفاع عن " الملكية المطلقة " في نظريته في العقد الاجتماعي . وربما ذلك كان قد شكل سبباً لرفضها العنيف في انكلترا وفي ألمانيا أيضاً , وتلقيها القبول في فرنسا البلد الذي كانت الملكية فيه قد اتخذت شكلها المتكامل ولكن كان من الطبيعي أن تكون وجاهة " هوبز" التي سبق ان كانت موضع نقاش من قبل الملكيين المتزمتين بسبب نزعته المادية التي شكلت لغماً بالنسبة لنظريته " الحق الإلهي " , التي قد عرفت لاحقاً بعض الهبوط منذ تدهور حكم لويس الرابع عشر . ويمكن القول أن كل الناس في القرن الثامن عشر كانوا ضد "هوبز " وقد كانت كلمة (الهوبزية) من الكلمات التي تثير الرعب في القرن الثامن عشر والتي تعني (الحكم المطلق بكل معانيه) . أن "جان جاك روسو" كان بلا شك قد استنكر الحكم المطلق لدى " توماس هوبز " ولكن بالمقابل كان قد أعجب كل الإعجاب بدقته وصرامته , فهو يجد لتمسكه بالقول بعدم تجزأ السيادة , وفي لحظات الإحباط كان يحصل له أن يقول بأنه إذا لم يكن هو نفسه "روسو" حقاً فأنه "هوبز" ففي رسالة موجهة إلى المركز (دى ميرابو) يقول " إني لا أجد وسطاً مطلقاً مابين الديمقراطية الأكثر صرامة والهوبزية الأكثر كمالاً " . وربما يمكن القول أنه في كتابه "العقد الاجتماعي" إذا كان " روسو " مديناً في كتابته للفصل الموسوم بـ"الدين المدني" لبعض المفكرين القدامى فأنه مدين بالدرجة الأولى للمفكر "توماس هوبز" .
أما "جان لوك" منظر الملكية المقيدة والجد الأعلى كما يسمى لليبرالية البرجوازية فأن تأثيره على " روسو" كان ضعيفاً . أن " جان جاك روسو" لم يلجأ إلى " لوك" وهو يتبين صيغة متميزة لنظرية العقد الاجتماعي إلا في الأحوال التي يجد فيها لدى هذا الأخير حججاً من شانها أن تدعم موقفه المناوئ من الحكم المطلق .
أما " مونتسيكو " فليس له أي مكان من الناحية المبدئية في تاريخ نظرية العقد الاجتماعي . فهذا الفكر السياسي الذي تمتع بشهرة عالية في القرن الثامن عشر قبل أن يتمتع بها " روسو" كان قد انصرف في تفكيره إلى ميادين أخرى . وعندما كتب "جان جاك روسو" العقد الاجتماعي كان مدركاً جيداً أنه ينأى في اهتماماته عن الاهتمامات الفكرية لمؤلف كتاب"روح القوانين" , أن " روح القوانين " قد ظهر عام 1748 ولم يستطع "روسو" على ذلك الاستفادة منه في حينه . مع ذلك فأن هناك عدة فصول في العقد الاجتماعي " تعكس بشكل صريح تأثير " مونتسيكو" , وهو تأثير تعاظم شيئاً فشيئاً في مؤلفات " روسو " اللاحقة.
لا شك أن التاريخ كان قد جعل الكتابين "روح القوانين" و "العقد الاجتماعي" في حالة مواجهة الواحد قبال الأخر . فإذا كان الأول قد وضع الأسس النظرية للملكية الدستورية بقصد إيجاد نوع من التوفيق مابين تطلعات البرجوازية واستثبات النظام الإقطاعي , فأن الأخر كان قد تمسك بتمجيد الديمقراطية , وفي تاريخ الفكر السياسي مثل هكذا تعارض يبدو مشروعاً , مع ذلك فأن "روسو" لم يكن ينظر للأمور كما يبدوا بهذا الشكل , فقد كان يبدي دائماً إعجابه تجاه "مونتسيكو" في الوقت الذي كان فيه هذا الاحتقار لم يشكل حاجباً يمنع "روسو" من أن يتمتع هو الأخر بالإعجاب , وهذا الإعجاب كان يتأتى من عمق الأفكار التي ثبتها في كتابه "العقد الاجتماعي" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر