الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصَّحفيَّة دي...شيوعيَّة

عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري

2018 / 8 / 27
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


قال: يعني سيادتك عايزه الفلاحة تسوق الجرار؟
أجابت: وليه...لأ؟
فرد سريعاً: يا سلام...إزاي بقى؟
لفتت نظري فكرة مهمة في كتاب الصحفية المصرية المخضرمة أمينة شفيق "المرأة لن تعود إلى البيت" حيث تؤكد أن المرأة الريفية العاملة في الزراعة, تعمل في الزراعة, منذ وجدت الزراعة واقتصادها المستقر في المجتمع البشري. فالمرأة هي أولى الفلاحات المنتجات للقوت في تاريخ الثورة الزراعية الحديثة. هي أولى المنتجات في كل تلك البلدان التي امتلكت أنهاراً, وشكَّل الاقتصاد الزراعي فيها قاعدة لحضارتها القديمة. المرأة بدأت الثورة الزراعة الحديثة, وطورت نمطاً معيشياً مستقراً, و نقلت الزراعة من عصا الحفر إلى المحراث الخشبي.
وفي عصرنا الحديث هذا تُنكر أجهزة الدولة-حتى في المجتمعات الصناعية المتقدمة- على هذه المُنتجة الأولى حقوقها في الأجر المتساوي مع الرجل والمعاش التقاعدي والتعليم والرعاية الصحية المجانية والأمومة المستحقة الأجر. فالدولة تحاول التنصل من مسؤولياتها تجاه عمل المرأة وحقوقها المهضومة في كل المجتمعات البشرية. وهذه ليست مشكلة المرأة الفلاحة وإنما مشكلة جهاز الدولة ذاته, الذي يميل برمته نحو اصدار قرارات وقوانين وأعراف ذات طابع ذكوري متخلِّف في حقِّ المرأة الريفة العاملة, الفلاحة, فسواء اعترف هذا الجهاز بها أو لن يعترف, فهي هُناك, في الحقل, تعمل وتكدح ويتصبب جبينها عرقاً.
في هذا السياق حضرت الصحفية المصرية أمينة شفيق ندوة ضمن نشاط منظمة اليونيسكو في حقل "المرأة والتنمية الريفية" وكان ضمن المشاركين في هذه الندوة, أستاذ جامعي تولى بعد ذلك منصباً مهماً, كما تولت زوجته, الأستاذة الجامعية, موقعاً سياسياً أكثر أهمية. تقول أمينة شفيق في كتابها: كنتُ أعرف هذه الزوجة, فقد شرفتني عدة مرات بتوصيلي إلى منزلي في سيارتها المرسيدس الرائعة. كانت تقول بأن السيارة, التي تشرَّفتُ بركوبها, هدية من زوجها عندما عمل في دولة خليجية. لم يكن لدي أي اعتراض على فكرة قيادتها السيارة المرسيدس أو لفكرة إهداء زوج سيارة لزوجته. طالما كانت الهدية من نتاج عمله.
في الندوة شرحتْ المُحاضِرة لأهل الحل والربط الارتباط العضوي بين الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه المرأة الريفة وبين تخلف العلاقات الانتاجية الزراعية, وكذلك تخلف أدوات الانتاج الزراعي. فالناتج الزراعي في الريف لا يمكن أن يضمن للعاملة الزراعية أو الفلاحة التي تعمل ضمن أسرتها, أجراً مجزياً ولا يمكن أن يكسبها حقوق عمل اجتماعية مثل المعاش التقاعدي-من سيُعيلها عندما تعجز عن العمل؟- وأشارت إلى أن سبب انخفاض هذا الناتج يعود في الأساس إلى تفتت الملكيات الزراعية إلى حيازات صغيرة. فالجرار الآلي لا يمكن أن يفلح نصف فدان مثلاً . ثمَّ أن الوحدة الزراعية الكبيرة والتعاونيات بين أهل الفلاحة هي التي ستفتح أوسع الآفاق أمام تطوير الزراعة وهي ستكفل حقوق العمل الاجتماعي لعامل الزراعة والعاملة الزراعة. وبعد أن أنهت شرح وجهة نظهرها فوجئت بالأستاذ الجامعي يوجه إليها سؤالاً استفزازياً.
قال: يعني سيادتك عايزه الفلاحة تسوق الجرار؟
أجابت: وليه...لأ؟
فرد سريعاً: يا سلام...إزاي بقى؟
كان ردها أكثر استفزازاً. قالت: زي ما الأستاذة الجامعية بتسوق المرسيدس في شوارع العاصمة. أُفحم الأستاذ الدكتور, فبلع الردَّ وسكت. إلى أن انتهت جلست اليوم. فمال على أحد الأصدقاء المشتركين له وللصحفية أمينة شفيق, وقال: الصحفية دي شيوعية. فرد الصديق المشترك: ليه يا دكتور , إيه دخل الشيوعية في سائقة تقود الجرار الزراعي أو أستاذة جامعية تقود العربة المرسيدس في شوارع العاصمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي